تُعتبر الطيور المتكلمة أحد أكثر الأشياء إبهارًا في هذا الكون، فإذا تناولنا مثلًا الأمور التي عجز الإنسان عن تفسيرها فسنجد أن تكلم بعض أنواع الطيور أحد أشهر هذه الأمور المُبهرة، والحقيقة أن الإنسان لم يُخفي أبدًا دهشته مع ظهور ذلك النوع المُحير من الطيور، بل إن الأكثر دهشة أن تكون الحيوانات القادرة على الكلام مقصورة فقط على الطيور، فهو أمر لم يستطع أحد تفسيره تفسيرًا منطقيًا حتى الآن، عمومًا، كما ذكرنا ثمة مجموعة من الطيور المُتكلمة موجودة معنا في هذا العالم، وسوف نقوم في السطور الآتية بذكر أهم هذه الطيور وأكثرها انتشارًا ومعرفة من الإنسان.
أنواع الطيور المتكلمة
هناك أكثر من معنى يُمكن أن يُفهم من الحديث عن أنواع الطيور المُتكلمة، فمثلًا عندما نقول إن الطيور المتكلمة تنقسم إلى أنواع كثيرة من حيث الأعداد والجينات والأشكال فسنجد أننا نتحدث عن عدد معين من الأنواع وأن محور حديثنا هو الطيور، لكن، إذا قلنا مثلًا أننا نقصد أنواع الطيور المتكلمة من حيث الكلام فإننا بذلك نتناول الشق الثاني من التعريف، وهو الكلام، فبالفعل تختلف الطيور المُتكلمة من حيث طريقة الكلام، فمنهم من يُردد بصوت آلي خلف الإنسان ومنهم من ينتقي الكلمات التي يُرددها ومنهم من يردد أصوات البشر فقط ومنهم من يردد كل الأصوات بلا استثناء، وسوف نتعرف على أبرز أنواع الطيور المتكلمة من حيث المعنيين المُرادين من الكلمة.
الأفريقي الرمادي، الطائر الذكي
يُعتبر طائر الأفريقي الرمادي أحد أبرز الطيور المتُكلمة، وهو كما يتضح من اسمه يتواجد بكثرة في قارة أفريقيا ويأخذ دائمًا اللون الرمادي، والحقيقة أن أهم ما يُميز الأفريقي الرمادي عن باقي الطيور المتكلمة هو ذكاؤه الشديد الذي يكاد يكون غير متماشي مع كونه الطائر الأصغر بين الطيور المُتكلمة.
يتعلم الأفريقي الرمادي الحديث وتقليد الأصوات منذ إتمامه لشهره الأول، وهو بالمناسبة لا يقوم بتقليد الأصوات البشرية فقط، وإنما أيضًا أصوات الجمادات، كما أن لديه قدرة على سماع جملة كاملة ثم إعادتها دون أن يُخطئ في صياغتها، وهي سمة لا تتوافر في طيور متكلمة أخرى كثيرة، وبالإضافة إلى كل ذلك فإن الميل إلى تربية الأفريقي الرمادي والاحتفاظ به من قِبل البشر أمر دارج جدًا ويكاد يقترب من حيوان يفوقه شهرة وانتشار، وهو الببغاء.
الببغاء، المُقلد الأشهر على الإطلاق
لا يُعتبر طائر الببغاء أحد أهم الطيور المتكلمة وحسب، بل إنه يُعتبر في نفس الوقت الطائر الأكثر شهرة وانتشارًا، بل إن ذكر الطيور المتكلمة دائمًا ما يكون مصحوبًا بذكر الببغاء، والحقيقة أن تلك الشهرة قد جاءت بسبب المهارات الكثيرة لهذا الطائر، والتي أهمها التقليد والتحدث للآخرين، كما أنه أحيانا قد يؤدي الجُمل المُقلدة بطريقة ساخرة تًضحك الآخرين، ومع شهرة الببغاء بشكلٍ عام إلا أن الأمر لا يخلو من وجود أنواع من هذا الطائر تحظى بنسبة انتشار أكبر من باقي الأنواع، تلك الأنواع التي يُطلق عليها أفضل أنواع الببغاء المُتكلم.
أفضل أنواع الببغاء المتكلم
هناك الكثير من الأنواع التي يشتمل عليها الببغاء المتكلم، والتي منها مثلًا الببغاء الهندي، وبالطبع نحن لسنا في حاجة إلى شرح أن الببغاء الهندي يتواجد بشكل كبير في الهند، لكن ما لا نعرفه عنه أنه يتميز عن باقي أنواع الطيور المتكلمة في أنه يؤدي مهام أخرى إضافة إلى مهمته الأساسية، وهي الكلام وتقليد الأصوات.
