تُعتبر ظواهر البيئة النادرة أكبر دليل على أن الكون ما زال يحمل لنا الكثير والكثير من المفاجآت، ففي وقت كان يظن الجميع فيه أن المعجزات قد تبخرت من الأرض ظهرت لنا بعض الظواهر البيئية التي يُمكن اعتبارها معجزات حقيقية، فالأمر الذي يجعل من المطر والرياح والزلزال مجرد أحداث عادية هو أنهم يحدثون بشكل مُتكرر، لكن، إذا كان ثمة ظاهرة لا تحدث سوى مرة واحدة في الحياة فهنا يُمكننا التحدث ببساطة عن أمر أكبر من مجرد كونها ظاهرة، والحقيقة أن أغلب تلك الظواهر النادرة قد وقع خلال القرن الحالي والقرن المنصرم على أقصى تقدير، وهذا ما يُثبت نية القدر على حمله الكثير من المعجزات لإدهاشنا، عمومًا، إذا كنتم تعرفون الظواهر البيئية أم لا فإن ما ستجدونه في السطور القادمة سيُدهشكم بكل تأكيد، والسؤال الآن، هل أنتم متحمسون للتعرف على بعض الظواهر النادرة؟ حسنًا، لنرى.
محتويات
ظواهر البيئة النادرة
كما ذكرنا من قبل، أمر طبيعي جدًا أن تحدث الظواهر البيئية في كل مكان وفي كل زمان، فلم نسمع مثلًا عن مكانٍ لم تهب فيه الرياح أو تسقط به الأمطار، حتى الزلازل كذلك باتت ظاهرة بيئية مُحتملة الحدوث في أي مكان مع التفاوت الكبير بالطبع بين قوة الظاهرة حسب المكان الذي تقع به، عمومًا، بالنسبة للظواهر البيئية النادرة فإننا سنجد الأمر يختلف تمامًا عن الظواهر الطبيعية العادية، فمثلًا، لن تحدث تلك الظاهرة غير مرة أو مرتين على الأكثر، ولن تكون هناك منطقة مُحددة لحدوث الظاهرة وإنما يُمكن أن تقع في أي مكان مهما كانت الظروف التي تسبق تلك الظاهرة، وكلنا رأينا من قبل أو سنرى خلال السطور الآتية كيف أن الظواهر النادرة جاءت بصورة مفاجئة أكثر من أي شيء آخر كنا نتوقعه، عمومًا، سنبدأ الآن باستعراض أشهر تلك الظواهر، ولتكن البداية مع ظاهرة الحجب.
حجب الغلاف الجوي، الظاهرة المُخيفة
عندما قلنا بوجود ظواهر بيئية نادرة لم نُحدد أبدًا إذا ما كانت تلك الظواهر النادرة جيدة أم سيئة، فقط قلنا إنها نادرة، والحقيقة أنه من ضمن تلك الظواهر النادرة التي تأخذ طابع السوء وتصل إلى درجة اعتبارها ظاهرة مخيفة ظاهرة الحجب، أو حجب الغلاف الجوي على وجه التحديد، فحدوث تلك الظاهرة يتوقف على توقف الضغط العالي، بمعنى أنه إذا لم يتحرك من مكانٍ إلى آخر يُحجب الغلاف الجوي، وهنا يُمكننا توقع كوارث شديدة الخطورة مثل الفيضانات أو ارتفاع درجات الحرارة بصورة مُرعبة تصل إلى الجفاف الكامل المُميت.
من حسن الحظ أن تلك الظاهرة المُخيفة لم تحدث سوى مرتين فقط، المرة الأولى كانت في عام 2003، وقد تسببت في مقتل ما لا يقل عن سبعين ألف شخص، وهو رقم مُرعب بكل تأكيد، ثم عادت مرة أخرى في عام 2010 وقتلت خمسة عشر ألف شخصًا من روسيًا، وربما يرجع قلة أعداد الضحايا بين المرتين إلى زيادة درجة الوعي وأخذ احتياطات السلامة والأمن، لكن في النهاية لا تزال تلك الظاهرة مُخيفة وأكثر رعبًا للناس من أي ظاهرة أخرى، هذا على الرغم من أنها لم تحدث سوى مرتين وتُعد من أندر الظواهر بشكلٍ عام.
