تسعة بيئة
المحاصيل الشرهة للماء
بيئة » الزراعة والغذاء » المحاصيل الشرهة للماء : لم تعتبر ضارة بالبيئة ؟

المحاصيل الشرهة للماء : لم تعتبر ضارة بالبيئة ؟

في عالم اليوم الذي أصبحت فيه المياه سلعة نادرة، تجري محاولات لاختيار محاصيل لا تتسبب بهدر كميات من الماء، في السطور المقبلة نتعرف على المحاصيل الشرهة للماء .

المحاصيل الشرهة للماء هي تلك المحاصيل و المزروعات التي تتطلب قدرا هائلا من المياه أثناء الزراعة لتتمكن من النمو والازدهار. من أمثلة هذه المزروعات، نبات القطن. فهذا النبات من العناصر الأساسية في صناعة الملابس التي ترتديها الآن أو الملاءات التي تضعها على سريرك أو غيرها الكثير من الصناعات القطنية. لكن مشكلة هذا النبات الهام هي أنه في سبيل إنتاج كيلو جرام واحد من هذه الزرعة، ستحتاج إلى 20,000 لتر من الماء !! كيلو جرام من القطن يمكنه تصنيع قميص واحد أو بنطال واحد ! أي أنه في سبيل الحصول على القميص الذي ترتديه الآن تم استهلاك 20,000 لتر من الماء فقط لكي يصبح على هذه الحال ! ولكن .. نبات كالقطن مثلا، المسئول عن الكثير والكثير من صناعات الملابس، وتعتبر هذه هي الشروط اللازمة له لينمو، كيف إذا يكون نباتا هاما كهذا له ضرره على البيئة ؟! وإذا كان ضرره عاليا جدا، فهل يجب علينا أن نكف عن إنتاج المحاصيل الشرهة للماء ؟! ولكن، إذا كانت هذه هي متطلبات زرع هذه النباتات منذ الأزل، لماذا لم تنشأ المشكلة سوى الآن مثلا ؟! كل هذه أسئلة تداعب العقل وتجعله يتساءل ويحاول أن يصل إلى إجابة لها. هذا المقال سيكون نافذة صغيرة جدا في محاولة الإجابة على هذه الأسئلة وتحقيق بعض الفهم الذي ترجوه عقولنا.

ما هي المحاصيل الشرهة للماء وكيف تتسبب في إهدار الموارد؟

المحاصيل الشرهة للماء

كما أوردنا بالأعلى، القطن هو نوع من أنواع المحاصيل الشرهة للماء ، وعرفنا الكمية الهائلة التي نحتاجها لإنتاج كمية صغيرة جدا منه. ما هي أمثلة الأنواع الأخرى من هذه المحاصيل الشرهة للماء ؟

الأرز

نصف سكان العالم قريبا يعتمدون في وجبتهم الغذائية على الأرز تقريبا. وفي سبيل إنتاج كيلو جرام واحد من هذا المحصول، يتم استهلاك من 3,000 إلى 5,000 لتر ماء.

السكر

سواء كان السكر قادما من نبات قصب السكر أو نبات البنجر، وكلاهما من المحاصيل الشرهة للماء ، فإننا نتعامل مع السكر على أساس يومي ولا نتساءل عن الطريقة التي أتت بها هذه الملعقة الصغيرة من السكر التي نضعها على كوب الشاي. كم من الماء تظنون يتم استهلاكه لإنتاج كيلو جرام من السكر بصورته النهائية هذه ؟ يتم استهلاك 2 طن من الماء في سبيل إنتاج كيلو جرام واحد من السكر المعالج في هيئته النهائية التي تراها عليها في منزلك !!

اللوز

يعتبر اللوز من المحاصيل الشرهة للماء بشدة، فعلى سبيل المثال فقط، يذهب 10 % من المياه المخصصة للزراعة في الولايات المتحدة إلى زراعة اللوز فقط !

