تسعة اولاد
الرئيسية » دروس » عوامل النجاح : الموهبة أم الاجتهاد هي الأفضل لتحقيق النجاح في الحياة؟

عوامل النجاح : الموهبة أم الاجتهاد هي الأفضل لتحقيق النجاح في الحياة؟

عوامل النجاح

عوامل النجاح الغير مادية في أي عمل تتلخص في الموهبة والإبداع والتفوق، لكن هناك من يخلط بين العوامل الثلاثة ويظن أنها تتمحور حول معنى واحد، ولكنها مختلفة جدا

تُعتبر عوامل النجاح واحدة من أكثر الأشياء طلبًا في هذا الكون، فليس هناك شخص على هذه الأرض لا يتمنى أن يُصبح ناجحًا ومؤثرًا في مُجتمعه، إلا أن ما يحدث لفشل كل ذلك هو تنوع الطرق واختلافها من شخص إلى آخر، فبالتأكيد الجميع ليسوا على قدرٍ من الذكاء والتوفيق، وإذا أردنا التفصيل، فالجميع لا يمتلكون عوامل النجاح الغير مادية، والتي تتمثل في الموهبة والابداع والتفوق، ومن أهم الأخطاء الشائعة بهذا الصدد هو اعتبار العوامل الثلاث شيء واحد، وهو أمر ليس صحيحًا بالمرة كما سيتضح في السطور الآتية، حيث سنتعرف سويًا على أهم عوامل النجاح والفوارق بينهم.

ما هي عوامل النجاح ؟

ما هو النجاح؟

قبل أن نتناول عوامل النجاح الغير مادية الثلاثة، علينا أولًا التعرّف على المعنى الحقيقي للنجاح، فهو يعني تحقق المطلوب، وكل شخص يفعل ما يُريده أو ما يطلبه يُسمى ناجحًا.

عُرف النجاح منذ أن عُرف الفشل، فهما كلمتين مُتضادتين، لكنهما في نفس الوقت يملكان نفس الدافع، فالشخص يسعى ويبذل قصارى جهده كي ينجح ولا يفشل، لكن، مع الوقت بدأ الانسان يتمنى النجاح دون أن يسعى سعيًا حقيقيًا له، فأصبح الأمر أشبه بالرغبة في الصيد دون الصنارة أو الشيء الذي يتم به، ومن أجل كل ذلك، كانت هناك عوامل النجاح الثلاثة، والتي تتمثل في الموهبة والابداع والتفوق، فلا يُعقل أن يكون هناك شخص ناجح لا يمتلك الصفات الثلاث.

الموهبة، أول العوامل

أول عوامل النجاح التي يتمناها أي شخص، وللأسف لا يُمكن الحصول عليها من الجميع هي الموهبة، فالإنسان الموهوب هو الذي أعطاه الله بعض القدرات الخاصة لم يُعطيها لغيرها، فليس كل شخص على هذه الأرض موهوب، وإن كان هناك من يقول أن توزيع المواهب جاء بالتساوي، بمعنى أنه يتم إعطاء كل جماعة نوع من المواهب دونًا عن البقية، ولكم أن تتخيلوا أن التعريف العلمي للموهبة يعني أن يحظى الشخص ببعض السمات المُعقدة والغير طبيعية، وبالطبع لا ينبغي أن يكون لفظ التعقيد هذا مُنفرًا من الموهبة، فهو تعقيد جمي يجعل الشخص له أفضلية عن غير الموهوب.

التعرف على الموهبة

قد تتعجبوا عندما تعرفوا أنه بالرغم من أن الموهبة تُعد واحدة من أهم عوامل النجاح إلا أن بعض الأشخاص قد يعيشوا ويموتوا على هذه الأرض دون أن يتعرفوا على موهبتهم الحقيقية، دون أن يعرفوا أنهم موهوبين من الأساس.

اكتشاف الموهبة قد لا يكون من الشخص الموهوب نفسه، وإنما يمكن أن يكون عن طريق ذويه والمُقربين منه، فهم الذين يستطيعون مُلاحظته طوال الوقت، والمُلاحظة هي لب الأمر والطريقة الأولى لاكتشاف الموهبة، فعندما نرى طفل يرسم مثلًا ثم نلاحظ إجادته الغير عادية لما يرسمه نتأكد أنه طفل موهوب، وهنا نقوم برعايته والسعي لإثقال موهبته، وهكذا في باقي الأمور، لكن، السؤال الأهم في هذا الأمر، هل تكون الموهبة دائمًا عامل نجاح؟

الموهبة والنجاح

هناك علاقة شبه مُعقدة بين الموهبة وموضوع حديثنا، عوامل النجاح، فللأسف أغلب الناجحين ليسوا موهوبين، وأغلب الموهوبين ليسوا ناجحين، وذلك لأنهم ببساطة لا يستغلون هذه الموهبة!