السحاب المقلوب، ظاهرة الظلام العجيب
هذه الظاهرة أيضًا يُقال إنها لم تحدث سوى مرة واحدة في عام 2013، أي قبل خمس سنوات فقط، ولكم أن تتخيلوا بأن عالم طويل وكبير لم تحدث فيه ظاهرة بيئية نادرة سوى بعد ملايين السنين من بدايته، عمومًا هذه الظاهرة باختصار حدثت في أحد الولايات الأمريكية المعروفة باسم أريزونا وتحديدًا في فندق جراند كانيون الشهير، حيث أن زوار ذلك الفندق قد شاهدوا في يومٍ من الأيام ضباب كثيف جدًا يحوم حول الفندق، وربما يظن البعض أن وجود الضباب أمر طبيعي لكن الضباب الذي نتحدث عنه كان قريبًا جدًا من الأرض للدرجة التي جعلته يظهر للناس وكأنه شلل من الغيوم، وقد كان هذا فعلًا أصدق تعبير يُمكن أن يُقال على تلك الظاهر المدهشة.
لكي يكون لديكم علم فإن تلك الظاهرة لها شروط معينة حتى تبدأ في الحدوث فيجب أن يحدث تفاعل قوي بين كتلتي الهواء البارد المتبقية على الأرض في ذلك الوقت مع كتلة أخرى فوقها من الهواء الدافئ، عمومًا، لم تحدث هذا الظاهرة سوى مرة واحدة كما ذكرنا، لكنها عندما حدثت استمرت ليوم كامل، وقد كان هذا كفيلًا بإثارة الرعب في نفوس البعض ممن شاهد ذلك الحدث، فمن المعروف أن أي شيء مجهول يُسبب الرعب للناس.
العاصفة المزدوجة، عاصفة أكبر ودوامات أكثر
من المعروف تمامًا أنه ثمة عاصفة تحدث كل يوم أو كل أسبوع على الأقل في أي منطقة من المناطق، تلك العاصفة ليست سوى رياح قوية قد تُحرك الأشياء وقد تجتثها من جذورها مثلما تفعل الرياح، بل وأكثر من ذلك إذا كانت عاصفة قوية، لكن في النهاية يبقى الأمر لا يمت لمجموعة ظواهر البيئة النادرة بصلة، بيد أنه عندما تحدث عاصفة مزدوجة وقوية يُمكننا التوقف قليلًا والنظر فيما يحدث، وهل هو حقًا مجرد أمر عارض طبيعي أم أنه ظاهرة تستحق الحديث عنها، وطبعًا، وبلا أي تفكير، سنقول أنها ظاهرة بيئية من النوع النادر، فمن منكم يرى عاصفة مزدوجة في هذه الأيام؟
تحدث العاصفة المزدوجة غالبًا كل ثلاث أو أربع عقود، أما عن المرة الأخيرة التي حدثت بها فقد كانت في عام 2014، وتحديدًا في ولاية نيراسكا الواقعة ببلد العجائب الولايات المتحدة الأمريكية، والواقع أنه من شدة دهشة الأمر وغرابته لم يستطع العلماء تحديد السبب الحقيقي خلف تلك الظاهرة، لكنهم رجحوا أنه تفاعل هواء رطب بارد مع إعصار، كما ذهب البعض إلى احتمالية كون الأمر مجرد عاصفة كبيرة تحتوي على الكثير من الدوامات، في النهاية تبقى الظاهرة واحدة من أكثر الظواهر البيئية ندرة في زمننا هذا.
ظاهرة الثلج الملون، ظاهرة القرن الواحد
من أشد ظواهر البيئة النادرة ذهولًا تلك الظاهرة التي وقعت عام 2010 في أحد المدن الروسية وأدت إلى خلق جدل كبير حول كيفية حدوثها والأسباب التي أدت إلى حدوثها من الأساس، ففي مدينة هناك تُدعى ستافروبول استيقظ السكان فوجدوا أن الثلوج الموجودة حولهم لم تعد باللون الأبيض كما هو المُعتاد، وإنما أخذت لون آخر غريب ومُدهش، وهو اللون البنفسجي، مما أدى إلى جعل الناس منذهلين لفترة طويلة للدرجة التي قادتهم على عدم الخروج من بيتهم خوفًا من كون هذا الأمر ضار بهم، هذا على الرغم من أن المنظر الذي تشكل بسبب هذه الثلوج كان رائعًا ومُلفتًا جدًا للعين، هو فقط كان غريبًا، وكما ذكرنا من قبل، الشيء الغريب يبعث على الخوف دائمًا.
