تسعة بيئة
انكماش القطب الشمالي
بيئة » المناخ » انكماش القطب الشمالي : هل القطب الشمالي معرض لخطر الاختفاء؟

انكماش القطب الشمالي : هل القطب الشمالي معرض لخطر الاختفاء؟

انكماش القطب الشمالي ظاهرة طبيعية تحدث بسبب الارتفاع الكبير في درجة الحرارة، والحقيقة أن ذلك الانكماش ليس بالأمر الجيد، فهو يؤدي إلى ظهور غازات ضارة.

تُعد ظاهرة انكماش القطب الشمالي واحدة من الظواهر المُقلقة في هذا العالم، والتي ينظر إليها البشر على أنها إيذانًا بنهاية الحياة على الكرة الأرضية، فذلك الانكماش، والذي يحدث كما نعرف بسبب ارتفاع درجات الحرارة واقترابها من مناطق تمركز الثلوج بالمنطقة الشمالية، قد يؤدي خلال عدة سنوات لا تزيد عن الخمسين إلى إطلاق أحد أهم أسلحة الطبيعة للقضاء على البشرية، وهو غاز الميثان الحارق، الذي تُستخدم منه كميات قليلة في الصناعات، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتناول سويًا ظاهرة انكماش القطب الشمالي ونعرف كل شيء عنها والأضرار المحتمل حدوثها.

القطب الشمالي

قبل أن نتحدث عن ظاهرة انكماش القطب الشمالي علينا أولًا التعرف على القطب الشمالي نفسه، وبالتأكيد عندما نسمع اسم القطب الشمالي لا يتبادر إلى أذهاننا سوى صورة لأعلى نقطة على الأرض، المنطقة الشمالية، أو كما يُطلق عليها من قِبل علماء الأرصاد، منطقة القطب الشمالي.

تتميز منطقة القطب الشمالي، إضافةً إلى كونها أعلى نقطة على الأرض، بأنها المنطقة الوحيدة التي تستطيع الشمس الوصول إليها، أو بمعنى أدق، هي أبعد نقطة عن الشمس، لذلك لا تتمكن حرارتها من تذويب الثلوج التي تُغطي سطح هذه المنطقة، وتظل هكذا طوال العام، لكن في الآونة الأخيرة تمكنت الشمس من الوصول إلى هذه المنطقة، وأذابت بعض الثلوج بها، وهو ما عُرف باسم ظاهرة انكماش القطب الشمالي.

انكماش القطب الشمالي

المقصود بمصطلح انكماش القطب الشمالي هو نقصان مساحته الهائلة الموجودة بالفعل، والتي يُتوقع أنها قد تشكلت قبل مئة ألف عام أو ما يزيد، ولم تُصاحب الانفجار العظيم كما يدعي البعض، وإنما فقط أخذت المنطقة الشمالية وضعها الحالي عند الانفجار، لكن الجليد الموجود أعلاها تشكل بعد الانفجار بكثير.

كانت مساحة الجليد الموجودة أعلى المنطقة الشمالية تتجاوز ملايين الكيلومترات المربعة، لكن، مع الوقت، ودون مُلاحظة الإنسان، بدأت تلك المساحة في الانكماش، حتى أصبحت قبل ثلاثين عام اثنا عشر ميلون كيلو متر مربع فقط، لكن الكارثة أنه عند حساب المساحة مؤخرًا اتضح أنها قد أصبحت تقترب من الأحد عشر كيلو متر مربع، أي أننا خسرنا في هذه الفترة القصيرة مليون كيلو متر مربع من المساحة الكلية للجليد، وقد قدر العلماء أن تلك المساحة تُمثل ثلاثة أضعاف مساحة مملكة كبيرة مثل المملكة البريطانية المتحدة.

أسباب الانكماش

بالتأكيد الجميع يدور في ذهنه سؤال واحد، وهو أسباب انكماش القطب الشمالي مع مرور الوقت، والإجابة تكمن ببساطة في أن الشيء الذي لم يكن يحدث بدأ في الحدوث، حيث وصلت الشمس إلى المنطقة الشمالية وقامت بفعل حرارتها الشديدة بتذويب الجليد، والحقيقة أنه أمر كان ولابد من حدوثه ذات يوم.

وصول الشمس إلى المنطقة الشمالية لم يتسبب في انكماش القطب الشمالي وإذابته فقط، وإنما أيضًا كان إيذانًا ببداية عهد جديد من الأخطار، والتي ربما لم يكن أحد يشعر بأن منطقة القطب الشمالي الهادئة تمنعها على الأرض، ببساطة شديدة، قد يقودنا ذوبان الجليد وانهيار أسطورة القطب الشمالي إلى النهاية التي لا ينتظرها أحد.

