تسعة اولاد
الرئيسية » حقائق » الألعاب الأولمبية : كيف نشأت ولماذا تعد الحدث الرياضي الأهم؟

الألعاب الأولمبية : كيف نشأت ولماذا تعد الحدث الرياضي الأهم؟

الألعاب الأولمبية

الألعاب الأولمبية حدث رياضي هام يُقام كل فترة من الوقت، أصبحت تصل الآن إلى أربع سنوات، كما أنها تحظى بتغطية إعلامية كبيرة.

مما لا شك فيه أن الألعاب الأولمبية تُعتبر أهم حدث رياضي على مستوى العالم، ونحن هنا نقول حدث رياضي وليس حدث كروي كي يتم مقارنتها بكأس العالم أو أي مسابقات أخرى، فأفضلية الألعاب الأولمبية تأتي من كونها تختص بأغلب الألعاب الرياضية الموجودة في العالم، فكرة القدم قد تكون ذات شعبية عالمية، لكن ثمة ألعاب أخرى ذات شعبية أكبر في دولة من الدول، ومثال على ذلك كرة السلة في الولايات المتحدة الأمريكية ولعبة الهوكي في الهند، ولذلك فإن الألعاب الأولمبية قد جاءت لتجمع شمل كل هؤلاء في حدث رياضي هام قلنا أنه لا يتكرر سوى كل أربع سنوات، وهو سبب آخر يجعل الناس في انتظاره على أحر من الجمر، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على الألعاب الأولمبية وكيفية نشأتها ولماذا يا تُرى يتم اعتبارها الحدث الرياضي الأبرز والأهم في العالم بأكمله.

فكرة الألعاب الأولمبية

عرف العالم الرياضة منذ وقت طويل، ولن نبالغ إذا قلنا أن الإنسان الأول قد مارس كذلك الرياضة، فحتى إن اختلفت الألعاب ومستوى لعبها فإنها في النهاية تظل رياضة، ويظل الهدف من هذه الرياضة ثابتًا في النهاية، وهو إفادة الجسم وخلق نوع من أنواع التنافس المحمود الذي يؤتي ثماره الإيجابية بكل تأكيد، لكن، مع تقدم الوقت وكثرة البشر وكثرة ألعابهم كذلك كانت هناك حاجة ماسة إلى تنظيم العملية أكثر كي تعم الاستفادة على الجميع، الرياضيين والذين يُحبون الرياضة كذلك ويكتفون فقط بمشاهدتها، ومن هنا كانت فكرة الألعاب الأولمبية.

الألعاب التي تُقام في الدورات الأولمبية ليست مجرد ألعاب تنشيطية تنافسية، بل هي كذلك باب من أبواب الجوائز والأموال، حيث يحصل الفائزين على جوائز كبرى وتقدير كبير من الناس، كما أنهم يحظون بالشهرة نتيجة لمشاركتهم في تلك الألعاب، والتي أصبحت الآن تُتابع من قبل ملايين الملايين على مستوى العالم، وأيضًا أصبحت الجوائز المقدمة فيها كبيرة جدًا ومُقدرة لمجهودات اللاعب، لكن، قبل أن نعرف ما الذي يحدث في تلك الألعاب الآن دعونا نرجع بالزمن قليلًا إلى الوراء، حيث نشأة الألعاب الأولمبية وانتشارها.

نشأة الألعاب الأولمبية

مع أن الألعاب الأولمبية التي نراها الآن قد بدأت قبل حوالي قرن واحد، وتحديدًا في عام 1896، إلا أن تاريخ تلك الألعاب ربما سيتسبب في دهشة بعضكم وحيرته، فتلك الألعاب في الأصل قد نشأت، وبنفس المسمى، قبل حوالي ثلاثة آلاف عام، وتحديدًا قبل سبعمائة سنة من الميلاد، ولكم أن تتخيلوا أنها أيضًا كانت تحمل اسم الألعاب الأولمبية نظرًا لأن المدينة الإغريقية التي كانت تُقام فيها تلك الألعاب كانت تُسمى مدينة أولمبية، وهي مدينة يونانية تم تأسيس الألعاب بها تخليدًا للإله زيوس، على كلٍ، انطلقت الألعاب تحت رعاية الإمبراطور وشهدت حفاوة ومتابعة كبيرة من الشعب الإغريقي.

بعد حوالي ألف عام من نشأة اللعبة في بلاد الإغريق جاء أحد أباطرة اليونان وقام بإلغائها، وذلك بحجة أن البلاد في حالة حرب ولا تسمح حالتها بمثل هذه الألعاب، وذلك على الرغم من أن شهرة الألعاب في هذا الوقت كانت قد تخطت كل الحدود، وقد شهدت كذلك مشاركات خارجية من حضارات أخرى، وكانت هذه المرة هي الأولى التي تكون الرياضة فيها سببًا مباشرًا في التقاء الحضارات، لكن قرر الإمبراطور كان نافذًا، وأُلغيت فعلًا الألعاب ولم تعد إلا في عام 1896.

