عندما تشعر باليأس والاستسلام للفشل فليس عليك سوى قراءة بعض قصص نجاح العظماء، ففيها تكمن العبر والعظات، وبعدها يبرز الطريق ويُصبح واضحًا أكثر، والحقيقة أن تلك القصص كانت ولا تزال المولد الرئيسي لقصص نجاح جديدة لأشخاص جدد، وخاصةً تلك القصص التي تأتي بعض العديد من المحاولات الفاشلة، أو التي يكون بطلها شخص تم وصفه مرارًا وتكرارًا بالفاشل، لكنه في النهاية تمكن من إثبات عكس ذلك، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على أبرز قصص نجاح العظماء وكيف تحولوا من أشخاص فاشلين مُحبطين إلى أساطير خالدة تمكنت من تغيير مجرى العالم وحفروا أسمائهم بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ.
قصص نجاح العظماء بعد الفشل
كما ذكرنا، يعج التاريخ بمئات قصص نجاح العظماء، والغريب أن أغلب تلك القصص يكون متبوعًا دائمًا بتعقيب شبه ثابت، وهو الفشل، فذكر كلمة النجاح يستوجب بالتبعية ذكر كلمة الفشل، لأنه لا نجاح بلا تجريب، ولا تجريب بلا فشل، لذلك كان نجاح أغلب العلماء بديلًا لفشلهم الكبير.
في الحقيقة لا يمكن أبدًا إغفال دور التجريب وعدم اليأس في هذا النجاح، وفي نفس الوقت، لا يُمكن إغفال دور الصُدف والأقدار، فكل هذه العوامل قد تشابكت حتى خرجت لنا بقصص نجاح مُبهرة، سوف نحاول التعرّف على أهمها في السطور القادمة كي تكون عبرة ونبراس لمن يسعى لتحقيق النجاح في أي مجال من المجالات.
ستيفن هوكينج، العالم الذي تحدى الإعاقة
تُعتبر قصة نجاح الفيزيائي الأمريكي ستيفن هوكينج واحدة من أبرز قصص نجاح العظماء التي ذُكرت في التاريخ، وذلك لأننا نتحدث ببساطة عن شخص يُصنف ضمن أفضل عشرة فزيائيين في العالم ومع ذلك كان من ذوي الاحتياجات الخاصة، بمعنى أكثر تفصيلًا، كان مُعاقًا.
منذ طفولة ستيفن بدا عليه أمرين في غاية الأهمية، أولهما أنه شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وثانيهما أنه مُحب لمواد العلوم والطبيعة، لكن الأمر الثاني قد تبدد تمامًا بعدما اكتُشف أن ستيفن يُعاني من مرض نادر يُدعى العصب الحركي، وعليه فإنه لن يكون قادرًا على العيش أكثر من عامين، هذا ما قاله الأطباء، لكنه لم يحدث أبدًا، إذ استطاع ستيفن الصمود حتى سن الثانية والسبعين، وخلال هذه الفترة حقق الكثير من الإنجازات في مجال الفيزياء وأصبح أحد أشهر الذين مروا بها، بل إنه قد رُشح لجائزة نوبل أكثر من مرة، والحقيقة أن قصة ستيفن لا تقول سوى شيء واحد واضح وضوح الشمس، وهو أنه لا شيء قادر على ثني الإنسان عن تحقيق شيء يريده، حتى ولو كان ذلك الشيء هو الإعاقة.
توماس أديسون، قصة النجاح الأشهر
لا تُعتبر قصة العالم السويدي توماس أديسون أحد أهم قصص نجاح العظماء وحسب، بل إنها تعتبر كذلك أشهر قصص النجاح بعد الفشل لدرجة أن المُدرسين لا يكفوا عن إخبار تلاميذهم بها، فهي بالنسبة لهم أيقونة نجاح تستحق أن يعرفها كل طامح وراغب في تحقيق انتصار في حياته.
وُلد توماس أديسون بالسويد، والحقيقة أنه منذ يوم الأول له وهو يعامل على أنه أغبى طفل في بلاده، حتى أن المُدرسين لم يكونوا يجلسونه في الفصل بسبب غباؤه الشديد حسبما يظنون، لكن ذلك الطفل المجاهد لم ييأس أبدًا وتعلم على يد والدته وقرأ آلاف الكتب، حتى نمى حبه للاختراع وحاول عديد المرات اختراع المصباح الكهربائي حتى تحقق له ما يُريد وكان سببًا في تزويد العالم كله بالنور.
