من أكثر المخاطر التي بُلي بها البشر الأمطار السامة أو الحمضية التي تهبط من السماء وهي تحمل معها الحمض، والحمض باختصار مادة سامة قاتلة لا تُبقي على إنسان أو نبات أو حيوان، كل كائن حي يُمكن أن يتأثر بسبب هذه الأمطار، حتى أن بعض الدراسات تقول إن زيادة تلك الأمطار عن معدلها الحالي واحد بالمئة فقط سوف يؤدي إلى نهاية العالم بعد مئتي عام على الأكثر، إذ أن هذه الأمطار لا تتواجد على الكوكب بالصورة الكبيرة، لكن العوامل التي تؤدي إلى وجودها تتزايد كل يوم، لذلك فإنه من المنطقي تمامًا زيادة كمية الأمطار من هذا النوع، والتي تنتج لأكثر من سبب أهمها التعامل غير الحضاري للبيئة من قِبل الإنسان، تلك البيئة التي تُعتبر في الأساس ساتر الحماية الأخير على هذا الكوكب بعد الله عز وجل، عمومًا، في السطور القليلة المُقبلة سوف نتعرض للأمطار السامة ونعرف الكيفية التي تتكون من خلالها وما هي أهم التأثيرات الضارة التي تتركها، فهي بنا نقترب أكثر من هذا الخطر المُحدق.
محتويات
ما المقصود بالأمطار السامة؟
من المعروف أن الإنسان يقوم بتأثير كبير في حدوث الكثير من الظواهر الطبيعية، بمعنى أننا عندما نسمع مصطلح الظواهر الطبيعية فسوف نعتقد بالطبع أننا نتحدث عن تلك الظواهر التي تحدث بصورة طبيعية، وهذا صحيح بالتأكيد، لكن مساهمة الإنسان تأتي في صورة بعد العناصر أو العوامل التي يسعى لحدوثها ثم تُنتج في النهاية تلك الظاهرة الطبيعية، ومن أهم هذه الظواهر الأمطار السامة أو الحمضية كما يُطلق عليها البعض، فهي مجرد مطر عادي يمر بدورة المطر العادية المُتعارف عليها ثم يسقط بالطريقة التقليدية الشهيرة أيضًا، لكن الفارق أن هذا المطر يكون مُحملًا بالحمض، وعادةً ما يميل لونه إلى الأسود أو الرمادي، الشيء المؤكد أنك عندما تراه ستعرف أنه غير طبيعي بالمرة.
لن تتمكن الرؤية فقط من تحديد صلاحية هذا المطر من عدمه، وإنما سيلزم أيضًا الشعور بالتأثير الذي سيتركه المطر، فمن الممكن أن يختلط المطر بأي شيء آخر ثم يأخذ أيضًا اللون الذي نتحدث عنه، لكن التأثير، والذي يظهر في صورة سموم وأمراض، هو المحدد الأول والرئيسي لكون هذا المطر حمضي أم لا، لكن السؤال الذي يجب أن نسأله بالتأكيد يجب أن يكون عن الأسباب التي تؤدي إلى تكوين هذه النوعية من الأمطار السامة.
أسباب تكون الأمطار السامة
لم يدم البحث طويلًا عن أسباب تكون الأمطار السامة، فهي منذ الوهلة الأولى سوف تبدو واضحة للغاية، حيث أن الدراسات والأبحاث تقول إن الدخان الذي نجده في كل مكان حولنا هو السبب الرئيسي، ذلك الدخان الذي نستخدمه كما نعرف في عمليات الحرق والتخلص من النفايات أو أي مواد أخرى، والمشكلة ليست في الدخان نفسه وإنما في المواد الخطيرة التي تنتج عنها، أو الغازات الخطيرة على وجه التحديد، فهو يتسبب في وجود أنواع كثيرة من الغازات مثل أكاسيد الكبريت والنيتروجين والكلور وثاني أكسيد الكربون، فهذه الغازات معروفة طبعًا بخطورتها وتأثيرها الشديد خاصة في حالة اتحادها، وهذا ما يحدث بالضبط في عملية سقوط المطر الحمضي.
