تسعة بيئة
كوارث أمريكا البيئية
بيئة » الطبيعة » كوارث أمريكا البيئية : لماذا ابتليت أمريكا بالكثير من كوارث البيئة؟

كوارث أمريكا البيئية : لماذا ابتليت أمريكا بالكثير من كوارث البيئة؟

كوارث أمريكا البيئية باتت في الآونة الأخيرة أكثر من أن تحصى، وهذا بالطبع أمر يجعلنا نسأل سؤالًا هامًا، لماذا ابتليت أمريكا بالكثير من كوارث البيئة؟

مما لا شك فيه أن كوارث أمريكا البيئية لا تتعارض أبدًا مع كونها واحدة من أعظم وأكبر الدول الموجودة على الساحة الآن، فعلى الرغم من قوتها تلك وعدم قدرة أي بلد أخرى على الوقوف بوجهها إلا أن الطبيعة شيء آخر مُختلف تمامًا، بمعنى أنها لا تعترف بقوة الدولة أو مركزها في هذا العالم، وربما أكبر دليل على ذلك أن أكثر دولتين تعرضًا للكوارث البيئية هما اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، وطبعًا إذا سؤالنا سؤالًا آخر وأردنا التعرف على أكبر وأعظم دولتين على الساحة الآن فسوف تكون الإجابة مشابهة تمامًا لإجابة السؤال الأول، أجل، اليابان وأمريكا دولتين مُتقدمين ولكنهما في نفس الوقت يُعانان أشد المعاناة بسبب الكوارث البيئية التي تحدث لهما، فما هي يا تُرى أعظم تلك الكوارث التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية بالذات؟ هذا هو السؤال الذي سنحرص على الإجابة عليه من خلال السطور القادمة.

أن تُحبك الكوارث

أسوأ حُب في هذه الحياة هو الحُب الذي يأتي من شيء غير مرغوب به، فما بالكم بالحب الذي يأتي من الكوارث، وهي أصعب شيء في الحياة بلا شك نظرًا للكم الكبير من الضحايا الذي تُخلفه، وحتى لو لم تترك ضحايا من البشر فإنه على الأقل تُدمر الكثير والكثير من المعمورات، ولولا أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك القدرة على التعامل مع الكوارث التي تحدث لها لكان من الممكن جدًا أن تكون تلك البلاد الآن في عداد المفقودين، لكن من حسن حظهم أن عناية الله معهم، فأي شيء يُمكن تحمله سوى الكوارث البيئية، وهذا أمر مجزوم به لسبب بسيط جدًا، وهو أنه لا توجد قوة تحاكي الطبيعة.

بدأت كوارث أمريكا البيئية منذ وقت طويل، هذا على الرغم من أن تلك البلاد ليست قديمة بقدم البلاد الأخرى، ليست بقدم اليابان على الأقل، والتي تتشارك معها في الكم الكبير من الكوارث الذي يحدث بها، عمومًا، الأهم من البدء باستعراض أبرز تلك الكوارث أن نعرف أولًا الأسباب التي جعلت أمريكا من أكثر الدول تعرضًا للكوارث تاريخيًا.

كارثة الأعاصير، الكارثة الأكثر تكررًا

من أكثر كوارث أمريكا البيئية حدوثًا كارثة الأعاصير، فهي تحدث كل فترة وتُخلف الكثير والكثير من الخسائر المادية والبشرية، فمثلًا في عام 1926 حدث إعصار في ولاية فلوريدا وكان سببًا في موت الكثيرين، هذا بالإضافة إلى أنه قد أسقط خسائر مادية تزيد عن السبعين بليون الدولار، وهذا الرقم في هذه الفترة يُعتبر رقم كارثي فعلًا، ثم بعد عدة عقود، وتحديدًا في ثمانينيات القرن المنصرم، وقع إعصار آخر أسقط ما يزيد عن أربعين مليون دولار كخسائر أولية، كما أن هناك الكثير من الأعاصير الأخرى التي حدثت قبل هذه الفترة ولم يذكرها التاريخ، وأيضًا ثمة بعض الأعاصير الصغيرة التي تتسبب في خسائر بسيطة فلا يتم ذكرها في سجلات التاريخ.

قديمًا كان يُقال إن الولايات المتحدة الأمريكية تحظى بإعصار كل قرن ونصف، لكن الآن الأمر تغير واتضح أن الإعصار يحدث كل نصف قرن، وهذا يعني أننا بصدد إعصار مدمر سيحدث في الولايات المتحدة قريبًا، الغريب أن مكانه كذلك مُتوقع، لكن لم يتم التنبيه عنه لتجنب إثارة الذعر لدى المواطنين، والذين سيصرون في حالة هرج ومرج فور علمهم بمكان الإعصار، بل وربما تقع خسائر أخرى إضافية بخلاف الخسائر المتوقع حدوثها بسبب الإعصار.