الألعاب الأولمبية حديثًا

كما ذكرنا، انقطعت الألعاب الأولمبية الإغريقية القديمة بعد حوالي ألف عام من بدايتها، وقد كان ذلك كما ذكرنا بأمر من الإمبراطور، والغريب أنه بعد رحيل ذلك الإمبراطور لم يُفكر أي شخص في إعادة الألعاب من جديد، وذلك على الرغم من كونها تحظى بشعبية كبيرة، على كلٍ، استمر ذلك التغافل لأكثر من ثلاثة آلاف عام، كان الأمر غريبًا بحق، لكن ما هو أغرب أن من أعاد تلك الألعاب إلى الساحة من جديد كان أحد الفرنسيين، والذي فكر في ذلك عام 1892.

في عام 1892 كان ثمة صحفي فرنسي يُدعى باسكال يُفكر في الكيفية التي يُمكن من خلالها استغلال الناشئ الفرنسي أفضل استغلال ممكن، وقد اقترح لذلك القيام بإعادة تأهيل الناشئ من خلال إقامة ألعاب فرنسية أولمبية، لكن الحكومة كانت ترنو إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث رأت فرنسا أن الفرصة سانحة لإقامة تحالف رياضي دولي يجمع العالم بأكمله، وفعلًا كانت الألعاب الأولمبية حاضرة، أو منبعثة من جديد بالمعنى الدقيق.

عودة الألعاب الأولمبية

شهد عام 1896 إعادة واحدة من أشهر التقاليد القديمة التي شهدها العالم الأول، وهو الألعاب الأولمبية، وقد كان المسئولين في البداية يبحثون عن البلد التي تستحق ذلك الشرف، فلم يجدوا أجدر من اليونان بذلك الأمر، وذلك لأنها ببساطة هي منبع اللعبة في الأساس، فاليونان كما نعرف تُعد النسخة الحديثة من الحضارة الإغريقية، وبالفعل، في عام 1896 إعادة ذلك الحدث التاريخي من جديد في أثينا، عاصمة اليونان، وسط واحدة من أشهر الاحتفالات التي شهدها العالم في تاريخه، وكانت في ذلك الوقت الجوائز عبارة عن ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية فقط، لكن الآن أصبحت تلك الجوائز تُضاف إلى الجوائز المادية الكبيرة جدًا، كما أن نظام الاشتراك بدأ يتغير، وبدأت بعض الألعاب، الغير موجودة من قبل، تُضاف إلى الألعاب الأولمبية وتُشارك في الأولمبياد التي تُقام كل أربع سنوات.

شعار الألعاب الأولمبية

ظهر شعار الألعاب الأولمبية بشكله الموجود عليه الآن في عام 1912، وهو شكل لخمس حلقات تحمل خمس ألوان مُختلفة وتلتف حول بعضها البعض في صورة مثيرة، وطبعًا لا تزال هذه الصورة هي الشعار الرسمي للألعاب الأولمبية حتى الآن، والغريب أن من رسمها هو الصحفي الفرنسي الذي فكر أصلًا في إعادة الألعاب الأولمبية إلى الحياة من جديد، وهذا ما جعل البعض يتحركون للبحث عن السر خلف تلك الحلقات وهل هي ترمز لشيء أم أنها مجرد شكل جاء في ذهن الصحفي الفرنسي فقام بنشره ليُصبح فيما بعد شعارًا رسميًا للمسابقة!

في الحقيقة الشعار لم يكن شعار عادي، بل إنه كان يرمز إلى الوحدة التي قامت الألعاب في الأصل من أجلها، وتحديدًا الوحدة بين الشعوب، حيث ذكر الصحفي الفرنسي أن كل لون لدائرة من الدوائر الخمسة يُشير إلى قارة أو حضارة، فمثلًا اللون الأصفر يُشير إلى قارة أسيا والأحمر يُشير إلى قارة أمريكا والأسود يُشير إلى قارة أوروبا، وهكذا في باقي الألوان، كل لون له دلالته وأهدافه التي لا تزال الألعاب الأولمبية تسعى لأن تُحافظ عليها، وهي الوحدة والاتحاد في المقام الأول.

