تكون السحب هي ظاهرة جوية لا غنى عنها على كوكب الأرض. فعلى الرغم من أن كوكب الأرض ثلثيه عبارة عن ماء ومحيطات ولكن هذا لا يلغي أهمية تكون السحب الجوية وهطول الأمطار من حيث التوازن البيئي لكوكب الأرض. فمياه الأمطار هي المصدر الرئيسي لمياه الشرب على الأرض. ولو شاهدنا كل الأنهار في العالم سنجد مصدرها هو موقع هطول أمطار بشكل مستمر سواء كان جبل أو هضبة تستقبل مياه هذه الأمطار ومن ثم تتجمع في صورة نهر. هذا غير أن هذه الأمطار تعد مصدر المياه الوحيد لبعض البلاد التي لا تمتلك أنهار وتعيش على الأمطار الموسمية من أجل الزراعة. كل هذه الفوائد الحيوية والمهمة من أجل الحياة تأتي من ظاهرة قد تكون بسيطة ولكنها مهمة وهي ظاهرة تكون السحب.
محتويات
ما هي الغيوم أو السحب؟
هناك طبقات للجو. هذه الطبقات الجوية تختلف فيها درجات الحرارة. هذا غير أنه كلما ارتفعنا عن سطح الأرض كلما قلت درجة الحرارة. والسحب هي عبارة عن جزيئات ماء متجمعة بجميع الحالات. سواء الغازية أو السائلة أو الصلبة كالثلج. كلهم يكونون في نطاق طبقة التربوسفير. أيضًا الغيمة ليس لها شكل ثابت بل هي أشكال عشوائية. وتميل إلى اللون الأبيض. وعندما تزداد وتغطي المنطقة بالكامل تتحول إلى اللون الرمادي. ويمكن رؤية السحب والغيوم يوميًا بالعين المجردة. وما لا تعرفه عن هذه الغيوم أنها لا تسبح في الهواء كما يعتقد البعض إلى ما لا نهاية. ولكنها تتساقط في صورة أمطار أو ندى أو ثلج. أو أي من صور تحول السحب إلى مياه مرة أخرى. فهي دورة متكاملة من تكوين السحب وهطول الأمطار وهكذا.
الغيوم والسحب فوق الجبال والأبراج
لو أردت أن تلامس الغيوم والسحب فالأمر ليس بعيد المنال. ولكنه صعب بعض الشيء. حيث أننا نجد الكثير من الصور التي نرى فيها الأبراج المرتفعة جدًا فوق مستوى الأرض وترى أن قمتها تتخللها سحابة. وهذا شيء ساحر. أيضًا نفس الفكرة تجدها في الجبال شاهقة الارتفاع، حيث أن قمة هذه الجبال تكون أعلى من مستوى تكون السحب. وببساطة لو أردت أن تلامس هذه السحب يمكنك أن تذهب إلى رحلة في قمة إفرست. أو يمكنك أن تذهب إلى برج خليفة في الإمارات أو أحد الأبراج الطويلة المماثلة له في أي من بلاد العالم.
كيفية تكون السحب ونزول الأمطار
تكون السحب ليس بالأمر العادي. بل هو ظاهرة فيزيائية تستحق المعرفة والإلمام بها. وأول مرحلة تمر بها هذه السحب هي تبخر مياه البحار والأنهار. وعملية التبخر تعني أن يتحول الماء من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية عن طريق ارتفاع درجات الحرارة. وهذا يحدث لكل المسطحات المائية على مستوى العالم سواء في نصف الكرة الشمالي أو الجنوبي. ففي كلتا الحالتين لو كان في نصف الكرة شتاء ففي النصف الأخر صيف. مما يؤدي إلى أن ذرات المياه تصير أخف في الحالة الغازية مما يجعلها ترتفع إلى أعلى. مع العلم أن 90% من مياه الأمطار هي قادمة في الأساس من تبخر مياه المحيطات المالحة. ولكن الذي يحدث أن الماء عندما يتبخر تنفصل جزيئات الماء عن جزيئات الملح لتترسب جزيئات الملح وتتبخر جزيئات الماء لأعلى. ولذلك دائمًا مياه الأمطار صالحة للشرب إلا في حالة السُحب الملوثة أو الناتجة من أبخرة المصانع.
