تسعة بيئة
أسد البحر
بيئة » الطبيعة » أسد البحر : جهود مضنية لحماية الحيوان النادر من الانقراض

أسد البحر : جهود مضنية لحماية الحيوان النادر من الانقراض

أسد البحر نوع من أنواع الأسماك الكبيرة التي تسكن البحر، والتي يُطلق عليه الناس قديمًا لقب كلب البحر بسبب حاسة الشم القوية لديه، ولكن يسمى بأسد البحر الآن.

كما أنه هناك أسد البر فثمة أسد البحر أيضًا والحقيقة أنه يختلف اختلافًا تامًا من حيث الشكل عن أسد البر الذي نعرفه جميعًا ونُلقبه بأسد الغابة، إلا أن بعض الصفات المشتركة في القوة والزعامة جعلت من اسم أسد البحر اسمًا مُناسبًا له، مع العلم أنه قديمًا كان يُسمى باسم حيوان بري آخر، وهو الكلب، فكان يُقال كلب البحر، ويُضرب بهذا الاسم الأمثال حتى تشبع الناس به، لدرجة أنهم باتوا يعتقدون بوجود الحيوانين معًا، أسد البحر وكلب البحر، عمومًا، ما يخصنا، وما سنحاول التعرف عليه في السطور القادمة هو حيوان أسد البحر، حيث سنتعرض لحياته كاملة بما فيها تهديده بالانقراض.

ما هو أسد البحر؟

قد يعتقد البعض من الاسم أننا نتحدث عن حيوان شرس متوحش لا يرحم، وهذا في الواقع افتراض يحمل نصف المصداقية، إذ أن أسد البحر بالفعل حيوان شرس وقوي، لكنه في نفس الوقت لا يعرف التوحش والافتراس، بل إنه لا يعرف أي شيء بخلاف السباحة في الأعماق، وربما هذه ما أكسبه تلك الشعبية الكبيرة وجعله محبوبًا بعض الشيء، لكن سبب التسمية الحقيقي يرجع في الواقع إلى شكل أسد البحر وما يتواجد حول عنقه من عُرف، يُشبه كثيرًا ذلك العرف الموجود حول رقبة ذكر أسد البر، ومن هنا جاءت التسمية الشائعة الآن.

قديمًا كان يُسمى أسد البحر باسم كلب البحر، ولم تكن مجرد تسمية، بل اعتقاد سائد لدى الكثيرين، حتى أنهم باتوا يستخدمون الاسم في التشبيهات والأوصاف، لكن مع الوقت اكتُشف حقيقة كونه أسد البحر وليس كلبه، وقد اتضح ذلك أكثر من خلال الأوصاف التي يمتلكها هذا الحيوان، والذي ليس في الأصل سوى سمكة.

أوصاف أسد البحر

لا يعني ما ذكرناه عن حجم أسد البحر الكبير وتشبيه بأسد البر أننا بصدد التحدث عن حيوان يزن مئات الكيلوجرامات، وإنما في الحقيقة القوة المقصودة هنا هي القوة المجردة التي لا تعتمد على شيء، فمثلًا طول أسد البحر، من المعروف أنه يبدأ من ستين سنتيمتر، ويأخذ كل فرد من هذا النوع طولًا مُختلفًا، إلا أن السائد، والذي لا يُمكن أن يزيد عليه أي أسد بحر، هو مئة سنتيمتر، وهو في الحقيقة طول غير مُرعب بالمرة.

بالنسبة للوزن فهو أمر آخر أكثر غرابة، فلكم أن تتخيلوا أن وزن أسد البحر لا يزيد عن مئة وسبعين كيلو جرامًا، بل أن هناك ما يكون وزنه مئة كيلو جرام فقط، وهو بالطبع وزن قليل لا يليق أبدًا بحيوان يُلقب بالأسد، لكن بعيدًا عن أوصاف الطول والوزن، فهناك أشياء أخرى تُميز شكل أسد البحر، أبرزها القشور التي تأخذ شكل أسنان وتُغطي مناطق كثيرة بالجسد، والواقع أن تلك القشور يُقدرّ عددها بالألف قشرة.

غذاء أسد البحر

حيوان أسد البحر ليس متوحشًا كما ذكرنا من قبل، لكن ذلك لا يمنع من كونه يضطر إلى التغذي على بعض الأسماك الصغيرة من أجل البقاء على قيد الحياة، فهي غذائه بالإضافة إلى نباتات البحر، لكن عامةً، لا يأكل أسد البحر كثيرًا، وإنما مرة واحدة فقط في اليوم، وعادة ما تكون هذه المرة بالليل، وربما الأحجام عن الإكثار من الطعام هو السبب الرئيسي في الوزن الصغير إلى حدٍ ما الذي تأخذه فصيلة أسد البحر بأكملها، لكن هناك كذلك ما يسترعي الاهتمام في حياة هذا الحيوان، حياته ككل محط أنظار الجميع، سواء كانت بحث ودراسة أو تأمل.