احتار العلماء في تحديد ماهية تلك الظاهرة أو الأسباب التي أدت إليها، خاصةً وأنهم قد توصلوا إلى حدوثها قبل قرن تقريبًا، وتحديدًا في عام 1912، لكن في تلك المرة حدثت المعجزة في أحد ولايات الولايات المتحدة الأمريكية، عمومًا، في النهاية تم الاستقرار من قِبل العلماء على سبب منطقي لتلك الظاهرة، وهو أن الغبار القادم من أفريقيا قد اختلط بالسحاب وتفاعل معه فكانت النتيجة سقوط أمطار تحمل ذلك اللون الغريب المُدهش.
تسونامي اليابان، زلزال غير مألوف بالمرة
طبعًا إذا قلنا إننا سنُضيف زلزال إلى مجموعة ظواهر البيئة النادرة فإن البعض قد يعتبر هذا الأمر جنونًا خالصًا، فمن المعروف أن الزلازل من الكوارث والظواهر التي تتكرر باستمرار، بل وعندما نقول إن ذلك الزلزال قد حدث في اليابان فسيبدو الأمر وكأنه حديث عن سمك موجود بالماء، فالأمر بالنسبة لكم طبيعي ومنطقي، ظاهرة مُتكررة حدثت في بلد معروفة أصلًا بحدوث ذلك النوع من الظواهر، لكن الأمر ليس بهذه الطريقة أبدًا، فما حدث في اليابان في شهر فبراير 2011 لم يكن شيئًا آخر بخلاف ظاهرة بيئية نادرة.
اعتبار تسونامي اليابان ظاهرة بيئية نادرة نابع من طريقة حدوثه وتوابعه وتأثيراته التي فاقت كل الحدود، فقد اندلع ذلك الزلزال بقوة تسع درجات بمقياس ريختر الشهير، وطبعًا هذه الدرجة مُخيفة لحدٍ كبير، لكن الأكثر إخافةً هو ما حدث جراء ذلك الزلزال من موت الآلاف وتدمير مُنشآت بمليارات الدولارات، حتى التوابع كانت كذلك مُرعبة بنفس القدر، فقد قيل أنه ما زالت تتواجد حتى الآن بعض الهزات الأرضية الطفيفة الناتجة عن تسونامي، هذا ناهيكم عن وصول التأثير إلى الولايات أمريكا نفسها، تخيلوا أن تعبر قوة زلزال من قارة إلى قارة أخرى، أليس هذا سببًا كافيًا لاعتباره ظاهرة بيئية نادرة؟
انتحار المذنب، ظاهرة مُذهلة وغامضة
ما دمنا كذلك نتحدث عن ظواهر البيئة النادرة فإن لدينا واحدة من تلك الظواهر التي لا تحدث كل يوم، والتي يُثير حدوثها كذلك لغطًا كبيرًا، وذلك مثل ظاهرة انتحار المُذنب الغريب، فطبعًا أمر مثل هذا لن يراه أحد مرة ثانية، أو على الأرجح لن يحدث إلا إذا كنا في عصر نرى فيه المعجزة تحدث مرتين، حيث أن القمر الصناعي قد تمكن من التقاط مُذنب وهو يلتف حول الشمس حتى فقط كامل التحكم وانفجر لأكثر من مئتي ألف طن من الأجزاء الصغيرة، ولولا عناية الله لكان من الممكن جدًا أن تتناثر قطع ذلك المذنب على الأرض وتؤدي إلى كارثة كبيرة، لكن هذا لم يحدث، وإن كان يُقال أن نهاية العالم سوف تكون بهذا الطريقة تمامًا، ففي يوم من الأيام سوف يصطدم مُذنب بكوكب الأرض ويقوم بكتابة نهايته، عمومًا، يقول البعض أن ما حدث في ذلك المذنب الغريب كان سببه أشعة الشمس الزائدة عن الحد، والله أعلم.
هل نُريد المزيد؟
في النهاية ثمة سؤال يطرح نفسه وبقوة بعد سردنا لكل لبعض ظواهر البيئة النادرة ، ذلك السؤال ببساطة يتعلق برغبتنا في المزيد من تلك الظواهر أم لا؟ بمعنى أكثر توضيحًا، هل نجد في تلك الظواهر ما يجعلنا نتحمس لها ونُريد مشاهدتها مرة أخرى أم أن الجزء المرعب المدمر منها يجعلنا نمتنع عن تمنيها من الأساس؟ عمومًا، مهما كانت الإجابة فإن الأمر ليس بأيدينا أبدًا، ما يُريده الله سيحدث في الوقت الذي يُحدده، نحن مجرد مساكين علينا أن نعيش العالم كما خلقه خالقه وليس كما نريده نحن، وإن كان هذا مُقنعًا لكم فإن التمتع بتلك الظواهر النادرة سيكون أمرًا جيدًا ومنطقيًا في نفس الوقت.
أضف تعليق