تُعتبر مهمة تفادي الحرائق واحدة من المهمات الأكثر سعيًا وطلبًا بين الناس، فقد أصبحت الحرائق في الآونة الأخيرة أشبه بظاهرة متكررة الحدوث، وأصبحت الأضرار التي تُخلفها أمر لا يُمكن احتماله بصدق، ولذلك يسعى الناس إلى تعلم بعض الطرق من أجل مواجهة هذه الظاهرة، وهذه الطرق يمكن أن تُستخدم قبل اندلاع الحريق، أي أنها لأخذ الاحتياطات اللازمة منه وتقليل فرص حدوثه، أو بعد اندلاع الحريق، وفي هذه الحالة يكون الغرض منها تقليل الخسائر قدر الإمكان، والحقيقة أنه في كلا الأمرين ثمة الكثير من الفوائد التي لا يمكن التغاضي عنها، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على أهم ممارسات تفادي الحريق وكيفية مساهمتها في منع الحريق أو تقليل خسائره حالة اندلاعه بالفعل.
ما هو الحريق؟
قبل أن نتعرف على طرق تفادي الحريق علينا أولًا أن نتعرف على الحريق نفسه، فعندما تتفاعل المادة المشتعلة وتتحد مع الأكسجين الموجود في الهواء فإنه في هذه الأثناء يحدث ما نُطلق عليه تفاعل كيميائي غير مرغوب به، ذلك التفاعل هو ما يُسهم بصورة رئيسية في حدوث الحريق، لكنه يعتمد كذلك على عدة عوامل تُساعد في الاشتعال، وإذا ما تتبعنا العوامل كذلك فسنجد أنها بالضبط نفس مكونات التفاعل الذي ذكرناه آنفًا، أي أن الأمر لا يعدو كونه عملية مُتشابكة ومُترابطة تؤدي في النهاية إلى نهاية واحدة لا جدال فيها، وهي حدوث حريق هائل يُخلف الكثير من الخسائر المادية والبشرية.
عوامل اشتعال الحرائق
كما ذكرنا، ثمة عدة عوامل تُسهم في اشتعال الحرائق بشكل رئيسي، وأهم هذه العوامل بالتأكيد هي المادة المشتعلة نفسها، والتي قد تأخذ للعلم عدة أشكال مختلفة، منها ما هو صلب ومنها ما هو سائل ومنها ما هو غازي، أما الصلب فهو المتمثل في أي جسم جامد قابل للاشتعال، والسائل هو البنزين والجاز وما شابه، بينما الغازي فالمثال الأكبر عليه هو أسطوانات وأنابيب الغاز التي تُستخدم في الطهي وغيره من الاستخدامات.
الأكسجين كذلك من ضمن عوامل التفاعل الأخرى الهامة في عملية الاشتعال، والحقيقة أن تواجده الكثيف في الهواء يُسهل من الأمر برمته، إذ لا يحتاج الأمر كثير من الوقت حتى يدخل الأكسجين بقوة ضمن نطاق العملية، والتي من العوامل المساعدة بها أيضًا الحرارة التي تنتج من عملية الاحتكاك في المواد المشتعلة وأخيرًا تبقى تلك السلسلة من التفاعلات الكيميائية سببًا هامًا ورئيسيًا من أسباب حدوث الحرائق.
تفادي الحرائق
في الحقيقة تكمن قدرة الفرد الحقيقية على تفادي الحرائق في القدر الذي يمتلكه من الوعي، فإن كان الوعي قليلًا فإن حدوث ذلك التفادي يُصبح أمرًا صعب المنال، خاصةً وأنه لا يمتلك ما يؤهله لذلك من معدات أمان، تسبب فيها أصلًا عدم وجود الوعي الكافي، لذلك يجب أولًا الاهتمام بوجود وعي كافي لدى الأفراد من أجل القدرة على تفادي الحرائق، بعدها يتحتم وضع ما سيلي ذكره في الحسبان.
فحص أسطوانات الغاز
إن أول شيء يجب التيقن منه إذا ما كنت حقًا ترغب في تفادي الحرائق هو فحص أسطوانات الغاز الموجودة في المنزل، وهذا الفحص يُفضل أن يكون بشكل يومي، لأن استخدام أسطوانات الغاز في الأصل يتم بشكل يومي، وعمومًا، لا يخلو الأمر كما نعرف من السهو أو الخطأ، فقد ينسى المُستخدم مِكبس الأسطوانة مفتوحًا في مرة من المرات ويتسبب ذلك في اشتعال الحريق، خاصةً وأن الغاز ينتشر في الهواء كما نعرف، وأن النار، حتى وإن كانت على بعد كبير، فلن تأخذ وقتًا كبيرًا حتى تتفاعل معه، ولذلك كان الاهتمام بعمليات الفحص والصيانة هذه أحد أهم طرق تفادي الحرائق الممكنة.
