تختلف وسائل الري بشكل كبير في مدى توفيرها للماء المستخدم في الري. في البداية يجب أن نعرف أن استخدام الماء من أجل الري والزراعة يستحوذ على نسبة كبيرًا جدًا من نسبة استهلاك المياه في العالم في البلدان النامية والمتقدمة على حدٍ سواء، على الرغم من عدم تساوي النسبة للتباين الكبير في تقنيات الري بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، إلا أنه في كل الأحوال يستحوذ الري على نسبة كبيرة من استهلاك الماء في العالم. نستعرض في هذه السطور أهم وسائل الري بالنسبة للتطبيقات الزراعية، ونقارن بينها من ناحية التوفير في استهلاك المياه وصداقتها للبيئة.
وسائل الري: الأنواع المختلفة منها
الري بالغمر (الري السطحي)
الري بالغمر أو الري السطحي هو أحد وسائل الري المستخدمة في عمليات الزراعة منذ القدم، تستخدم هذه الطريقة في الكثير من المجتمعات الزراعية البدائية، حيث إنها تقنية لا تتطلب الكثير من المعدات أو الأجهزة الخاصة، إلا أن العيب الخطير لطريقة الري بالغمر أنها تتسبب في فقد كميات كبيرة جدًا من مياه الري، وتعتبر اقل طرق الري توفيرًا للمياه، تلك المياه التي تتبخر، أو تتسرب إلى التربة نظرًا لزيادة الكمية التي يتم غمر الأرض بها عن حاجة النبات، ففي النهاية يتم هدر كميات من المياه ربما أكثر من الكميات التي يتم الاستفادة بها فعلاً في عملية الزراعة، وهذه الطريقة في الوقت الحالي في طريقها إلى الاختفاء نظرًا لزيادة الوعي بأهمية المحافظة على المياه، أو فرض نقص المياه اللجوء إلى وسائل أخرى للري تزيد من فعالية استخدام المياه وتحافظ على الثروة المائية الشحيحة.
من مشاكل هذه الطريقة أيضًا أنها تحتاج إلى نظام لصرف المياه الزائدة عن حاجات النبات، مما يؤدي إلى الحاجة لمزيد من أعمال الحفر، وهو الأمر الذي يستقطع المزيد من مساحة الأرض المخصصة للزارعة، أيضًا المياه المنصرفة من الزراعة تحتاج إلى مكان للتخلص منها فيه، فهي مياه لا تكون صالحة لري الأرض مرة أخرى، ولا حتى للانتفاع بها في أي استخدام آخر نظرًا لكونها مليئة بمخلفات الأسمدة والمبيدات الحشرية القادمة من الأرض.
الري عن طريق التنقيط
تستخدم طريقة الري بالتنقيط لمنح النباتات أو الأشجار حاجتها من الماء عبر أنابيب متصلة بالمصدر المائي وتنتهي بفتحات دقيقة تقوم بإعطاء النبات أو الشجرة حاجتها من الماء بالضبط على شكل نقاط متدفقة في الأوقات المحددة لذلك وبالكمية المطلوبة بالضبط أيضًا، يعتبر الري بالتنقيط من أفضل وسائل الري توفيرًا للمياه، وحفاظًا على البيئة من العديد من النواحي، ففي البداية، لا يتم هدر أي كميات من المياه لأن النبات يحصل على حاجته بالضبط عبر كمية معينة من الماء المحسوب سلفًا، وعن طريق التنقيط لن تكون هناك أي حاجة لأن تتشبع التربة التي تحتضن النبات بأي كميات زائدة من المياه أو أن تتسرب مياه الري إلى باطن التربة أو المياه الجوفية.
أيضًا في حالة الري بالتنقيط تقل نسبة الحشائش والنباتات غير المرغوب فيها في التربة التي تتم فيها عملية الزراعة، بسبب تركز الري على النبات نفسه، وعدم ترك الفرصة لأي نباتات متطفلة أو حشائش ليس لها قيمة بالنمو في التربة والتسبب في هدر المجهود والوقت للتخلص منها، وأيضًا هذا عدا عن استنزافها للمياه وللمواد المغذية الموجودة في التربة.
