يُعتبر الميكروفون أحد أهم الاختراعات في القرنين الماضيين، وذلك إذ لم يكن أهمها على الإطلاق، فهو الاختراع الوحيد الذي تمكن البشر من خلاله تحويل الموجات إلى نبضات كهربائية، وهي مهمة لم تكن سهلة على الإطلاق، لكن العالم الأمريكي جراهام بيل تمكن من فعلها عام 1876، فكانت بمثابة نقلة في علم الصوت، تمكنت من خلالها بعض الفئات من التعبير عن نفسها وإظهار قدراتها، وأبرزهم بالطبع المُغنيين والمُنشدين، لكن قبل أن نستدرك فوائد اختراع الميكروفون دعونا أولًا في السطور الآتية نتعرّف عليه وعلى طريقة عمله.
مراحل تطور اختراع الميكروفون وتسجيل الصوت
ما هو الميكروفون؟
الميكروفون، المصدح، المايك، كلها أسماء لجهاز يتولى عملية تحويل شيء هام جدًا في الهواء، وهو الصوت، إلى شيء أهم، الطاقة الكهربائية، وذلك من خلال الأسلاك العادية أو موجات الأثير، حتى تصل في النهاية إلى مكبر الصوت أو المستقبل أيًا كان، مما ينتج عنه هذا الصوت الذي نسمعه، وقد حدثت هذه العملية لأول مرة كما ذكرنا عام 1876، وذلك على يد مخترع وعالم أمريكي شهير معروف باسم جراهام بل، وللغرابة، كانت العملية مقصودة لمرة واحدة، إلا أنها بعد النجاح الذي حققته تكررت أكثر من مرة، حتى وصلنا في النهاية إلى اختراع الميكروفون بهيئته الموجودة حاليًا.
طريقة عمل الميكروفون
بكلمات بسيطة جدًا، يقوم عمل الميكروفون على عنصرين هامين للغاية، وهما الكهرباء والهواء، فهما تقريبًا أساس العملية برمتها، حيث يتحد العنصران معًا ويقومان بتضخيم الصوت والرفع من كفاءة الموجات، وذلك بهدف اكتساب إلكترونات جديدة، ولكي نقرّب الصورة أكثر دعونا نحكم على عمل الميكروفون حال انتفاء العنصرين السابقين، ولنبدأ مثلًا بالهواء، فلكم أن تتخيلوا أن الميكروفون يُستخدم في منطقة مُتذبذبة الهواء، يروح فيها ويجيء، هل من الممكن أن يبقى الميكروفون على حالته الطبيعية؟ بالطبع لا، بل سيُصدر أصوات أشبه بالحشرجة حتى يتوقف نهائيًا أو ينصلح حال الهواء.
أما بالنسبة للكهرباء فالأمر أشبه بالمنتهي، حيث أنه لا وجود أصلًا للميكروفون بدون الكهرباء، فهو بالأساس قائم على ربط مكبر الصوت مع الجهاز الذي يُبث فيه الصوت لإنتاج ترددات صوتية، وهي عملية كهربائية بحتة.
أهمية الميكروفون
لا شك أن السؤال عن أهمية اختراع عظيم مثل الميكروفون مجرد سؤال ساذج، لكن إجابة السؤال الساذج تكون ضرورية جدًا في بعض الأحيان، فالميكروفون ليس مجرد اختراع يُمكن من خلاله إيصال صوت الإنسان إلى عدد أكبر من الأشخاص فقط، بل هو أيضًا الملاذ الأول لعدة فئات مُختلفة بأشكالٍ مُختلفة.
لمزيد من التوضيح دعونا نتناول مثلًا الميكروفون بالنسبة للمسلمين، صلاة المُسلمين تحديدًا، ما الذي كان سيحدث لو لم يكن الميكروفون ركنًا أصيلًا في المساجد؟ هل كان صوت الآذان سيصل إلى كل هذا العدد، وإن كان، فالصلاة نفسها، هل كانت ستتم بدون الميكروفون في حالات التجمعات الكبيرة التي يستحيل معها الاعتماد على صوت الإمام وحده، وبالطبع هذا الأمر يندرج على كافة الديانات الأخرى، فروادها أيضًا لا ستطيعون الاستغناء عن الميكروفون مُطلقًا.
