تسعة اولاد
الرئيسية » دروس » تعرف على علم النفس التربوي وأهدافه ومناحي بحثه

تعرف على علم النفس التربوي وأهدافه ومناحي بحثه

علم النفس التربوي

علم النفس التربوي واحد من أقسام علم النفس الكثيرة، والتي كلها تهتم بسلوكيات الإنسان وكيفية العمل على إصلاحها، لكن ذلك النوع تحديدًا يهتم بسلوكيات الأطفال.

مما لا يشك فيه أن علم النفس التربوي يُعد أحد أفضل فروع علم النفس الحديث، هذا إذ لم يكن الأفضل على الإطلاق، فالأطفال الآن هم فرس الرهان، وهم الذين يعول عليهم كثيرًا في إصلاح ما يُمكن إصلاحه بهذا الكون، ولذلك يُصبح الاهتمام بهم وتخصيص فرع كامل من فروع علم النفس لهم نوع من أنواع إعطاء كل شيء حجمه الطبيعي، والحقيقة أن منظومة علم النفس التربوي تشمل الطفل والمدرس كذلك، والذي بدوره يقوم بممارسة ما تعلمه في هذا الصدد على الأطفال بصورة يُمكن من خلالها تحقيق الأهداف المرجوة، ولذلك، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على علم النفس التربوي وأهدافه وكيفية تحقيق الاستفادة القصوى منه.

لماذا علم النفس؟

لماذا يتواجد علم النفس حولنا؟ إنه سؤال جيد يحتاج إلى إجابة جيدة وكافية تليق به، والحقيقة أن أفضل جواب على ذلك هو أنه يصلح لمواجهة أخطر الأمراض التي قد تُصيب الإنسان وتفتك به، إنها الأمراض التي تتعلق بالنفس، حيث كل شيء يُمكن أن يصبح من خلالها في أفضل حال أو أسوأ حال، وهذا ما يحاول علم النفس العمل به قدر الإمكان، لكن بالتأكيد ليس كل شيء في علم النفس يتعلق بالأمراض التي تُصيبها، بل ثمة ما هو أسمى من ذلك بكثير.

المساعدة في فهم الإنسان لنفسه أو وجود شخص قادر على إفهامها له يُعتبر كذلك من ضمن الأجوبة التي يُمكن أن تكفي للإجابة عن السؤال المتعلق بوجود علم النفس، فنفس الإنسان تستحق للدراسة بحق، والأفراد أيضًا يحتاجون إلى كشف لشخصياتهم، والتي يكونون هم شخصيًا غير مُدركين لها، فيأتي علم النفس بدراساته العلمية وتطبيقاته المنطقية ويُحقق كل هذا ويُزيل الغموض عن ذلك الشيء الأكثر غموضًا في العالم، النفس، ولكل هذا وُجد علم النفس.

أقسام علم النفس

علم النفس علم كبير، يشمل الكثير من الأشياء التي لا يمكن أبدًا إجمالها في قالب واحد، وإنما لابد من تفتيتها للسيطرة عليها، ولهذا تم تقسيم علم نفس إلى عدة أقسام، كل قسم يُعد علم قائم بذاته له أساليبه وطُرقه وأهدافه التي نُشأ من أجلها، ومن ضمن أقسام علم النفس مثلًا علم النفس العام، وهو الذي يتناول الشخصية أو النفس بصورة عامة دون تعمق، وهناك أيضًا علم النفس الاجتماعي، والذي يهتم بدراسة تعامل النفس مع المجتمع وكيفية الارتقاء بهذا الأمر قدر الإمكان.

أقسام علم النفس أيضًا تشتمل على علم النفس الفسيولوجي وعلم النفس الحيوان وعلم النفس النمو وعلم النفس الصناعي وعلم النفس الإرشادي وعلم النفس الارتقائي وعلم النفس التجاري وعلم النفس الحربي وعلم النفس الجنائي، لكن كل هذه الأقسام ليست محور حديثنا الآن، وإنما ما يعنينا هو قسم علم النفس التربوي، والذي كما ذكرنا يُعتبر من أهم وأخطر الأقسام، والأشد تأثيرًا وصعوبة في الدراسة والتلقي.

علم النفس التربوي

كما ذكرنا، علم النفس التربوي هو قسم من أقسام علم النفس التي أشرنا إلى كثرتها، والتي يُركز في الأساس على الأجيال الجديدة الناشئة، حيث يطمح في تربيتهم تربية نفسية قويمة من خلال التطبيقات العلمية والنظريات المُثبت صحتها، ويُتوقع من ذلك أن تُخلق لهم شخصيات قوية وتزيد إمكانيتهم بصورة أكبر من المعدل الطبيعي الذي لا يعتمد على علم النفس التربوي وإنما فقط التلقين غير المُقنن أو الذي يرنو إلى هدف ما.