أيضًا تفيد طريقة الري بالتنقيط في حالة الرغبة في تمرير أي مواد كيميائية أو طبيعية أو أسمدة أو علاجات طبية للنبات بشكل مباشر، حيث يمكن وضع هذه المواد (في حالة كونها تذوب في المياه) في مصدر المياه الرئيسي، وترك الفرصة لها لتنساب عبر دورة الري لتصل في النهاية إلى النبات مباشرة. هذه الطريقة أيضًا تقلل استهلاك الأسمدة الضرورية للنباتات بسبب عدم الحاجة لصرف كميات من الماء محملة بالأسمدة، لذلك تعتبر من أفضل الطرق من ناحية توفير الأسمدة الضرورية في الزراعة.
أيضًا هذه الطريقة تلائم الأراضي الصحراوية، ولا توجد الحاجة لأن يتم تقسيم الأرض وعمل ممرات للمياه وتسوية التربة، وغير ذلك من العمليات التي تستهلك الكثير من الوقت والمجهود، بالإضافة إلى الهدر في مساحة الأرض.
تناسب هذه الطريقة معظم المحاصيل تقريبًا، كما أنها ملائمة بشكل خاص للأشجار، سواءً المثمرة منها أو الخاصة بالزينة.
أما إذا ما نظرنا إلى عيوب طريقة الري بالتنقيط، فمن الجليّ أن هذه الطريقة بحاجة إلى الكثير من الاستثمارات في إعداد الأنابيب وشبكات الري للأراضي الزراعية المطلوب استخدام هذه الطريقة فيها، وأيضًا الحاجة المستمرة لصيانة هذه الأنابيب وتغيير التالف منها، وأخيرًا من الممكن أن يحدث سدد في الأنابيب في الكثير من الحالات وتصبح بدون جدوى، خصوصًا في حالات وجود نسبة كبيرة من الأملاح في مياه الري
الري بالرش
الري بالرش من وسائل الري الحديثة أيضًا، وهو يختلف عن الري بالتنقيط في أنه ملائم للمساحات الكبيرة، وأيضًا يناسب الأراضي ذات التضاريس غير المستوية، وكذلك هو أقل تكلفة بعض الشيء من مد أنابيب الري بالتنقيط.
يمكن الاستفادة من طريقة الري بالرش أيضًا في إيصال المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية والمغذيات إلى النباتات عبر ضخها مع المياه، وهذه الطريقة تساعد في توفير الكثير من النفقات اللازمة لإيصال المواد للنباتات.
كما تساعد طريقة الري بالرش في عدم إهدار الماء، عبر إمكانية ري مساحات كبيرة من الأراضي على فترات متقطعة، وبالكميات التي يحتاج إليها النبات بالضبط، مما يساعد في الحفاظ على موارد المياه من الهدر، والوصول إلى أفضل كفاءة ممكنة في عملية استخدام المياه المتاحة في المنطقة.
توجد عدة أنواع من أنظمة الري بالرش، إما مرتكزة على الأرض، وإما المرتكزة على الحوامل، في النوع الأول يتم تثبيت رشاشات مياه تقوم بتوزيع الماء بشكل متجانس في المنطقة المحيطة بالرشاش، وذلك بقذفه على شكل قطرات صغيرة، أما النوع الثاني فيتم فيه رش الماء على النباتات من الأعلى عن طريق حوامل للرشاشات ثابتة أو متحركة (الزارعة الدائرية).
أنظمة الري بالرش مرتفعة الثمن وتحتاج إلى تجهيزات خاصة مثل طريقة الري بالتنقيط، لكنها في المقابل توفر في استهلاك المياه في النهاية مما يجعلها خيارًا اقتصاديًا جدًا في العديد من المزارع.
استعرضنا في ما سبق مجموعة من وسائل الري المختلفة، وقمنا باستعراض مزايا وعيوب كل طريقة من هذه الطرق، ومن البديهي أنه يجب استخدام النظام الأكثر توفيرًا للمياه خصوصًا في الحالات التي تكون فيها مصادر المياه محدودة.
أضف تعليق