الصوت : كيف ينشأ الصوت وما هي طبيعته الفيزيائية ؟

يشكل الصوت أحد أهم جوانب الدراسات في الفيزياء وتطبيقاتها، لكن من أين يأتي وكيف نقدر على سماعه وهل نستطيع سماع كل درجات الأصوات؟ سنجيب عن تلك الأسئلة في الفقرات التالية وغيرها من المعلومات المتعلقة بالنطاق السمعي للحيوانات وأهم الأجهزة الصوتية، وكذلك سنتعرف إلى طريقة إصدار النغمات الموسيقية ومعلومات شيقة أخرى.

تعرف على كل ما يخص الصوت والأصوات

ما هو الصوت ؟

الأصوات هي عبارة عن موجة من الجزيئات التي تصنع التذبذبات أو الاهتزازات، يمكن أن تنتقل موجات الصوت وتنحني في الزوايا وغيرها من العوائق المادية التي تواجهها وتنعكس في العديد من الأشياء وهذا يشمل الماء، فعندما يتحرك الشيء يخلق ذبذبة، والذبذبة تحرك جزيئات الهواء من حولها، هذه الجزيئات المتحركة تهتز باستمرار مع بعضها البعض، وتستطيع الأذن أن تتعرف على ذبذبات الجزيئات باعتبارها صوت، والجزيئات التي تتحرك بسرعة عالية تخلق صوتًا عاليًا، والبطيئة تخلق صوتًا منخفضًا، وأمواج الأصوات تسمى أيضًا بأمواج الضغط لأنها تدفع الجزيئات التي تمر من خلالها.

كيف نسمع الأصوات؟

تستطيع الأذن البشرية التعرف على تردد الكثير من الأصوات، فداخل الأذن هناك عظام صغيرة وهناك طبلة الأذن، وعندما تدخل أمواج الأصوات إلى الجزء الداخلي من الأذن فإنها تبدأ بالاهتزاز وتصل إلى مكان مليء بالموائع يسمى بالقوقعة، ومن هنا تؤثر تلك الذبذبات في شعيرات متصلة بالأعصاب المسئولة عن حاسة السمع والتي تدعى بأعصاب القوقعة حيث تقوم الخلايا العصبية بنقل الاهتزازات إلى عقلنا الذي يتعرف عليها ويقدر على تمييز مختلف الأصوات وإدراك المعاني المختلفة لها. لكن الأذن ليست المستقبل الوحيد للأصوات بالنسبة للبشر والحيوانات، فيمكن أن تشعر أجزاء مختلفة من الجسم بالأصوات وذلك في الأصوات القوية مثل الرعد.

ما هو نطاق سماع الأصوات عند البشر والحيوانات؟

يستطيع البشر سماع الترددات ما بين 20 هرتز إلى 20,000 هرتز، لكن فعليًا فنحن نسمع بشكل واضح الترددات ما بين 1,000 هرتز حتى 5,000 هرتز، في حين أن بعض الحيوانات تسمع أكثر منا بمراحل لذا هي قادرة على سماع الكثير من الأصوات التي لا نلاحظ وجودها حتى، فعلى سبيل المثال تستطيع بعض أنواع الدلافين والخفافيش سماع الترددات حتى 100,000 هرتز وتقدر الدلافين على سماع أصوات على بعد 24 كم في عمق البحار، والكلاب أفضل من البشر كذلك في السماع، وتستطيع الأفيال أن تسمع ترددات منخفضة للغاية بسبب ضخامة أذنها والتي تتراوح بين 14 هرتز إلى 16 هرتز لذا فإننا في الغالب لا نسمع الأصوات التي يتواصلون بها مع بعضهم البعض، وبعض الحيتان تستطيع سماع أصوات دون سمعية قد تصل إلى 7 هرتز فقط وذلك في المياه، ومن الجدير بالذكر أن صوت الحوت يمكن أن ينتقل خلال مسافة تزيد عن 800 كم خلال مياه المحيط وذلك بسبب قوته وسهولة انتقال الصوت في المياه.

كيف تصدر آلات الموسيقى النغمات؟

عندما يضغط العازف على أوتار العود أو غيره من الآلات الوترية فإنه يختار جزء معين من الوتر ليقلل أو يزيد من طول الوتر وليصدر النغمات عبر ترددات مختلفة لإصدار النغمات المتناسقة، تقصير طول الوتر يعني أن الصوت سيكون أعلى وإطالته يعني أنه منخفض، كما أن هذا يعتمد أيضًا على سماكة الأوتار نفسها والتجويف الذي يوجد في الآلة وكذلك على أنواع الأوتار نفسها سواء كانت معدنية أو طبيعية، وفي آلات النفخ هناك قطعة خشبية تتحرك من خلالها الذبذبات لينتقل الصوت بالاعتماد على الضغط على الفتحات المختلفة لإصدار النغمات المتنوعة. وسحر تأثير النغمات الموسيقية على الإنسان هو شيء لم يستطع العلم تفسيره حتى الآن، بل أن الأمر امتد ليشمل الحيوانات حيث أجريت تجارب على تأثير الموسيقى على عدد مختلف منها مثل الأبقار التي أنتجت كميات أكبر من الحليب عند سماعها للموسيقى التي سببت في زيادة استرخاء جسمها بشكل مذهل.

