يُعتبر طائر الأوك العظيم أحد أهم الحيوانات التي انقرضت خلال القرنين الماضيين، فقد كان ذلك الطائر يُزين سواحل البحار والمُحيطات، لكنه تعرض فجأة لهجمة شرسة من الطبيعة والبشر في نفس الوقت، أدت إلى قتل أعداد كثيره منه، حتى انتهى الأمر مع انتصاف القرن التاسع عشر وانقرض ذلك الطائر نهائيًا، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتعرف أكثر على طائر الأوك العظيم وحياته وبيئته المُناسبة، ثم بعد ذلك سنتعرف على الأسباب التي أدت لانقراضه، وهل للطبيعة دخل فيه فعلًا أم هي فقط من صنع البشر؟
محتويات
ما هو الأوك العظيم؟
الأوك العظيم حيوان يتبع جماعة الطيور، بالرغم من أنه لا يستطيع الطيران من الأساس، وهو محسوب على فصيلة النورسيات، وتحديدًا شعبة البطريقيات، لذلك يُشبه الأوك العظيم كثيرًا بطائر البطريق.
يمتلك الأوك قامة منتصبة وكسوة خارجية تأخذ اللون الأبيض والأسود مثلما هو الحال تمامًا مع البطريق، مما دفع البعض إلى الزعم بأن الأوك العظيم ما هو إلا تطور طبيعي للبطريق، عمومًا، يصل وزن أكبر طائر أوك إلى ثلاث أوقيات، أي خمسة وثمانين كيلوجرام، بينما الطول لا يتجاوز الست بوصات، أي خمسة عشر سنتيمتر، وهو تشابه آخر قوي بين البطريق والأوك العظيم.
غذاء الأوك العظيم
كان الأوك العظيم يتغذى على الأسماك الصغيرة وأعشاب البحر، أو الأشياء المُحيطة به على السواحل، حيث كان لا يُخاطر أبدًا بالذهاب إلى أماكن عدا هذين المكانين من أجل الحصول على الطعام، كان يرى في سواهما الهلاك ويُفضل الجوع عليهما، لذلك كان يعتمد على غذاء البحر أكثر من اليابس.
لم يأكل الأوك العظيم أبدًا اللحوم، اللهم إلا لحوم الأسماك إذا تم اعتبارها كذلك، لكن، كان يمتلك في أحشاؤه مخزون كبير من اللحم، فجسده كان يفعل ذلك ذاتيًا، وهي مُعجزة صغيرة، اُختص بها الأوك العظيم.
حياة الأوك العظيم
كما ذكرنا، يُمكن أن نجد حيوان الأوك العظيم في كل مكان قريب من الماء، وخاصةً سواحل البحر والمحيطات الموجودة في الدول الأوربية مثل كندا وأيسلندا وبريطانيا والنرويج، وكل هذه الدول تشترك في كونها دول بارده وهادئة.
تضع أنثى الأوك العظيم البيض الخاص بها بالقرب من الشواطئ، ثم تبقى طوال العام بالقرب من ذلك الشاطئ لمراقبة ذلك البيض والزود عنه، بالرغم من أنه يفقس ذاتيًا ولا يحتاج أن ترقد عليه، والحقيقة أنه لم يكن هناك حاجة في الأساس لحماية بيض الأوك، لأنه لم يكن يعرف العداوة والأعداء، وشيء آخر لم يكن يعرفه، وهو الطيران، بالرغم من كونه في الأصل حيوان طائر.
الأوك العظيم والطيران
لم يعرف الأوك العظيم الطيران بسبب وزنه الزائد، لكن يُقال إنه كان في البداية يعرفه، وكان يُحلّق على ارتفاع منخفض جدًا لا يصل إلى أمتار، لكن مع الوقت أصبح غير قادر على الطيران نهائيًا.
كان عدم القدرة على الطيران نقطة ضعف كبيرة بالنسبة لطائر الأوك العظيم، لأنه عند بداية الصيد فيه مطلع القرن السابع عشر لم تكن لديه القدرة على الفرار والزود عن نفسه، وأيضًا كان بطيئًا لا يستطيع الركض لمسافات كبيرة، لذلك كان أسهل شيء على سواحل أوروبا هو صيد الأوك العظيم، وربما هذا ما جعل الأمر يحدث بهذه السرعة.