العنب

تلك الفاكهة اللذيذة ذات الألوان المختلفة، وعنقود العنب الصغير الذي تأكله بنهم في دقيقة واحدة، يتم استهلاك 116 لتر من المياه في سبيل إنتاج ذلك العنقود الصغير !

الذرة

ليس المقصود بالذرة هنا علبة الفوشار التي تأخذها معك وأنت في طريقك إلى السينما. ولكن المقصود بها هنا هو كل أنواع الذرة المختلفة بما يتضمنه الطعام المخصص للماشية. يتم استهلاك 2,400,000 لتر من المياه لإرواء مساحة 4,000 متر مربع فقط.

هذه الأمثلة على مثال العد لا الحصر، فيوجد هناك أيضا القهوة والشوكولا اللذان ندمنهما بشدة. هذه المحاصيل الشرهة للماء تعتبر من المصادر الأساسية في الغذاء والصناعة. كيف إذا من الإمكان أن تكون هذه المحاصيل الهامة جدا، لها تأثيرها الضار على البيئة ؟!

أزمة المياه

لعل المشكلة الأولى الكامنة في المحاصيل الشرهة للماء ، هي احتياجها الشره للماء ! – حسنا، بعد كتابة هذا السطر، بدا هذا الأمر جليا ليحتاج إلى توضيح كما أعتقد، لذا أعتذر 😀 – إذا، المشكلة ليست في المحاصيل الشرهة للماء نفسها، ولكن فيما تحتاجه هذه المحاصيل لكي تنمو، وهي تلك الكمية الهائلة من الماء. وتعتبر هذه مشكلة كبيرة للبيئة “الآن” وليس منذ ألف سنة مثلا، بسبب أزمة المياه التي نحن بصددها الآن !

إننا بحاجة ماسة إلى المياه من أجل كافة أغراض حياتنا، مثل الشرب والأكل والغسيل والنظافة الشخصية، وتقريبا كل المنتجات المستهلكة في حياتنا. لكن في الحقيقة، والحقيقة المرة جدا، هي في التقرير الذي أصدره بنك المياه حول حالة المياه في العالم الحالية، فأورد أن حوالي 80 دولة حول العالم لديها نقص شديد في المياه. وهذا النقص يُقصد به أن كمية المياه الموجودة بهذه البلاد، لا يستطيع تلبية مطالب الفرد الواحد في هذه الدول ! كما أورد أيضا أن حوالي 2 بليون فرد ليس لديهم أيه سبيل للحصول على ماء صالح للاستخدام الآدمي. ما السبب إذا في أزمة المياه هذه ؟

الزيادة السكانية

في القرون السابقة، كانت كمية المياه الموجودة في كل دولة تتوزع بنسب مختلفة بين احتياجات الدولة المختلفة. فمثلا، في الدول النامية، كانت المياه تتوزع بنسب 90 % للزراعة، 5 % للصناعة و 5 % للاحتياجات الفردية. أما في حالة الدول المتطورة، فكانت نسبة توزيع المياه لديها كالتالي، 45 % للزراعة، 45 % للصناعة و 10 % للاحتياجات الفردية. لن نتحدث حول تأثير هذه النسب على حالة كل دولة، ولكن دعونا نصل إلى الاستنتاج بان هذه النسب كانت تعطي المساحة من أجل الزراعة، بما تحتويه من المحاصيل الشرهة للماء ، جنبا بجنب إلى ما تهدف هذه الدولة لإنجازاتها الصناعية وأيضا دون أن تؤثر على احتياجات الفرد للماء.

ما حدث في القرن الماضي هو أن عدد الأفراد في هذه الدول قد تضاعف عددا ! وفي بعض الدول الأخرى قد وصل إلى ثلاثة أضعاف العدد الموجود في القرن الماضي. ولكن المشكلة هي أن الإمدادات المائية لم تتغير ! إذا، المشكلة التي نشئت من هذا الازدياد السكاني في مقابل ثبات الموارد المائية، كانت نتيجته الاحتياج إلى تغيير نسب توزيع المياه مرة أخرى، وأصبح أمرا حتميا أن تزيد النسبة الخاصة بالاحتياجات الفردية على النسب الأخرى. ففي النهاية، كطبيعتنا البشرية الأنانية، نحن من بحاجة إلى البقاء على قيد الحياة عندما يتعلق الأمر بنا أمام أي شئ آخر.

