هل سمعت من قبل عن فيضانات التسونامي ؟البحار والمحيطات من أجمل الأماكن الموجودة على سطح كوكبنا بلا شك خاصةً أن هذا الكوكب يعرف بجمال التناغم بين زرقة المياه التي تكون أغلب محيطاته وخضرة اليابسة في منتصف تلك الزرقة، لكن المياه لها رهبة وغضبة المحيط وأنت في قلبه قد تصبح قاتلةً وفتاكة وتقضي عليك في لمح البصر، وبرغم تقدم علومنا وتكنولوجيتنا ووسائل البحث والرصد إلا أن المياه دائمًا ما ستشكل عالمًا آخر غامضًا على الإنسان رغم أنه كاد يكون على علمٍ بكل شيءٍ موجودٍ فيها، إلا أنه ما يزال في لحظات ضعفه يصبح عاجزًا تمام العجز عن مواجهة قوته وبطشه ويكون الغرق والضياع التام هما الخيار الوحيد أمامه.
بالطبع لسنا هنا في صدد الحديث عن ظواهر معينةٍ تختفي فيها سفنٌ كاملةٌ في المياه بدون أثر مثل مثلث برمودا مثلًا لكننا كبشرٍ ندرك جيدًا أن عاصفةً واحدةً أمام سفينةٍ وحيدةٍ عاجزةٍ ضعيفة قد تعني الاختفاء أيضًا، بعض الناس يرهبون المياه ويعانون من الفوبيا من الإبحار ولست ألومهم على ذلك، لكن تخيل أنك تفعل كل ما بوسعك للهرب من المياه ومصيرك الغامض فيها فتجد المياه جاءت إليك في بيتك؟ ظاهرة تسونامي من أكثر الكوارث الطبيعية تأثيرًا ورعبًا في تاريخ البشرية، وكثيرًا ما أغرقت حضاراتٍ ودول بل إن أطلانتس يقال في إحدى نظريات تفسير اختفائها أن تسونامي أصابها فأغرقها وأرقدها في قاع المحيط.
ظاهرة التسونامي من الألف إلى الياء
ما هي ظاهرة التسونامي
الظاهرة ببساطة تحدث في الدول المطلة على البحار أو المحيطات والجزر وأشباه الجزر عندما ترتفع الأمواج فيصل ذلك الارتفاع إلى عدة أمتارٍ قد تتجاوز الثلاثين مترًا ثم تبدأ بالزحف على اليابسة مبتلعةً كل ما تجده في طريقها من حيٍ وجماد، يبدو الأمر وكأن البحر غضب فجأة وقرر أن يترك حدوده ويقتطع من حق اليابسة، هناك علميًا العديد من الأسباب التي يحدث التسونامي على أثرها أشهرها الزلازل والبراكين التي تنفجر تحت سطح المياه فتسبب اضطراباتٍ فيها وتفسد تناغمها وتناسق أمواجها فتصبح أمواجًا هادرةً بهذا الشكل، من الممكن أن يحدث ذلك أيضًا بسبب الأعاصير أو سقوط النيازك في المياه أو يكون الأمر من عمل الإنسان عندما يتسبب بأسلحته المدمرة والمتفجرة في انهيارٍ في قاع البحر أو اضطرابٍ في موجه.
اليابان تروي تاريخها مع التسونامي
اليابان والقارة الآسيوية بشكلٍ عامٍ يعتبران من أكثر الأماكن المعرضة للتسونامي وقابلته خلال تاريخها، بل إن كلمة تسونامي كلمة يابانية الأصل تعني الموجة العالية أو الضخمة، هناك بلادٍ تتعرض للتسونامي كل فترةٍ وفترة وبلاد تكاد تكون لم تعرف معنى التسونامي قط برغم قربها من مسطحٍ مائيٍ كبير، يرجع ذلك إلى الطبيعة الموقعية والجغرافية لكل بلد مثل كون بعض البلاد معرضةً أكثر من غيرها للزلازل بسبب طبيعتها الأرضية أو كون بعض البلاد مهددةً بالانفجارات البركانية لأنها بالقرب من براكين نشطة، بالمثل تساهم الطبيعة الجغرافية والأرضية وحتى الجوية في التحكم في طبيعة المسطح المائي وتجعل بلادًا تعاني من ظواهر كالفيضانات و التسونامي أكثر من غيرها.
في اليابان وحدها رصدت أكثر من مائةٍ وتسعين حادثة تسونامي لكن الأشهر والأبرز منها كان تسونامي عام 2011 الذي ترك بصمةً عريضةً وأثرًا كبيرًا في تاريخ هذا البلد، بدأت الحادثة بعدة زلازل قوية ضربت المنطقة التي تقع فيها اليابان وكانت تلك الزلازل دمارًا وكارثةً طبيعيةً وحدها إلا أن قوتها لم تمر بسلامٍ وأثرت على المياه وبدأت الأمواج تهدر وترتفع وتزداد سرعتها وتصبح أقوى حتى أصبح الناس ذات صباحٍ فوجدوا بيوتهم وأرضهم وكل ما يحيط بهم يغرق تحت ضربات الموج العالي المتسارعة، فأدى إلي مقتل الكثيرين وهدم البيوت وتدمير الأراضي وأثر على الصناعات ولكن الأكثر ضررًا كان تأثيره على القنابل الهيدروجينية والتسبب في تدميرها وهو ما جعل مشكلة الإشعاع مشكلةً جديدة زادت على التسونامي والزلازل.
