تُعتبر ظاهرة انحلال التربة واحدة من أخطر الظواهر التي تسبب بها الإنسان بسبب عبثه في الأرض، لكنه هذه المرة طال أهم شيء يعتمد عليه الإنسان في رحلته نحو البقاء، وهي التربة الزراعية، حيث أدى ذلك العبث في الفترة الأخيرة فقط إلى انحلال ما يقرب من أربعين بالمئة من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية، كما أن النسبة تأخذ في الزيادة بشكل ملحوظ، لذلك دعونا في السطور الآتية نتعرف سويًا على المقصود بظاهرة انحلال التربة وأسبابها والتأثيرات السلبية التي تقع على التربة الزراعية بسببها، والأهم من كل ذلك هو معرفة كيفية القضاء على هذه الظاهرة.
محتويات
ظاهرة انحلال التربة
من المعروف أن الأرض تمتلك قيمة بيوفيزيائية، والمقصود بظاهرة انحلال التربة ببساطة أن تفقد الأرض تلك القيمة، بمعنى أدق، أننا إذ قلنا مثلًا أن الأرض أهم ما يُميزها الخصوبة التي تُسهم في إنبات الزروع، فإنه بسبب هذا الانحلال تفقد الأرض قدرتها على الخصوبة، وتسمى تربة منحلة، أي غير صالحة.
انتبه العالم مؤخرًا إلى الكارثة المُسماة بظاهرة انحلال التربة، ولكم أن تتخيلوا أنه بالبحث والدراسة اكتُشف أن أربعين بالمئة من الأراضي الجيدة قد تعرضت بالفعل للانحلال، والنسبة المتبقية في طريقها إلى ذلك المصير إذا لم يتوقف الإنسان عن بعض حماقته التي تتسبب في حدوث هذه الظاهرة.
هل يفعلها الإنسان؟
قد يستنكر البعض سعي الانسان في ظاهرة انحلال التربة واتهامه بأنه المُتسبب الرئيسي فيها، والحقيقة أن ذلك الاستنكار نابع من إدراك الانسان لأهمية التربة الزراعية ودورها الهام في رحلة البقاء التي يخوضها، كل هذا جميل، ولكن، هل تعرفون أن الإنسان يفعل بجهل كل هذه الأمور وأكثر؟ هل تعرفون أن حدوث ظواهر مثل حرائق الغابات والطوفان تكون بسببه وبسبب عبثه بالطبيعة؟ عمومًا بالتأكيد الإنسان لم ولن يتعمد فعل مثل هذه الأشياء، لكنها تحدث نتيجة لبعض الأشياء التي يفعلها هو بجهل، والتي يمكن أن نسميها نحن، فيما يتعلق بظاهرة انحلال التربة، أسباب انحلال التربة.
أسباب انحلال التربة
كما ذكرنا، تحدث ظاهرة انحلال التربة نتيجة لعدة أسباب، عادةً ما يكون الإنسان هو البطل الرئيسي فيها، والحقيقة أننا عندما نذكر هذه الأسباب فإننا نقصد بذلك تعريف الانسان بها لكيلا يُقدم عليها مرة أخرى، خاصةً وأن مُعظمها يفعله الإنسان بجهل ودون إدراك لعواقبه، إليكم مثلًا السبب الأول، والمُتمثل في إزالة الأشجار من الغابات.
إزالة الأشجار من الغابات، السبب الأبرز
في الحقيقة لا تتسبب عملية إزالة الأشجار من الغابات في انحلال التربة وحسب، بل إنها أيضًا تتسبب في إفقاد الأرض لتوازنها، فالأشجار كالجبال، مهمته ليست فقط تزيين الأرض، وإنما أيضًا تثبيتها، لكن الإنسان عندما يبحث عن الأخشاب والمواد الأخرى المتوفرة في الأشجار فإنه يبدأ بإزالتها دون أن يُعير عواقب تلك الخطوة أي اهتمام، مما يتسبب بالنهاية في انحلال التربة نظرًا لاقتلاع أحد أهم دعامتها المُتمثلة في الأشجار.
الاستخدام السيئ للتربة، سبب شائع
من أهم أسباب انحلال التربة أيضًا الاستخدام السيئ لها، فالإنسان مثلًا عندما يطمح في زيادة حصيلته الزراعية فإنه يُحمل التربة أكثر من طاقتها، وهو ما يُسمى زراعيًا باسم إجهاد التربة، كما أن الاستخدام السيئ لا يقتصر على الإجهاد فقط، وإنما أيضًا طرق الري الخاطئة، والتي تتم دون دراية أو دراسة للعملية الزراعية، وكذلك الرعي الجائر يُعتبر من ضمن أوجه الاستخدام السيئ للتربة، والتي لا تصل بنا في النهاية سوى لنتيجة واحدة، وهي انحلال التربة.