إساءة استخدام الأفراد للمياه

لا يتوقف الأمر عند مجرد الزيادة السكانية العالمية، ولكن أيضا في الطريقة التي يتعامل بها الأفراد مع المياه الموجودة حولهم. فبالرغم من وجود 2 بليون شخص لا يمكنهم الحصول على ماء صالح للاستخدام، يوجد هناك 5.5 بليون فرد لا يتعامل معظمهم بحكمة مع الهبة التي لا يقدّرون قيمتها لمجرد أنهم وُلدوا ووجدوها موجودة عندهم.

على سبيل المثال لا الحصر، أنت عزيزي القارئ، كيف تتعامل مع رفاهية المياه النظيفة التي لا تتوفر من أجل 2 بليون شخص غيرك ؟ هل تستعمل مياها على قدر احتياجاتك فقط ؟ وهل تحاول أن تقلل احتياجك إلى الماء من الأساس ؟ هل تحاول الاستفادة من المياه الفائضة غير المستعملة، أم فقط ترميها في الصرف الصحي حيث لن تفيد أحدا هناك ؟ هل تقدر هذه النعمة التي وجدتها بسهولة لا تتأتّى لغيرك ؟!

ربما لا نولي هذا الموضوع الاهتمام الكافي، وربما لا نشعر أصلا إذا ما كنا نسرف في الماء أم لا. لكن هذا لم يحدث إلا لمجرد أننا تعاملنا مع هبة الماء بأنها أمر مُسَلّم به. وأن هذه خدمة واجبة على الحكومة أن توفرها لنا. وربما لا نحاول التفكير في أنه ذات يوم لن تتمكن الحكومات من توفيرها لنا، ولن نتمكن نحن أيضا من حتى محاولة الاعتراض ! لكن كيف ذلك ؟! كيف وصلنا إلى هذه الطريقة في التفكير ؟! إن هذه الأرض التي نعيش عليها، موجودة بهذه الطريقة منذ بدء الخليقة. نسب المياه وهواء والأشياء من حولنا ثابتة منذ البداية، وإنما نحن المتغير الوحيد في كل هذه الأشياء. وحتى نتوصل إلى طريقة نستطيع بها خلق الأشياء من العدم، لا يحق لنا أن نتعامل مع أي شئ بأنه مُسَلّم به. وإساءة استخدامنا اليوم لن يدفع ثمنها أحدا غيرنا غدا. وإذا تمكنا من اللحاق بقطار الموت قبل حدوث هذا، فسيدفع ثمنه أبناءنا وهؤلاء القادمين من بعدنا. وبالعودة إلى موضوعنا الأول عن المحاصيل الشرهة للماء ، وبالمثال البسيط عن محصول القطن، سنجد أننا قد نضطر ذات يوم للتضحية بمصدر هام من الصناعة إلينا، من أجل استهتارنا بالنعم المحيطة بنا !

تلوث المياه

ربما يكون استهلاكنا المستهتر للماء سببا في أزمة المياه الحالية، ولكن هناك سببا آخر لا يتعلق بالاستخدام المستهتر للمياه النظيفة، ولكن بتلويث المياه دون حتى استعمالها !! كثير من الدول والمصانع يقومون بخرق الكثير من الاتفاقيات البيئية المتعلقة بحماية المياه من التلوث ومعاهدات أخرى كمعاهدات رامسار لحماية التنوع البيئي. هذه الدول والمصانع تقوم بتسريب نفاياتها وموادها الخطرة إلى المياه النظيفة، ضاربة بكل ذلك عرض الحائط وما تسببه للبشرية بأجمعها من أضرار. فربما يقوم الأفراد بالاستخدام المستهتر للماء، ولكنهم على الأقل يتركونها قابلة لإعادة الاستخدام – رغم ما يكلفه هذا من وقت وجهد وأموال طائلة – لكن ما تفعله هذه المؤسسات هي أنها تقوم بتلويث المياه النظيفة تماما، وكثيرا ما يتم هذا في الخفاء ودون علم من يستعملون هذه المياه ! فينتهي الأمر بمياه ملوثة تُستعمل في رواية المزروعات، الاستعمال في الصناعات والاستخدامات الشخصية .. وكنتيجة طبيعية جدا لكل هذا، تفشي الأمراض !

