لا شك أن روايات الأطفال التي طفت على السطح في الآونة الأخيرة باتت جزءًا في غاية الأهمية من تكوين عقلية الطفل، وخصوصًا ذلك الذي لم يتجاوز سن الثانية عشر بعد، ففي هذا السن غالبًا ما سيكون الطفل في حاجة شديدة لكل أنواع الإدراك من قراءة ومشاهدة، وبالطبع لن يكون هناك اكتفاء بقراءة الكتب التي تُقرأ في المدرسة فقط، وإنما كذلك سيكون ثمة تطلع لأنواع أخرى غير إلزامية وعادةً ما يُمارسها الطفل بمفرده أو تتم ممارستها من خلال ولي أمر، وخصوصًا والديه الذين يشرفون على عملية القراءة بأنفسهم، وإن كان ثمة خطاب ما يجب توجيه للوالدين فهو يتعلق بنوعية الروايات التي يجب اختيارها للقراءة من أجل أطفالهم، وربما الأمر يحتاج منا فعلًا تحديد أكبر وتعرض لأهم وأفضل أربع روايات يُمكن تشكيل قائمة صالحة منها للقراءة على مسامع الأطفال الصغار، فما هي يا تُرى الروايات الأربع التي نتحدث عنها؟
روايات الأطفال
عندما نتحدث عن روايات الأطفال فإنه ثمة مصطلح شهير للغاية يجب أن يطفو على السطح، وهو مصطلح أدب الطفل، وكما هو واضح طبعًا من الاسم فنحن نتحدث عن نوعية من الأدب لا توجه إلا للأطفال، إذ أنها تُكتب بلغة خاصة بهم وكذلك يكون لها قصص تناسب أعمارهم، والحديث أيضًا عن الطفل الذي لم يتجاوز الثانية عشر بعد، فما فوق ذلك يُمكنه القراءة في الروايات العادية، وحتى لو كان سيجد صعوبة بها فهناك روايات عادية خفيفة مناسبة أكثر له، أما الأطفال فبعد إمعان وتفكير في أهمية الروايات والأدب بالنسبة لهم تم البدء في تنفيذ مشروع أدب الطفل لمنحهم نظرة أخرى للقراءة تختلف عن النظرة التعليمية التي اعتادوا عليها طوال المرحلة الابتدائية والتمهيدية.
على الرغم من أهمية أدب الطفل ووجود شريحة كبيرة جدًا من الأطفال بحاجة ماسة إليه فإن الكتاب الذين مارسوا هذه النوعية بكل أسف يُعدون على أصابع اليد الواحدة، وهنا نحن لا نتحدث عن مصر أو المملكة العربية السعودية أو المغرب أو الكويت أو أي بلد عربي بشكل عام، بل الحديث هنا عن العالم بأكمله، فنسبة روايات الأطفال بين فن الرواية بشكل عام لا تتجاوز العشرة بالمئة، ولذلك نجد أن كل رواية تصدر بهذا القسم تكون على قدر كبير جدًا من الشهرة والأهمية، على العموم، ربما ما يهم الأطفال أو أولياء أمورهم الآن فقط التعرف على نماذج لمثل هذه النوعية من الروايات، فما هي يا تُرى؟
أشهر روايات الأطفال
قلنا قبل قليل أن روايات الأطفال ليست بتلك الكثرة التي تجعلنا نحتار في ذكر أهمها، لكن الحق يُقال إن تسعين بالمئة من روايات الأطفال تمتاز بقدر كبير من الجودة والتميز، وقد مرت بالكثير من المعايير التي تجعلنا نُرشحها دون أية قلق، ومن أهم هذه الروايات بالتأكيد الرواية الملحمية أليس في بلاد العجائب.