بلا مبالغة يُمكن القول إن كل دخان نراه حولنا هو دخان سام وخطير جدًا على البيئة، لكن ثمة فوارق بالطبع بين هذه الأدخنة من حيث كيفية تكونها، فالفحم والغاز والنفط مثلًا عند حرقهما يؤديان إلى أدخنة كثيفة، وهذا ما نراه في المصانع والبواخر، لكن ما لا يعرفه البعض أن تلك المواد عند حرقها تُخرج غازات بدرجة كبيرة من السموم تُسهم في تكوين الأحماض بدرجة ربما تتجاوز ما يُسهم فيه دخان حريق النفايات مثلًا، على كلٍ، مهما كان المنفذ فإن الدخان عندما يتصاعد إلى السماء تكون هناك مشكلة حقيقية قد تصاعدت معه أيضًا، وتلك المشكلة ببساطة هي الأمطار السامة.
أخطار الأمطار السامة
ليس من المعقول أن نُحذر من مشكلة ما دون أن نعرف ما هي أهم المخاطر التي يُمكن أن تُسببها وكيف يُمكن أصلًا تسبيبها، وفيما يتعلق بمشكلة الأمطار السامة فإن الأخطار التي تُسببها ليس هناك أكثر منها، وأهمها تسميم الماء والكائنات التي تتواجد بداخله، أو بمعنى أدق القضاء على المخلوقات البحرية والثروة السمكية.
القضاء على المخلوقات البحرية
من أهم المخلوقات التي يحتاجها البشر في طعامهم المخلوقات البحرية، والمتمثلة بشكل رئيسي في الأسماك، لكن الأمطار السامة عندما تأتي فإنها لا تُولي أي اهتمام بهذه المخلوقات، وإنما تُسمم الماء الذي يعيشون به، وبالتالي تتسمم المخلوقات مع العيش في هذه المياه، وهي طبعًا مُشكلة كُبرى تستدعي من جميعنا الوقوف من أجل الحفاظ على هذه الثروة العظيمة، فهناك بعض الثقافات التي لا تعرف الدجاج أو الماشية، وإنما فقط الأسماك والمخلوقات البحرية.
تجريد التربة من فاعليتها
أيضًا تتسبب الأمطار السامة في أذية أحد أهم العناصر في حياة البشر، وهو عنصر الأرض أو التربة، فهذه التربة تقوم بإفراز الفواكه والخضروات والنباتات التي نحتاج لها، لكن الأمطار السامة تأتي لتجريد تلك التربة من فاعليتها ونشر الألومنيوم فيها، مما يؤدي إلى تبوير التربة، ومع تكرر هذا الأمر في مناطق كثيرة فمن الممكن جدًا ألا يجد الإنسان أي أرض صالحة للزراعة، وهذه كارثة بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، ولهذا يجب أن نشعر بخطورة هذه الأمطار.
نشر بعض الأمراض الخطيرة
كنتيجة حتمية لتلويث الماء والتربة فإن الأمراض بكل تأكيد سوف تجد طريقة للولوج إلى الإنسان والانتشار في الهواء بشكلٍ عام، وهذا ما يجعل الأمر صعبًا بالطبع، فإذا افترضنا أننا قد أفلتنا من كل ما سبق فإن الهواء الذي يتحرك بجوارنا طوال الوقت سوف يكون مشبعًا بالأمراض الخطيرة القاتلة، وهو خطر سيحتاج إلى جهد مُضاعف، حيث أننا لن نكون مطالبين بإيقاف المرض فقط وإنما أيضًا إيقاف الأمطار السامة التي تؤدي إلى هذا المرض، وهذا ما سيقودنا بالضرورة إلى البحث عن بعض الحلول التي يُمكن من خلالها القضاء على الأمطار الحمضية، فهل هذا ممكن؟
حلول لمشكلة المطر الحمضي
هل يكون القضاء على الأمطار السامة أو الحمضية، في الحقيقة هذا الأمر محل جدال لأنه لم يستطع أحد حتى الآن إيقافها، فهي موجودة بالفعل وتهبط في بعض الأماكن النائية التي ربما لم يتمكن الإنسان حتى الآن من الوصول إليها، لكن في نفس الوقت، وعملًا بمقولة إذا عُرف السبب بطل العجب، فإن حل هذه المشكلة يكمن بشكل رئيسي في إيجاد الأسباب ومنعها، اجتثاث المشكلة من جذورها بالمعنى الأدق، وإذا سلمنا بكون أدخنة وملوثات المصانع والسفن هي التي تؤدي إلى ذلك فإن التوقف عن إفراز هذه الملوثات سوف يؤدي إلى إيقاف الأمطار السامة، لكن هل يمكن إيقاف عجلة الصناعة؟ الإجابة على هذا السؤال متروكة لكم.
أضف تعليق