يمكن للببغاء الهندي القيام بمهام البيت، فهو يحمل الأشياء وينقلها من مكان إلى مكان، كما يُمكن الاعتماد عليه في رن الجرس وتشغيل المنبه وإيقاظ الآخرين، أما بالنسبة للكلام فهو قادر أيضًا على تقليد أصوات البشر والجمادات على حدٍ سواء، ولا يُحبذ ذلك النوع الصياح ورفع الصوت.
لماذا يتكلم الببغاء؟
بدايةً ثمة أمر يجب أن نتفق عليه جميعًا، وهو أن الببغاء، وبالرغم من اعتباره أحد أبرز الطيور المتكلمة، إلا أنه في الحقيقة لا يتكلم بالمعنى الدرج للكلام، وإنما فقط يقوم بتقليد أهم الأصوات التي يسمعها، ولكن، السؤال الآن، لماذا وكيف يتكلم الببغاء دونًا عن باقي الطيور؟
يتميز الببغاء بشكل عام بأنه طائر اجتماعي بصورة كبيرة، أي أنه لا يستطع الجلوس دون التحدث مع الآخرين، كما أن لغة التواصل الخاصة به في الأصل هي لغة الترديد، لذلك في كل بيئة يدخلها الببغاء يعتقد أنه كي يتواصل مع أهل هذه البيئة فعليه أن يقوم بترديد ما يسمعه منهم، ومن هنا يبدأ كل ما يفعله ذلك الطائر المُعجز عن دخوله عالم البشر، فهو، وعلى سبيل الرغبة في التودد والتواصل للبشر، يقوم بترديد كل ما يقولونه، فيظهر وكأنه أحد الطيور المتكلمة.
الرينجك الهندي، الطائر الذكي
من أشهر أنواع الطيور المتكلمة وأفضلها أيضًا ذلك الطائر الهندي الذي نُطلق عليه اسم الرينجك الهندي، فهذا الطائر يتميز بالذكاء الفطري الذي قد لا تراه متوفرًا في كل الطيور، فهو مثلًا قادر على مسايرة الكائنات من حوله وكسب ودها بسهولة، ولذلك أصبح صديقًا للبيئة ومن يعيشون بها، لكن، بالرغم من كونه طائر متكلم، إلا أنه يمتلك أكبر عيب يُمكن أن يُصاب به طائر من نوعه على الاطلاق، وهو أنه لا يُقلّد البشر.
مما لا شك فيه أن الرينجك الهندي يمتلك القدرة على التقليد، فهو عندما يسمع صوت ما يقوم بتقليده على الفور، لكن هذا الأمر يتعلق بأي كائن آخر بخلاف البشر، فعندما يسمعهم الرينجك يُكرر ما قوله دون النطق، وإنما يكتفي فقط بإخراج نغمة عصفوريه تحمل نفس الوزن والنغم، وهذا العيب بالطبع كان سببًا في أن يبتعد عن البشر ولا يُعامل معاملة الطائر الأشهر في هذا المجال، وهو الببغاء، لكن الرينجك ربما يمتلك بعد الميزات الأخرى، منها مثلا ألوانه الزاهية المختلفة.
آكلاكتس، الصغير الماهر
طائر آخر يمكن ضمه بجداره إلى قائمة الطيور المتكلمة، وهو طائر آكلاكتس الذي اكتسب شهرته بسبب لونه، فهو يمتلك لونين رئيسيين، هما الأحمر والأخضر، فالأحمر فهو لون الإناث الذي يأخذه جسدهم بأكمله، وأما الأخضر فهو لون الذكور الذي يولدون ويموتون به، والحقيقة أن آكلاكتس لا يقل قدرة على أي طائر آخر يقوم بنفس المهمة، فهو قادر على تقليد أي صوت يسمعه مع إمكانية مزجه بالموسيقى حسب اختياره، وأيضًا يستطيع آكلاكتس إتقان أكثر من لهجة والتغيير بينهم في آن واحدة، وهذه ربما ميزة لا تتمتع بها الكثير من أنواع الطيور الناطقة.
شيء آخر يمكن اعتباره ميزة كبيرة لطائر آكلاكتس، وهو أنه يبدأ التعود على التقليد والتكلم منذ سن صغير، ربما بعد شهر واحد من الولادة، وهذا ما يؤكد على أن النطق لديه موهبة فطرية وليس مجرد أمر قضى الكثير من الوقت في تعلّمه، لكن بالرغم من ذلك لا يحظى ذلك الطائر بشهرة عالية كما هو الحال مع طيور أخرى أقل في الإمكانيات.
