من كان يومًا يظن أن حيوان الدب القطبي قد يحتاج إلى الإنسان ليحميه ويحافظ عليه ويقيه شر الانقراض؟ لكن هذا العالم موحشٌ وقاسي ليس على الإنسان وحده وإنما على كل الأحياء التي تعيش معنا وعندما يضرب بيد القسوة على أيدينا فهو لا يبقي ولا يذر ولا يترك حيًا إلا ويؤثر فيه ويهدده.
ما هو حيوان الدب القطبي ؟ وكيف نحميه من الانقراض؟
من اسمه يعيش الدب القطبي في في القطب المتجمد أي في المناطق الباردة المتجمدة وهي بخلاف بقية أنواع الدببة التي تعيش في الغابات والمناطق المعتدلة مؤهلةٌ جسديًا لاحتمال الانخفاض الشديد في درجة الحرارة الموجود هناك وتقضي أغلب يومها جالسةً على الجليد أو سابحةً في المياه الشبه متجمدة إما متنقلةً وإما باحثةً عن صيدها وإما تعلم أطفالها كيفية الصيد والنجاة في تلك البيئة القاسية، لكن مؤخرًا بدأ الموطن الأصلي لتلك الدببة يعاني من التهديدات البيئية ومع تزايدها بدأت حياة الدببة نفسها تصبح مهددةً وقلت أعدادها بشكلٍ مرعبٍ حتى أن بعض المناطق صار عدد الدببة الساكنة فيها يُعد على أصابع اليد وهو أمرٌ خطيرٌ أولًا لزيادة زيادة احتمالية انقراض هذا النوع الجميل من الحيوانات وثانيًا لأن انقراضه بالتأكيد سيؤثر على توازن الطبيعة.
البيئة الباردة مهمةٌ له
بعكس ما قد نراه نحن بنظرتنا الإنسانية من كون البيئة المتجمدة تلك قاسيةً على الدب القطبي إلا أن الحقيقة هي أنه لا يستطيع النجاة والبقاء دون الجليد وأنه يحتاج إليه للحياة والصيد والتكاثر وأن ارتفاع درجة الحرارة يؤثر عليه بقسوة وقد يؤدي لموته في درجة حرارةٍ يعتبرها الإنسان ما تزال باردة لكنها بالنسبة إلى الدب قاتلة، يغطي الدب معطفٌ سميكٌ من الفراء يتكون من عدة طبقات ويساعده على الحفاظ على دفء جسمه في أقسى العواصف الجليدية ويمكنه من النجاة في برودة المياه التي يقضي أغلب يومه سابحًا فيها، تغطي الطبقة الخارجية منه شعيراتٌ حامية قد تبدو للوهلة الأولى بيضاء اللون إلا أنها شفافةٌ في الواقع، وكلما زاد عمر الدب القطبي كلما زاد اصفرار لون شعيراته وفرائه، تحافظ درجة الحرارة الباردة على نظافة وصحة ذلك المعطف لكن إن بدأت درجة الحرارة في الارتفاع وانتشرت الرطوبة تجد فرائه يميل للون الأخضر بسبب نمو الطحالب والفطريات فيها، كما أن أقدامه عبارةٌ عن خفٍ مبطنٍ دافئٍ يساعده على الوقوف على الجليد ببساطةٍ دون أن تتجمد أو تصاب بقضمة صقيع.
تنتشر في تلك البيئة واحدةٌ من الحيوانات التي تعتبر الغذاء المفضل عند الدب القطبي وهي الفقمات وتعتبر غذاءه الرئيسي بجانب أي أسماكٍ يجدها في تلك المياه المتجمدة، يفضل الدب الفقمة بسبب زيادة نسبة الدهون في جسدها وعند تناولها تمنح جسده طاقةً عاليةً جدًا وتساعده على الإبقاء على حرارة جسده بشكلٍ مستمرٍ كما تعطيه قوةً تمكنه من السباحة في المياه لساعاتٍ طوال اليوم.
بعض صفات الدب القطبي
من المعروف أن الدببة بشكلٍ عامٍ هي كائناتٌ مستقرة وتحب دائمًا أن تحدد منطقتها بنشر رائحتها وآثار مخالبها على جذوع الأشجار تحذيرًا لأي دبٍ أو حيوانٍ آخر من الاقتراب، لكن الدببة القطبية لا تفعل ذلك وهي دائمة التنقل والترحال وبرغم شراستها وعنفها إلا أنها دائمة الترقب والحذر لكل ما يحيط بها، ولا تلجأ للهجوم على الإنسان إلا في حالاتٍ قليلةٍ خاصة مثل أن يهددها بشكلٍ مباشر أو أن تكون على وشك الموت جوعًا لكن في الحالات العادية فهي تتجنبه وتبتعد عن منطقة تواجده.