مغامرات أليس في بلاد العجائب 1865
الرواية الأولى والأهم ضمن روايات الأطفال هي رواية أليس في بلاد العجائب التي كتبها لويس كارول عام 1865 وحظيت منذ يومها الأول بشهرة وانتشار كبيرين جدًا، والرواية ببساطة شديدة تتحدث عن فتاة صغيرة تُدعى أليس تسقط من خلال حجر أرنت في عالم خيالي بالكامل يعج بالمخلوقات الغريبة التي يكون على أليس، تلك الفتاة الحالمة والمفعمة بالطاقة، التعامل معها، والواقع أن الرواية بقصتها المُدهشة هذه لم تُسيطر فقط على الأطفال، والذين توجه لهم الرواية في المقام الأول، وإنما كذلك كان ثمة عشق خاص لها من قِبل الأطفال لدرجة أنها قد باعت ملايين النسخ في أول خمسة أعوام من صدورها، وعندما نتحدث عن ملايين القراء في منتصف القرن التاسع عشر فنحن ببساطة نتحدث عن معجزة حقيقية.
جودة الرواية كانت كفيلة بتحويلها إلى مجموعة أعمال فنية أخرى مختلفة، فقد تحولت إلى فيلم ومسلسل للأطفال، كما أنها صدرت في حلقات إذاعية، ببساطة، كل شيء يُمكن أن يُحول هذه التحفة الفنية إلى أيقونة كان موجودًا، وبالمناسبة، لا يُمكنك قراءة هذه الرواية مرة واحدة والاكتفاء منها، إذ أنك غالبًا ما ستعاود البناء مرات أخرى كثيرة، وحتى لو لم تقم بقراءتها لأطفالك فالمدرسة ستفعل ذلك، إذ أن أغلب المناهج الدراسية للأطفال في العالم تضم أجزاء من هذه الرواية، عمومًا، إذا لم تكن قد حظيت بفرصة قراءتها من قبل أنت أو أطفالك فاصنع معروفًا في نفسك وتوجه الآن إلى أقرب مكتبة لشرائها.
عقلة الإصبع 1697
أيضًا ضمن روايات الأطفال المُبهرة رواية عقلة الإصبع التي كتبها شارل بيرو وصدرت عام 1697، وهي كما يعرف الجميع تتحدث عن النجار الفقير الذي لا يُرزق بأي أولاد فيطلب أن يحظى بأي طفل حتى ولو في حجم عقلة الإصبع، وهو ما يحدث معه بالفعل، حيث يُرزق بطفل في حجم عقلة الإصبع لتبدأ بعد ذلك الأحداث في التصاعد بطريقة مُثيرة للغاية، وكما هو واضح فإن الرواية أو القصة تدور في إطار الخيال العلمي، وهذه في الحقيقة هي سمة كل روايات الأطفال التي تسعى إلى تنمية الجانب التوعوي في الأطفال، وقد حققت عقلة الإصبع نجاحًا ساحقًا وصل إلى تجسيدها في العديد من الأعمال السينمائية والكرتونية بخلاف تواجدها في المناهج الدراسية، وهو ما يعكس حالة النجاح التي نتحدث عنها ويشير لأهميتها.
سندريلا 1697
لا نزال مع روايات الأطفال الشهيرة والتي حققت نجاحًا كبيرًا يجعلها تستحق تمامًا التواجد في هذه القائمة، والحديث الآن عن رواية سندريلا التي ألفها شارل بيرو وتم نشرها للمرة الأول نهاية القرن السابع عشر، وتحديدًا عام 1697، وبالتأكيد هذه القصة الرومانسية المفرطة لن تخرج إلا من مكان مثل فرنسا، والجميل حقًا أن الانتشار الذي حظيت به حكاية سندريلا اللطيفة كان انتشارًا ساحقًا للدرجة التي جعلها تجسد في مئات الأفلام والمسرحيات ومسلسلات الرسوم المتحركة كذلك، هذا بخلاف وجودها في أغلب مناهج الطلاب ودخولها كذلك في جانب القص والحكي للأطفال الصغار، أما فيما يتعلق بقصة رواية سندريلا فهي تتحدث عن فتاة تعيش في منزل زوجة والدها الشريرة والتي تقوم بمعاملتها معاملة سيئة حتى يأتي اليوم الذي تكون فيه حفلة للأمير وتذهب إليها سندريلا بمساعدة أحد السحرة قبل أن تضيع فردة حذائها ويبدأ الأمير في البحث عنها بكل مكان حتى يجدها في نهاية المطاف ويتزوجان ويعيشا حياة سعيدة.