بعد عملية التبخر يأتي دور تكاثف ذرات المياه. وهذه الخطوة هي التي تكون السحب بشكلها المعروف. وهذه العملية بشكل أساسي يتم فيها تحول ذرات المياه من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة مرة أخرى، ولكن على ارتفاع هائل من مستوى الأرض. وهذا يحدث عن طريق ارتفاع ذرات البخار إلى أن تصل إلى طبقة التربوسفير وهي طبقة تمتاز بقلة درجة الحرارة. مما يجعل ذرات البخار تتكثف مرة أخرى وتتحول إلى الحالة السائلة مثل التي كانت عليها في الأسفل. ولكن مع ارتفاع المسافة تقل جاذبية الأرض ومع وجود أنوية تتجمع عليها ذرات المياه يحدث هذا الشكل للسحب والغيوم.
سقوط الأمطار
عند تكون السحب وظهورها في الجو تبدأ الرياح في تحريك هذه السحب حسب اتجاه وقوة الرياح. ومع وجود تيارات قوية ومختلفة ومرور هذه الغيوم في مناطق باردة فيحدث زيادة لوزن جزيئات الماء وتتجمع على بعضها أكثر. أيضًا مع وجود تضاريس، يحدث نوع من أنواع الخلل لجزيئات الماء فتتحول إلى قطرات متجمعة. ليحدث في الأخير هطول الأمطار عن طريق مرور الغيمة عند أحد التضاريس الوعرة. أو تقابل غيمتين مع بعضهما البعض بدرجتي حرارة مختلفتين. كل هذه العوامل تؤدي إلى هطول الأمطار وحدوث إسالة لجزيئات المياه لتنزل فيما بعد على الأرض دون توقف.
سقوط الثلج
في حالة سقوط الثلج يكون الوضع مختلف قليلًا عن الأمطار. حيث أن الثلج هو الحالة الصلبة من الماء. ولذلك عندما يتم تبخر الماء وصعوده إلى الأعلى وتكون السحب. ربما هذه السحب تذهب إلى مناطق ذات حرارة منخفضة جدًا. ولذلك عندما تمر أي سحابة في هذا المكان يحدث حالة تكثف لجزيئات الماء فتتحول إلى سائل وتسقط. ولكن الذي يحدث في حالة المناطق شديدة البرودة عند سقوط الثلج هو أن درجة الحرارة تحول جزيئات الماء السائل إلى ندف ثلج. خلال المسافة التي تقطعها قطرات المياه من أعلى إلى أسفل.
تكون السحب الركامية
السحب الركامية هي نوع من السحب يتكون في مناطق قريبة من الأرض. ليس مثل البقية التي تحتاج إلى أن تصعد إلى طبقة التربوسفير. وتتكون على شكل عنقودي متوالي. وتكون هذه السحب واضحة جدًا في حالة عدم ثبات الطقس. حيث أنك تجدها مثلًا فوق الأنهار في الصباح في الشتاء. عندما يبدأ الجو في تزايد تدريجي لدرجات الحرارة، ترى أن هناك شيء يشبه البخار فوق النهر. وما يدعوه الناس “شبورة” هو أيضًا ضمن السحب الركامية.
تكون السحب الرعدية
هناك عدة عوامل تميز السحب الرعدية عن بقية أنواع السحب الأخرى في الشكل والمضمون والتأثير أيضًا من حيث المظاهر الطبيعية لهذا النوع من السحب. ومن ضمن هذه المميزات وجود برق مرئي. ينتج عنه صوت رعدي عظيم جدًا. هذا البرق ناتج من تفريغ شحنات كهربائية يحدث داخل السحابة. وصوت الرعد الذي يُسمع هو صوت هذه الشحنة. أيضًا هذه السحب يتكون داخلها تيارات هوائية صاعدة وهابطة. تؤدي إلى اضطراب جوي عنيف. ولذلك تجد الطائرات في الأفلام عندما تدخل في سحب رعدية تعاني جدًا من المطبات الهوائية.
أما كرات الثلج التي تدعى البرد فهي ظاهرة أخرى تختلف عن الثلج العادي الذي ينتج في أيام الشتاء نتيجة الأمطار العادية. وهذا النوع من الثلج يكون ضخم وصلب من الممكن أن تزن القطعة منه نصف كيلو جرام. وهو خطر جدًا لأنه يسقط من مسافة عالية جدًا ويكون حاد عند أطرافه مما يجعله خطرًا على أي إنسان في حال السقوط عليه.
