تسعة اولاد
الرئيسية » ظواهر طبيعية » الإعصار : من أين تأتي الأعاصير وهل يمكن التنبؤ بها من قبل؟

الإعصار : من أين تأتي الأعاصير وهل يمكن التنبؤ بها من قبل؟

الإعصار

لم تسبب كارثة طبيعية الرعب للإنسان مثل الإعصار ، هل هناك آلية محددة لتشكل الإعصار ؟ وهل من الممكن التنبؤ به قبل حدوثه؟ الإجابة سوف تعرفها هنا بالتفصيل.

ثعبانٌ ضخمٌ يتلوى ويدور حول نفسه بين السماء والأرض، هذا هو أبسط تشبيهٍ يمكنك أن تصف به الإعصار إن رأيته من بعيد غير أن الثعابين تلدغ وقد تسبب موت رجلٍ أو اثنين لكن الأعاصير تفتك بدولٍ بأكملها وتقتلع البيوت من أساساتها وتأتي على الأخضر واليابس فلا تبقي ولا تذر، إن كنا نحن أصحاب العلم والمعرفة والاكتشاف اليوم نعرف معنى الإعصار وحقيقته ما زلنا ننظر إليه نظرة رهبةٍ وخوفٍ وفزعٍ بتلك الطريقة فلك أن تتخيل كيف نظر له القدماء ومن آمنوا بغضب الآلهة وثورة الطبيعة على تدنيس البشر وغيرهم ممن لم يملكوا من علومنا ومعرفتنا النذر البسيط حتى.

يقال أن أكثر البلاد تعرضًا للأعاصير كانت الولايات المتحدة الأمريكية لكن ذلك لا ينفي حدوثها في عدة أماكن مختلفة من العالم وفي كل قاراته في عدة مواقيت ومناسباتٍ مختلفة، وبحسب الدراسات فالمكان الوحيد الذي لا تضربه الأعاصير أبدًا على كوكب الأرض هي القارة المتجمدة الجنوبية وكل ما سواها عانى في فترةٍ من فترات الزمن من إعصارٍ أو اثنين، لكن ما هو الإعصار في الحقيقة ومن أين يأتي وأين يذهب وما الذي يجعله مدمرًا فتاكًا حتى صرنا نضرب به المثل فنقول أن شيئًا أو شخصًا مدمرًا كالإعصار؟

طريقة تشكل الإعصار وكيفية التنبؤ بحدوثه

من أين يأتي الإعصار

لا يأتي الإعصار من مكانٍ معين فلا يوجد كهفٌ خفيٌ في ركنٍ من أركان الكوكب تتخفى فيه الأعاصير ثم يقرر أحدها أن يخرج ليضرب بلدةً أو مدينةً من المدن، تتكون الأعاصير في الأجواء العاصفة وأبسط تعريفٍ لها هو عمليةٌ عنيفة من تلاقي الهواء الساخن مع الهواء البارد وبسرعةٍ كبيرة يبدأ الهواء بالدوران في دوامةٍ تكبر وتكبر حتى تصبح عمودًا أو قمعًا كبيرًا يصل بين الأرض والسحاب بشكلٍ حقيقيٍ وليس مجرد تعبيرٍ مجازي.

يؤثر هذا التجمع الكبير والعاصف للهواء الذي يدور بسرعةٍ كبيرة على الضغط الجوي فيتسبب في انخفاضه وهي مشكلةٌ في حد ذاتها تزيد من قدرة الإعصار التدميرية، ومع كل تلك الظروف تبدأ قطرات المياه الموجودة في الجو في التكثف حتى تتكون سحابةٌ معتمة تحيط بالهواء وتأخذ بالدوران وبذلك يظهر شكل الإعصار الداكن الذي نراه، لكن بالرغم من ذلك فيجدر التنويه بأن الأعاصير ليست مرئيةً دائمًا وإنما توجد أعاصير غير مرئية لكنها تسبب ذات المشاكل والضرر على الأماكن التي تضربها، وقد تكون العاصفة أقوى من المعتاد فتسبب تكون أكثر من إعصارٍ في نفس الوقت.

بعض المعلومات عن الأعاصير

يختلف لون الإعصار حسب البيئة والمكان الذي ينشأ فيه فليست كل الأعاصير سوداء فاحمة ومن الممكن أن تجد أعاصيرًا شفافة أو زرقاء كزرقة السماء أو بيضاء كما في الأعاصير المائية، وكلما زادت نسبة التربة والكيانات الصلبة أصبح اللون داكنًا أكثر متخذًا كل درجات البني والرمادي وحتى الأحمر في الأماكن التي تكون رمالها حمراء اللون وفي الأماكن الثلجية ستشاهد الإعصار يدور حول نفسه بلونٍ أبيضٍ كبياض الثلج.

تصدر الأعاصير صوتًا مرعبًا فلو كانت العواصف وحدها تصدر أصواتًا تغنى بها الكتاب والأدباء في كتاباتهم عن رعبها وقدرتها على تثليج الدماء في عروقهم خوفًا وفزعًا، يُقال أن صوت الأعاصير هو مزيجٌ ما بين زئيرٍ وصفيرٍ ونواحٍ وعويلٍ وصراخ نتج عن سرعة الرياح واصطدامها بكل ما يحيط بها وانخفاض الضغط وكل تلك العوامل معًا استطاعت أن تجعل من الأعاصير أكثر من كارثةٍ بيئية، وإنما وحشًا فتاكًا يستيقظ في عيون من يشهدون يقظته ودماره.

