تعتبر طريقة صيد السمك بالتفجير من التقاليع الجديدة في هذا العالم، والتي لم تؤدي إلا لمزيد من الفساد البيئي، فذلك الصيد، والذي يظن القائمون به أنه أسهل طريقة لصيد أكبر عدد ممكن من الأسماك بسهولة، قد يؤدي إلى تدمير النظام البيئي بأكمله، أو النظام الإيكولوجي كما يُسميه البعض، وقد ظهر هذا التقليع قبل بداية الحرب العالمية الأولى بسنوات قليلة على يد دولة الفلبين، إلا أن عدد كبير من الدول، وخاصةً تلك التي تقع في أسيا، عملت به وتناقلته حتى أصبح من أهم طرق الصيد، عمومًا، في السطور القادمة، سوف نتعرف سويًا على طريقة صيد السمط بالتفجير وأثرها على البيئة.
محتويات
صيد الأسماك
قبل أن نتحدث عن صيد الأسماك بالتفجير، والذي هو إحدى الطرق صيد الأسماك في الأساس، علينا أولًا أن نتحدث عن عملية صيد الأسماك برمتها، فتقريبًا بدأ صيد الأسماك مع بداية الكون، والحقيقة أن الإنسان قد اهتدى إلى أكل الأسماك قبل أن يعرف غيرها من الكائنات المأكولة كالدجاج والأبقار والماعز.
كان الصيد في بداية الأمر باليد، فكان الإنسان البدائي بنزل إلى البحر ثم يتربص بسمكة حتى يُمسكها بيده ثم يخرج ويبدأ بأكلها بعد أن تستوي بأي طريقة ممكنة، ومع الوقت ابتُكرت الشباك وعمل الإنسان بها لفترة طويلة، لكن، في الآونة الأخيرة أراد البعض استعجال الصيد والظفر بأكثر عدد ممكن من الأسماك، لذلك اخترعوا طرق عدة، منها صيد السمك بالتفجير، والتي تُعتبر من أخطر طرق الصيد على البيئة.
صيد السمك بالتفجير
لا تحتاج عملية صيد السمك بالتفجير إلى شرح أو تعريف، فهي واضحة من خلال اسمها، حيث تقوم على وضع بعض القنابل البدائية والديناميت في مكان ما بالبحر، يُعتقد أنه يحوي الكثير من الأسماك، ثم بعد ذلك يحدث انفجار ضخم يؤدي إلى قتل كل الأسماك الموجودة في هذا المكان، مما يجعل عملية الصيد أشبه بنزهة لا تحتاج لمجهود.
لا تُستخدم القنابل والمُعدات الحديثة في عملية صيد السمك والتفجير، لأنه قد ينتج عنها خسائر كبيرة لا تتعلق أبدًا بكمية السمك المطلوبة، لذلك تُستخدم القنابل البدائية ومُخلفات الحروب القديمة، فهي تؤدي الغرض وفي نفس الوقت لا تتسبب في خسائر جسيمة، والحقيقة أن ذلك الأمر معمولٌ به منذ بداية عمليات صيد السمك بالتفجير.
بداية صيد السمك بالتفجير
بدأ العمل بطريقة صيد السمك بالتفجير بداية القرن المنصرم على يد دولة الفلبين، وذلك إبان الحرب العالمية الأولى، حيث كان الصيادين يجدون صعوبة بالغة في الوصول إلى أماكن تواجد الأسماك بسبب طبيعة الشاطئ، وطبعًا من المعروف أن الفلبين من الدول التي تُعتبر وجبة السمك بها وجبة رئيسية، لذلك لم يكن من المعقول أبدًا التضحية بها.
فكر الصيادون الفلبينيون من تلقاء أنفسهم في حل لهذه الأزمة، فاهتدوا إلى استخدام القنابل والتفجير في صعق الأسماك وقتلها، والحقيقة أنهم لم يجدوا أي مُمانعة من قِبل الحكومة لهذه الطريقة، لذلك تم تعميمها حتى عمل به أكثر من نصف الصيادين بعد أقل من عام على ظهورها.
انتشار صيد السمك بالتفجير
وجدت طريقة صيد السمك بالتفجير ترحيبًا كبيرًا من صيادين الفلبين وأسيا بأكملها، فقد وجدوا فيها ملازهم، وأصبحت خيارهم الأول عند الصيد لأسباب كثيرة أهمها هي السرعة الكبيرة والصيد الوفير الغزير الذي ينتج عنها، كما أن تغاضي الحكومات عنها كان سببًا كذلك في التوسع بها، والحقيقة أن الحكومات كانت تعتقد في البداية أن طريقة كهذه من المفترض أنها لا تضر البيئة ولا تُسبب أي مشاكل للسكان، فليس هناك أي مُبرر لمنعها، لكن مع الوقت اتضح عكس ذلك، وأن صيد السمك بالتفجير يضر جدًا بالبيئة والصيادين أنفسهم.
