حاز التمثال الهندي الجديد على لقب أطول تمثال بالعالم متغلبًا على جميع التماثيل شاهقة الارتفاع المصنوعة لأشخاص كتكريم حول العالم، أيضًا روعة هذا التمثال لا تَكمن فقط في طوله أو حرفية عمله، بل في القصة التي يحكي عنها، قصة البطل القومي الذي كافح من أجل توحيد الهند، عن طريق توحيد 500 إمارة متفرقة، البطل الهندي الشعبي “فالابهاي باتيل”، وسيتم التعرف في هذا المقال على قصة هذا التمثال وتكلفته الضخمة وعن الشخص صاحب التمثال والقصة الكاملة التي جعلته يصل إلى هذه المكانة الشعبية في الهند.
طول وتكلفة أطول تمثال بالعالم
يبلغ ارتفاع أطول تمثال في العالم، 182 متر متغلبًا بذلك على تمثال بوذا المسمى باسم “معبد الربيع” بالصين، والذي يبلغ 128 متر، أي متغلبًا عليه ب30 متر، ويقع هذا التمثال الشاهق في ولاية “غوجاراط” والتي تقع شمال غرب الهند، على ضفة نهر نارمادا، وبلغت تكلفة صنع هذا التمثال حوالي 430 مليون دولار أمريكي، وتم إطلاق اسم تمثال الوحدة عليه، صمم التمثال من الخرسانة التي تغطيها طبقات من الحديد والربونز، وهو بذلك يبلغ ضعف حجم تمثال الحرية الشهير الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية، ويمكن للسياح زيارة هذا التمثال لرؤيته، والدخول فيه، حيث توجد بداخله صالة تسع إلى 200 شخص، يمكن من خلالها رؤية المنطقة الحديقة، والمناطق القريبة منه.
سبب إنشاء تمثال الوحدة
تحتفل الهند سنويًا بذكرى ميلاد ساردار فالابهاي باتيل، البطل الهندي، والمعروف باسم الرجل الحديدي في الهند، وفي هذا العام كانت الذكرى الثانية والأربعين بعد المائة، فقامت الهند بالاحتفال بمناسبة هذه الذكرى بطريقة مميزة جدًا خلدت اسم هذا البطل في كل العالم، كما أنه قد شارك مئات المهندسين وآلاف العمال في بناء هذا التمثال لمدة خمس سنوات متواصلة.
ساردار فالابهاي باتيل صاحب أطول تمثال بالعالم
كان ساردار فالابهاي باتيل رجل محامي وسياسي واقتصادي محنك، ومن أهم زعماء حزب المؤتمر الوطني الهندي، ويعتبر واحد من أهم المؤسسين لدولة الهند المعروفة حاليًا، حيث لعب دورًا محوريًا في كفاح الهند من أجل الاستقلال ومن ثم دمج الولايات المتصارعة في بلد موحد، كما لقب ب “سمارك”، وكذلك ب “الرجل الحديدي”، وعرفه العالم باسم “ساردار” والتي تعني باللغة الهندية “رئيس”، ومن خلال النقاط التالية يمكن تتبع قصة حياة هذا الرجل بشكل موجز.
نشأة البطل القومي.
31 أكتوبر عام 1875 هو تاريخ ميلاد صاحب أطول تمثال بالعالم ، ولد ساردار في ولاية غوجاراط بمنطقة ريفية، وكان يتحدث اللغة الكافجراتية، وهي اللغة المحلية في هذه الولاية، ثم كبر ليصبح محاميًا ناجحًا، وكان منجذبًا جدًا لفلسفة “الماهتما غاندي”، وانشغل في تحقيق هذه الأفكار على النطاق الاجتماعي والسياسي، حيث قام هو وبعض أصدقائه في الولاية بعصيان مدني سلمي، ضد الحكم البريطاني وسياساته القمعية التي كانوا يمارسونها في هذا الوقت على الشعب الهندي، ليُصبح فيما بعد واحدًا من أهم زعماء غوجاراط، ليتولى قيادة حزب المؤتمر الوطني الهندي، وكان دائمًا في مقدمة الأحداث السياسية، الثورات التي يقوم بها الحزب ضد الحكم البريطاني، وكان من أهم المؤسسين لحركة “الإنهاء الهندي”، وشارك في الانتخابات عام 1934 و1973 .
أول وزير للشئون الداخلية
عمل صاحب أطول تمثال بالعالم كوزير للشئون الداخلية في الهند، ثم نائب رئيس وزراء الهند، ومن منصبه قام بنشر السلام في أنحاء الهند عن طريق قراراته القيمة، وأغاث اللاجئين في دلهي والبنجاب، حيث أخذ على عاتقه توحيد أكثر من 500 ولاية في الهند بعد التخلص من الاستعمار البريطاني الذي كان يستغل سواحل وطرق الهند اقتصاديًا ، والتي كانت عبارة عن ولايات مستقلة وذاتية الحكم، نتيجة ما تم إصداره في قانون الاستقلال الهندي لعام 1947، وبقيادته الحكيمة للقوى العسكرية الهندية، ومع الدبلوماسية الصريحة التي تمتع بها، نجح ساردار في إقناع كل الولايات المتفرقة للانضمام إلى دولة هندية موحدة بدون صراعات داخلية، ولذلك تم إعطاءه لقب الرجل الحديدي في البلاد، كما عُرف أيضًا بالنصير، لأنه كان نصير جميع موظفي الخدمة المدنية في الهند، وهو من أنشأ الكثير من الخدمات العامة في الهند، كما كان مناصرًا لإنشاء المؤسسات الحرة، والحفاظ على حقوق الملكية في الهند.
وفاة فالابهاي باتيل
توفى صاحب أطول تمثال بالعالم يوم 15 ديسمبر 1950 عن عمر يناهز 75 عام نتيجة نوبة قلبية غير متوقعة، وتم دفنه في مومباي، وتكريمًا له تحتفل الهند بذكرى ميلاده بشكل سنوي، كما أنه حاز على جائزة “بهارات رانتا” وهي جائزة مدنية هندية، تُمنح لمن تَعترف له الدولة بالخدمة الفائقة والامتنان على الجهد المبذول من أجل الوطن.
لا يُعد فالابهاي باتيل فقط هو صاحب أطول تمثال في العالم فقط، بل هو أيضًا رمز شعبي مَهيب في الهند، والتي تُعتبر واحدة من أكبر اقتصادات الدول في العالم، بجانب الكثافة السكانية التي تمثل مليار وأكثر من البشر، كل هذا كان سببه توحيد الهند عن طريق هذا الرجل لتصبح الهند تدريجيًا دولة قوية وذات شأن كبير في آسيا والعالم أجمع.
الكاتب: أيمن سليمان
أضف تعليق