الميكروفون وموهبة الصوت
أهمية الميكروفون لا تتوقف عند ما سبق ذكره من أهمية دينية، بل هناك أيضًا أوقات الترفيه والغناء والإنشاد، وغيرها من الأوقات التي يحتاج فيها الموهوبون إلى أداة تُساعد على نقل صوتهم إلى أكبر عدد من البشر، والواقع أن الميكروفون هو الأداة الوحيدة القادرة على فعل ذلك الأمر، وهو كذلك ركن أساسي في المُسلسلات والأفلام والبرامج، فكل هذه أشياء تحتاج أيضًا إلى أداة تكبير للصوت، والتي لا تتواجد سوى في الميكروفونات، ولكي نختصر أهمية الميكروفون دعونا مثلًا نتخيل الحياة بدونه، وأن الزعماء والرؤساء يلقون خطبهم بصوتهم دونه، وأن المُعلقين الرياضين والمُغنين في الحفلات لا يستخدمونه، وأن المُصلين لا يسمعون الإمام بسبب عدم وجوده، تخيلوا ثم قرروا هل أهمية الميكروفون يمكن مقارنتها بأي شيء آخر أم لا، لكن، قبل ذلك، هل عرفتم كيف جاءت فكرة الميكروفون هذه؟
الميكروفون والهاتف
ربما لا يعرف البعض أن اختراع الميكروفون جاء في الأساس تطويرًا لاختراعٍ آخر وه الهاتف، سماعة الهاتف تحديدًا، فالعلماء عندما رأوا في الهاتف قدرة على إيصال الصوت لمسافات طويلة عبر الأسلاك فكروا في اختراع قادر على إيصال نفس الصوت لكن بدرجة نقاء وارتفاع أعلى.
والمعروف لدى الجميع أهمية الميكروفون تكمن في قدرته الفائقة على نقل الكلمة الواحدة إلى أكثر من شخص، وهو الشيء الذي لا يتمكن الهاتف من فعله، حيث أنه مُخصص فقط لنقل الكلمة إلى الأشخاص المعنيين، والذين بدورهم يملكون هاتفًا مُماثلًا، وهذا أيضًا أمر غير ضروري في الميكروفون، حيث أنه متاح لكل المُستمعين عبر الموجات التي يُرسلها للسماء ويتكفل الهواء بردها إلى الآذان.
أنواع الميكروفونات
يتميز الميكروفون بوجود أنواع كثيرة له، هذا بالرغم من كون كل الأنواع تؤدي نفس الوظيفة، إلا أنها تختلف في كيفية تأدية تلك الوظيفة، وذلك من حيث الجودة والسوء.
الميكروفون الشريطي
من أهم أنواع الميكروفونات الموجودة حاليًا وقد سُميّ بهذا الاسم نظرًا إلى طريقة تركيبه، والتي تأخذ الشكل الشريطي المُتعرّج، والذي يُصدر من خلال تعرجه هذا ذبذبات قادرة على اقتحام المجال المغناطيسي وإنتاج الصوت المطلوب.
الميكروفون الديناميكي
يُعد الميكروفون الديناميكي أهم أنواع الميكروفونات وأكثرها استخدامًا أيضًا، وهو كما يتضح من الاسم يعتمد على القوة الديناميكية، أي الحركية، حيث يستطيع من خلال تلك الحركات الوصول التقسيمة المطلوبة في الصوت، كما أن سعره المنخفض إلى حدٍ ما كان سببًا كبيرًا في انتشاره.
الميكروفون البلوري
يُعتبر الميكروفون البلوري أحد أقل أنوع الميكروفونات تواجدًا في السوق وبالتالي استخدامًا من قِبل المُستهلكين، وفي الحقيقة لا يُمكن اعتبار قلة استخدامه عيب كبير فيه بقدر ما هو عدم قدرة على الحصول عليه من الجميع، وذلك بسبب أسعاره المرتفعة بعض الشيء، وهو كما يتضح من الاسم يعتمد على البلور بشكل كامل.
الميكروفون السعوي
يعد الميكروفون السعوي أحد أعقد أنواع الميكروفونات من حيث الاستخدام والتركيب، فبالرغم من سعره المنخفض إلا أنه غير قابل للشراء من قِبل المُستهلكين بسبب حالة التعقيد التي يتميز به، وهو الأمر الغير موجود بالمرة في أكثر الميكروفونات استخدامًا، الميكروفون الديناميكي.
رجل يُشبه الميكروفون
في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدًا عام 1830، كان هناك رجل أربعيني يُدعى جورج، والواقع أن جورج هذا كان موهوبًا بموهبة غريبة للغاية، تتعلق بصوته لكنها ليست موهبة الصوت الحسن، بل الصوت العالي، حيث كان بإمكانه الوصول بصوته إلى درجة تفوق الميكروفون في بعض الأحيان.
انتشر أمر جورج، حتى أنه قد قيل من قبيل المبالغة كان يذهب إلى عمله الذي يبعد عن بيته مئات الأمتار ثم يتذكر مثلًا شيء قد نسي ذكره لزوجته، فتسمعه زوجته بالفعل، وبالطبع معها كل أهل المدينة، فقد كان مصدحًا بحق وليست مجرد مبالغة، والدليل على ذلك أن حاكم المدينة كان يستغل صوته في إعلان الأنباء والقرارات الهامة، وقد اتضحت أهميته الشديدة بعد موته، حتى أن البعض حاول تقليده لكن دون جدوى، فقد كان الأمر كما ذكرنا في بادئ الأمر موهبة، موهبة الصوت الذي يُشبه الميكروفون.
أضف تعليق