تسعة بيئة
تقنيات التهوية الطبيعية في المباني الخضراء
بيئة » البناء الاخضر » الاستفادة من تقنيات التهوية الطبيعية في المباني الخضراء

الاستفادة من تقنيات التهوية الطبيعية في المباني الخضراء

توضيح عمليات التهوية الطبيعية لتوضيح علاقتها بمبادئ البناء الأخضر التي تلقى اهتماما مؤخراً واهم الطرق والتقنيات المتبعة لزيادة كفاءة التهوية الطبيعية

تهوية أي مبنى هي امر ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه , فالتهوية تعمل على تجديد الهواء الداخلي والمساهمة في خفض الحرارة, وهذا لابد منه لشعور الانسان بالراحة فعدم تجديد الهواء في أي منزل يؤدي الى ان يصبح الجو الداخلي لغرف المعيشة والنوم مشبعة بالروائح الكريهة وبثاني أوكسيد الكربون الناتج عن تنفس الأشخاص الموجودين فيها ,  والتهوية نوعان واحد يتم بالاعتماد على حركة الرياح خارج المبنى وتدوير الهواء داخله وتعرف بالتهوية الطبيعية وأخرى يتم استخدام أجهزة ومراوح لتحريك الهواء و تسمى التهوية الميكانيكية  او القسرية , وهنا سنقوم بتوضيح عمليات التهوية الطبيعية لتوضيح علاقتها بمبادئ البناء الأخضر التي تلقى اهتماما اكبر يوما بعد يوم في كافة انحاء العالم .

التهوية الطبيعية : 

ما هي التهوية الطبيعية وما افضل الطرق للاستفادة منها في المبنى لتحقيق شروط المباني الخضراء

ادرك الانسان منذ القدم حاجته الى العيش في بيوت جيدة التهوية وهذا واضح جدا في تصميم المباني التاريخية وخاصة في الحضارات العريقة واهمها الحضارة الإسلامية , وتمكن المهندسون البارعون من تسخير كافة المتغيرات الطبيعية من حركة الهواء وفرق درجات الحرارة وغيرها من انشاء مبانٍ توفر اقصى درجات الراحة لساكنيها , ومع تطور الحضارة واكتشاف النفط واختراع الكهرباء حلت المحركات الميكانيكية للهواء محل الوسائل الطبيعية التقليدية واصبح الاهتمام اكبر بضرورة زيادة كفاءة أجهزة تحريك الهواء او أجهزة التكييف والتبريد لأي  مبنى , حتى صار جهاز التكييف اهم الأجهزة الكهربائية في أي مبنى في كثير من الدول وليست الدول العربية استثناء وخاصة ان معظم الدول العربية تمتلك أجواء متطرفة صيفا وشتاءاً, لكن بعد الازمات المتلاحقة في قطاع الطاقة والارتفاعات المتسارعة في أسعار الوقود , وتطور مفهوم البناء الأخضر كحل لتخفيف استهلاك الطاقة وتقليل الانبعاثات الملوثة للبيئة ؛

تعريف التهوية الطبيعية

تعرف التهوية بشكل عام على انها عملية تبديل للهواء الفاسد الموجود داخل المبنى وتهدف التهوية الى إيجاد جو داخلي مريح للأشخاص المتواجدين داخل حيز معين سواء كان منزل او مكتب او ورشة فنية , اما التهوية الطبيعية فهي التي تعتمد بشكل كلي على التغيرات في العناصر الطبيعية المحيطة بالمبنى كحركة الرياح والتضليل ودرجات الحرارة , وذلك من خلال توجيه المبنى واختيار المكان المناسب لفتحات التهوية فيه .

اهداف التهوية الطبيعية وفوائدها

يهدف استعمال  تقنيات توفر التهوية  الطبيعية لأي مبنى الى :

  1. تجديد الهواء داخل المبنى للتخلص من الهواء المشبع بغاز ثاني أوكسيد الكربون او الدخان والروائح الكريهة وتوفير كميات اكبر من الاوكسجين مما يعني توفير هواء صحي للأشخاص داخله وخاصة في الغرف المغلقة او الأماكن التي تكون مكتظة بالناس مثل المساجد او المكاتب والعيادات العامة .
  2. تبريد المبنى صيفا من خلال التخلص من الهواء الداخلي الساخن وإدخال هواء اقل حرارة من خارج المبنى وذلك بالاعتماد على عناصر التضليل وحركة الرياح حول المبنى .
  3. توفير التكاليف العالية اللازمة لشراء أجهزة تكييف الهواء وتشغيلها .
  4. المساهمة في حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الناتجة عن زيادة استهلاك الطاقة للتبريد .

