تسعة اولاد
الرئيسية » شخصيات وعلماء » فرانك ويتل : تعرف على مخترع المحرك النفاث المستخدم في الطائرات

فرانك ويتل : تعرف على مخترع المحرك النفاث المستخدم في الطائرات

فرانك ويتل

كان اختراع المحركات النفاثة إيذانًا ببدء عصر جديد في عالم الطيران الحربي والتجاري، لكن لم يُنسب الفضل في ذلك؟ بالطبع إلى البريطاني فرانك ويتل.

يُعتبر المخترع البريطاني فرانك ويتل أكبر دليل على أن الإنجازات العظيمة تأتي دائمًا عن طريق الصُدف البحتة، فاختراع كبير مثل الطائرة النفاثة كان من المُفترض أن يظل حبيس العقول بسبب الرفض الدائم لانضمام فرانك ويتل إلى القوات الجوية البريطانية، إلا أن موافقة عابرة جاءت بعد إلحاح ومحاولات عدة من المخترع فرنك كانت سببًا في قبوله ومن ثَّم تفكيره في هذا الاختراع وتنفيذه بالفعل، لكن، قبل نخوض في تفاصيل الاختراع وأهميته دعونا نتعرف في السطور الآتية على المُخترع فرانك ويتل، من هو كيف تمكن من الانضمام للبحرية وإنجاز هذا الاختراع الهام.

تعرف على فرانك ويتل مخترع المحرك النفاث

من هو فرانك ويتل؟

من الطبيعي أن يولد مُخترع الطائرة النفاثة قبل اختراع الطائرة النفاثة نفسها، فقد وُلد فرانك في العاشر من يونيو القابع في عام 1907، وذلك في إحدى القرى الفقيرة في غرب إنجلترا، والتي كانت في هذا الوقت شِبه مُستعدة للسقوط، حيث كان نجم كلًا من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا النازية شارعًا في الصعود، لذلك كان من الطبيعي جدًا أن تكون الحالة المادية لأسرة فرانك متوسطة بالكاد، وهو ما أعطاه فرصة للتعليم الجيد، لكن، قبل أن يُنهي فرانك ويتل تعليمه، هل كانت طفولته تسير على أفضل نحو ممكن؟

طفولة فرانك ويتل

مرّت طفولة فرانك ويتل بعدة مُنعطفات، أو بمعنى أدق، عدة صدمات، بدأت عندما تُوفت والدته في سن السادسة، مرورًا بتعرض مدينته للقصف أثناء الحرب العالمية الأولى، وانتهاءً بوفاة والده مع انتصاف عقده الثاني، كان طفولة اختبارية أكثر من كونه عاديه، وكان على فرانك ويتل أن يختار حينها أن يكون طفلًا عاديًا أو غير عادي بالمرة، لكن، نعاود السؤال مرة أخرى بطريقةٍ مُغايرة، هل كانت طفولة فرانك ويتل، وحياته عمومًا، تسير على أفضل نحو ممكن؟ هل كان موت والديه هي عقبته الوحيدة، أم كان هناك أمر آخر أشبه بعُقدة أبدية كادت تُنهي كل أحلامه دفعة واحدة.

عقدة فرانك ويتل

كانت عقدة فرانك ويتل الوحيدة متمثلة في طوله، والذي كان أقصر من اللازم، حيث كان فرانك فقير القامة إلى حد كبير، مما جعله مداعاة للسخرية من أصدقائه وسببًا للاستهزاء من مُدرسيه، حتى أنه كان ينزوي ويبتعد عنهم وعن المدرسة لفترات طويلة بسبب هذه السخرية وهذا الاستهزاء، لكن، في الحقيقة لم يستمر هذا الأمر كثيرًا خاصةً بعد تجاوز فرانك سن العشرين، لكن ما نعنيه بهذا الأمر الذي لم يستمر هو الاستهزاء والسخرية، أما ما يتعلق بعقدة فرانك نفسه فقد وضعته في عائق كبير كان مُنافسه الأول فيه هو حلمه الوحيد.

أحلام تصطدم بالحقيقة

كانت أولى أحلام فرانك ويتل منذ بلوغه سن العاشرة هي الالتحاق بالقوات الجوية التابعة للجيش البريطاني، إلا أن فرانك عن تقديم طلب الالتحاق صُدم بأن طوله غير مُناسب للانضمام إلى القوات البحرية، أو الجيش بشكل عام، إلا أن المحاولات المُستميتة منه وتقديم الطلب أكثر من مرة وحاجة الجيش البريطاني إلى عدد قوات أكثر لتغطية الحروب كانت سببًا في قبوله بعد ثلاث مرات رفض، لتبدأ بعدها رحلة فرانك ويتل الحقيقية، والتي كتبت اسمه بأحرف من ذهب في كُتب التاريخ العتيقة، رحلة فرانك ويتل المُخترع، مُخترع الطائرة النفاثة تحديدًا.