الأمازوني ذو التاج الأصفر
هو نوع آخر من أنواع الطيور المتكلمة، وهو يتميز بالتأكيد بقدرته على تقليد أصوات أغلب الأشياء التي يسمعها، حتى أصوات البحار وأصوات الظواهر الطبيعية كالرعد والبرق والمطر وغيرها من الأصوات يستطيع الأمازوني تقليدها بسهولة، وهو في الحقيقة أمر لا يتوافر في العديد من الطيور التي تُصنف على أنها أفضل الطيور المتكلمة.
من ضمن الأشياء البارزة في حياة ذلك الطائر أيضًا أنك لا تستطيع التفريق بين الذكر والأنثى فيه، فهو مُتشابه تشابه مثير بحق، لكن، القريبين جدًا منه يستطيعون تفريقه من خلال القدرة على التقليد، فالذكر أكثر براعة من الأنثى التي تكتفي بالمقاربة من الصوت وليست استنساخه كما يفعل الذكر.
المانيا، عاشق اللعب
بالفعل أنتم تجيدون القراءة، فاسم الطائر الذي قرأتموه الآن هو المانيا، وهو لا يتعلق من قريب أو بعيد بدولة ألمانيا، بل إنه يعيش في الهند، والحقيقة أنه لا أحد يعرف حتى الآن سبب تسمية ذلك الحيوان بهذا الاسم، الشيء الوحيد المعروف أنه أحد أفضل أنواع الطيور المتكلمة، حيث يعيش في الهند، وتتواجد أعداد ليست بالقليلة منه بدولة الإمارات العربية، لذلك قد يطلق عليه البعض اسم الطائر العربي، فهو الطائر المُدلل لدى الأثرياء هناك.
لا يستطيع المانيا تقليد الأصوات التي يسمعها فحسب، بل إنه كذلك يمتلك قدرة كبيرة على الاستيعاب والإدراك، لذلك، ومع قليل من الوقت، يتحول ذلك الطائر إلى طفل صغير قادر على التعلم والتأثر بما يدور حوله، لكن الأعداد النادرة الموجودة منه في العالم عمومًا لم تُسهم في انتشاره بالشكل الكافي، لذلك لم ينل الشهرة التي يستحقها.
أزرق الوجهة، طائر القرن
إذا ما كنت تريد أن تجد لنفسك طائرًا يظل بجوارك طوال الوقت فإنك بالتأكيد تبحث عن أحد أفضل أنواع الطيور المتكلمة، وهو ذلك الطائر أزرق الوجهة، حيث أنه يعيش لأكثر من مئة عام، وهو ما يجعله يدخل بجدارة قائمة أكثر الحيوانات عمرًا، ومن قبيل المقارنة، هناك أنواع للطيور المتكلمة لا يزيد عمرها عن خمس سنوات، وبالطبع إذا تمت مساومتك على أحد الطائرين فسوف تختار الطائر الذي سيبقى معك حتى يومك الأخير في الحياة، إنه أزرق الوجهة ذو المئة عام بكل تأكيد، لكن، هل العمر هو كل ما يميز ذلك الطائر؟ بالتأكيد لا.
إضافةً إلى اللون الأزرق والعمر الطويل فإن طائر أزرق الوجهة يمتلك صبغة خاصة في تقليد الأصوات، يمكن القول إنها تُميزه عن باقي الطيور التي تعمل بنفس المجال، ولعل تخزين ما يسمعه من أصوات أمر آخر يمكن إضافته إلى أزرق الوجهة الذي تتواجد منه أعداد قليلة جدًا في مناطق متفرقة في أسيا.
تجارة الطيور المتكلمة
مع كثرة أنواع الطيور المتكلمة وتنوع قدراتها وخصائصها بات الطريق ممهدًا لاستغال ذلك الكنز الكبير من قِبل البشر، والحقيقة أن سعداء الحظ فقط هم من فطنوا إلى ذلك الأمر وشرعوا في المتاجرة ببعض الطيور من ذلك النوع، وعلى رأسهم بالتأكيد طائر الببغاء، والذي يكثر عليه الطلب وتتم المتاجرة به على أوسع نطاق، بينما تأتي بقية الأنواع في مراكز متفرقة بالتساوي في النسبة القليلة المتبقية، هذا ولا يخفى عليكم بالتأكيد أن بعض الدول تُجرّم تجارة الطيور المتكلمة وتعتبرها عبثًا بالطبيعة لا يُمكن السكوت عليه، لأن المتاجرة والبيع في مثابة الصيد والقتل، فكلاهما يحولا دون إنشاء أسرة جديدة أو بالمعنى الأبسط يسلبان الطائر حقه في التكاثر والإنجاب.
أضف تعليق