لماذا تحدث الأعاصير في الولايات المتحدة الأمريكية؟

هذه هي الكارثة الأولى التي نتحدث عنه ضمن الكثير من الكوارث البيئية التي تحدث في تلك البلاد البعيدة من العالم، والآن نحن مُطالبون بالطبع بوضع تفسير منطقي لحدوث تلك الظاهرة المُرعبة في أمريكا بالذات، والحقيقة أنه مع كثرة التفسيرات نجد أن التفسير الأكثر منطقية هو المناخ البيئي المُتقلب الغير ثابت بالمرة في هذه البلاد، فأمريكا من البلاد القليلة في العالم التي لا يعرف أحد مناخها على وجه التحديد، فتارة تكون باردة للغاية وتارة تكون حارة للغاية، فهي ليست مثل أوروبا مثلًا حيث يُمكننا القول أنها باردة طوال الوقت، أو أفريقيا التي تكون حارة طوال الوقت، وإنما الوضع في أمريكا يبعث على الحيرة، بما في ذلك حيرة الظواهر الطبيعية التي تؤدي إليها التقلبات وتُنتج الأعاصير.

حرائق الغابات، من كوارث أمريكا البيئية الأكثر رعبًا

تُعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر دول العالم تعرضًا لكارثة حرائق الغابات، فتقريبًا معظم الحرائق تُحرق بشكل مُتكرر، ولولا أن تلك البلاد مُتقدمة بطبعها وقادرة على صد هذه الحرائق لكان من الممكن جدًا أن يتطور الأمر إلى كوارث وليس كارثة وحيدة، بمعنى أدق، كان من الممكن جدًا أن نستيقظ ذات يوم لنُصدم بأن أمريكا بأكملها قد حُرقت نظرًا لكثرة الحرائق التي تحدث في غاباتها، لكن عناية الله جعلت الدولة قادرة على التعامل مع حرائقها، والتي تجدر الإشارة إلى أنها تحدث بصورة طبيعية، وهذه كارثة أخرى بحد ذاتها، فأكثر ما يُزعج البشر هو حدوث الأشياء دون سبب واضح، لكن الولايات المتحدة الأمريكية بكل التقدم الذي تملكه لن تعجز بالتأكيد على وضع تفسيرات لهذه الظاهرة التي ذكرنا للتو أنها الأكثر تكررًا فيها منذ قديم الأزل لدرجة أنها قد ضربت ما لا يقل عن خمسين بالمئة من الغابات، وإذا كنا نعتقد أن وجود الغابات بكثرة في بلد من البلد أمر جيد يجعلها سعيدة الحظ فإن أمريكا بالذات تُعاني الأمرين من ذلك.

لماذا تُحرق الغابات؟

كما ذكرنا، تُعد حرائق الغابات من أشهر كوارث أمريكا البيئية وأكثرها حدوثًا، ولابد أن السؤال الذي يدور في أذهانكم الآن يتعلق بشكل أو بآخر بالأسباب التي قد تجعل تلك الكوارث من هذا النوع تحدث في بلد متقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والحقيقة أن السبب يكمن ببساطة بمسألة الأعاصير والصواعق التي سبق التحدث عنها، فعندما تحدث مثل هذه الأمور يُصبح من الوارد جدًا أن تتسبب في إصابة الشجر الأخضر الموجود بالغابات بشرارة تتلقفها الرياح وتُنتج حريق هائل، بمعنى أدق، هذه الكارثة مُترتبة في الأصل على كوارث أخرى تحدث.

الزلازل، كارثة العالم بأكمله

العالم بأكمله مُعرض للزلازل وليست الولايات المتحدة الأمريكية فقط، لذلك فإن تلك الكارثة عندما تقع لا يُتوقع أن تكون ذات عبء كبير على البلد، خاصةً وأن البنية التحتية لبلد متقدمة مثل أمريكا يُمكننا التحدث عنها دون حرج، فهي قوية وصلبة إلى الحد الذي يُمكن من خلاله عزل أخطار الزلزال عزلًا تامًا، لكن إذا ما سلمنا بوقوع تلك الكارثة كأحد كوارث أمريكا البيئية فإننا بالتأكيد مُطالبون بوضع تفسير لها، والواقع أنه ليس هناك تفسير لأي زلزال في العالم أبلغ من أن الصفائح التكتونية الخاصة بأراضي الولايات المتحدة الأمريكية غير مستقرة بالمرة، أو يُمكننا القول على سبيل الاقتضاب والتلخيص أن جيولوجيا الأرض هي من تتحكم في هذه الكارثة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

واحد × ثلاثة =