استخدام علم النفس التربوي غالبًا ما يكون في المدارس، حيث يتم إدراجه ضمن عملية التعليم بطريقةٍ ما، ويكون أبطال هذه العملية هم المُدرسين، ولذلك يُستحسن أن يكون قد تم إعدادهم مسبقًا للقيام بهذه المهمة وتجهيزهم لتأديتها على أفضل الحال، وفي النهاية تتحقق الأهداف المرجوة علم النفس بصورة صحيحة.

الأهداف المرجوة

ثمة بعض الأهداف المرجوة من علم النفس التربوي، فالأمر ليس اعتباطًا، ودراسة شيء كهذا يتم الإعداد له مُسبقًا ووضع لائحة من المُتطلبات وطرق تنفيذها وأهداف يُتوقع تحقيقها، وهذه الأهداف إما أن تكون أهداف عامة أو أهداف خاصة أو أهداف تجاه المعلم، ولنبدأ سويًا بأهم الأهداف العامة لعلم النفس التربوي، وعلى رأسها بالتأكيد فهم الظواهر ودوافعها.

فهم الظواهر ودوافعها

يضع علم النفس التربوي القدرة على فهم الظواهر ضمن قائمة أولوياته، فالطالب الذي يفهم الظاهرة ودوافعها وأسبابها يتمكن كثيرًا من الوصول إلى درجة أكبر في الاستيعاب، وهذا ما يأمل به أي علم ويسعى لتحقيقه، إضافةً إلى قدرته على تحسين سلوك الطالب، ولذلك نجد أنفسنا أمام هدف سامي لعلم النفس التربوي ينجح غالبًا في تحقيقه.

التنبؤ بالحدث

من الأهداف العامة لقسم علم النفس التربوي أيضًا التنبؤ بحدوث حدث من الأحداث قبل وقوعها، فعندما تكون قادرًا على فهم الظواهر وتفسيرها فأنت بالتأكيد تمتلك فرصة لتوقع ما هو قادم وإذا ما استطعت فعل ذلك فبالطبع أن تمتلك فرصة أكبر في الحل، هذا إذا كان ما حدث مُشكلة من المشاكل مثلًا، وعمومًا، يحتاج التنبؤ بالأحداث أيضًا إلى إلمام بالماضي من أجل تفسيره وتوضيحه واستلهام المعطيات والحقائق منه واستخدامها في عملية التنبؤ.

التحكم في العملية التعليمية

التحكم في العملية التعليمية من أهم الأهداف العامة التي يُمكن أن ينشأ بسببها علم مثل علم النفس التربوي، فالعملية التعليمية نار، وقودها المُعلم والطالب، وهؤلاء هم المُستهدفين من علم النفس التربوي، فالمدرس بصفته الموجه والقائد للعملية، والطالب بصفته المُوَجَه والمُتحكم به، لكن الفائدة في النهاية تكون عامة، على العملية التعليمية بشكل خاص، حيث يحدث أهم شيء يجب أن يحدث في ظرف كهذا، وهي السيطرة والتحكم الكاملين.

الأهداف الخاصة

كل ما سبق كان مجرد أهداف عامة لعلم كبير وشامل مثل علم النفس التربوي، لكن ثمة أهداف خاصة تكون الحالة الموجودة قيد التعليم هي الدراسة والأمر القائم بذاته، هذه الحالة يُفترض بعد أن تتعرض لتجربة علم النفس التربوي أن تكون مُفعمة ببعض الأهداف الخاصة، وعلى رأس هذه الأهداف تفسير السلوك.

تفسير السلوك

عندما تدرس حالة معينة من خلال استخدام علم النفس التربوي فإن أول هدف سوف تكون راغبًا في الوصول إليه هو أن تُفسر السلوك الموجود أمامك، وهل هو ناجم عن أسباب طبيعية أم أنه ثمة مُتغيرات غير طبيعية بالمرة قد تعرض لها ذلك الشخص مما أدى إلى تكون ذلك السلوك، والذي سيكون من السهل جدًا عليك تفسيره تفسيرًا منطقيًا.

حل المشكلات

بعد أن تكون دارسًا للعديد من النظريات في مجال علم نفس التربوي فإنك بالطبع سوف تكون قادرًا على تطبيق هذه النظرية على الحالة أو الشخصية التي أمامك، والتي تكون عادةً تعاني من بعض المشكلات، حيث ستتمكن من حل هذه المشكلات استنادًا إلى خبراتك وتجاربك ودراستك، وبذلك تُصبح مُحققًا لهدف أسمى من أهداف علم النفس التربوي، وهو حل المشكلات، وليس فقط دراستها والاكتفاء بمراقبتها.

