تختلف أنواع التربة من مكان إلى مكانٍ آخر، وتختلف كذلك الأشياء التي تصلح لتكون في نوع ولا تصلح أن تكون في نوع آخر من أنواع التربة، لكن، ثمة شيء واحد يتفق الجميع عليه وهو أن التربة بشكل عام تُعتبر مكون رئيسي وهام في الحياة البشرية، فبالإضافة إلى أنه القشرة الأولى والأساسية للأرض إلا أنها كذلك تُعد مجمعًا لكافة العمليات الحيوية التي تحدث عليها، والتي أهمها بالتأكيد عملية الزراعة، فكما تحتاج الزروع والثمار إلى الماء لكي تنبت فإنها كذلك تحتاج إلى التربة التي ستشهد في الأساس هذه العملية، عمومًا، دعونا لا نستفيض في هذه العملية ونتناول سويًا أنواع التربة وخصائصها وأيها تصلح للزراعة وأيها لا تصلح.
ما هي التربة؟
قبل أن نتعرف على أنواع التربة عينا أولًا التعرف على معنى التربة من الأساس، فالكثير منا كان يعتقد حتى وقت قريب أن المقصود بالتربة هو كل ما نقف عليه من كوب الأرض، بل إن البعض قد جعل التربة والأرض كلمتان لمعنى واحد، لكن الحقيقة أنها يختلفان، فالتربة ما هي إلا القشرة أو الطبقة الأولى للأرض.
تكونت التربة، والتي تُعتبر طبقة ضعيفة من التراب، بفعل عوامل كيميائية وبيولوجية، كما أن الأصل أو المرجع لتلك التربة في الأساس هو الصخور المفتتة التي أدى تفتيتها إلى تناثرها على الطبقة الخارجية للأرض ثم بفعل بعض العوامل تكونت التربة وأصبحت مستعدة للاختلاط ببعض المواد العضوية التي أكسبتها بعض الصفات والخصائص.
أنواع التربة وخصائصها
بالرغم من أن الصخور التي تكونت منها التربة صخور واحد إلا أن التربة قد انقسمت إلى عدة أنواع لكل نوع خصائصه وصفاته، تلك الأنواع في الحقيقة لم تخرج لنا عبثًا، وإنما حدث ذلك بفعل المواد العضوية التي اختلطت معها التربة، والتي تفاعلت مع حالة الطقس والظروف المناخية حتى أنتجت لنا مجموعة من الترب، ولكل تربة من هذه الأنواع كما ذكرنا خصائصها ومميزاتها التي تختلف عن الأنواع الأخرى، وأهم هذه الأنواع بالتأكيد التربة الطينية والرملية والرسوبية.
التربة الطينية
تعتبر التربة الطينية من أهم أنواع التربة وأكثرها انتشارًا، والحقيقة أن تلك التربة أهم ما يخطف إليها الأنظار هو لونها الأحمر الغريبة، ثم بعد ذلك تبدأ صفاتها وخصائصها في الايضاح، حيث أنها، وبسبب حبيباتها المُتقاربة، تمتص الماء وتحتفظ به بداخلها، وقد يعتبر البعض ذلك الأمر جيد ومميز إلا أنه في الحقيقة عيب خطير، وذلك لأن احتفاظ التربة بالماء يعني أن الصرف غير جيد، وبالتالي يتم إعاقة الحياة الزراعية داخل التربة.
ليس ما سبق فقط هو ما يمكن اجماله ضمن خصائص التربة الطينية، فهناك أيضًا تلك الشكوك التي تظهر على سطحها حال تعرضها للجفاف، وهو ما يجعل مسألة تهوية التربة أمر شبه مستحيل، والحقيقة أن التربة التي تكون تهويتها وسريان الماء بداخلها أمر بهذه الصعوبة لا تكون أبدًا مُحبذة لدى المُزارعين، وهو ما ظهر في الإحجام عليها.
التربة الرملية
لا تقل التربة الرملية سوءً عن التربة الطينية، بل لن نبالغ إذا قلنا إن التربة الرملية تعتبر واحدة من أسوأ أنواع التربة، وذلك لسبب بسيط جدًا، وهو عكس ما يميز التربة الطينية، ويمكن في الحبيبات المتباعدة وعدم التمسك، مما يؤدي إلى عدم الاحتفاظ بأيًّ من العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات الموجودة في التربة.