التصحر، الزحف العمراني المُخيف
في هذا السبب نحن لا نتحدث عن مجرد انحلال التربة وتعريضها للفساد والخراب، وإنما يمكن القول إننا نتحدث عن تدمير التربة النهائية، فالزيادة السكانية الهائلة جعلت البشر يبحثون عن مواجهتها بتهيئة الأراضي الزراعية كي تُصبح سكنية، ومحو كل المظاهر الزراعية به نظير سد احتياجات السكن، إلا أن هذا الأمر سيتضح في النهاية عدم صحته، وذلك عندما لا يجد الإنسان أرض صالحة للزراعة.
دفن المُخلفات الصناعية، السم القاتل
لا يمكن للبشر بأية حال إنكار دور دفن المخلفات الصناعية في تطوير عملية انحلال التربة، والحقيقة أن التخلص من المخلفات الصناعية شر لابد منه، فإما أن تُحرق وتتبخر في السماء لتُصبح هواءً ملوثًا، وإما أن تُدفن في الأرض وتُلوث التربة وتؤدي إلى انحلالها، لكن هذا في النهاية لا يجعلنا نستبعد هذا السبب، بل أنه يظل من أبرز الأسباب البشرية التي تُساهم في عملية انحلال التربة.
تأثير الانحلال على الزراعة
بالتأكيد تتأثر الزراعة كثيرًا بعملية انحلال التربة، لأن الانحلال يتسبب بالأساس في تبوير الأراضي الزراعية وجعلها غير صالحة للزراعة، وبالتالي يقل الإنتاج الزراعي وتحدث فجوة كبيرة بين ما هو مُطلوب وما يتم إنتاجه بالفعل، والحقيقة أن تلك الفجوة والكارثة تأتي ردًا على زعم البعض بأن الإنسان يُقدم على الطُرق التي تؤدي إلى انحلال التربة مُجبرًا، فما الموقف الآن وهو مُهدد بزوال الأراضي الزراعية وبالتالي المحصول الزراعي؟
من زاوية أُخرى أضيق، فإننا إذا نظرنا إلى الرقعة المتبقية من التربة، والتي لم تتعرض بعد للانحلال، فسنجد أن مردوده الزراعي أصبح أقل بكل تأكيد، سواء كان من حيث الجودة أو من حيث الكمية، في النهاية نحن نتحدث عن خسائر زراعية من كل جهة يتسبب بها انحلال التربة، والذي يرجع في الأصل كما ذكرنا إلى أسباب بشرية.
القضاء على انحلال التربة؟
هل القضاء على ظاهرة انحلال التربة أمر سهل؟ الإجابة بكل صراحة لا، لأننا في الحقيقة نتحدث عن طريقة يُمكن من خلالها إيقاف كل الأشياء التي ذكرناها ضمن قائمة أسباب انحلال التربة، وهي تشمل أشياء كثيرة، كان أوهمها الاستخدام السيئ للتربة وإزالة الأشجار للغابات والتصحر ودفن المخلفات، لكن إذا اجتهدنا في وضع الحلول التي تبدو مناسبة من وجهة نظرنا فسوف تتغير الأمور مئة وثمانين درجة، لأننا سنبحث وقتها عن طرق القضاء على أسباب الظاهرة.
منع إزالة الأشجار
ببساطة شديدة يُمكن التقليل من عمليات إزالة الأشجار التي تُسبب انحلال التربة، وذلك من خلال تخصيص مكان لزرع أكبر عدد من الأشجار، بمعنى أدق، إحداث توازن بين ما يتم إزالته وما يتم زرعه.
إيقاف التصحر
يمكن إيقاف التصحر، والذي يُعد كذلك من أهم أسباب انحلال التربة، من خلال التوسع السكاني في المناطق الصحراوية وليست الزراعية، وذلك يأتي عن طريق الإرشاد والتوجيه، وهو بالضبط المطلوب فيما يتعلق بظاهر الاستخدام السيئ والخاطئ للتربة، فتوعية المُزارع وإشعاره بالمسئولية أمر لا غبار عليه بالتأكيد.
إعادة تدوير المُخلفات
لماذا لا نُفكر سوى في طرق التخلص من المخلفات التي تُسبب انحلال التربة؟ ماذا لو قررنا إعادة تدويرها واستخدامها من جديد في أمر آخر مهم، بدلًا من تلويث الهواء والتربة بها، فكل هذه بالتأكيد حلول يُمكن من خلالها القضاء على ظاهرة انحلال التربة، لكن يبقى السؤال الأهم، هل من مُستمع ومُجيب؟
أضف تعليق