تسعة بيئة
معدن التريديميت
بيئة » المعادن » معدن التريديميت : تعرف على أحدث معادن المريخ المكتشفة

معدن التريديميت : تعرف على أحدث معادن المريخ المكتشفة

رغم أن الكثيرين لم يسمعوا من من قبل عن معدن التريديميت ، إلا أن اكتشافه على سطح المريخ يُعد من الاكتشافات العلمية المهمة، ترى لماذا ذلك؟ هذا ما سنكتشفه هنا.

يُعتبر معدن التريديميت ، الذي تم اكتشافه مؤخرًا في كوكب المريخ بواسطة العربة كوريوسيتي، أحد أهم الاكتشافات في القرن الحالي، وهذه الأهمية ليست بسبب المعدن نفسه فقط، فهو موجود ومتوفر بكثرة في الأرض، وإنما لاستحالة وجوده علميًا في المريخ، لأسبابٍ كثيرة أهمها أن المعدن يدخل في تكوينه المياه ولا وجود للماء على كوكب المريخ، والذي كن يقال دائمًا أنه الكوكب الأخير الذي يمكن التفكير في العيش فيه في المستقبل بسبب عدم وجود الماء به واستحالة تواجده فيما بعد، إذًا من أين جاء المعدن وكيف؟ هذا هو ما حير العلماء وما سنحاول معرفته سويًا في السطور الآتية.

معدن التريديميت واكتشافه على سطح المريخ

ما هو التريديميت؟

معدن التريديميت معدن قديم، موجود على الأرض منذ مئات السنين، وهو موجود بكثرة في المناطق التي يحدث فيها ثوران للبراكين، بل يمكن القول إنه ينتج إثر هذا الثوران، لكن بالطبع ليس كل أنواع البراكين، بل الضخم منها فقط، وذلك مثل براكين السيليسيك، التي تتكون بواسطة صفائح التكونية.

فالمواد التي تحمل هذا المعدن تخرج مع تلك الصفائح أثناء ثوران البركان من باطن الأرض إلى أعلاه، وتذوب بعدها مع الصخور في عملية تُسمى عملية الانصهار، لتندمج معها مواد تُسمى السليكا وتُخرج في النهاية معدن التريديميت.

كيف تم اكتشافه؟

جاء اكتشاف معدن التريديميت عن طريق الصدفة المطلقة، فعندما كانت العربة المرخية المُسماة “كوريوسيتي” تستكشف المريخ لمعرفة آخر ما تم الوصول إليه هناك عُثر على هذا المعدن، وقد كان وقتها مُتشكلًا بأشكال بلورية بيضاء وأشكال أخرى عديمة اللون من المُرجح أنها تكونت بفعل البراكين، وهنا برز التساؤل الأول والمنطقي، كيف جاءت البراكين إلى كوكب المريخ، وإن كان، فمتى كان ذلك؟

التريديميت لم يكن ليُكتشف إلا عن طريق بعض الأجهزة الخاصة، والتي كانت منصوبة أعلى العربة “كوريوسيتي”، فهذه الأجهزة فور اقترابها من مكان التريديميت أطلقت مجموعة من أشعة اكس نحو المعدن حتى استطاعت تحديد مكانه وتركيبه البلوري، وعلى الفور تم توثيق هذا الاكتشاف وإرسال الإشارات إلى المركز الفضائي بالأرض وإعلامهم بهذا الحدث الجلل الذي لاقى ردة فعلٍ كبيرة، وهي في الواقع مُبررة.

ردة فعل العلماء

فور الإعلان عن اكتشاف معدن التريديميت أبدى الكثير من العلماء، إذ لم يكن جميعهم، اندهاشهم من هذا الاكتشاف، الجميع قال بشبه اتفاق أن وجود معدن التريديميت في كوكب المريخ كان مُستبعدًا تمامًا مثل وجود الأوكسجين في الفضاء، وقد قالت أحد الدراسات التي تخصصت في البحث خلف هذا الاكتشاف أن نسبة العلماء الذين كانوا يتوقعون وجود معدنٍ كهذا في كوكب المريخ لا تتخطى الصفر.

وقد قال أحد أضلع الكواكب السيارة بوكالة ناسا الفضائية الأميركية، العالم الأمريكي ريتشارد مريس، والذي يرأس أيضًا الفريق العلمي القائم بهذه الدراسة، أن هذا الاكتشاف سيُغير تمامًا من الفكرة المأخوذة عن كوكب المريخ، أما جيمس براون، وهو أيضًا عالم بوكالة ناسا الفضائية، قال إن كوكب المريخ الآن، وبصورة واضحة للجميع، يفتح يديه لاستقبال الجميع، وأضاف أيضًا أنه لا يستبعد أن تُسفر الفترة القادمة عن اكتشافاتٍ أخرى لم نكن نتوقعها.