قلة المحاولات لإيجاد حلول

رغم كل ما نتحدث عنه عن أزمة المياه وغيرها، إلا أن الحقيقة المضحكة هي أن 71 % من المساحة الكلية للأرض هي ماء ! يوجد 3 % فقط من هذه المياه في الحالة العذبة القابلة للاستهلاك، بينما الـ 97 % الباقية هي مياه مالحة. هذه المياه يوجد طرق مختلفة لتحليتها وتحويلها إلى مياه عذبة، ولكن هذه الطرق مجهدة جدا ومكلفة كثيرا. يجب على الدول المتطورة في سبيل الوصول إلى بعض الحلول لأزمة المياه هذه، أن تبذل وقتها وجهدا للبحث عن طرق فعالة للاستهلاك الرشيد للماء، وأخرى لمحاولة إيجاد طرق أبسط وأكثر فعالية لتحلية المياه. أيا ما كان السبب وراء المشكلة الحالية للماء، سواءا كان نحن أو المحاصيل الشرهة للماء أو انعدام الضمير للمؤسسات، لن ينفي هذا وجود المشكلة الحالية، وسيتحتم علينا أن نحاول جاهدين لإيجاد بدائل وحلول.

أزمة الزراعة

ربما نكون قد توصلنا بعض الشئ حتى الآن، أن المشكلة لا تكمن حقا في المحاصيل الشرهة للماء . ففي كل الأحوال، هذه المحاصيل الشرهة للماء ما هي إلا محاصيل ! مزروعات ونباتات نحتاج إليها في غذائنا وغذاء الماشية التي نعتمد عليها وصناعاتنا المختلفة. وإنما المشكلة تكمن فينا نحن وفي طريقة استخدامنا للموارد البيئية من حولنا. لننظر الآن مثلا إلى الأزمة الزراعية التي تتضمن بداخلها أيضا جزءا من الأزمة المائية، ولنشاهد الأضرار البيئية الناتجة عن المحاصيل الشرهة للماء ، ولكن فقط لنعرف من سببها بالضبط ؟!

المستهلك الأول للمياه

كما أوردنا في النسب المخصصة من المياه لاحتياجات الدول، كان جليا أن الزراعة تحتل المركز الأول في هذه النسب. هذا بالتحديد هو ما يجعلها المهدد الأول للمياه. تقوم الزراعة بإهدار 60 % من المياه كل عام. أو بطريقة أخرى، 1,500 تريليون لتر من الـ 2,500 تريليون لتر المؤهلين للاستخدام في العام الواحد. والأمرّ من ذلك، هو أن هذه النسبة هي 70 % من النسبة الكلية للمياه الموجودة في العالم في كل عام ! ما أسباب هذا الإهدار المخيف إذا ؟!

غياب مفهوم التنمية المستدامة في عملية الزراعة !

كان هذا المفهوم هو أول ما أصدره برنامج الدول المتحدة للبيئة كمحاولة لتحقيق توعية بيئية وسياسية واقتصادية للبلاد متى اتبعت هذا المفهوم. فغرضه الأساسي هو الوصول إلى أفضل طريقة لسير العمل، مع الحفاظ على موارد البيئة صالحة للاستهلاك من أجلنا ومن أجل الأجيال القادمة من بعدنا. غياب هذا المفهوم من الدول والأعمال القائمة على الزراعة، هو السبب الأساسي في حدوث هذه الأزمات. فالعديد من الشركات المنتجة للمواد الغذائية القائمة على الزراعة أو المحاصيل الشرهة للماء ، كأمريكا، الصين، الهند، باكستان، أستراليا وإسبانيا، قد شارفوا على الوصول إلي الحدود القصوى لاستهلاكهم من مصادر المياه المتاحة لهم. كل هذا نتيجة لغياب مفهوم التنمية المستدامة عند البدء في استهلاك موارد البيئة المختلفة من الأساس.