الطائرات قبل ويتل

قبل انضمام فرانك ويتل إلى الجيش البريطاني كانت الطائرات تُعاني مشكلة خطيرة تتمثل في عدم قدرتها على التحليق لمسافات طويلة وبارتفاع كبير، حيث كان الهواء، بسبب ضعف المحركات، قادر على إسقاطها بسهولة، وربما كان هذا سببًا كبيرًا في عدم فاعلية سلاح الطيران أثناء الحرب العالمية الأولى أو الحروب التي تلتها.

اختراع الطائرة في الحقيقة لم يكن مقصودًا به في بدايته استخدامه في الحروب، بل كان مُجرد أداة هامة لنقل الأشخاص من مكان إلى آخر عبر الجو، ودون الاحتكام إلى الطُرق وعواقبها، إلا أن الحرب العالمية الأولى جاء لتُضيف للطائرات بشكل عام خاصية القدرة على القتال، وذلك عن طريق إضافة بعض الأسلحة وتدريب العسكريين على استخدامها، وقد نجح ذلك بالفعل، إلا أن المشكلة التي برزت بعدها كانت تتمثل في عدم قدرة كل الطائرات على التحليق لمسافات مرتفعة وكبيرة أثناء الحرب، وهو بالضبط ما لاحظه فرانك ويتل بعد انضمامه لسلاح الجو البريطاني.

فكرة فرانك ويتل

فكرة فرانك ويتل ببساطة تتمثل في العمل على وضع مروحة بمواصفات خاصة داخل هيكل الطائرة لجعلها قادرة على القيام بعملية تدفق سريعة للهواء، وعن طريق ذلك التدفق يمكن ببساطة التحرّك لمسافات أعلى دون الخشية من الهواء وسقوط الطائرة، وقد اشترط فرانك أن تكون فكرته تلك قابلة للتنفيذ بالسرعة المتوقعة وبكميات أقل من الوقود، وهو بالطبع ما أثار حفيظة المسئولين بسلاح الجو البريطاني وجعلهم يمنحون فرانك ويتل موافقة رسمية على إتمام المشروع، إضافةً إلى منحه كافة الصلاحيات والمُتطلبات اللازمة لإتمام المشروع على أكمل وجه.

تنفيذ المشروع

بدأ فرانك ويتل تنفيذ مشروعه مطلع العقد الخامس من القرن العشرين، وكان أول ما فعله وقتها أن قدم استقالته من سلاح الجو البريطاني وتفرّغ لدراسة كافة جوانب المشروع ومعرفة الأرباح والخسائر، وما هي إلا تسعة أشهر بعد سنة من الدراسة حتى كان المشروع جاهزًا وقابلًا للتنفيذ، وبالفعل تم تجريبه أحد أيام شهر أكتوبر القابع في عام 1941 ونجح نجاحًا كبيرًا، لكن، هل تركه قط العالم في هذا الوقت دون الوثوب عليه؟

القط يضع المخلب

كانت الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الوقت معروفة بقط العالم، وذلك لأنها كانت تقوم بالوثب على أي مشروع جديد يحمل فائدة للبشرية، وهو ما فعلته تمامًا في مشروع فرانك ويتل، حيث قامت بالوثب عليه وشراء حقوقه واحتضانه، وذلك بدعوى أنها قادرة على رعايته أكثر من بريطانيا، وبالفعل أقدم فرانك ويتل على بيع المشروع لها أملًا في أن يجد الاهتمام الكافي والتطوير اللازم له، والذي كان متوفرًا بصورة أكبر في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كانت تضع خطواتها الأولى في طريقها نحو التحول إلى واحدة من اهم القوة العظمى، هذا إذ لم تكن أهمها على الإطلاق.

إشكاليات حول الاختراع

لم تستمر فرحة فرانك ويتل كثيرًا، حيثُ تفاجئ بظهور قضية ضده في المحكمة الدولية تتهمه بأنه قد قام بسرقة هذا الاختراع من عالم ألماني شهير وقتها يُدعى هانز فون، ليس هذا فقط، بل أن هذا العالم الألماني أيضًا قد قام بالتجارب الأولى قبل ست سنوات على الأقل من إطلاق مشروع فرانك ويتل، عام 1936 تحديدًا.

الرد الوحيد من قِبل أسرة فرانك ويتل كان هو كذب هذا الادعاء، وأنه يعتمد فحسب على قوة هتلر في هذا الوقت ورغبته في نسب أي اختراع هام إلى بلده ألمانيا، والدليل على ذلك أن حدة تلك الاتهامات بدأت في الانخفاض عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية والقضاء على هتلر، كما أنه لم يكن هناك أي وجود لمستندات تُثبت العالم الألماني هانز فون بتجربة هذا الاختراع، وذلك على النقيض تمامًا من فرانك الذي سعى منذ اليوم الأول في توثيق هذا الاختراع، لذلك، لم يتردد التاريخ لحظة في نَسبه إليه.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

7 − سبعة =