تسعة بيئة
مؤامرة التغير المناخي
بيئة » المناخ » مؤامرة التغير المناخي : هل التغير المناخي مؤامرة فعلاً أم أنها حقيقة مثبتة؟

مؤامرة التغير المناخي : هل التغير المناخي مؤامرة فعلاً أم أنها حقيقة مثبتة؟

بالرغم من وجود تأكيدات من فيما يخص الاحترار العالمي إلا أن هناك عدد بعض السياسيين وعلماء البيئة ممن يرون أنها ّ مؤامرة التغير المناخي .

هل هناك بالفعل مؤامرة تدعى مؤامرة التغير المناخي ؟ هذا ما يصر عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنه ليس وحده في هذه المسألة، فهناك علماء بيئة وعلماء مناخ يرفضون الشائع تجاه قضية الاحترار العالمي وبهذا هم يخالفون إجماع العلماء، لكن بعضهم علماء متخصصين ومشهورين وهذا قد يدفعنا إلى إعادة النظر في مفهومنا تجاه القضية، وعامةً فإن الأمر جدلي بشكل كبير ولا يمكننا بالفعل أن نقول أن هناك شيء يسمى مؤامرة التغير المناخي .

هل مؤامرة التغير المناخي حقيقية فعلاً؟

الرافضون للاحترار العالمي

في هذه القائمة سنذكر لك أهم العلماء والمتخصصين الذين ادعوا أن الاحترار العالمي هو ضمن مؤامرة التغير المناخي التي يحاول البعض إقحامها في كل شيء لأغراض مختلفة.

لينارت بينجتسون

عالم أرصاد سويدي ولد في الخامس من يوليو 1935 ومازال يعمل حتى الآن في أنشطة متعددة متعلقة بالمناخ، وشغل مناصب هامة مثل رئاسته لمركز الأبحاث للمركز الأوروبي للتنبؤ بالطقس في النطاق المتوسط من 1975 حتى 1981 ثم أصبح مديرًا له حتى سنة 1990، ورأس كذلك معهد ماكس بلانك للطقس. في اليوم الأخير من شهر أبريل من 2014 انضم بنجستون إلى منظمة مؤسسة سياسات تغير المناخ (GWPF) وهي من المنظمات الشاكة في القضية، لكنه انسحب منها في 14 مايو، وفي اليوم التالي صرح للديلي ميل بأنه عانى من ضغوط كبيرة، لكنه في النهاية وضح بأنه رافض لفكرة التغير المناخي.

بيرس ريتشارد كوربين

هو رجل أعمال ومالك مؤسسة WeatherAction وهو شقيق زعيم حزب العمال جيريمي كوربين، وظهر اهتمامه البالغ بتسجيل درجات الطقس وهو في الخامسة من عمره وبدأ في السنين التالية ببناء معداته الخاصة، وفي الثامنة عشر ذهب إلى جامعة لندن ليدرس في كلية العلوم والتقنية، وحصل على البكالريوس في الفيزياء في 1968، وكل آراءه تتنافى بشكل تام مع الوسائل التي تعتبرها اللجنة الدولية للتغيرات المناخية مفيدة في تقليل آثار الاحترار العالمي، لكنه مع ذلك يلعب دورًا هامًا في القضية ويعتبره كافة العلماء مهما اختلفوا معه من أهم علماء المناخ.

جوديث كوري: من أهم أطراف مؤامرة التغير المناخي

عالمة مناخ والرئيس السابق لمدرسة علوم الجو والأرض في معهد جورجيا للتكنولوجيا، وشملت دراساتها عدد مختلف من الجوانب المتعلقة بالمناخ مثل العواصف والاستشعار عن بعد ومناخ القطبين. حصلت على درجة البكالريوس من معهد جورجيا للتكنولوجيا وعملت في وكالة ناسا وحصلت على درجة الدكتوراه في العلوم الجيوفيزيائية من جامعة شيكاغو في 1982، وهي مؤلفة مشاركة في كتاب “الديناميكا الحرارية للجو والمحيطات” الذي نشر في 1999 وكذلك “موسوعة العلوم الجوية” في 2002، ونشرت أكثر من 140 ورقة علمية، وحصلت على عدد مختلف من الجوائز وأبرزها جائزة هنري جي. هوتون من معهد المناخ الأمريكي في 1922، وطبقًا لآرائها فإن اللجنة الدولية تهمل ما تسميه “الوحش غير المتأكد منه” وتهمل العديد من العناصر الحساسة، وهاجمت علماء اللجنة في العديد من المرات.