استغلال الموهبة لا يندرج تحت وصف الاستغلال المُتعارف عليه، فهنا يُصبح الاستغلال أمر غير سيء بالمرة، وإنما واجب أحيانًا، فالشخص الذي يُمكنه كتابة الرواية مثلًا عليه أن يقرأ كثيرًا ويكتب أكثر حتى يُصقل موهبته، وكذلك الذي يرسم، عليه أيضًا أن يحاول الرسم أكثر حتى يصقل موهبته، لكن إذا ارتكن الموهوب إلى موهبته فقط ولم يسعى لتقويتها فإنها في هذه الحالة تُصبح عامل فشل ومدعاة للتخاذل، وهذه هي العلاقة بين الموهبة والنجاح.

التفوق، ثاني الأسباب

يختلف التفوق كثيرًا عن الموهبة، لكنهما يجتمعان في أنهما من أهم عوامل النجاح، فالتفوق ببساطة هو القدرة على التطور ورفع مُعدل القدرات، وإحداث فريق مع الآخرين بالرغم تساوي الفرص والإمكانيات، فكما يُقال، التفوق بالأساس هو هزيمة القدرات الشخصية وتخطيها أيضًا.

وكما يتضح، التفوق أيضًا ليس بالأمر الشائع، لكنه يختلف عن الموهبة في أنه أمر مُمكن، أي أن أي شخص بمزيد من الإصرار والإرادة والعمل يُمكن أن يُصبح مُتفوقًا، وهذا أمر غير متوفر بالمرة مع الموهبة، بل إننا نلاحظ دائمًا أن أغلب الموهوبين يكونون في الأصل كسالى وغير راغبين في العمل، بخلاف المتفوقين كما ذكرنا، فهم لا يصلون إلا ما يصلوا إليه إلا بالعمل الشاق والمثابرة.

كيف نعرف المتفوقين؟

بالرغم من أن التفوق والموهبة كلاهما من عوامل النجاح، لكن في الحقيقة ليس هناك شيء أسهل من التعرّف على المتفوقين وليس هناك شيء أصعب من التعرّف على الموهوبين، فالمتفوقين دائمًا يكونون مُتصدرين لأغلب الأمور، بسبب تفوقهم بالطبع، كما أنهم يمتلكون قدرة استعدادية رهيبة، بمعنى أن شيء مُفيد هم مستعدون لتعلّمه، وأي تجربة جديدة هم مستعدون لخوضها، وهكذا في أغلب الأشياء، بل وليس مجرد استعداد عبثي، بل استعداد مع تخطيط ودراسة ورغبة في العمل، لذلك دائمًا يصلون إلى ما نحن بصدد التحدث عنه الآن، وهو التفوق.

علاقة التفوق بالنجاح

هناك علاقة وطيدة بين التفوق والنجاح، بل لن نُبالغ أن التفوق هو ذروة النجاح، وكلاهما يُمكن أن يكونا تعريفًا لشيء واحد، بمعنى أنه لا فارق بين أن نقول هذا شخص متفوق وهذا شخص ناجح، فهما يُمثلان نفس المعنى للمُتلقي، بخلاف الموهوب، والذي ينتظره أولًا استغلال أمثل لموهبته لنعرف هل هو قادر على النجاح أم لا، لكن يا حبذا لو اجتمعا الأمران معًا، الموهبة والتفوق، في شخص واحد، فسيصبح بلا شك شخصًا مثاليًا، والأكثر من ذلك أن تضاف إليه الخاصية أو العامل الثالث من عوامل النجاح، الإبداع.

الإبداع، حالة خاصة

يُعتبر الإبداع أحد أهم عوامل النجاح، والحقيقة أن يأتي نتيجة تضافر العاملين السابقين، وهما الموهبة والتفوق، فلا يمكن مثلًا أن يكون شخصًا متفوقًا وموهوبًا ولا يكون مُبدعًا، فهي كما ذكرنا معادلة شبه مُتكاملة.

يُعرف الإبداع بأنه تخطي قدرة الأشخاص العاديين في التفكير، والوصول إلى حلول بديعة لا يُمكنهم الوصول إليه، وأصدق ما قيل عن الإبداع أنه حالة مزاجية لا تحدث عند جميع الأشخاص، وإنما قلة قليلة منهم فقط، وهؤلاء الأشخاص الذين يبدعون في الحلول هم أيضًا يمتلكون شيء خاص، لا يمكن وصفه بالموهبة، ولكنه حالة مزاجية صعبة المنال للجميع، وفي أغلب الحالات يكون المُبدع ناجحًا، أما إذا كان متفوقًا وموهوبًا إضافةً إلى إبداعه فإنه يصبح متفوقًا.

الإبداع والنجاح

يرتبط الإبداع ارتباطًا وثيقًا بالنجاح، فهو درجة من درجاته في الأصل، فالشخص الناجح قد يصل إلى مرحلة يُمكن فيها وصفه بالمبدع، وهذه بالمناسبة أعلى درجات النجاح.

الإبداع كعامل من عوامل النجاح قد يكون قائمًا بذاته، بمعنى أنه غالبًا لا يحتاج إلى التفوق أو الموهبة، لكن هذا الأمر ليس بقاعدة يُمكن القياس عليها، في المجمل، يُفضل تواجد العوامل الثلاث معًا.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

تسعة عشر − واحد =