إخفاء أعواد الثقاب
المصدر الرئيسي لإشعال النار عادة ما يكون أعواد الثقاب المتواجدة في المنزل، ونقول إشعال النار للاستخدام في الأغراض العادية وليس من أجل الحرائق، لكن هذا الأمر بالتأكيد يجب أن يحدث من قبل أشخاص مسئولين ومُدركين لماهية النار وخطورتها، لذلك، عندما نترك أعواد الثقاب أمام الجميع، بما فيهم الأطفال، فإننا بذلك لا نأخذ احتياطات تفادي الحرائق، حيث أن وقوع أعواد الثقاب في اليد الخاطئة يعني إشعال النار بالطريقة الخاطئة وعدم القدرة آنفًا على السيطرة عليها، وهذا هو الهدف الرئيسي من التنبيه على إخفاء أعواد الثقاب، ضمان عدم وقوع النار في يد الأطفال.
عدم سكب الزيوت
الزيوت كما نعرف من المواد المُتفاعلة بشدة مع النار، فمجرد اقتراب شعلة نيران من الزيت تُصبح احتمالية نشوب حريقة كبيرة جدًا، والحقيقة أن ما يحدث من إهمال في استخدام الزيت يكون البداية لتلك المعاناة، حيث ينسكب ذلك السائل على الأرض أثناء الاستخدام الغير مسئول، ثم يُترك بعد ذلك دون تنظيف أو اهتمام، بعد ذلك، وبنفس طريقة الإهمال، يحدث أن يتعرض الزيت المسكوب على الأرض لشعلة طائشة، وهناك تحدث الحريقة التي كان يمكن تفاديها من خلال الاقتصاد والحرص في استخدام الزيت أو تنظيف المكان جيدًا بعد استخدامه.
مراعاة أسس السلامة عند البناء
عندما تقوم ببناء أي مبنى مهما كان وصفه فإنه من الواجب عليك مراعاة أسس السلامة بهذا البناء، ويُقصد بذلك أن تقوم باختيار التأسيس والهيكل المناسب له في حالات حدوث الحرائق، وهو أمر يعيه جيدًا القريبين من عمليات البناء، فهناك تأسيس قد يُساهم في سرعة إخلاء المبنى وقت وقوع الحريق، بينما هناك آخر قد يُعيق ذلك، بل ويجعل تعرض الأشخاص للإصابة احتمال وارد بنسبة كبيرة، لذلك يجب التأكد من مراعاة ذلك عن الشروع في البناء.
أيضًا لا ننسى أن مراعاة أسس السلامة قد تكون متمثلة في اختيار مواد مناسبة عند البناء، فلا تؤدي فيما بعد إلى اشتعال الحرائق أو زيادة تفاقمها، ومثال ذلك بعض مواد الطلاء التي تكون قابلة للاشتعال بسرعة كبيرة، فهذه المواد مثلًا يجب تجنبها والاستعانة ببدائل عنها من تلك المواد التي لا تتفاعل مع النار، والحقيقة أنه مع تطور مجال الهندسة والبناء أصبحت مثل هذه الأمور بديهية إلى أبعد حد، لكن ذلك بالطبع لا يمنع من وضعها ضمن طرق تفادي الحرائق.
عدم التدخين دون وعي
التدخين دون وعي يكون في الحقيقة أحد أبرز أسباب اشتعال الحرائق، هذا بالطبع إذا تغاضينا عن كونه أمر ضار جدًا على صحة الإنسان، لكن، ما يعنينا هنا أن الشخص المُدخن عندما يشرع في التدخين فإنه بالتأكيد يمر بالقرب من أماكن قابلة للاشتعال وإحداث مشكلة في وقت قصير، ولنبدأ مثلًا بالتدخين بالقرب من مصادر الغاز، إنه خطر كبير يُماثل بالضبط الخطر الذي ذكرناه عن القداحة والنيران التي تُقربها من أسطوانات الغاز فتُحدث الحرائق، أما إذا راعيت ذلك الأمر جيدًا ولم تقترب بسيجارتك من أماكن الوقود والغاز فإنك أيضًا لا تزال في خطر المفروشات والستائر.