ما بعد الاكتشاف

الأمر الذي يدعو للحيرة، بل ويكاد يكون هو السبب في كل هذه الجلبة التي أحدثها الاكتشاف، أن معدن التريديميت يدخل في تكوينه الماء، والمريخ كما هو معروف لا وجود للماء فيه، وهذا بالطبع يقودنا إلى احتمالين لا ثالث لهما، أولهما أن المريخ تتوافر به المياه بالفعل في مكانٍ ما أو على الأقل كانت تتوافر فيه مسبقًا مما أدى إلا تكوين هذا المعدن، وبناءً عليه فإن التريديميت موجود منذ زمنٍ بعيد في المريخ.

أما الاحتمال الثاني فيدور حول معدن التريديميت نفسه، فهو يقول إنه من المحتمل وجود طرق فيزيائية أخرى لتكون المعدن دون دخول الماء في عناصره، وهذا مع أنه ينفي وجود الماء في المريخ إلا أنه يفتح الباب حول السؤال عن تلك الطريقة الفيزيائية التي تكون منه التريديميت الموجود في المريخ، وفي كلتا الحالتين لن يكف العلماء والباحثين عن البحث خلف هذا الاكتشاف والطريقة الذي جاء بها، وبالتأكيد ستيتم الوصول في النهاية إلى أحد النتيجتين وهما وجود الماء في المريخ أو طريقة فيزيائية أخرى لتكوين التريديميت.

ناسا بعد التريديميت

أثار اكتشاف معدن التريديميت حفيظة الجميع، بما فيهم وكالة الفضاء العالمية ناسا، والتي أعلنت عن اعتزامها إرسال قافلة إلى الفضاء للبحث في الكواكب واستكشاف المزيد من المعادن وإنهاء كابوس الطاقة المتجددة والغير متجددة للأبد، وإذا ما كان ذلك صحيحًا فعلًا فقد يتم إرسال، حسب تصريحات الخبراء، ريبورتات مُجهزة بالمعدات اللازمة للبحث والتنقيب، وحتى يحدث هذا الأمر يجب تطوير عدة أجهزة قادرة على فعل ذلك، وهو ما يستغرق عدة عقود، وهذا بالطبع ما ألمحت إليه وكالة ناسا في تصريحاتها، حيث قالت أنها قادرة على تزويد العالم بالطاقات والمعادن التي يحتاجها في غضون عقود قليلة، وبالتأكيد الجميع يتمنى حدوث ذلك بدلًا من التفكير في فناء الأرض خلال مئة قرن بعد نفاذ كافة مواردها، وقد أخذ الجميع تصريحات ناسا على محمل الجد، وذلك اعتمادًا على تصريحها الأول قبل ثمانية عقود ووعدها بتحويل صعود الفضاء إلى مجرد نزهة من واشنطن إلى باريس، وقد كان فعلًا وأصبح صعود الفضاء أسهل ما يكون.

ناسا ألمحت أيضًا في بيانها عن شكوكها بوجود أطنان من معدن التريديميت في أماكن قريبًا من التي تم العثور عليها في المريخ، وأنها تعتزم إرسال بعثة أخرى مُجهزة خلال شهور قليلة للتنقيب عنه.

معادن مُشابهة

هناك بعض المعادن المُشابهة لمعدن التريديميت من حيث الأهمية وطريقة الاكتشاف، وذلك مثل معدن الكوارتز، والذي تم اكتشافه في الأرض منذ مئات السنين وتم العثور عليه أيضًا في إحدى الرحلات الفضائية، حيث كان موجودًا بشكل كيميائي في صورة كرات بكوكب بلوتو، لكن لِقدم هذا الاكتشاف لم يتم الالتفات له، فالجميع يعتقد أنه ما دامت المعادن موجودة في الأرض بكثرة فهم بخير، لا يعرفون أنه من الممكن جدًا نفاذ الكميات المطلوبة خلال أجيال قليلة وهذا ما سيجعل الحياة على ذويهم شبه مُستحيلة، فقط العقلاء من العلماء والمفكرين هم من يتشبثون دائمًا بمثل هذه الاكتشافات ويسعون في تطويرها والاستفادة منها قدر الإمكان، تمامًا مثلما حدث مع معدن التريديميت عقب اكتشافه في المريخ.

رواج التريديميت

بالرغم من أن معدن التريديميت موجود بكثرة في الأرض إلا أن أغلب الشركات الاستثمارية بدأت في تشغيل أموالها في جلب التريديميت من المريخ، حيث تم تنظيم رحلات عمل حتى عام 2050، كلها ستذهب لجلب أكبر قدر من التريديميت، وبالرغم من عدم الإفصاح عن طريقة فعل ذلك حتى الآن إلا أن الكثير من الأموال ضُخت بالفعل في هذا الأمر، والذي سيتكلف كثيرًا لكن أرباحه أكثر بكثير، فقد قال بعض الاقتصاديين أن الزيادة على كل دولار ستتضاعف إلى ألف دولار مباشرة، وهذا ما يُسمى في مجال التجارة والأعمال بالربح الخيالي، إذًا، جاء معدن التريديميت، الذي تم اكتشافه قبل شهور بالمريخ، حاملًا الربح الخيالي للأرضيين.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

5 × 1 =