معلومات عن أمواج التسونامي
أكبر خاصيةٍ من خواص أمواج التسونامي أنها غير ظاهرة أي أنك إن نظرت إلى عمق المياه ستجد سطحه هادئًا في قلب المسطح المائي لكن قوة المياه تزداد كلما اقتربت من الشاطئ مع زيادة سرعتها ثم تبدأ ترتفع حتى تصل إلى اليابسة بأطوالٍ مرعبة، بل إن هناك طرفةً مرعبةً قليلًا تقول أن لو بعض الصيادين خرجوا من بيوتهم ودخلوا عمق المياه للصيد لن يشعروا بأي شيءٍ لكن عند عودتهم إلى اليابسة بعد الصيد سيشعرون بالصدمة من الدمار الذي خلفه التسونامي فيها، تكمن القوة التدميرية لتلك الأمواج في خاصيتين أو قوتين الأولى هي قوة هجوم الموجة العالية والسريعة فتدمر أي شيءٍ تضربه، والثانية هي قوة انسحاب الموجة من اليابسة وهي قوةٌ ساحقة من الصعب أن يصمد شيءٌ أمامها ويظل ثابتًا في مكانه دون أن يُسحب نحو الماء ويغرق في أعماق المحيط.
وسائل البلاد الدفاعية ضد خطر التسونامي
بلدٌ كاليابان قد تثير تعجبك من كثرة المصائب التاريخية التي تحيط بها سواءً الطبيعية أو التي تسبب فيها الإنسان لكنها برغم ذلك تكاد تكون أفضل دولةٍ وأكثر دولةٍ متقدمةٍ في كوكبنا بأكمله فكيف استطاعت الحفاظ على تقدمها والسير بخطواتٍ ثابتةٍ نحو الأمام رغم كل تلك الصعوبات التي واجهتها؟ من الصعب بشكلٍ عامٍ أن نتنبأ بالكوارث الطبيعية وبرغم ما وصلنا له من علمٍ وتقدم إلا أن الطبيعة تثبت لنا أنها الأقوى وأنها قادرةٌ على محونا ومحو علومنا وكل وسائلنا التكنولوجية في لمح البصر.
لكن العلماء لا يستسلمون لليأس ويحاولون بقدر الإمكان التنبؤ بالزلازل القادمة وقوتها ومدى تأثيرها على المسطحات المائية واحتمالية تحفيزها لكارثةٍ أخرى أم لا، وبجوار ذلك بدأ المهندسون في بناء جدرانٍ صلبةٍ وقوية بارتفاعات عدة أمتارٍ على حدود المناطق الساحلية بهدف أن تخفف تلك الجدران من أثر وقوة أمواج التسونامي وتحمي اليابسة والأراضي الواقعة خلفها من الدمار الشامل، وخلف تلك الجدران توجد قنوات تصريفٍ ضخمة تساهم بسرعة في التخلص من المياه التي تتجاوز الجدران وتعيدها إلى المحيط مرةً أخرى فتتجنب القوة الساحبة قدر الإمكان، لكنها برغم ذلك لم توقف التسونامي تمامًا ولم تتمكن من الحفاظ التام على الأرواح والممتلكات أمام تلك القوة الطبيعية.
التصرف لحظة وقوع التسونامي
أول شيءٍ وأكثر شيءٍ من البديهي أن يقوم الشخص به هو الانتقال إلى منطقةٍ مرتفعة كالجبال مثلًا ابتعادًا عن مسار الأمواج وأهدافها، ليس من الحكمة أن يحاول الناس الاحتماء ببيوتهم لأن قوة الأمواج ستهدم تلك البيوت على رؤوسهم وتسحبها بهم إلى أعماق المياه وغالبًا يكونون من المفقودين ولا يعرف أحدٌ ما حدث لهم بعد انتهاء الكارثة، وبالطبع يحاول العلماء قدر الإمكان وقدر المعلومات المتاحة لهم تحذير الناس من احتمالية حدوث التسونامي والزلازل وينصحونهم بالإخلاء والابتعاد عن منازلهم والأماكن المنخفضة.
يقال كذلك أن الحيوانات لها قدرة كبير على استشعار المصائب والكوارث الطبيعية وأنهم يستطيعون سماع أشياءٍ لا نسمعها والإحساس بقدوم الزلازل والأعاصير والتسونامي لذلك من الصعب أن تجد يومًا تنتظر كارثةً فيه والقطط والكلاب تجلس هادئةً كأي يومٍ عادي بل ستجدهم اختفوا عن الأنظار وابتعدوا قدر الإمكان عن الأماكن الخطيرة، لذلك فإن ملاحظة سلوك الحيوانات في تلك البلاد أمرٌ مفيدٌ بلا شك.
أضف تعليق