ما أضرار غياب التنمية المستدامة في الأعمال الزراعية ؟

غياب مفهوم التنمية المستدامة يعني أن هذه المؤسسات ستقوم بإيجاد “أية” وسائل ممكنة لازدهار مشاريعهم بغض النظر عن الأضرار اللاحقة التي ستصدر عن مثل هذه الأساليب. فهذه المؤسسات تقوم باستخراج المياه من أي مكان أو نقلها من الأنهار والبرك العذبة من أجل صناعاتهم. هذا الاستهلاك، غير الرشيد وغير المستدام، يتسبب في نقص المياه من هذه المصادر. كما يتسبب أيضا في زيادة ملوحة التربة نتيجة سحب الكثير من المياه من أسفلها في حالة المياه الجوفية. زيادة الملوحة هذه تؤثر على البيئة الزراعية بأكملها حيث تتسبب في تقليل كفاءة التربة على الزراعة، أو عدم قدرتها على زرع بعض المزروعات على وجه التحديد لعدم ملائمة هذه التربة لظروف هذه النباتات بعد الآن.

من الأشياء الأخرى التي لا تلقي لها هذه المؤسسات بالا، هي إلقاء الملوثات وبقايا المبيدات الحشرية المستخدمة في الزراعة في مياه الأنهار والآبار. وهذا يؤثر على المستوى البيئي الكلي ابتداءا بالحيوانات البحرية وانتهاءا بالمزروعات نفسها عند إعادة رويها بهذه المياه !

ما أسباب هذه الأضرار ؟

بعض الأمثلة عن غياب التنمية المستدامة، وأيضا أسباب هذه الأضرار السابق ذكرها:

نظام التروية غير المتقن

فكثيرا ما تكون هناك ثغرات في نظام التروية تؤدي إلى إهدار مقدار من المياه قبل وصولها إلى وجهتها المطلوبة عند المزروعات. وربما كان السبب في هذا الموضوع هو استسهال الشركات للحصول على أنظمة ريّ رخيصة أو غير متطورة بما يكفي.

الزرع في بيئة غير مناسبة

من أمثلة الأخطاء الكبيرة التي تقع فيها منظمات الزراعة، هي زراعة محاصيل معينة في بيئة غير البيئة المناسبة لها. فتخيل مثلا أن تزرع محصولا من المحاصيل الشرهة للماء، في بيئة لا تتوافر فيها المياه بكثرة ! سيتسبب هذا في الاضطرار إلى استخدام مياه من أماكن بعيدة، أو من أماكن غير مخصصة للزراعة. وسيتم استهلاك قدر كبير جدا من مياه هذه المنطقة في صالح المحاصيل الشرهة للماء على حساب الأشخاص والصناعات الأخرى في هذه المنطقة، على الرغم من أن المشكلة ليست في المحاصيل الشرهة للماء أبدا، وإنما في النظام غير المستديم نفسه.

فمثلا، إذا تم زرع المحاصيل الشرهة للماء في المناطق المطيرة طيلة العام مثلا، سيكون لدي هذه المحاصيل الشرهة للماء ، القدر الذي تحتاجه من المياه وبطريقة طبيعية جدا، دون الحاجة إلى الإجحاف بحق شئ على شئ.

التخلص من الملوثات في المياه

تعتبر هذه الطريقة غير مستدامة كما أوضحنا بالأعلى حيث أنها تأتي على حساب الكائنات الأخرى عوضا عن الضرر العائد على تلك المزروعات في دورة الزراعة القادمة نفسها !