غالبًا ما تعيش الدببة القطبية وحيدة لكنك قد تجد أمًا يرافقها صغارها وفي بعض الأحيان قد تجد دببةً ناضجةً تستمتع بالسباحة أو الاستلقاء أو اللعب معًا لفترةٍ من الزمن بعدها تفترق عن بعضها كلٌ في طريقه، نادرًا ما يستخدم الدب القطبي صوته في التواصل وإن استخدمه فيكون منخفضًا وقصيرًا وبعكس بقية الدببة التي تنشر رائحتها لتحذير البقية فإن القطبي ينشرها ليساعد البقية على التعرف على الطرق المأهولة وأماكن الطعام وأنه ليس وحيدًا.
لماذا هو مهددٌ بالخطر؟
العدو الأول الذي يواجه الدب القطبي والبيئة التي يعيش فيها هو الاحتباس الحراري فمع ارتفاع درجة حرارة الجو من حوله بدأ جليد القطبين في الذوبان وصارت بيئته أكثر دفئًا مما هو معتادٌ عليه وقلت الأماكن التي تناسب حياته وتعطيه فرصة التكاثر وبناء أجيالٍ جديدةٍ من نوعه وإيجاد الغذاء الكافي لإطعام نفسه وأطفاله، وفي بعض الأحيان تختفي الكتل الجليدية من بعض الأماكن وهو ما يجبر الدب على السباحة في المياه لوقتٍ كبيرٍ ومسافاتٍ طويلة أحيانًا تنتهي باستنزاف طاقته كلها وعجزه عن استكمال السباحة أو إيجاد مكانٍ يرتاح فيه فيتوقف عن السباحة ويغرق.
يعجز الدب في هذا المناخ عن إيجاد فقماتٍ أو طعامٍ يصلب جذعه فيبدأ في مسيرته نحو الموت جوعًا وقد يحدث أن يجد الدب القطبي الجائع ذاك جماعةً من البشر القريبة فتدفعه غريزته للهجوم عليهم على أمل أن يستمد من تناولهم طاقةً تساعده على الاستمرار والبحث عن مكانٍ يستطيع إكمال حياته فيه.
جهودٌ لحماية الدب القطبي من الانقراض
بعد اعتبار تلك الفصيلة الجميلة مهددةً بالخطر بدأت جمعية حقوق الحيوان اتخاذ إجراءاتٍ أخرى لحمايته فجعلت العديد من المناطق التي يعيش فيها أشبه بالمحمية الطبيعية التي تم منع الإنسان من أن يمد يده العابثة فيها ويعبث بمكونات وعوامل تلك البيئة، صار الإنسان ممنوعًا من اتخاذ أي إجراءٍ يؤثر بالسلب على الجليد والمياه في تلك المنطقة سواءً بالتلوث أو بالصناعات أو بأي شيءٍ من هذا القبيل، وبالطبع تم منعه منعًا باتًا من صيد أي حيوانٍ في تلك المنطقة سواءً من الدببة نفسها أو من الحيوانات الأخرى التي تتغذى عليها الدببة في محاولةٍ لإعطائها فرصةً لتسترد قوتها وعافيتها ولتتمكن من التكاثر مرةً أخرى فتستعيد أعدادها المتناقصة بجنون.
الدب القطبي في الثقافة الشعبية
مثل الدب القطبي جزءًا مهمًا جدًا في ثقافات بعض الشعوب منذ قديم الأزل لذلك فإن فكرة انقراضه هي فكرةٌ مخيفةٌ جدًا لتلك الثقافات ومؤثرةٌ بالسلب فيها، ومن المعروف أن لتلك الدببة قدرةً عاليةً ومهاراتٍ متعددةً في الصيد والسباحة ويعتبر أصحاب تلك الثقافات أن أجدادهم القدماء تعلموا تلك المهارات وأتقنوها من الدببة ثم توارثوها عبر الأجيال لذلك يكنون حبًا واحترامًا عظيمين لها.
كما أن هنالك الكثير من الأساطير والحكايات الشعبية التي تقول بأن الدببة القطبية ما هي إلا بشرٌ يحافظون على هيئتهم البشرية داخل بيوتهم وبين أقرانهم فإن خرجوا للصيد أو للحرب تحولوا إلى دببةٍ قويةٍ وباطشةٍ لا يقدر على هزيمتها أحد، وساعدت تلك الحكايات على غرس الاعتقاد بأن أرواح الدببة القطبية والبشر مندمجةٌ ومتشاركة وأن اختلاف شكل الجسد ما هو إلا قالبٌ خارجيٌ وحسب بينما صميم ذلك القالب واحد.
لكن بعضًا من تلك الاعتقادات كانت سببًا من أسباب قلة أعداد الدببة القطبية حينما كان يتم صيدها وإقامة احتفالاتٍ على جثثها وجماجمها أو عندما كانت بعض القبائل تصطاد الدببة لتعلق أنيابها في عقدٍ على صدرها أو تصنع من جماجمها قبعاتٍ ترتديها معتقدين أنهم بذلك يحمون أنفسهم من الدببة البنية التي لن تجرؤ على مهاجمة إنسانٍ يرتدي أنياب أو جمجمة دبٍ قطبيٍ كبيرٍ ومتوحش.
أضف تعليق