تسعة اولاد
الرئيسية » شخصيات وعلماء » فيثاغورس : تعرف على جدول الضرب والعديد من وسائل الحساب

فيثاغورس : تعرف على جدول الضرب والعديد من وسائل الحساب

فيثاغورس

كان فيثاغورس واحدًا من أوائل من كتبوا في الرياضيات وصنفوه كعلم مستقل، وإليه يرجع الفضل في اكتشاف جدول الضرب والعديد من النظريات الهندسية كما سنرى.

بالتأكيد لا تُذكر الرياضيات بشكل عام، وجدول الضرب بشكل خاص، إلا ويُذكر معهما أحد أهم أساطير هذا المجال، العالم اليوناني الشهير فيثاغورس ، فإذا كان الرياضيات كما يُقال أم الفنون فإن فيثاغورس هو والدها بكل تأكيد، وذلك لأنه تمكن ببساطة من إيجاد العلم الذي يستخدمه الناس في كافة المعاملات اليومية، ولولاه لكانت الكثير من الحقوق قد ضاعت ونشبت الكثير من الفتن، إذا لم يكن قد حدث خلل في الطبيعة من الأساس، لكن، قبل أن نسترسل في أهمية جدول الضرب والرياضيات، دون نتعرف أولًا في السطور الآتية على ذلك الشخص الذي كان سببًا مُباشرًا فيهما، العالم والمُكتشف اليوناني الكبير فيثاغورس.

تعرف على حياة العالم اليوناني فيثاغورس

من هو فيثاغورس؟

الكثير يعرف عن الرياضيات وأصلها، لكن هل يعرف أحد مُكتشفها، فهو فيثاغورس الساموسي، والساموسي ليس اسم لوالده بقدر ما هو اسم للمدينة اليونانية التي نشأ بها، وهي مدينة ساموس، في عام 570 قبل الميلاد تحديدًا.

وكما هي عادة الأساطير اليونانية، قالوا عن ميلاد فيثاغورس أن الكهنة قد تنبأوا لوالدته قبل مولده بأنه ستلد طفلًا جميلًا حكيمًا يُفيد البشرية ويُخلّد بعدها للأبد، والحقيقة، حتى لو كانت هذه النبوءة مجرد خرافة وأسطورة، فقد تحقق كل هذا فعلًا وأصبح فيثاغورس حكيمًا ومفيدًا للبشرية وتم تخليده للأبد أيضًا، لكن، ما قد يشغل البعض عند الحديث عن أي عالم فذّ هو طفولته، حيث يطفو دائمًا سؤال منطقي وهام، كيف كانت طفولته؟

طفولة فيثاغورس

كان فيثاغورس طفلًا غير عادي على الإطلاق، فبالتأكيد لو كان مثل باقي الأطفال لما أصبح فيثاغورس الذي نعرفه الآن، لكنه كان نجيبًا ذكيًا، يمتلك من الأسئلة ما يعجز مُدرسوه عن إجابتها، حتى أنه كان في بعض الأحيان يقوم بشرح بعض المواد لأصدقائه بصورة أفضل وأسهل من المدرسين، وبالطبع يمكننا الاستنتاج مما سابق حالة فيثاغورس المادية، والتي كانت ميسورة جدًا بفضل تجارة والده، لذلك لم يلقى الفتى النجيب أي صُعوبات تُهدد إكماله لتعليمه، إلا أنه على الرغم من ذلك امتلأ بفكرة مجنونة مفاجئة، كانت للحقيقة سببًا إضافيًا فيما وصل إليه.

طائر بلا أجنحة

منذ بلوغ فيثاغورس سن الثالثة والعشرين قرر أن لا يستقر في مدينة ساموس الذي شهدت نشأته وطفولته، بل فضل السفر في جميع المدن داخل اليونان وخارجها من أجل حصد مُختلف العلوم وتعلّم الكثير من الثقافات الغريبة عنه، فسافر إلى بلاد سوريا والعراق، والتي كانت تُعرف ببلاد ما بين النهرين، كما سافر إلى مصر، وأقام في بلدة تُدعى منف حتى جاوز سن الأربعين، وربما في هذه الفترة تحديدًا بدأت فكرة الرياضيات وشغفه بها يُسيطران عليه، حتى وجد نفسه يعود إلى مسقط رأسه ويُقرر قرارًا غريبًا بعض الشيء، وهو افتتاح مدرسة خاصة به.

مدرسة فيثاغورس

في عام 529 قبل الميلاد افتتح فيثاغورس مدرسة صغيرة خاصة به، أراد من خلالها تدريس بعض المواد الغير مُدرجة بالمدارس الأخرى، كالفلسفة مثلًا، حيث كان يعتقد أن الرياضيات والفلسفة يرتبطان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا، كما درّس الموسيقى، والتي كانت فنًا جديدًا على اليونان في هذا الوقت، وربما هذا السبب كان وراء حظرها في بداية الأمر، حتى أن أعضاء المدرسة كانوا يلجون إليها سرًا ويضعون بعض الإشارات التي يتمكنون من خلالها معرفة بعضهم البعض، لكن هذا الحظر الذي فُرض على مؤسس المدرسة فيثاغورس لم يمنع من اقتحام باب الفلسفة من أوسع أبوابه.

