تسعة اولاد
الرئيسية » ظواهر طبيعية » قوس قزح : كيف يتكون قوس قزح بعد المطر وما سر ألوانه الزاهية؟

قوس قزح : كيف يتكون قوس قزح بعد المطر وما سر ألوانه الزاهية؟

قوس قزح

تحدث ظاهرة قوس قزح بعد هطول الأمطار الخفيفة غالبًا في فترة الصباح، هل تعرف لماذا تظهر ألوان قوس قزح ؟ وما السبب الذي يجعلنا نراها زاهية؟ إليك التفسير.

من منا لا تفتنه ألوان قوس قزح الخلابة؟ من منا لم ينتظر المطر بفارغ الصبر وهو يُمني نفسه برؤية تدفق عالم الألوان الناتج عن انكسار أشعة الشمس؟ من منا لم تُثيره تلك الظاهرة الغريبة وتُحرك بداخله فوضى كبيرة جميلة؟ بالطبع الجميع يشعر بذلك، لكن من منا حاول التعرف على كيفية حدوث تلك الظاهرة؟ والإجابة هي القليل فقط، فالأغلبية يُفضلون الاستمتاع دون التعمق في الأمر ومعرفة دهاليزه، حتى عشاق التفاصيل، ينسون أنفسهم أمام سحر قوس قزح، ولكل هؤلاء، كُتبت السطور التالية، للتعرف أكثر على عالم ألوان الطيف الساحر، وكيفية حدوث ظاهرة قوس قزح العجيبة.

التفسير العلمي لظاهرة قوس قزح

ما هو قوس قزح؟

قوس قزح ليس الاسم الوحيد لظاهرة انكسار أشعة الشمس، فهناك من يُسميها بقوس المطر أو قوس الألوان، وهي كما ذكرنا ظاهرة فيزيائية طبيعية، تحدث في حالةٍ واحدة، وهي انكسار أشعة الشمس أو تحللها، وهو الأمر الذي يتطلب التمهيد له من قبل عن طريق هطول الأمطار، أي أن الظاهرة مُرتبطة بحدوث الأمرين على التوالي، وقد يحدث في بعض الأحيان أن يظهر قوس قزح تزامنًا مع هطول الأمطار، وهو أمر يحدث نادرًا وفي مناطق نادرة أيضًا، فالغالب أن ينتهي المطر من عمله أولًا ثم يتسلم قوس قزح مهامه رسميًا، وتبدأ بعدها دقائق المتعة المعدودة، والمرتبطة بوقت ظهور الظاهرة.

أسباب التسمية

ربما يتعجب البعض من معرفة أصل تسمية تلك الظاهرة، وأنها ترجع إلى أصل عربي، فقد سُميّ قوس قزح بهذا الاسم نسبةً إلى إله شهير لدى العرب كان يُدعى قزح، وقد كان العرب يرون انكسار أشعة الشمس على شكل قوس أثناء حجيجهم، فقرروا تسمية هذا القوس العجيب باسم الإله الذي يعبدونه، والأغرب من ذلك أن العالم كله تناقل الاسم منهم وتم إقراره والاعتراف به، وكما نعلم جميعًا استمر هذا الاسم حتى الآن، وأصبح مُتداولًا حتى بين عُلماء الفلك.

كيفية حدوث قوس قزح

كما أسلفنا، يحدث قوس قزح عقب هطول الأمطار وانكسار أشعة الشمس، لكن، إذا ما أردنا أن تناول الأمر بمزيدٍ من التفصيل فيجب أن نقول أن الشمس بعد أن ينتهي المطر تُطلق أشعتها على نقاط مُعينة من الأرض بشكل تعامدي محدد، وتلك الأشعة تحتوي بداخلها على آلاف الألوان، يكون الأحمر هو أولها ظهورًا، ثم تبدأ بعد ذلك باقي الألوان في الظهور تدريجيًا وبشكل مُنظم خلف الأحمر، فأول اللاحقين بهذا اللون هو اللون البرتقالي، ثم لا يلبث الأصفر سوى بضع دقائق ويظهر هو الأخر، يليه الأزرق والأخضر، ثم يظهر الأزرق مرة أخرى بدرجةٍ أشد، تُسمى بالأزرق الغامق، إلى أن تنتهي تلك التحفة الفنية الخلابة باللون البنفسجي.

لماذا قوس قزح؟

بالطبع جميعنا يسعد برؤية القمر وقوس قزح وكل الظواهر الجميلة، لكن أيضًا يجب أن نعرف لماذا تحدث مثل هذه الأشياء الجميلة، ونحن نتحدث تحديدًا عن ظاهرة قوس قزح، فبعد أن عرفنا كيفية حدوثها يجدر بنا معرفة أسبابها، وهي أسباب طبيعية لا دخل ليد بشرية أو عنصر مُصطنع فيها، ويمكن القول أن ظاهرة قوس قزح تحدث نتيجة تعرض أشعة الشمس لعدة انكسارات نتيجة التحامها بالمطر، فهي تنكسر عند دخولها في القطرات وعند خروجها منها، بل وأثناء ذلك، ثم يحدث بعدها نوع من التركيز خاصةً عند الزاوية 42.