كيف نحول المحاصيل الشرهة للماء من ضارة إلى مفيدة ؟

كما تبين من جميع ما سبق أن أزمة المحاصيل الشرهة للماء ليست نابعة من ذاتها، وإنما من كافة الظروف المحيط بها. فكيف إذا نحول هذا الوضع إلى العكس ؟ وكيف نتخلص من أزمة المحاصيل الشرهة للماء ، دون الاضطرار إلى التوقف عن إنتاج هذه المحاصيل ذات الأهمية في جميع مجالات حياتنا ؟

إيجاد حلول لمشاكل المياه

أول طريقة للحفاظ على هذه المحاصيل، هي المحافظة على موارد المياه النظيفة من الأساس يتأتّى هذا عن طريق:

الالتزام بالاتفاقيات البيئية

يعتبر هذا الالتزام طريقة للمحافظة على مصادر المياه والتنوع البيئي. ليس من أجل إزاحة الضرر عن المحاصيل الشرهة للماء فقط ولكن الكائنات الحيوية الأخرى أيضا. فهذه الاتفاقيات لم توضع إلا لمحاولة الحفاظ على موارد البيئة المختلفة.

إيجاد حلول مبتكرة

كما بينا بالأعلى، يوجد 71 % من مساحة الأرض من الماء الخالص. علينا أن نبذل جهدا وبحثا من اجل إيجاد موارد جديدة ومبتكرة عوضا عن هذه الموارد التي نتنازع جميعنا عليها دون محاولة الوصول لمورد آخر مختلف.

ترشيد الاستهلاك

هذا الشرط يجب أن يكون نابعا من داخلنا نحن. فنحن من نقوم بالإسراف عند التعامل مع المياه، ونحن من نقوم بإهدارها دون أسباب. علينا دائما أن نتذكر قبل كل نقطة نهدرها، أن هذه النقطة قد تكون سببا في زراعة محصول قد نضطر لعدم زراعته مجددا.

تطبيق التنمية المستدامة في المجال الزراعي

التنمية المستدامة كما أوضحنا هي الطريق لوضع أفضل بيئيا، سياسيا واقتصاديا. ماذا بإمكاننا أن نفعله إذا لنحقق التنمية الزراعية المستدامة ؟

زراعة المحاصيل في بيئة مناسبة

علينا أن ندرس التربة جيدا ونعرف خصائصها، وكذلك الطقس وأحواله، ثم نحدد بعد ذلك أي نبات ستناسبه هذه البيئة .. لا العكس ! كل نبات يستلزم بيئة معينة، وعندما نغض النظر عن هذا الشرط، سيكون الثمن آتيا من مواردنا الأخرى وإمكانياتنا المادية والبدنية. لذلك، الالتزام بالتماثل بين التربة والمحصول هو من الأمور الأساسية عند الزراعة.
في النهاية، المحاصيل الشرهة للماء ليست هي الضارة على البيئة، وإنما نحن أصحاب الضرر على البيئة. علبنا أن نعلم بأن أي شئ خلقه الله – أو القوة الخفية – لنا، ما هي إلا أشياء لصالحنا أو لصالح النظام البيئي عموما. لذلك، عندما نجد تعارضا بين تأثير هذه المخلوقات وبين تأثيرنا نحن، علينا أن نبدأ دائما في التشكيك في تأثيرنا أولا. فنحن من نسعى وراء مصالحنا دون الالتفات لاحتياجات البيئة حولنا دائما. ونحن القادرون على التحكم فيما حولنا عكس تلك المخلوقات. لذلك، علينا كأفراد أن ندرك أن كل تغيير ضار أو صالح هو بسببنا نحن. فتأثير كل فرد وحيد، عند تجميعه مع الأفراد الأخرى، هو ما ينتج هذا التأثير العالمي سواءا كان ضارا أم مفيدا.

 

أفنان سلطان

طالبة جامعية، أهوى القراءة واعتدت الكتابة كثيرا منذ صغري. على أعتاب التخرج ولا أدري بعد ماذا سأفعل.

أضف تعليق

أربعة + 10 =