ألبرت أنيشتاين، الطفل الأغبى والعالم الأشهر
إذا ما ذُكرت قصص نجاح العظماء فيجب علينا بالتأكيد ألا نغفل أحد أهم أصحاب هذه النوعية من القصص، وهو عالم النسبية الشهير ألبرت أنيشتاين، فذلك العالم كان في الأصل مجرد طفل غبي يتم تجاهله من أصدقائه ويحرص المدرسون دائمًا على تعنيفه بسبب غباؤه الشديد، لكنه بالرغم من كل ذلك لم ييأس أو يفقد شغفه بالعلم والتعلّم.
كان ألبرت طفلًا متأخرًا ذهنيًا حسبما يرى مدرسوه، بل إنهم قد وصفوه بالمجذوب أو المُعاق، والحقيقة أنهم كانوا يستندون في ذلك إلى عدة شواهد منها أن ذلك الطفل قد تجاوز الثماني سنوات ولم يكن قادرًا على القراءة والكتابة مثل باقي الأطفال، والذين كانوا يفعلون ذلك منذ سن الخامسة، عمومًا، أصبح أنيشتاين فيما بعد عالمًا في الفيزياء ومُخترعًا لأحد أهم النظريات في التاريخ، وهي نظرية النسبية، وبالتأكيد لك يكن كل ذلك ليتحقق سوى بالكثير من العمل والإصرار.
والت ديزني، نجاح بعد فشل
من أشهر قصص نجاح العظماء وأكثرها انتشارًا هي تلك التي حدثت مع رجل الأعمال الكبير والت ديزني، فهذا الرجل بلا مبالغة ذاق كل أصناف الفشل، وكان يخسر أمواله في مشاريع أقل ما يُقال عنها أنها كارثية، لكنه بالرغم من كل ذلك لم يستسلم أو يفقد الأمل في أن يُصبح رجل أعمال كبير كما كان يحلم، وإنما تمكن من إنجاز ذلك في النهاية من خلال التشبث بالأمل والاعتماد على النفس، وهذا لا ينفي بالطبع وجود ضربة حظ بالموضوع.
بدأ ديزني مشاريعه الفاشلة مع نهاية النصف الأول من القرن العشرين، أما المشروع الأنجح على الإطلاق، وهو مشروع مدينة ديزني، فقد بدأ من جلسة صافية قام والت فيها برسم بعض الشخصيات الخيالية والتأسيس لإنشاء مدينة ديزني لاند، وببعض الطرق المشروعة التي اعتمدت في البداية على الاقتراض تمكن الرجل من إنجاز مشروعه الذي حقق نجاحًا كبيرًا وأصبح له أفرع كثيرة في أماكن مختلفة من العالم، كما أدخله وبجدارة قائمة الرجال الأغنى في العالم، فقد كان يدر له ملايين الدولارات سنويًا، وحاليًا يُشرف أحفاده على استكمال المسيرة من بعده.
بيل غيتس، الداهية التي ذاقت الفشل
من أهم قصص نجاح العظماء ،بالتأكيد جميعنا سمع عن مطور الحواسيب الأول وصاحب شركة مايكروسوفت بيل غيتس، الجميع يعرف بثروته والمكانة التي وصل إليها الآن، لكن بالطبع ليس جميعنا على دراية بالطريق الذي سلكه بيل كي يصل إلى هذه المكانة ويكتب قصته كأحد أبرز قصص نجاح العظماء، إذ لم تكن القصة الأنجح على الإطلاق، فعلى الأقل الرجل لا يزال على قيد الحياة وقادر على التأكيد بما مرّ به بنفسه، وهو ما رواه بكتبه بالفعل.
لم يكن بيل في البداية سوى موظف بسيط بشركة الحواسيب، بل إنه لم يكن يتقاضى راتبًا على عمله لصغر سنه، وإنما فقط كانوا يسمحوا له باستخدام الحواسيب الخاصة بالشركة، ومع الوقت تشارك بيل مع أحد أصدقائه وأسسوا شركة تعمل بنفس المجال، لكنها فشلت فشلًا زريعًا جعلت شريك غيتس يقوم بفض الشراكة، حتى جاءت المعجزة المتمثلة في شركة مايكروسوفت، والتي درّت على الرجل المحظوظ المجتهد مليارات الدولارات وجعلته ثاني أغنى رجل في العالم ويمتلك شركة تتجاوز ميزانيتها ميزانيات دول بل قارة كاملة.