هاري بوتر 1997
أيضًا من أهم روايات الأطفال التي حظيت بشهرة وانتشار كبيرين رواية هاري بوتر الصادرة في عام 1997 وهي من تأليف الكاتبة الشهيرة ج ك رولينغ، وطبعًا جميعنا يعرف أن رواية هاري بوتر قد تحولت لاحقًا إلى مجموعة أفلام لا تزال الأكثر مشاهدة حتى وقتنا الحالي، وهي أيضًا أفلام تهتم أكثر بالأطفال وتوجه لهم بشكل مباشر، على العموم، مجموعة الروايات تلك التي بدأت كما ذكرنا نهاية القرن العشرين تتحدث عن الطفل هاري بوتر الذي يموت والداه ويربيه شخصين آخرين حتى يأتي توقيت التحاقه بمدرسة السحر وهناك يبدأ في مواجهة الكثير من الصعوبات والأشياء الممتعة، والحقيقة أن هاري بوتر تضع الطفل أمام قدر كبير من المعلومات الشيقة بخلاف طبعًا تفتيح العقول وتوسيع المدارك والكثير من الأمور الممتعة، إنها بلا أدنى شك ترشيح مثالي لأطفالكم.
أهمية روايات الأطفال
بعدما قمنا بذكر بعض النماذج لأهم روايات الأطفال فإنه ثمة شيء في غاية الأهمية يجب المرور به من أجل إعطاء هذه المقالة القدر الذي تستحقه من أهمية، والحديث هنا عن رواية الأطفال والأهمية التي يُمكن أن تخرج منها، وهنا نحن نتحدث فيما يتعلق بالطفل نفسه، فتلك الروايات تُقدم له الكثير من الخدمات التي على رأسها.
إتاحة فرصة للخيال
روايات الأطفال، والتي من الطبيعي تمامًا أن تُقرأ بواسطة الأطفال، تتميز بميزة في غاية الأهمية، وهي كونها لا تترك الأطفال دون أن تترك أثرًا في خيالهم، وبهذه المناسبة دعونا نؤكد لكم على كون أغلب روايات الأطفال في الأساس روايات بطابع الخيال العلمي المناسب بدرجة كبيرة للأطفال، ولذلك فإنه عندما يقوم بقراءة رواية مثل عقلة الإصبع أو مغامرات في أعماق البحار فإن هذا يؤدي إلى توسيع خيالاته ومداركه في جوانب أخرى مختلفة، المهم في النهاية أن الفائدة التي يودها تحدث، حتى لو لم يكن الطفل أو والديه على دراية بذلك التأثير الرائع للروايات التي يقومون بقراءتها على مسامع أطفالهم.
التنبيه بوجود موهبة الكتابة
هل تعرف عزيزي القارئ أهمية القراءة القصوى؟ إنها ببساطة أشبه بعملية بحث عن الكتابة، أو موهبة الكتابة على وجه التحديد، فإذا لم تكن تقرأ من البديهي أنك لن تُفكر على الإطلاق في فكرة الكتابة هذه لأنه لا يوجد أساسًا ما يُثير فيك تلك الغريزة، أما فيما يتعلق بموهبة الكتابة الملاحقة للقراءة فهي أشبه بالضغط على الجرح، فبعد أن تقرأ أكثر من كتاب سوف تكتشف فجأة شغفك للإمساك بورقة وقلم والبدء في عملية الكتابة، هذا يعني ببساطة أنك شخص موهوب لكنك فقط لم تكن تعرف ذلك الأمر، والقراءة هي التي تكفلت بفعل ذلك الأمر، أرأيت كيف يكون الأمر مفيدًا؟
استغلال الوقت أفضل استغلال
طبعًا لا خلاف على أن استغلال الوقت في قراءة روايات الأطفال للأطفال أمر أهم بكثير من كل شيء آخر يُمكن أن نضيع فيه الوقت، فعندما تقرأ لطفلك فأنت حقيقةً تضعه على الطريق الصحيح وتخبره بشيء أسمى وأهم يُمكن أن يفعله في وقت الفراغ، وربما هذا المعنى هو الأساس أساسًا في وصف الاستغلال، جرب ذلك ولن تندم، جرب ذلك وسترى كم غيرت عزيزي القارئ في حياة أطفالك، تغيرًا للأفضل بكل تأكيد.
أضف تعليق