ديفيد جيمس بيلامي

ديفيد جيمس بيلامي هو مؤلف إنجليزي وظهر في الكثير من البرامج الإذاعية والتلفازية عن البيئة وعلم النباتات، يعيش في مقاطعة دورام منذ 1960، وفي البداية ظهر في الأوساط العلمية كعالم بحت، وعندما ألف كتابه “تأثير البيت الزجاجي” كان رأيه يشبه رأي أغلب العلماء وذلك في أواخر الثمانينيات، لكن مع تقدم السنين الأولى في الألفية الجديدة كتب في مقال في جريدة الديلي ميل البريطانية ما نصّه أن كل ما يقال هو ضمن مؤامرة التغير المناخي ، وفي جريدة نيو ساينتيست في 16 أبريل 2005 كتب مقالاً أثار الكثير من الجدل، وقال أن نسبة 555 من أصل 625 من الجبال الجليدية التي تم ملاحظتها عبر شركة معينة تتقدم وأنها لا تتراجع كما يظن الناس، لكن عندما تتبع الصحفي جورج مونبوا الكاتب في جريدة الجارديان وجد أن مصدر المعلومة هو موقع لفريد سينجر، وبعد ذلك قال سينجر أن المعلومة مأخوذة من مجلة ساينس، لكن في الواقع فإنه لا يوجد أي عدد طبعته المجلة يذكر تلك المعلومة. وبعد ذلك تقبل الأمر واعترف بالهزيمة وصرح بأنه لن يدخل في أية نقاشات أخرى تتعلق بالاحترار العالمي وتأثيره، ولكن على ما يبدو فإنه لم يتقبل الأمر كليًا.

بعد وقت قصير قام بالمشاركة في التأليف مع الدكتور جاك باريت حيث كتبا معًا مقالة طويلة في جريدة متخصصة في الهندسة المدنية وهي خاصة بمعهد المهندسين المدنيين، وهي بعنوان “استقرار المناخ: طريقة إثبات غير ملائمة” ونشرت في مايو 2007، وعلى ما يبدو أيضًا أنه تخبط كثيرًا في تلك المسألة، وهذا يجعلنا ندرك أن قضية الاحترار العالمي هي قضية جدلية جدًا وحتى العلماء أنفسهم يختلفون عليها أو على الأقل يختلفون في مدى التأثير المستقبلي أو طرق الحماية الواجبة، ورأس بيلامي بعد ذلك الجمعية الملكية لممتلكات الحياة البرية في نوفمبر 2005 وصرح قبلها بعدة تصريحات تدل على مواقفه الرافضة لما تقوله اللجنة الدولية، ومؤخرًا اشتكى بيلامي من إلغاء لبرنامجه عبر تلفاز البي بي سي.

إيفار جيافير

من بين الشخصيات الأخرى التي نذكرها في تلك القائمة الخاصة بمناصري نظرية مؤامرة التغير المناخي فإن إيفار جيافير هو من أهمهم قطعًا، فهو حاصل على جائزة نوبل في الفيزياء في سنة 1973 بالمشاركة مع ليو إيزاكي وبريان جوزيفسون بسبب اكتشافاتهم المتعلقة بالنفق الكمومي في الأجسام الصلبة وبالتحديد كان نصيب جيافير بسبب تجاربه في النفق الكمومي في الموصلات الفائقة، وهو الآن مدرس جامعي في معهد رينسيلار وجامعة أوسلو حيث يرأس قسم الفيزياء الحيوية التطبيقية.

تصريحات دونالد ترامب بخصوص مؤامرة التغير المناخي

قبل أن يجلس دونالد ترامب على كرسي الرئاسة الأمريكية صرح مرارًا أنه مؤمن بوجود مؤامرة التغير المناخي والتي تستغلها بعض الأطراف من أجل أغراض جيوسياسية واقتصادية معينة، وقال أن الصين هي المسئولة عن نشر الإشاعة على حد وصفه حيث قال ما نصه: “مفهوم الاحتباس الحراري تم خلقه بواسطة الصينيين ليضمنوا ألا تكون الولايات المتحدة منافسة لهم في التصنيع”، إلا أنه تراجع عن ذلك وقال أن الجملة كانت مجرد مزحة، واقتبس ترامب الرئيس السابق باراك أوباما بشأن وصفه للاحتباس الحراري على أنه التهديد الأخطر الذي يهدد الأجيال القادمة، وقال ترامب أن هذا المفهوم مفهوم سطحي جدًا ومن أغبى الجمل التي سمعها طوال حياته، وطبقًا لتقرير أجرته المنظمة البيئية نادي سييرا (Sierra Club) فإن ترامب هو الرئيس الوحيد في العالم الذي أدلى بمثل تلك التصريحات، لكن كي نكون منصفين فإن الاحتباس الحراري هو قضية معينة والتلوث هو قضية أخرى، حيث صرح ترامب بأن التلوث هو مشكلة ضاربة في أمريكا منذ وقت طويل وقال ما نصه: “الهواء النظيف هو مشكلة تسبب الضغط”، و”هناك الكثير من الأشياء التي يجب التحقيق فيها بشأن ما يخص الاحتباس الحراري. ربما تكون الاستفادة المثلى من مصادرنا الاقتصادية المحدودة ستكون في ضمان أن يملك كل شخص في العالم القدرة على الوصول إلى الماء النظيف”، لكن من جهة أخرى فإنه يخالف كل المبادئ الأساسية التي تسعى إليها المنظمات البيئية في العالم، فهو يساعد على التطوير من استخدام الوقود الأحفوري ويسعى إلى اجترار القوانين التي تقيد صناعة الفحم بصورة خاصة في الولايات المتحدة، خاصةً القوانين التي وضعها أوباما والخاصة بإجراءات الحد من الاحتباس الحراري.