شروط تكون السحب الرعدية
أول شرط هو أنه يجب أن تكون هناك كمية ضخمة جدًا من بخار الماء. بمعنى أسبط يمكنك أن تتخيل بحيرة متبخرة وهذا البخار عالق في السماء. ثاني شرط وهو أن هذه الكمية الكبيرة من البخار تحتاج لعوامل رفع مثل الهواء الساخن أو التضاريس أو اختلاف في كتل الهواء يؤدي في الأخير إلى ارتفاع البخار الساخن لأعلى فوق البخار البارد. أما الشرط الثالث فهو استجابة الغلاف الجوي لكل هذه الظروف من عدم الاستقرار والمتغيرات السريعة من حيث درجة الحرارة. وحركة جزيئات بخار الماء بسرعة لأعلى وأسفل.
الطيران في السحب الرعدية
هناك نوع من أنواع ذرات الماء التي تتحول إلى الحالة السائلة في السحب الرعدية تدعى “قطرات الماء ما دون التجمد” وسميت هكذا لأننا نجد هذه القطرات على الحالة السائلة بالرغم من وصول درجة الحرارة في السحابة إلى 30 تحت الصفر. وهذه القطرات من المياه خطر جدًا أثناء طيران الطائرات داخل هذه السحب، حيث أنها تترسب على مبردات الطائرة ومن الممكن أن تؤدي إلى تلف أجزاء الطائرة الداخلية لو وصلت إليها.
نصائح الطيران في السحب
من أهم أضرار تكون السحب هي إعاقة عملية الطيران عمومًا. ومن المعروف أن عمليات الطيران تعتبر حاليًا هي أهم عمليات النقل على مستوى العالم. وهذا نظرًا لعمليات نقل البشر والبضائع المستمرة في العالم. ولذلك يفضل لك أن تعرف هذه النصائح. والنصيحة الأولى لكل من يرغب في تعلم الطيران هي لو قابلتك سحابة رعدية فيجب أن تمر من ثلثها الأعلى ويجب أن تدرك ذلك قبل أن تدخلها. ثانيًا يوجد في أي طائرة وخصوصًا الطائرات العملاقة أجهزة إذابة للثلج يجب أن تُفعلها. حتى لا يتراكم الثلج على هيكل الطائرة وتتغير بنية الطائرة الهيكلية فلا تستطيع مقاومة الهواء.
ثالثًا يجب أن توقف القيادة الآلية. وهذا لأن الطيار الآلي لا يستطيع أن يتفاعل مع السحب الرعدية بشكل تلقائي بل يفضل أن يكون إنسان هو القائد حتى يتجنب مسارات السحب الأكثر خطورة. رابعًا إضاءة غرفة القيادة بكل الأنوار المتاحة. خامسًا هناك سرعة مخصصة للمطبات الهوائية في الطائرة يجب أن تمر بهذه السرعة في السحب الرعدية. سادسًا لا تحاول الدوران وأنت داخل أي سحابة رعدية. لوجود الكثير من التيارات الصاعدة والهابطة. التي من الممكن أن تؤدي إلى سقوط فوري للطائرة.
فيما تستخدم مياه الأمطار؟
الكثير قد لا يعرف قيمة مياه الأمطار، ولكن الحقيقة أن هذه المياه هي التي جعلت هناك حياة على هذه الأرض. ليس ذلك فقط بل تعد مياه الأمطار الناتجة من تكون السحب، واحدة من أنظف أنواع إنتاج الطاقة. وذلك عن طريق وضع مولدات الطاقة على مناطق معينة في البلاد خلف السدود بحيث أن مياه الأنهار تدفع مولدات الطاقة بطريقة الدينامو. مولدات عملاقة تحتاج إلى قوة دفع كبيرة. هذه القوة توفرها بشكل جيد جدًا مياه الأمطار القادمة من الجبال. حيث أنها تكون مستمرة بفعل احتكاك السحب بقمم الجبال، ومن ثُم تحدث عملية هطول الأمطار التي تكلمنا عنها.
ختام
تكون السحب عملية شديدة الأهمية للبشرية ولكوكب الأرض وجميع الكائنات التي تعيش عليه. بل ويحاول العلماء الآن التحكم بعملية تكون السحب وهطول الأمطار لتغذية المناطق القفر والصحراوية حول العالم. ويعمل الخبراء على تحديد مدى فاعلية السحب الصناعية التي يمكن للإنسان أن يكونها، ومدى خطرها على البيئة إن وجد.
الكاتب: أيمن سليمان
أضف تعليق