أضرار الصيد بالتفجير
كما ذكرنا، مع الوقت اتضح أن عملية صيد السمك بالتفجير تضر جدًا بالبيئة والصيادين، والحقيقة أن تلك الأضرار كما ذكرنا أيضًا لم تكن بارزة في بداية هذه العملية لكنها اتضحت مع الوقت وجعلت البعض يُفكر في تجريم الصيد بهذه الطريقة ومُعاقبة من يُخالف هذا القرار.
تدمير النظام البيئي، الضرر الأول
الضرر الأول لعملية صيد السمك بالتفجير هو تدمير النظام البيئي، والذي يتمثل في الكيس الغازي الموجود بالفعل في عمق البحر، ولمن لا يعرف، فإن هذا الكيس الغازي هو الذي يجعل الأسماك تحظى بذلك العمق المناسب، وعدم وجوده قد يؤدي إلى تدمير الثروة من السمكية من الأساس، فقط تخيلوا أن الصيادين من أجل الحصول على الأسماك بطريقة أسهل وأسرع سوف يتسببون في تدمير الثروة السمكية بأكملها!
الحوادث والإصابات، الضرر الثاني
الضرر الثاني الذي يتسبب فيه استخدام طريقة صيد السمك بالتفجير هو وقوع بعض الإصابات والحوادث للأشخاص الذين يقومون بتثبيت المُتفجرات والديناميت تمهيدًا لعملية الصيد، فبالطبع كان الأمر بدائيًا في بدايته، ومن المنطقي جدًا أن تسقط أعداد ليست بالقليلة من الضحايا نتيجة لهذه البدائية، لكن الحقيقة أن ذلك الأمر تمت معالجته في الآونة الأخيرة وأصبحت طريقة صيد السمك بالتفجير لا تملك أي أضرار أو مخاطر جسيمة، وإن كانت تظل كما هي، عُرضة لحدوثها في أي وقت، فالتوفيق بالطبع لن يظل حليف القائمين على هذه الطريقة للأبد، ومن الممكن جدًا أن يُصابوا بنوع من الإخفاق ينتج عنه حادثة يروح ضحيتها العشرات.
تعويد الكسل والخمول
مهنة الصيد كما يعرف الجميع من المهن التي تحظى بمكانة عالية من زمن طويل، بل إنها مهنة أُسطورية، ذُكرت في القصص والأساطير، إلا أن طريقة صيد السمك بالتفجير، مهما كانت خطورتها وتأثيرها، فإن نجاحها يمنحها مزيدًا من الاستمرارية، وبالتالي شيئًا فشيئًا سوف تختفي هذه المهنة الكبيرة، وتُصبح جزء من الماضي، إضافة إلى أن الصيادين الذين يعملون بهذه المهنة ويستخدمون الصيد بالتفجير لن يضطرون إلى الاستيقاظ والذهب إلى العمل كل يوم، وإنما يكفي مرة واحدة شهريًا، يقومون خلالها بصيد أكبر قدر يكفي للشهر بأكملها، وهذا الأمر، وإن كان في ظاهره جيد، إلا أن يُعود الكسل والخمول كما ذكرنا، وهو ما لا يتمناه أحد للبشر بالتأكيد.
تجريم صيد السمك بالتفجير
لم تأخذ عملية صيد السمك بالتفجير وقتًا كبيرًا حتى تم تجريمها وحظرها من المجلس الدولي، وعلى الرغم من أن القرار كان مُلزمًا إلى أن بعض الدول لم تلتزم به، أو تحديدًا بعض الصيادين في بعض الدول لم يلتزمون به، وحتى بعدما ضُيق الخناق عليهم لجأوا إلى طريقة صيد أخرى لا تقل ضررًا، وهي طريقة صيد السمك بالسيانيد.
لا تقل طريقة صيد السمك بالسيانيد ضررًا عن طريقة صيد السمك بالتفجير، فهذه الطريقة، التي تم اختراعها في الفلبين أيضًا، تقوم على إلقاء مادة سامة في البحر تعمل على تخدير السمك وقتله، وبالتالي تسهيل عملية صيده، وهي تتسبب في نفس الأضرار التي تتسبب فيها صيد السمك بالتفجير، بل وأكثر، وللأسف لا يزال كلا الطريقتين قائمتين حتى الآن.
أضف تعليق