هارلاند ساندرز، طريق طويل للنجاح
إذا كنت من عشاق الدجاج فأنت بالطبع تعرف دجاج كنتاكي، فهو تقريبًا الدجاج الأشهر في سلسلة مطاعم هي الأشهر كذلك، لكنك بالطبع لا تعرف القصة الكاملة خلف ذلك الصرح، وما عاناه صاحبه هارلاند كي يكون بالمكانة التي يتواجد عليها الآن، حيث هناك أكثر من ستة عشر ألف فرع، وهذا رقم لم يتكرر مع أي سلسلة مطاعم في العالم، كما أن أرباحه تتجاوز الملايين في العام الواحد، كل ذلك صنعه رجل يستحق بجدارة أن تكون قصته ضمن قصص نجاح العظماء، إنه العجوز الأمريكي هارلاند ساندرز.
ترك هارلاند جامعته وأدرك أن المجد الحقيقي لن يُكتب من التعليم، بالرغم من أنه كان متفوقًا به، إلا أنه قد فضل وبشدة الأعمال الحرة، والحقيقة أنه قد لاقى في البداية فشلًا لا يقاوم على كافة الأصعدة، حتى أنه كان على مشارف الستين ولم يُنجز أي شيء، لكن كل ذلك قد تغير تمامًا مع ظهور خلطة الدجاج السرية التي باعها للكثير من المطاعم وجنى منها أموال مكنته من تنفيذ حلم مشروعه الكبير، والذي كبر وارتقى حتى أصبح أكبر سلسلة مطاعم في العالم بأكمله.
ستيفن سبيلبرغ، المخرج الذي عانده القدر
في البداية هل تتفقون معنا أن أفضل أفلام الحروب على الإطلاق هو فيلم إنقاذ الجندي ريان؟ جميل، هل تعرفون إذًا من هو مخرج ذلك الفيلم العالمي ومخرج الكثير من الروائع بعده؟ إنه المخرج الشهير ستيفن سبيلبرغ، لكن الحقيقة أن ستيفن لم يولد مُخرجًا مرة واحدة، فعلى الرغم من امتلاكه للموهبة اللازمة إلا أنه خاض رحلة فشل طويلة، تقدم خلالها أكثر من مرة إلى جامعة كاليفورنيا من أجل الالتحاق بها ودراسة فن صناعة الأفلام، لكن طلبه كان يُقابل في كل مرة بالرفض.
على الرغم من كون جامعة كاليفورنيا هي المنفذ الأهم لصناع الأفلام إلى أن ستيفن لم ييأس ولم يفقد حلمه في أن يُصبح مخرجًا هامًا، لذلك عمل بأكثر من شركة حتى جنى من المال ما جعله يلتحق بأحد الشركات الأخرى ويشق طريقه إلا عالم الإخراج ويُصبح أحد رواده، الغريب حقًا في قصة نجاح ستيفن، والتي بالمناسبة لا تقل عن باقي قصص نجاح العظماء، أن جامعة كاليفورنيا التي رفضته أكثر من مرة عرضت استضافته وأعطته الدكتوراه الفخرية أيضًا.
رولينج، مؤلفة أشهر سلسلة أفلام
الأفلام والكتب العظيمة يكتبها أشخاص عظماء، هذه حقيقة لا خلاف عليها، بل وثمة دليل يؤكدها، فالسيدة البريطانية رولينج، مؤلفة سلسلة أفلام وكتب هاري بوتر، عاشت النصف الأول من حياتها في شيء أقل ما يُقال عنه أنه جحيم، بداية من التعليم والعمل المتواضعين مرورًا بالزواج من أحد الرجال الاستغلاليين، والذي تركها بعد سنوات طويلة من الزواج لتواجه مصيرها مع سبعة أطفال، كانت روالينج تحتاج إلى من يعولهم ويعولها معهم.
تطلقت رولينج، وكلنا نعرف بالتأكيد الحياة التي يُمكن أن يعيشها المطلقات، لكنها نحت كل ذلك ووضعتها خلف ظهرها ثم أحضرت كومة ورق وقلم وألفت واحدة من أشهر السلاسل للأطفال والكبار، الغريب أنها قد أصبحت بسبب هذه السلسلة أحد أشهر السيدات بالعالم وأكثرهم ثراءً، حيث تجاوزت ثروتها المئة مليون دولار، وبالطبع شاهدتم أفلام السلسلة ورأيتم بأنفسكم الأبداع الحقيقي فيها، لكنكم لم تعلموا أبدًا أن من أبدع هذه السلسلة عانى الأمرين وتحمل الكثير حتى بلغ القمة في النهاية، وكذلك أنتم إن عملتم بجد وأنجزتم ما وعدتم به أنفسكم، فسوف يأتي اليوم الذي يكتب فيه أحدهم عنكم ويعنون ما يكتبه بوصفه قصاص نجاح العظماء.
أضف تعليق