الأوك العظيم الضعيف
كان ضعف الأوك العظيم واضحًا جدًا، فعلى اليابسة، يستطيع أي حيوان مفترس التهامه بسهولة بسبب عدم قدرته على الطيران، وتحت الماء لم يكن الأمر يختلف كثيرًا، لأنه كان غير قادر على السباحة لمسافات أيضًا، لذلك كان وليمة جيدة للقروش والحيوانات المفترسة في البحر، إضافةً إلى البشر وما فعلوه به.
كان الأوك العظيم في بداية الهجمات عليه يتخذ من أماكن معينة مستودعًا له، كان يُسميها بالمناطق الآمنة، وكانت هذه المناطق تمتلك ميزة واحدة، وهي أنها خالية من الحيوانات المفترسة والبشر المفترسين أيضًا، لكن الحصول على ذلك الأمان كان يستوجب القيام برحلات شاقة بعض الشيء، وكان عادة ما لا يتحمل الأوك العظيم الضعيف مثل هذه الرحلات، فكان إما يهلك في الطريق أو يُرصد من قِبل المفترسين، وهكذا بدأت رحلة الانقراض.
انقراض الأوك العظيم
منذ زمن بعيد عانى الأوك العظيم من خطر الانقراض، لكنه كان يتغلب عليه في كل مرة، واستمر على ذلك المنوال حتى منتصف القرن التاسع عشر، وهو الوقت الذي تناقصت فيه أعداد الأوك العظيم بشكل يدعو للغرابة، لكن لم يكن هناك مجال لهذا الاستغراب، إذ أنه بعد سنوات قليلة تعرض ذلك الطائر للانقراض بالفعل، وأصبح مجرد جزء من التاريخ.
انقرض الأوك العظيم لم يكن في الحقيقة أمر عادي، وذلك لأنه في البدء جاهد من أجل الاستمرار والبقاء، وثانيًا كان الفرد الأخير في فصيلته، وأصلًا تعتبر نوعية حيوان الأوك نوعية نادرة، فما بالكم بانقراض الفصيلة الأندر في الحيوان الأندر، عمومًا، لم يكن هناك الكثير من الوقت من أجل التبكي والندم، وإنما كان لابد من التعرّف على أسباب الانقراض.
أسباب الانقراض
إذا ما تناولنا أسباب انقراض الأوك العظيم فيجب أن نتفق في البداية إلى قسمين، قسم يتعلق بالأسباب الطبيعية التي لا دخل للإنسان فيها، وقسم آخر بشري نتج عن الصيد وغيره من الممارسات، أما القسم الذي يتعلق بالأسباب الطبيعية فهو يتمثل في السفر لمسافات طويلة وما تسبب فيه من إرهاق كان يؤدي غالبًا إلى الموت قبل نهاية الرحلة، والأمر الثاني هو تغير الظروف المناخية وتأثيرها على طبيعة الأوك الضعيفة وبالتالي تسببها في هلاكه.
بالنسبة للأسباب البشرية التي أدت إلى انقراض الأوك العظيم فهي تتمثل بالطبع في كثرة الصيد عليه، وذلك من أجل الطعام، فقد صادف أن وقعت مجموعات كبيرة من الأوك في قبضة بعد الصيادين البحريين، فقاموا بالاستيلاء على المجموعة كاملة واستخدموها في الطعام، وكانت هذه المرة الأولى التي يتم فيها استخدام الأوك العظيم في الطعام، ولما تبين جدوى ذلك الأمر أصبح الأوك وجبة رئيسية لدى أغلب البحارة، وذلك بسبب مذاقه وتوافره بكثرة قبل كل شيء، لكن السؤال الآن، هل كان يتم صيد الأوك العظيم من أجل أكله فقط؟
تجارة الأوك العظيم
بالتأكيد لم يكن الطعام هو السبب الرئيسي والوحيد لصيد الأوك العظيم، بل أنه ثمة تجارة جديدة ظهرت في نهاية القرن السادس عشر كانت تعتمد بشكل أساسي على جلود وعظام الأوك، حيث كانوا يستخدمونها في عدة استخدامات منها ما يتعلق بالمجال الطبي ومنها ما يتعلق بالسحر.
لندرة الأوك العظيم كان البعض يعتقد أن دمه نادر كذلك، وأنه من الممكن جدًا أن يتم استخدامه في أغراض السحر والشعوذة، وهذا ما حدث بالفعل، حيث كان السحرة ينصحون المرضى والمسحورين بشرب دماء الأوك العظيم، فكان هذا سببًا آخر لصيده ساهم في القضاء عليه وانقراضه نهائيًا منتصف القرن التاسع عشر.
أضف تعليق