المفروشات والستائر ينطبق عليهما بالتأكيد قانون حظر التأكيد دون وعي، فعندما تلتقط سيجارتك طرف ستارة أو أحد المفروشات فإن انتشار النار في كل أرجاء المكان يُصبح فقط مسألة وقت، لأن هذه الأشياء تتنقل النيران فيما بينها بسرعة فائقة، وكذلك الورق، لا يمكنك بالتأكيد أن تجعل النيران تلمس ورقة وسط آلاف الورق، لأنك في هذه الحالة سوف تكون راغبًا في إشعال حريقة كبيرة، ولذلك يُنصح التدخين دائمًا في الأماكن المفتوحة الخالية لا المُغلقة.
أسباب الحرائق الكهربائية
طبعًا من المعروف للجميع أن الكهرباء من أهم الأشياء التي حدثت في العالم خلال القرون الثلاث الأخيرة، لكن كما يقولون، الأمور الجميلة لا تكتمل، فمع الفوائد الكثيرة للكهرباء ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الحرائق الكهربائية، ليس هذا فحسب، بل إنها أصبحت متكررة بشكل يدعو للقلق، وهي بالمناسبة لا تقل خطورة عن الحرائق الطبيعية التي تكون النيران هو العنصر الرئيسي فيها، وبالتأكيد إذا بحثنا عن أسباب تلك الحرائق فسنجد الكثير من الأسباب، لكن على رأس هذه القائمة نجد بالطبع التمديدات وعدم الاهتمام المناسب بها.
سوء التمديدات
من أهم أسباب الحرائق الكهربائية، والتي يمكننا تفادي الحرائق بشكل عام إذا اهتمامنا به، هي سوء التمديدات التي تُستخدم في صناعة الكهرباء ونقلها، ولمن لا يعرف، التمديدات الكهربائية هي الأسلاك المُستخدمة في عملية نقل الكهرباء، لأن الكهرباء بالطبع لا تنقل عن طريق الهواء، وإنما ثمة أسلاك معينة تستخدم في هذه المهمة، ومن هنا تظهر المشكلة التي نحن بصدد التحدث عنها، حيث أن البعض يستخدم تمديدات كهربائية ضعيفة، لا تستطيع تحمل قوة التيار، وبالتالي يحدث انفجار بسبب قوة الضغط مما ينتج عنه الحرائق التي تتسبب في الكوارث الكبرى.
الجهل والعبث
الجهل بالطبع من أخطر الأسباب التي يمكن بمعالجتها تفادي الحرائق المتعلقة الكهرباء، فعندما يتعامل البعض مع الكهرباء معاملة غير صحيحة ويستخدمون الأدوات الغير مناسبة فإن احتمالية وقوع الحرائق تزداد بالطبع، هذا ناهيك عن أن الشخص قد يموت في التو واللحظة إذا فكر مجرد التفكير في لمس الكهرباء الغير مُغلفة، وبالطبع تتضاعف الأضرار إذا كان الناتج النهائي هو حريق كهربائي، لذلك يجب التكثيف في النصائح والإرشادات المتعلقة بالكهرباء بكل تأكيد، هذا بخلاف الشيء البديهي المتعلق بإبعاد الأطفال كل البعد عن الكهرباء والعبث بها.
إهمال الصيانة الدورية
الكهرباء بالذات تحتاج دائمًا إلى عمليات صيانة دورية، فأعطال الكهرباء واردة الحدوث جدًا، لكن البعض يغفل ذلك ولا يفيق إلا على فاجعة كبيرة، ولذلك نلاحظ أن هيئة صيانة الكهرباء أكثر قوة وعددًا من هيئة التركيب والتشغيل، وهذا هو الطبيعي في كل مكان في العالم، فالكهرباء، وإن كانت نصرًا للبشرية وطاقة نور لها إلا أنها في نفس الوقت تظل أداة تهديد على استمرارها إذا لم تتم إدارتها وصيانتها بالصورة الصحيحة، والتي على رأسها العمل على تفادي الحرائق المحتملة الحدوث تحت أي ظرف.
تفادي الحرائق وأضرارها
تفادي الحرائق أمر ممكن جدًا، هذا بالتأكيد إذا كنا لا نتحدث عن الحرائق الطبيعية التي تتعرض لها الغابات، فتلك ظاهرة طبيعية لا دخل للإنسان فيها، لكن ما عدا ذلك من أنواع الحرائق فيمكن تفاديه من خلال الحرص والعناية الفائقين، وكذلك استخدام المعدات والأدوات الآمنة، والتي لا يمكن أن تكون مصدرًا لحريق أو على الأقل تُقلل من نسبة حدث ذلك، ولا ننسى أن ك شيء في النهاية يسير بالتأكيد بقضاء الله وقدره، مهما بلغت نسبة الحرص من الناس، فما هو مكتوب سيحدث مهما فعلت، كل ما علينا هو الأخذ بالأسباب.
أضف تعليق