نعرف جميعًا المقولة الشائعة في الوسط الرياضي “الكرة للجماهير” وهي التي ظهرت في التشجيع الرياضي بالآونة الأخيرة، والسبب في ذلك هو منع بعض الدول لدخول الجماهير إلى المدرجات بشكل قطعي، وهذا ما يتم تطبيقه إلى الآن في دولة مصر بشمال إفريقيا فنحن نعلم أن الشمال الأفريقي يمتلك أقوى كرة قدم في الوطن العربي وقارة إفريقيا بأكملها، وبجانب هذه القوة نرى قوة أخرى في التعصب الجمهوري فهناك الكثير من الحوادث المؤلمة التي جرت فوق ملاعب هذه البلدان، فعلى سبيل المثال مصر قد حدثت بها واقعة بورسعيد عام 2012 والتي راح ضحيتها حوالي أربعة وسبعين قتيل وآلاف من المصابين، ثم تأتي بعدها حادثة ستاد الدفاع الجوي عام 2015 والتي راح ضحيتها أكثر من عشرين مشجع لنادي الزمالك ومئات من المصابين الآخرين، وبذلك تم منع دخول الجماهير إلى الملاعب ولم يحدث حتى يومنا هذا أي تغيير في ذلك القرار، ولذلك يتوجب على كل مشجع رياضي أن يتعلم أسس التشجيع وآدابه حتى نتلاشى مثل هذه الحوادث.
التشجيع الرياضي المثالي
تعد المثالية في التشجيع الرياضي من الأمور الهامة التي باتت بمثابة طور من أطوار التقدم الحضاري بين الأمم، فكلما كان التشجيع الرياضي أكثر مثالية كلما عرفت المجتمعات الأخرى أن هذه الدولة متحضرة وذات رقي عالي، فنحن نرى في الغالب الدول التي تنعدم فيها المثالية الرياضية هي دول من العالم الثالث التي تعاني من الاضمحلال والضعف في أغلب مجالات الحياة إن لم يكن كلها، ولذلك إذا أردت أي دولة أن تصل إلى حد المثالية في التشجيع الرياضي فعليها أن تتبع الأمور الآتية، أولًا البعد كل البعد عن الأشياء المخلة بالذوق العام وبالطبع الذوق العام معروف وأي أمر مسيء أو مخل بالنسبة له سيكون من السهل معرفته والقضاء عليه، ثانيًا تقبل الخسارة وعدم الاعتراض عليها بشكل غير لائق، فهناك الكثير من المشجعين الذين إن انهزم فريقهم قاموا بفعل الكثير من الأمور الغير لائقة وهذا أمر مرفوض بشكل قطعي.
ثالثًا وضع العنصرية والتعصب والتحيز جانبًا والتركيز في التشجيع الرياضي فقط وإذا خسر فريق ما فعليه ألا يصب غضبه على الفريق المنافس أو مشجعيه، بل يتوجب عليه أن يسعى للتحسين من نفسه قدر المستطاع والكرة سجال فوز وخسارة، وعلى الجمهور أن يتقبل هذا الأمر ويساعد فريقه في النهوض من تلك الأزمة حتى يعود إلى النصر، رابعًا أن يقوم الاتحاد المسئول عن كرة القدم أو وزارة الإعلام بمراقبة البرامج الخاصة بالرياضة، ثم منع أي برنامج يقوم ببث العصبية والخلاف بين الأندية حتى نقضي على الإعلام السيئ
آداب التشجيع الرياضي
نأتي هنا للحديث عن آداب التشجيع الرياضي وهي متشابه كثيرًا مع مثالية التشجيع الرياضي مع بعض الفروقات البسيطة، فمثلًا من آداب التشجيع أن نقوم باحترام كل عناصر الرياضة من لاعبين إلى مسئولي النادي ثم الحكام، فهناك الكثير من المشجعين الذين يقومون بسب وقذف رؤساء الأندية أو الحكام أو حتى اللاعبين لإخفاقهم في أمرًا ما، فإذا تعثر اللاعبين في المباراة ولم يستطيعوا حصد الانتصار يتم سبهم أو إلقاء عليهم الزجاجات المائية وما شابه من قبل المشجعين، وإذا أخفق الحكام في احتساب شيء للنادي أو على النادي يعاملون بالمثل مع اللاعبين، وهذا بالطبع مرفوض تمامًا فكلنا نخطئ وهذه طبيعة البشر التي يجب تقبلها، ومن آداب التشجيع الرياضي المحافظة على ستاد المباراة وعدم إلحاق الضرر بأي شيء يتواجد بداخله، سواء كراسي أو ممرات أو أبواب وما إلى ذلك، وأيضًا عدم استفزاز الخصم بالشتائم أو الجمل المخلة بالذوق العام والمتعارف عليه بين الناس.