قوس قزح والماء

قوس قزح يتأثر كثيرًا بالماء، والدليل على ذلك أن أفضل الأماكن التي يُمكن مُشاهدة الظاهرة منها هي البحار والمحيطات، أو المسطحات المائية بشكل عام، فهناك تتجلى ألوان قزح بوضوح عقب سقوط الأمطار، ويُصبح من السهل جدًا رصدها ومتابعتها، بخلاف اليابسة والمناطق السكنية منها تحديدًا، فهي لا تحتوي على أرض خِصبة لظهور قوس قزح، مما يجعل البعض يظن أن هذه الظاهرة ليس لها وجود من الأساس، لكنها في حقيقة الأمر تظهر، بل وتظهر بأشكال عِدة تم توثيق بعضها بالفعل.

أشكال قوس قزح

يأخذ قوس قزح عند ظهوره أكثر من شكل، فقد يكون على هيئة نصف دائرية، كما يكون ملتفًا على شكل القمر في بعض الأحيان، وهذا يحدث بسبب مرور القمر أثناء تشكله، وهذا بالطبع يجعله حاملًا للخلفية البيضاء ذات الانعكاس الخلاب، ولكم أن تتخيلوا اتحاد القمر مع قوس قزح في ظاهرة واحدة، لتظهر لنا ظاهرة جديدة لا تتكرر كثيرًا تُسمى بظاهرة قزح القمر، أما الشكل الأخير من أشكال قوس قزح فهو الشكل الطولي، والذي عادةً ما يظهر على الثلوج والجبال، وهو ما تُحاول الأفلام مُحاكاته دائمًا لكثرة مُشاهداته.

كيف نرى قوس قزح؟

يُمكن رؤية قوس قزح في كل وقت يحدث فيه هطول للأمطار مع وجود كامل للشمس، فالظاهرة في الأساس تعتمد على انكسار الضوء كما ذكرنا، وعدم الانكسار يعني عدم وجود مصدر ضوء قوي، أما المطر فهو العنصر الرئيسي في العملية برمتها، أو بمعنى أدق، هو الأداة التي يتم من خلالها إطلاق الشرارة الأولى للظاهرة، فيجب علينا حتى نرى قوس قزح انتظار هطول الأمطار، ثم النظر بعد انتهائها بلحظات قليلة إلى الشمس، ووقتها سنجد قوس قزح يلوح في الأفق.

حالات استثنائية

كما سبق وأشرنا يظهر قوس قزح بعد المطر نهارًا لارتباطه بأشعة الشمس، لكن ثمة بعض الأوقات التي تحدث فيها حالات استثنائية ويظهر قوس قزح ليلًا، وفي هذه الحالة يكون القوس قزح الظاهر مُعتمدًا على أشعة القمر بشكل كبير، وهو ما يجعل الظاهرة ليلًا أضعف منها نهارًا.

حيث أن أشعة القمر بالتأكيد لن تكون قادرة على مُجابهة أشعة الشمس التي تُنتج نهارًا، مما يجعل الظاهرة ضعيفًا إشعاعيًا، وهو ما يُفسر صعوبة رصد ظاهرة قوس قزح الليلية، كما أنها في الغالب لا تلقى اعترافًا من الفلكيين، ويتم تفسيرها على أنها ظاهرة عادية لا علاقة لها بقوس قزح الذي نعرفه، وهو أمر غير صحيح بالطبع لأن الظاهرة لا تحتاج أكثر من المطر الذي يتبعه انكسار للضوء، وهو ما يحدث ليلًا ونهارًا لكن بنسب متفاوتة، تختلف باختلاف قوة كل مصدر منهما، وهما الشمس والقمر.

ظواهر مُشابهة

بخلاف قوس قزح، هناك عدة ظواهر أيضًا يتم ترقبها من قِبل عشاق المتعة، وهي ظواهر كثيرة، أهمها مثلًا الكسوف والخسوف، والشفق والغسق، والمد والجزر، فبعضها كما نعلم يحمل المتعة فقط والبعض الآخر يحمل المتعة المصحوبة بالخطر، إلا أنهما يشتركان في كونهما ظواهر طبيعية تُدهش الإنسان وتدفعه دفعًا إلى استكشاف الطبيعة، وإن كان قوس قزح يتصدر قائمة الظواهر الأمتع حتى الآن إلا أن باقي القائمة أيضًا تمتلك عُشاقها ومُنتظريها.

والدليل على ذلك ظهور نوع جديد من السياحة يُسمى سياحة الشفق والغسق، والتي تتفوق على قوس قزح في صعوبة إنشاء نوع سياحة خاص به مثلها، لأن الشفق والغسق مضمون ظهورهما كل يوم، أما قوس قزح فمرهون بهطول الأمطار، والتي ربما لا تسقط في أماكن بعينها لفتراتٍ طويلة بينما لا تنقطع في أماكن أخرى، والمثال الأقرب إلى ذلك دول الاتحاد السوفيتي وغرب أوروبا مقارنةً مع دول شرق أفريقيا، فدول الاتحاد الأوربي يحدث قوس قزح بها في المناطق الجليدية بصورة شبه دائمة، بينما لا تحدث أبدًا في دول مثل السودان والصومال.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

17 − إحدى عشر =