فيثاغورس والفلسفة

بالطبع جميعنا يعرف أرسطو، لكن هل يعرف أحد أن أرسطو هذا في الحقيقة ما هو إلا فيلسوف تابع ومُتشبّع بأفكار مُعلمه الروحي فيثاغورس؟ هل يعرف أحد أن أرسطو كان يقول إن الفلسفة وفيثاغورس بالنسبة له شيء واحد؟

بدأ فيثاغورس التوسع في الفلسفة بعد تجاوزه الخامسة والأربعين، حيث كان يدعوا دائمًا إلى ربط كافة العلوم وردها إلى الفلسفة، بما في ذلك الأشياء التي كان يُدرّسها في مدرسته كالموسيقى والرياضيات، فعلم الحساب، والرياضيات تحديدًا، كان لهما الأثر الأكبر في تخليد حياة فيثاغورس وذكره حتى الآن.

تحرير الرياضيات

لم يتردد التاريخ يومًا في وصف ما قام به فيثاغورس في علم الرياضيات بعملية تحرير فارقة، حيث تمكن من فصل المعنى الروتيني لها والمبني فقط على العدّ وقام بربطه بأشياء أخرى كالدين والفلسفة والموسيقى، حيث كان يرى دائمًا أن الكون برمته ليس إلا عملية حسابية بحتة قائمة على علم الرياضيات، وبالطبع جميعنا يعلم الفكرة التي كانت سائدة، والتي ربما مستمرة حتى الآن، عن علم الرياضيات، فالجميع يعتقد أنها لعبة حسابية تُلعب بالأرقام وتُعطي الفوز للأكثر ذكاءً وقدرة على مُجاراة تلك الأعداد، لكن فيثاغورس جاء ليمحو كل ذلك ويؤسس الرياضيات التي نعرفها جميعًا الآن.

اكتشاف جدول الضرب

ربما لاحظ البعض من عنوان تلك السطور أننا نتحدث عن اكتشاف جدول الضرب وليس وضعه، لأنه وببساطة جديدة لم يكن زمن فيثاغورس يسمح أو يحتاج بمعنى أدق إلى استخدام جدول الضرب، فنحن نتحدث عن عدة عقود قبل ميلاد المسيح وبداية التقويم الميلادي، أي ثلاثة آلاف عام على الأقل، وفي هذا الوقت كانت جميع المعاملات الحسابية العويصة التي يبرع فيها ويظهر دور جدول الضرب شبه غير موجودة.

مع ذلك، لا يُمكننا التغاضي بالطبع عن فيثاغورس، والذي كان دوره يتعلق بالاعتراف والإقرار بوجود شيء يُسمى جدول الضرب، وبالتالي وضع أُسس له، استغلها جون لسلي عام 1890 وقام بوضع جدول الضرب بالصورة التي عليه الآن، هذا بالرغم من أنه بالكاد وصل إلى حاصل ضرب 99 × 99، ثم جاء علماء الرياضيات من بعده وقاموا بإكمال المهمة، لكن الأمر يبقى كما ذكرنا مجرد تأريخ للحدث وإعطاء كل ذي حق حقه، فيثاغورس مكتشف جدول الضرب، وجون لسلي هو من قام بوضعه على النحو الموجود حاليًا.

إنجازات أخرى

بخلاف جدول الضرب، يملك فيثاغورس في جعبته الكثير من الإنجازات في مجال الرياضيات، منها مثلًا نظرية فيثاغورس، والتي سُميت على اسمه كما يتضح من الاسم، وأيضًا هناك عدة اكتشافات فيما يتعلق بمجموع زوايا المُثلث وهل هي فعلًا تساوي زاويتين قائمتين أم أنها تساوي مجموع زاوية واحدة غير قائمة، هذا بخلاف الكثير من النظريات الأخرى التي لا تكفي السطور الآتية للتحدث عنها، ونؤكد مرة ثانيه على دوره في مجالات مُختلفة عن الرياضيات ولا تقل أهمية عنها مثل الفلسفة والفلك، وإذا كان السؤال عن أسباب عدم الشهرة في العلوم الأخرى فالإجابة تكمن في شغفه الكبير وإنجازاته الأكبر في الرياضيات، والتي جعلت التاريخ يتذكرها له دونًا عن باقي العلوم.

وفاة فيثاغورس

لفظ فيثاغورس أنفاسه الأخيرة في عام 495 قبل الميلاد، أي بعد حوالي سبعة عقود ونصف من الكفاح والتعلّم والتعليم، وذلك في إحدى المدن الإيطالية الساحلية، والتي قرر الاعتزال فيها وقضاء سنواته الأخيرة بها، والحقيقة أن حكومة روما قامت بعد حوالي مائتي عام من وفاته بتكريمه على طريقتها، وذلك ببناء تمثال له في إحدى الميادين الرئيسية، إلا أن التكريم الحقيقي جاء من خلال التاريخ، والذي صنّفه كأشهر وأهم رجل في تاريخ الرياضيات.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

أربعة عشر + 5 =