لا تتكون الأعاصير في لحظةٍ واحدة يكون الجو رائقًا وفي اللحظة التالية نجد ذلك الثعبان الضخم أمامنا يقتلع كل شيءٍ في طريقه وإنما يحتاج الإعصار لمصدرٍ مستمرٍ من الهواء الدافئ الذي يغذيه ويزيد من حجمه ببطء حتى يتضخم بالشكل الذي نراه وتلك العملية تستغرق وقتًا قد يصل إلى ساعةٍ أو أكثر حتى يكون الإعصار ناضجًا وقادرًا على إحداث الدمار الشامل.

التنبؤ بحدوث الإعصار

باعتبار الأعاصير كارثةً طبيعية فكغيرها من الكوارث من الصعب التنبؤ بها قبل حدوثها بوقتٍ طويلٍ والاستعداد لها، بل إن البعض مقتنعٌ بأن الوسيلة الوحيدة للتأكد من حدوث الإعصار هو رؤيته أمامك لكن الوقت يكون متأخرًا جدًا بالتأكيد، لا يمنع ذلك وجود بعض الرادارات وأجهزة الرصد الحديثة التي تحاول التنبؤ بالتغيرات في الطقس وبأن عاصفةً قادمة لكن هناك شيئان ثابتان وهما أنك لا تستطيع التأكد إن كانت العاصفة ستسبب الأعاصير، والثاني أنك لست قادرًا على التنبؤ بالعاصفة قبلها بوقتٍ طويلٍ وشكلٍ مؤكد يساعد الناس على اتخاذ احتياطاتهم الواجب واتقاء الشر والدمار الذي سيجلبه عليهم ذلك الإعصار.

في بعض المناطق الشهيرة بحدوث الأعاصير بشكلٍ دوريٍ كالولايات المتحدة الأمريكية يستخدم علماء الأرصاد أجهزةً خاصةً بالأعاصير تحاول التنبؤ بها عن طريق مراقبة حركة الرياح واتجاهها وسرعتها وتكون قادرةً على رصد أي تغيرٍ في اتجاهها أو تولد دورانٍ في الهواء يعني بداية حدوث إعصارٍ وشيك وهو يترك لهم أقل من ساعة وأحيانًا أقل من دقائق للإعلان عن الإعصار وفي أحيانٍ كثيرة يكون الإعصار سريع الحدوث لدرجة أن الرادار لا يستطيع رصد بدايته ويحدث الإعصار قبل أن ينتهي الرادار من بحثه.

بعض الأشياء كذلك تؤثر على جودة تلك الرادارات مثل الأمطار والبرق والرعد والعواصف الهائجة وتجعل مهمته في رصد الإعصار أكثر صعوبة، توجد كذلك مجموعةٌ مدربةٌ من الناس يُعرفون براصدي العواصف يحصلون على تدريبٍ في استخدام الأجهزة والرادارات وتدريباتٍ أخرى في استخدام حواسهم وحدسهم للتنبؤ بحدوث العواصف والأعاصير، مثل علاماتٍ في السماء تغير صوت الرياح

التصرف في وقت الإعصار

لا يقتصر الأمر على الأعاصير وحدها وإنما تشمل تصرفات الأمن والسلامة هذه حالات العواصف كذلك والظروف الجوية العنيفة أو الخطيرة، أول ما يجب القيام به هو الابتعاد عن الأماكن المرتفعة والمفتوحة والخروج من السيارات وأي مكان ضعيف وغير مهيأ للصمود في وجه العاصفة، فبحسب الدراسات فإن أكثر الأماكن أمنًا من الأعاصير والعواصف هي الموجودة تحت الأرض وتزيد من معدل نجاة الناس، وبشكلٍ عامٍ كلما انخفض ارتفاع المكان الذي تتواجد فيه كلما كان أفضل لك.

في البلاد التي تكثر فيها الأعاصير هناك دائمًا العديد من الأمكنة المنخفضة والمخابئ تحت الأرض وكل بيتٍ يملك قبوًا منخفضًا من الممكن استخدامه في تلك الحالات، كما أن لديهم أجهزة إنذارٍ تكون متوافرةً للجميع وفي كل الأماكن من أجل إنذار الناس وتنبيههم عندما تبدأ العواصف أو تبدأ بوادر الإعصار في التكون والظهور.

هناك بعض الخرافات التي تداولها البعض في تلك البلاد عن العواصف والأعاصير والتصرف وقتها مثل خرافة أن عليك فتح نوافذ البيت وقت الإعصار حتى لا يتسبب الاختلاف في الضغط الجوي في انفجاره! ولا أساس لذلك من الصحة ففتح النوافذ سيجعل العاصفة تدخل البيت وتعصف به وتصبح كأنك تجلس في الشارع كما أن الإعصار لو ضرب البيت فهو قادرٌ على تدميره سواءً بنوافذ مغلقةٍ أو مفتوحة.

ما زال العلماء حتى اليوم يحاولون إيجاد الوسائل المناسبة للتنبؤ بحدوث الأعاصير وقدومها والحد من تأثيرها ودمارها وإنقاذ أرواح الجميع منها لكن الأمر أصعب مما يبدو عليه والطقس بالذات دائمًا ما كان من الأشياء التي ضاع الإنسان في طريقه للإحاطة بها وتوقعها.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

11 − 6 =