أهداف تجاه المعلم

بالفعل الضلع الرئيس في علم النفوس التربوي هو الطالب، لكن المعلم كذلك ضليع في العملية التربوية ويُسجل مشاركة بنسبة ليست بالقليلة، ولذلك كان لابد من وضع أهداف له تُسمى بأهداف علم النفس التربوي المخول بها تجاه المُعلم، وعلى رأس هذه الأهداف يأتي التزويد بالخبرات الصحيحة.

التزويد بالخبرات الصحيحة

المعلم الحيادي المذود بالخبرات هو المعلم المطلوب في المرحلة الحالية، والحقيقة أن أهداف علم النفس التربوي تسعى جاهدة إلى إيجاد ذلك النوع من المعلمين، وإذ لم يكن موجودًا فإن دراستها تكفي لتزويد المُعلمين بالخبرات اللازمة للقيام بهذا الأمر، وذلك من خلال تدريس المناهج الصحيحة للمدرسين وجعلهم قادرين على الفصل بين الأهواء الشخصية والأفكار، كذلك تعليمهم طرق تدريسية جديدة أكثر تأثيرًا في الطلاب.

القدرة على التنبؤ

مرة أخرى يعود هدف القدرة على التنبؤ، لكن في هذه المرحلة فإن علم النفس التربوي يُطالب المعلم بأن يُحقق هو هذه الميزة أو يكتسبها، فعندما يكون قادرًا على التنبؤ بسلوك كل طالب فإنه بالتأكيد سوف يكون باستطاعته مواجهة الأخطار قبل وقوعها والوصول إلى سلوك مناسب، وهذا كما أشرنا أفضل بكثير من أن ينتظر حدوث المشكلة ثم يبحث لها فيما بعد عن حلول، الأمر ببساطة أشبه بوضع خاصية يُمكن من خلالها الحماية من المشاكل وليس انتظار حدوثها لحلها.

تنمية حس الملاحظة

الملاحظة بالتأكيد من الأهداف الهامة التي يسعى علم النفس التربوي إلى تنميتها في المعلم، فالطالب المتفوق مثلًا إذا لاحظه المعلم فسوف يكون بمقدوره وضع أُسس وخطط يمكن من خلالها تنمية ذلك التفوق أو الحفاظ عليه، وهو ما سيحدث نقيضه إذا لم يتمكن المعلم من ملاحظة التفوق، فسوف يبدأ الطالب في أن يقل تدريجيًا حتى يبهت تفوقه، أما بالنسبة للطالب الضعيف فالملاحظة بلا شك حياة أو موت بالنسبة له، فإذا لم يلاحظ المعلم أن الطالب الذي أمامه ضعيف فلن يتمكن من مساعدته للتقدم، وبالتالي سوف يضيع الطالب وتضيع كذلك فرصته في التحسن، كل هذا بسبب معلم لا يمتلك حس الملاحظة، ولهذا يخوض علم النفس التربوي حروب كهذه.

تحسين السلوك

أمر هام جدًا أن تكون قدوة لطلابك، أمر هام لدرجة أن علم نفس التربوي قد راعاه جيدًا عند تناول المعلم، فكان هدف رئيسي من أهدافه أن يتم تحسين سلوك المُعلم وبناءً عليه يتم تحسين سلوك الطلاب، لأن الطلاب، والأطفال بشكل عام، ينظرون لمن هم أكبر منهم ويقلدونهم، فإن كانوا سيرون مُعلم على درجة كبيرة من السلوك فإنهم سيجاهدون كي يُصبحوا مثله، وإن كان العكس فلن يكونوا سوى العكس أيضًا، أي أن المعلم ببساطة يُعتبر مرآة لطلابه.

الاستفادة القصوى من علم نفس التربوي

إن تحقيق الاستفادة القصوى من علم النفس التربوي أمر شبه حتمي على المنظومة التعليمية، فهذا العلم يضع بين أيديهم طُرق مُثلى للارتقاء بالمنظومة بأكملها، ولا يطلب شيء سوى تطبيقه على الضلعين الرئيسيين في العملية، وهما الطالب والمدرس، وخاصةً الطالب الذي تنعقد عليه أكثر من سبعين في المئة من الآمال والأهداف المتعلقة بعلم النفس التربوي.

في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وأغلب الدول الكبرى يكون تطبيق علم النفس التربوي بحذافيره أمر بديهي، وكذلك في بعض الدول أسيا، إلا أن الوضع في الوطن العربي وخاصةً مصر لا يزال مجرد محاولة، يُمكن أن تنجح أو تفشل، وإن كان رسميا يتم تطبيق العلم، لكن في الواقع يجد الأمر تهاونًا من قِبل الإدارة التعليمية بالاشتراك مع ضلع رئيسي في العملية، وهو المعلم.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

سبعة عشر − عشرة =