منذ الوهلة الأولى لظهور التربة الرملية أدرك الإنسان أنها غير صالحة للزارعة أو حتى البناء، ففكرة عدم التماسك التي تعتبر من أهم خصائص التربة الرملية تسهم في نفير أغلب المواد منها، والحقيقة أنه لم يثبت أبدًا أن أصبحت التربة الرملية أرض زراعية، وهو ما يُفسر بالتأكيد نفور الناس من الصحاري، وذلك لأن أغلب الترب الموجودة بها تنتمي للنوع الرملي، والذي لا يصح لأي شيء يذكر، اللهم إلا تفتيته واستخدامه كرمال ومواد تُستخدم في عملية البناء.
التربة السلتية
في الحقيقة تُعتبر التربة السلتية أحد أبرز أنواع الترب وأفضلها وذلك لسبب بسيط جدًا، وهو أنها تجمع المميزات الموجودة في كلا النوعين السابقين، وهما التربة الرملية والطينية، أي أنها متمسكة وفي نفس الوقت تمتلك تصريف جيد، تحتفظ بالماء ويتخللها كذلك الهواء، كما أن جميع العناصر التي يحتاجها أي محصول زراعي تتواجد في هذه التربة، وبالتالي تُصبح أحد أفضل أنواع الترب بلا منازع، وبخلاف كل ذلك نجد أنها تتوافر بكثرة في الأماكن التي يمكن أن تتواجد بها، وهذا يعني بوضوح أنه إذا كانت هناك منطقة بها تربة سلتية فتوقع أن تجد أماكن كثيرة محيطة بها تحمل نفس التربة من حيث الكفاءة، حتى ولو لم تكن تبدو كذلك.
التربة البنية
التربة البنية كذلك تعتبر نوع جيد ومُفضل من أنواع الترب، والحقيقة أن التربة البنية كما يتضح من اسمها تأخذ اللون البني وتدرج منه، وتتميز تلك التربة بمسامتها التي تميل لكونها لدودة، مما يجعلها بيئة مناسبة جدًا لزراعات أشياء كي لا تنضج بنفس الشكل في نوع آخر من الترب، وذلك مثل الأعشاب مثلًا، فأغلب الأعشاب، أو الجيد منها على وجه التحديد، يتبع التربة البنية، حيث تجد تلك النباتات الوسط المعيشي المناسب بين مساماتها، هذا الرغم من أن مساحة التربة البنية قليلة في الأساس مقارنةً بباقي أنواع الترب.
التربة الرسوبية
نعود مجددًا إلى أنواع التربة التي لا تخدم الفلاح ولا يجد فيها غايته، ومن ضمن هذه الأنواع نوع يُطلق عليه التربة الرسوبية، وهو الذي لا يحتوي في الأصل على العناصر التي تحتاجها النباتات، أي أنها ببساطة شديدة لا تجد فيها بيئتها المناسبة، وبالتالي تندر الزراعة في ذلك النوع من الترب، حتى أن بعض النباتات إذا ما حدثت معجزة ونبتت داخل التربة الرسوبية فإنها ستجد أمامها عقبة أخرى، وهي أنها لن تستطيع بجذورها الإفلات من داخل التربة وتبقى حبيسة حتى الموت، وهو ما يضعنا أمام عيب آخر يجعلنا نستبعد التربة الرسوبية نهائيًا من قائمة أنواع التربة الجيدة.
تربة الطمي
لا يجب أبدًا أن نذكر أنواع التربة ولا نتناول تربة الطمي، فهي تعتبر من أفضل أنواع الترب بالرغم من كونها لزقة، وذلك بفعل الاختلاط الدائم للتراب بالماء، والحقيقة أن ظهور هذه التربة قد حل مشكلة زيادة مساحة التربة الرملية الهائلة، حيث أن قد ابتكار طرق يمكن من خلالها تحويل الترب الرملية إلى تربة طمي جيدة وصالحة للزراعة، وما يمكن تصنيفه كأحد الإنجازات الزراعية التي لا تقل عن اختراع الري الزراعي والأسمدة.
تحتوي تربة الطمي كذلك على نسبة ليست بالقليلة من الدّبال، وهو ما منحها تميز أكبر وجعلها تتنافس مع التربة السلتية على لقب أفضل أنواع التربة الموجودة، وإن كانت الكفة ستميل إلى تربة الطمي بسبب معدل زيادة مساحتها المتصاعد.
أضف تعليق