لماذا تُعتبر الألعاب الأولمبية حدث رياضي هام؟

ذكرنا في البداية أن الألعاب الأولمبية تفوق شهرة بطولات يتوقع الجماهير الرياضية أنها الأشهر على الإطلاق، وذلك مثل بطولة كأس العالم مثلًا، والتي تُقام كذلك كل أربع سنوات، لكن ما يجعل الأولمبية أشهر من كل ذلك هو كونها تجمع كل أطياف العالم، فلكي تشارك في الألعاب الأولمبية كل ما عليك أن تكون ضمن الاتحاد التابع لك في بلدك، والذي بدوره سيؤهلك للمشاركة في المسابقة النهائية، وطبعًا ليس هناك عدد معين للمشاركين في هذه الألعاب، في حين أن كأس العالم لكرة القدم يشغل الذين يُشاركون في هذا الحدث، والذين يكونون قلائل ويصعدون بعض تصفيات، وبعض الجماهير التي تُشجع كرة القدم، وهذا بالطبع يُقلل من القاعدة الجماهيرية لكأس العالم ويرجح كفة الألعاب الأولمبية.

أيضًا من ضمن الأسباب التي تجعل تلك الألعاب حدث رياضي هام لا يختلف عليه أحد هو كونها تشمل الكثير من المجالات والعديد من الألعاب المختلفة في الشكل وطبيعة التنافس، وهذا يضمن لها عدم ترك أي جمهور في العالم دون أن يكون له في تلك الألعاب لعبة تُمثله ويُفضلها، وما يؤكد ذلك أن الاتحاد المسئول عن الأولمبياد يحاول في كل دورة إضافة بعض الألعاب التي تتغطى جماهيريتها وتتماشى قبل كل شيء مع المعايير الخاصة للأولمبياد، بمعنى أدق، تكتسب المسابقة في كل دورة أرضية جديدة.

أشهر الألعاب الأولمبية

كما ذكرنا، كانت الألعاب الأولمبية، ولا تزال، أحد أشهر المسابقات الموجودة في العالم، لكننا عندما نذكر اللفظ كاملًا يتوهم البعض أننا نتحدث عن كيان كامل اسمه الألعاب الأولمبية لا تتواجد فيه الكثير من الألعاب التي ربما يعرفها الجميع لكن لا يعرف أنها موجودة ضمن الألعاب الأولمبية، ولتكن البداية مثلًا مع ألعاب القوى.

ألعاب القوى، أشهر المجالات

أشهر المجالات في الألعاب الأولمبية وأكثر استمرارًا منذ بداية اللعبة وحتى الآن مجال ألعاب القوى، والذي تكون رياضة العدو الرياضة الأكثر انتشارًا، وهناك كذلك القفز والتزحلق، والحقيقة أن ألعاب القوة كانت موجودة بصورة بدائية في أول ألعاب أولمبية أقيمت في التاريخ بأكمله.

المصارعة، رياضة الأبطال

أيضًا ثمة وجود قوي وبارز للألعاب التي تعني بالمصارعة، وخاصةً تلك المصارعة الرومانية، ولابد أنكم قد ربطتم الآن بين المصارعة وكون الحضارة الرومانية وأثينا هي مهدها، فقد كان ذلك النوع من المصارعة موجود كذلك مع بداية الأولمبياد، لكنها كانت بلا قوانين مثلما هو موجود الآن، بل كانت أكثر همجية وشراسة.

الفروسية، رياضة الفرسان

بالتأكيد لم تكن الألعاب الأولمبية لتقام دون أن تكون رياضة مثل الفروسية لها تواجد كبير ومؤثر بها، فقد كان الفرسان في الأصل هم قوام الألعاب قديمًا، وربما سيدهشكم أن نقول بأن أغلب الذين يستخدمون الفروسية الآن يفعلون ذلك فقط من أجل المشاركة في تلك الألعاب في الدورات القادمة، حيث أن الناس في العادي لم يعودوا في حاجة للأحصنة.

السباحة، رياضة البحارة

رياضة أخرى كانت ولا تزال حاضرة بقوة في الألعاب الأولمبية، وهي رياضة السباحة، فربما يعتقد البعض أن السباحة هواية أو نوع من أنواع المتع، لكنها في الحقيقة تعتبر رياضة تقوم بنفس المهام التي تقوم بها الرياضات الأخرى كالجري والمصارعة الرومانية، وطبعًا كان البحارة قديمًا هم أكثر من يُمارسونها.

رياضات أخرى

بالتأكيد ليست هذه الرياضات فقط هي التي تتواجد في الألعاب الأولمبية، بل ثمة العديد من الألعاب الأخرى التي لم تكن موجودة قديمًا وتم الاستعانة بها في الزمن الحالي لكونها تحظى بجماهيرية كبيرة، ومن أمثلة ذلك مثلًا رياضة كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد، فكل الرياضات التي تكون الكرة عنصرًا فيها لم تكن موجودة من قبل ولم تُلعب في النسخ القديمة من الألعاب الأولمبية، لكنها دخلت في النسخ الجديدة بسبب حب الناس لها.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ستة عشر − خمسة =