الاتفاقيات البيئية و مؤامرة التغير المناخي

أهم الاتفاقيات البيئية التي يمكن أن تؤثر بالفعل وتتسبب في وضع إجراءات صارمة من أجل الحد من الاحتباس الحراري هي اتفاقية باريس ومؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، وفي السابق كان يعتبر بعض المراقبين هذه الاتفاقيات غير مجدية بسبب تعطيل بعض القوى السياسية لها عبر طرق مباشرة أو غير مباشرة، لكن في السنوات الأخيرة ظهرت بوادر إيجابية، وما هي إلا مسألة وقت حتى يتم اتخاذات إجراءات ستكون سببًا في حدوث تغيير حقيقي خاصةً فيما يتعلق بالاحتباس الحراري، لكن وجود ترامب في رئاسة أمريكا تسبب في ذعر الكثيرين مما قد يفعله، فقد صرح كثيرًا بأنه لا يصدق تغير المناخ، والمطلوب منه الآن أن يكون الطرف الأكبر في دعم الإجراءات الحادة للمشكلة والتي تتعارض مع عدد كبير من الشركات الكبرى، بل أنه صرح عن نيته لإلغاء الاتفاقية تمامًا بل ومنع أي تمويل تقدمه الولايات المتحدة للأمم المتحدة فيما يخص حملات الاحتباس الحراري وهذا ما دعا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة إلى التصريح بأن ترامب لن يود تعريض اتفاقية باريس إلى الخطر، وقالت وزيرة البيئة الفرنسية بأنه في حالة تنفيذ ترامب مثل تلك القرارات فإن الأمر سيكون بمثابة كارثة عالمية، وقال مسئول من منظمة نادي سييرا بأن ترامب سيضطر إلى دخول معارك قوية إذا ما تمسك بتلك الأفكار، ولعل المشكلة الكبرى هي نيته لإعطاء الشركات المزيد من الحرية فيما يخص الالتزامات البيئية، لكن ما فاجأهم هو تغييره لرأيه تمامًا بعد أيام فقط من توليه الرئاسة بشأن تكذيبه للاحتباس الحراري.

آراء المحللين في تصريحات ترامب

يقول بعض المحللين بأن ترامب يملك في يده القدرة على إحداث شيء قد لا يتوقعه هو، فالمسألة أكبر بكثير من مجرد قرارات، فالوصول إلى اتفاقيات بيئية صارمة هو شيء لم يستطع العالم التوصل له إلا بعد عقود طويلة من صراعات عالمية، ووجود المصالح الاقتصادية يحول دون وجود الاتفاق، بل حتى أن قادة الدول نفسها يتجاهلون المشكلة في حالات عديدة، ومشكلة معقدة مثل تغير المناخ تحتاج إلى قرارات جدية وتوافق بين الأمم الكبرى، فأطراف الاتفاقية هم 55 دولة يساهمون في إخراج 55% من انبعاثات الغازات الدفينة، وقد تم إقرارها في ديسمبر 2015 وتوقيعها في أبريل 2016، وإذا نظرت في تاريخ الاتفاقيات السابقة فستدرك حتمًا أن هذا الاتفاق تاريخي، فهنا تعمل الدول الكبرى في سبيل الحد من مشكلة تغير المناخ التي لطالما تم تجاهلها، وهذا يعني خسائر تقدر بمليارات الدولارات لدول عديدة، والمبالغ المدفوعة من قبل الدول المشاركة ستبلغ مئات مليارات الدولارات (منهم 100 مليار فقط لمساعدة الدول النامية في حل المشكلة من جانبهم)، ومن بين الدول المشاركة نجد دول أوروبية عديدة مثل بريطانيا وإنجلترا والبرتغال والدنمارك وإسبانيا وألمانيا ودول لا تشترك عادةً في مثل تلك الاتفاقيات مثل كوريا الشمالية ودول أفريقية عديدة مثل بابوا نيو غينيا وجيبوتي وساحل العاج وجنوب أفريقيا ورواندا والمغرب، أي أن إلغاء الاتفاقية سيكون إلغاء لأول تغيير حقيقي يمكن أن يحدث على كوكبنا فيما يخص تغير المناخ وآثاره الكارثية، وفي حالة حدوث هذا فإننا قد لا نقدر مجددًا على وضع مثل تلك القرارات.

في أغسطس 2016 قام 375 من الأكاديمية القومية الأمريكية للعلوم (منهم 30 حاصل على جائزة نوبل) بكتابة خطاب مفتوح لتحذير دونالد ترامب بشأن خطته للانسحاب من اتفاقية باريس في خلال 100 يوم من توليه للرئاسة وقالوا أن هذا سيتسبب في كوارث ذات جوانب متعددة. في مايو 2016 صرح ترامب فيما يخص خطة الطاقة في برنامجه الانتخابي بأنه سيمنع ذهاب أموال الضرائب التي يدفعها الشعب لدعم البرامج البيئية الخاصة بالاحتباس الحراري.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

واحد × ثلاثة =