تبعات انكماش القطب الشمالي

كما ذكرنا، هناك عدة تبعات يمكن أن تحدث كنتيجة لظاهرة القطب الشمالي، هذه التبعات هي نفسها الأثر البيئي للظاهرة، وما يُقلق العلماء منها، وأولها بالتأكيد هي انتشار غاز الميثان.

يُعتبر غاز الميثان أحد اهم أسباب ظاهرة الاحتباس الحراري، وهو في الحقيقة غاز غير محمود بالمرة، لأن وجوده يتسبب بدرجة كبيرة في ارتفاع درجات الحرارة، بل إن البعض تتطرق إلى الزعم بأن درجات الحرارة التي قد يُسببها غاز الميثان سترتفع وتُصبح خمس درجات مئوية زائدة عن المعدل الموجود الآن، ولكم أن تتخيلوا أن زيادة دراجة واحدة قد تقلب الكون، فما بالكم بخمس درجات دفعة واحدة على كل مكان في الأرض؟

امتصاص أكثر للشمس، ضرر آخر

من تبعات ظاهرة انكماش القطب الشمالي أيضًا أنه سيؤدي بتذويبه للجليد إلى تعميق سطح الأرض، وبالتالي، فإن الكمية المطلوبة من طاقة الشمس ستزيد، أي عامل الامتصاص سوى يُصبح ذو دافع أكبر، وبالتالي فإن أضرار تشبع الأرض بطاقة الشمس، والتي لا يعرفها أحد حتى الآن، سوف تكون بفعل هذا الخلل البيئي المتوقع حدوثه كنتيجة مُترتبة عن حدوث ظاهرة انكماش القطب الشمالي، والتي قد يستهتر البعض بخطورتها حتى الآن.

زيادة طاقة الشمس

كما نعرف جميعًا، هناك قدر معين من أشعة الشمس يهبط إلى الأرض، هذا المقدار لا يجب أن يزداد أو يقل مهما كلف الأمر، لكن، في حالة إذا ما حدث ذلك الأمر، وازداد انكماش القطب الشمالي، فإن سطح البحر سوف يصير أعمق مما هو عليه، وبالتالي سيحتاج إلى مزيد من طاقة الشمس، والمزيد من طاقة الشمس تعني ببساطة أن يقع خلل ما بالنظام البيئي، وهو ما لا يتمناه أحد، على الأقل خلال الألف قرن القادمة.

اختفاء الجليد، كارثة حقيقية

من المتوقع أن يستمر انكماش القطب الجنوبي على حالته هذه حتى ينكمش تمامًا ويختفي في خلال مئة أو مائتين عام على الأكثر، وقد يعتقد البعض أن انكماش القطب الجنوبي أمر عادي ليس له أي تأثير، لكنه في الحقيقة ليس كذلك، إذ أن اختفاء هذا القطب، مع الوضع في الاعتبار أنه أحد أهم الثوابت في هذا العالم، سوف يعد شيء من الخلل البيئي، وبالتالي سوف يحدث تغير شديد في المناخ، لا نعرف حتى الآن إلى أي حد يمكن أن يصل، لكنه بالتأكيد لن يكون هينًا، وعمومًا، يكفي تأثير غاز الميثان ليُبرهن على كارثية حدوث هذه الظاهرة ووصولها إلى نهاية المطاف.

العالم يتحرك

مع انتشار تأثير انكماش القطب الشمالي على البيئة بدأ العالم يشعر بالكارثة الحقيقية ويُفكر في حلول لها، والحقيقة أن تلك الحلول بدأ باقتراح البلدان التي تقترب بشكل أو بآخر من المحيط بأن يتم تخصيص وكالات وهيئات فقط من أجل بحث هذه الظاهرة وكيفية الحد منها، ووضع الحلول الممكنة للقضاء عليها مهما تكلف الأمر.

المجلس الأوروبي كذلك قال إنه سيتكفل بإنشاء قمر صناعي خاص من أجل مراقبة الظاهرة عن قرب والتعرّف على تأثيرها ومحاولة الحصول على نسب التغير الدقيقة، والتي ستُفيد بالطبع عند البحث عن الحلول، والواقع أن أكثر الدول التي تسعى جاهدة لإنهاء هذا الأمر وإيجاد حل له بأسرع وقت هي اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، فكلاهما يشعر بمسئوليته تجاه العالم، وذلك على اعتبار انهما الدولتان الأكبر به، هذا بالإضافة إلى روسيا بالتأكيد.

من الجاني الحقيقي؟

كما ذكرنا، الجاني في هذه الظاهرة هو الإنسان بكل تأكيد، ولا يُلام أحد غيره فيما يتعلق بحوادث انكماش القطب الشمالي، والحقيقة أن الاعتراف بهذا الأمر سوف يُسهل كثيرًا من الخطوات القادمة، لكن المُكابرة والترّفع سوف يدفعان العالم دفعًا نحو الهلاك المحتوم.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

5 × 1 =