هل شعرت بتلك الأصوات؟

لنجرب تجربة بسيطة، ضع يدك على حلقك وابدأ بإصدار همهمات متتالية، كل ما تشعر به الآن هو ذبذبة، فحبالك الصوتية تتحرك بسرعة كبيرة للأمام والخلف، والأصوات تشبه تلك الذبذبة عندما تتحرك خلال الأشياء، كما أن الخرخرة (صوت القطة) هو مثال جيد للطريقة التي تخرج بها الأصوات (وللعلم فإن القطة تستطيع إصدار تلك الأصوات وهي تقوم بالتنفس وإخراج الزفير في نفس الوقت).

سرعة الصوت

من المعروف أن الأصوات لا تنتقل في الفراغ بسبب عدم وجود وسيط تتداخل فيه كما تفعل في الوسائط الأخرى، وتختلف السرعة بشكل متباين بين الوسائط المختلفة، فهي تنتقل بالمعدل الأبطأ في الهواء الجاف حيث أن سرعتها 343 متر في الثانية، وهذا يعني أنها ستسافر مسافة ميل واحد (1.6 كيلومتر) في حوالي خمس ثوانٍ. تنتقل الأصوات في الماء بسرعة 1,482 متر في الثانية، وسرعتها القصوى هي في الحديد الصلب حيث تبلغ 4,512 متر في الثانية. وإذا كنت لا تعلم فإن سرعة الضوء أعلى بكثير جدًا من سرعة الأصوات، لذا فإننا نرى البرق أولاً ثم نسمع صوت الرعد.

الأصوات كسلاح في الحرب

يستخدم البشر كل الأشياء التي يمكنك تخيلها لتحويلها إلى أسلحة ولعل أغربها استخدامهم للصوت، حيث قامت الحكومة الأمريكية بتصنيع جهاز يدعى باختصار LRAD، وهو يبدو في شكله مثل كشافات الضوء وهو قادر على إصدار أصوات عالية بشكل مرعب تصل شدتها إلى 150 ديسيبل (بملاحظة أن درجة 85 ديسيبل قد تسبب تلف شبه كامل للأذن البشرية)، وأهم استخدامات الجهاز كان في تجنب سفن القراصنة الصوماليين حيث يتم إطلاق الأصوات العالية لضمان عدم وجود أي قراصنة في الطريق، لكن علينا ملاحظة أن هذا يتم على مسافة غير طويلة، فكلما طالت المسافة ستقل الشدة الصوتية إلى أن يصبح مجرد صوت عالي كبقية الأصوات غير المؤثرة على حاسة السمع، كما أنه يستخدم في بعض البلاد مثل أمريكا في تفريق المظاهرات والاحتجاجات ولكن بشدة أقل حيث يكون لمجرد إزعاج المتظاهرين فقط وإبعادهم عن المنشآت الحيوية.

استخدام الصوت في صناعة الليزر

من المعروف أن أشعة الليزر يتم صنعها عبر الضوء المنبعث من موجة طولية ضيقة جدًا، والضوء ينتشر في الفراغ على عكس الصوت الذي يحتاج إلى وسط للانتقال من خلاله، لذا فإنه تم استبعاد فكرة الاعتماد على الأصوات في تصنيع الليزر، لكن في سنة 2010 تمكن علماء يابانيون من تصنيع جهاز ليزر يعتمد على ذبذبات الأصوات التي تقدر بـ 170,000 هرتز، ومع هذا فإنها ليست بنفس كفاءة ليزر الضوء إلا أنها مفيدة في بعض العمليات الطبية الدقيقة، وربما يخبأ لنا المستقبل استخدامات أكثر للصوت في صناعة الأجهزة المختلفة.

معلومات شيقة عن الأصوات

• في الأفلام نجد أن لضربة السوط صوت مميز بالرغم من أنه مجرد مادة لا تصدر الأصوات، والسبب يعود إلى سرعة طرف السوط الذي يخرق سرعة الصوت.
• لا تقدر بعض الحيوانات على السمع عند ميلادها وقد تمتد الفترة لوقت طويل نسبيًا مثل صغير الدب القطبي الذي لا يسمع أية أصوات حتى بلوغه شهر كامل.
• الرياح نفسها لا تتسبب في إصدار أية أصوات إلا عند اصطدامها بأشياء مادية تتسبب في خلق الذبذبات.
• حاسة السمع للثعلب قوية للغاية لدرجة أنه قادر على سماع صوت الفئران على بعد 100 متر (330 قدم) بل ويستطيع سمع صوتها وهي تحفر تحت الأرض.