وأيضًا لا ننسى ترك العصبية الشديدة في المباريات والتركيز في تشجيع النادي المفضل لدينا حتى نطبق التشجيع المثالي بجميع آدابه، وأخيرًا النظر إلى التشجيع الرياضي على أنه طور من أطوار الحضارة في البلاد، وبالتالي لابد من السعي دائمًا نحو تطوير وتنمية هذا الطور حتى يكون مثالًا مشرفًا لحضارة هذه البلاد، وإذا قمنا بالنظر إلى المجتمعات المتقدمة سنجد أن الرياضة والتشجيع فيها على أعلى مستوى ولا توجد به أية مشكلات أو صراعات بين جماهير أندية تلك الدولة، وهذا بالطبع هو المطلوب والواجب تنفيذه في جميع البلدان العربية.
المثالية في كأس العالم
من أكثر النماذج المشرفة في التشجيع الرياضي هو كأس العالم نسخة 2018 حيث ظهرت في هذا النسخة الكثير من الحب والمشاعر وعدم العنصرية بين جميع مشجعي المنتخبات، فقد رأينا صور حية للحب المتبادل بين جماهير منتخبين لم يروا بعضهم من قبل، فالبطولة بها منتخبات من قارة إفريقيا وآسيا وأوروبا والأمريكيتين والأوقيانوسيا، وقد رأينا صور ملتقطة لجماهير من عدة دول في وقت واحد وكلهم قد نحوا العنصرية جانبًا، حتى ظهر الكأس بصورة جميلة ومشرفة ولم تحدث به أي مشكلة قط، وهذا بالطبع ما نود رؤيته في جميع دول العالم بلا استثناء حيث أنه لابد من ظهور الحب بين الأندية وخاصة ذات البلد الواحد.
فهناك الكثير من المشاكل التي حدثت بين أندية من دولة واحدة مثل جمهور الأهلي والمصري البورسعيدي، وجمهور الأهلي والزمالك المصري، وجمهور الصفاقسي التونسي ونظيره الترجي التونسي، وجمهور وفاق سطيف الجزائري ونظيره شبيبة القبائل، وغيرها من المشاجرات والمشاكل بين أندية من دولة واحدة وعلى النقيض نرى جماهير من عدة دول مختلفة ومتباعدة تمامًا يظهرون كل الحب فيما بينهم بكأس العالم نسخة 2018، وهذا الأمر قد شاهدناه أيضًا في كأس العالم نسخة 2014 فالأمر ليس مقصورًا على نسخة معينة من البطولة، وغيرها من البطولات العالمية الأخرى التي ظهر فيها التشجيع الرياضي المثالي.
كيفية إظهار الدعم للنادي ؟
إذا كنت تشجع نادي معين وتريد أن تظهر له دعمك الكبير بكل مثالية مع التحلي بالآداب التي ذكرنها فعليك بإتباع الآتي، ستقوم بالهتاف له في المدرجات مع أخوتك المحبين للنادي ويجب أن يكون الهتاف خاص بالنادي ولا يسب جماهير الخصم، فيتوجب على جميع الجماهير أن تترك الهتافات التي تكون مؤذية لجماهير الخصم فهذا ليس من الأدب في شيء، بعد ذلك يتوجب على الجمهور ألا يشعل الشماريخ أو الدخان في الملعب لتفادي إصابة أي أحد مع الحفاظ على مستوى الرؤية لدى اللاعبين، فالصوت العالي يكفي لإيصال التشجيع إلى اللاعبين مع الشد من أزرهم في اللقاء، وأيضًا لا ننسى أن الهدف الأساسي من حضور اللقاء هو تشجيع نادينا المفضل حتى يتمكن من الفوز على الخصم، ولذلك يجب المساندة والتشجيع طوال اللقاء بهتافات تحث اللاعبين على ممارسة اللعب على أعلى مستوى، فالمساندة لها عامل كبير في حصد المكسب وبدونها ستقل معنويات الفريق كثيرًا.
وهنا يظهر دور مسئولي النادي في تسهيل عملية التشجيع الرياضي وراء النادي أينما ذهب، فبالطبع توجد بعض البطولات التي تقام خارج البلاد وبالتالي لابد من سفر الجمهور وراء اللاعبين حتى يكون التشجيع ملازمًا لهم في كل مكان، ولذا على المسئولين محاولة تقليل نفقة السفر بالدعم المادي قدر المستطاع حتى يسافر أكبر عدد من الجمهور وراء الفريق لمساندته وتحقيق المطلوب منه، وفي بعض الأحيان يكون السفر وراء النادي داخل نفس الدولة أمر شاق على بعض الجمهور مثل الجماهير المصرية أو الجزائرية، حيث أن الدولة مساحتها كبيرة بعض الشيء وقد تزداد تكلفة السفر من ولاية أو محافظة إلى أخرى، لذا لابد من توفير بعض الباصات لذلك الغرض مع تقليل سعر تذكرة اللقاء.
الكاتب: أحمد حمد
أضف تعليق