حياة أسد البحر

في المحيط الأطلنطي، وتحديدًا في المياه الشرقية التي تبدأ في أوروبا وتنتهي في أفريقيا، يعيش أسد البحر حياته في تنظيم غريب ومُتقن، تًساعده فيه الطبيعة والأشياء التي حباها الله له، وذلك بدايةً من حاسة الشم، والتي تمنح سمكة أسد البحر قدرة هائلة الاستشعار والإحساس بالأسماك الصغيرة التي ترنو إلى صيدها، مما يُسهل في النهاية عملية الغذاء برمتها، والحقيقة أن هذه الحاسة تتضح أكثر في مناطق القيعان، والتي تُصبح فيها الرؤية شبه منعدمة.

يُفضل أسد البحر أستوطان القاع دائمًا، ولا يظهر على السطح إلا عند البحث عن الغذاء فقط، وإذا كان هذا الأمر يُعد نوعًا من الجبن، فإننا بالتأكيد نعرف الآن لماذا كان يُسمى أسد البحر في البداية باسم كلب البحر.

أسد البحر والتكاثر

يُعتبر فصل الخريف هو الفصل المثالي لتكاثر أسد البحر، ففيه تحدث عملية التكاثر بالكامل، بداية من الحمل والبيض وحتى الفقس، وتتم كل مفردات هذه العملية في قاع البحر، المكان المفضل لأسد البحر كما ذكرنا.

في قاع البحر يقوم أسد البحر بوضع بيضه، والحقيقة أن أعداد بيض أسد البحر تدعو للغرابة أكثر من كونها استنكار، ففي المرة الواحدة تضع أنثى أسد البحر من خمسة عشر إلى عشرين بيضة، وهو عدد كبير جدًا كما ذكرنا، لكن علينا ألا نغفل بأن عملية التكاثر في الأصل لا تحدث سوى مرة واحدة في العام، لذلك يبدو الأمر عادلًا بعض الشيء، عمومًا، يظل البيض بيضًا مدة أسبوعين على الأكثر، ثم يفقس ويخرج صغار أسد البحر إلى الحياة، تلك الحياة التي يشرعون بها في الاعتماد على أنفسهم عقب أسبوع واحد، ليعيشوا بعدها حياة طويلة لا تتخطى السنوات الخمس، هذا إذا نجوا من الخطر المخيف الذي يقترب بشدة منهم، خطر الانقراض، أو التهديد به على الأقل.

أسد البحر والانقراض

لم يكن أسد البحر معرض للانقراض من قبل، لكنه أصبح كذلك في الفترة الأخيرة، خاصةً وأن عمليات الصيد عليه قد كثرت، والحقيقة أن النية الطيبة كانت تقول بأنه يتعرض للصيد لكونه سمكة مثل باقي الأسماك، لكن فيما بعد اتضح أن الحقيقة ليست كذلك على الاطلاق.

مع البحث والدراسة اكتُشف أن أسد البحر في الأساس لا يُأكل لحمه، وإنما يتعرض للصيد من أجل دمائه، تلك التي تُباع بأسعار عالية وتُستخدم في أغراض كثيرة يُعتقد أنها تتعلق بالسحر والشعوذة ومثل هذه الأمور، كما أن هناك من يدعي أيضًا أن نفس هذه الدماء قد تُفيد طبيًا، حيث أنها تُعالج من بعض الأمراض، على كلٍ، ومهما كان الغرض من صيد أسد البحر، ففي النهاية تناقصت بشدة الأعداد المتواجدة منه، وأصبح شبه مُهدد بالانقراض في السنوات القليلة القادمة.

الحفاظ على أسد البحر

بالتأكيد عندما يُهدد حيوان ما بالدخول إلى قائمة الحيوانات المُهددة بالانقراض فإن أول شيء يجول بذهن الجميع هو المحاولات التي يقوم به المسئولين من أجل إيقاف هذا الأمر، والحقيقة أن الوضع شهد تقاعسًا كبيرًا في بدايته يقترب كثيرًا من الاستهتار، لكن، ما إن بدأ الأمر يتسم بالجدية حتى بدأت المحاولات الأخيرة، والتي كان أهمها بالتأكيد تجريم صيد أسد البحر والتجارة به، لكن السؤال الأهم، هل سيستمع أحد إلى ذلك القرار ويُذعن له؟

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

2 × واحد =