العوامل والمعايير لتحقيق الاستفادة القصوى من التهوية الطبيعية

  1. اتجاه الرياح العام او السائد في المنطقة وسرعتها وكذلك الرياح الموسمية وفترات تأثيرها ومدى تأثر المبنى بها, حيث يفضل ان تكون النوافذ المخصصة لإدخال الهواء موجهة بزاوية 450  مع اتجاه الريح الدائمة في المنطقة.  
  2. التظليل ويقصد به وجود منشآت او أشجار تحجب اشعة الشمس عن جزء من المبنى وتعمل على إيجاد فرق في درجات الحرارة على جانبي المبنى وبالتالي انتاج تيارات هوائية تعمل على زيادة كفاءة فتحات التهوية وتعد الأشجار متساقطة الأوراق افضل الوسائل لإيجاد ظل حول المبنى في فصل الصيف والتخلص منه طبيعيا في فصل الشتاء .
  3. التصميم الداخلي للمبنى اذ تسهم العوائق الداخلية وفتحات التهوية غير المناسبة في تقليل جودة التهوية في المبنى , بينما يمكن لبعض التقنيات البسيطة ان تزيد من كفاءة التهوية الطبيعية بشكل كبير مثل استعمال فتحات التهوية العلوية.
  4. استعمال فتحات التهوية المناسبة من حيث الحجم والارتفاع حيث يمكن للاختلاف الكبير في حجم فتحات التهوية المقابلة للريح والتي تقوم بإدخال الهواء وتلك التي تقوم بإخراجه قد يؤدي الى عدم انتظام تدفق الهواء داخل المبنى وبالتالي تقليل كفاءة نظام التهوية او انعدام تأثيره.

ومما لا شك فيه ان المناخ السائد في المنطقة له تأثير كبير في رفع او خفض كفاءة عمليات التهوية كما ان الموقع الجغرافي او ارتفاع موقع المبنى عن السطح البحر يساهم أيضا بشكل كبير في تحديد نجاح او فشل عملية التهوية

اهم الطرق والتقنيات المتبعة لزيادة كفاءة التهوية الطبيعية

هناك في العالم اليوم عدة طرق وتقنيات يتم استعمالها لتوفير تهوية طبيعية بكفاءة عالية وتختلف هذه التقنيات باختلاف الثقافات والموروث العمراني في كل بلد فما هو مقبول في دول المشرق العربي مثلا لا يتم تطبيقه او استعماله في دول المغرب العربي حتى مع تشابه المناخات في بعض الدول على جانبي شاطئ البحر الأبيض المتوسط  ومن اهم التقنيات المستخدمة في تزويد المباني بالتهوية الطبيعية :

  1. استعمال الفتحات العلوية او ما يعرف بالمداخن وذلك لتوفير فرق في الضغط داخل المبنى بفعل اختلاف الحرارة الداخلية , وهو ما يساهم في اخراج الهواء الملوث او الساخن من الأعلى وإدخال الهواء النقي من الفتحات الجانبية في الجدران , وهناك تقنية تسمى تقنية ملقف الهواء وهي مستخدمة في المنازل التاريخية في بعض دول الخليج العربي وفي ايران وهي عبارة عن فتحات علوية مرتفعة تكون اشبه بالمنارة , ويكون بها فتحات موجهة باتجاه الريح لإدخال الهواء البارد الى المبنى من جهة والتخلص من الهواء الساخن من الجهة الاخرى.
  2. الفناء الداخلي وهذه شائعة الاستخدام في غالبية المباني التراثية في شمال بلاد الشام وفي دول المغرب العربي وكذلك فهي مستخدمة في كثير من دور العبادة والمباني العامة ومباني بعض المدارس والجامعات ويفضل ان يكون المبنى الذي يحتوي فناءاً داخلياً ذا مساحة كبيرة نسبيا أي يتوافر فيه مساحات افقية لكن بعض التصميمات الحديثة قد نجحت في استعمال الفناء الداخلي بطريقة عصرية في المباني ذات المساحات الصغيرة والمتوسطة .
  • التظليل الناتج عن اقتراب المباني من بعضها البعض ويظهر ذلك جليا في غالبية الحارات القديمة في المدن العربية حيث تكون الشوارع عبارة عن ممرات ضيقة يتوفر فيها الظل طيلة ساعات النهار تقريبا وتعمل على توفير فرق في درجات الحرارة بين الجدران الخارجية للمباني وبين الفناء الداخلي المشمس كما تزيد من سرعة الهواء الداخل اليها وبالتالي تعمل على توفير جو مريح حتى عند التنقل خلالها .
  1. الممرات الداخلية وتستعمل هذه التقنية بكثرة في الشقق السكنية اذ يتم استعمال ممر داخلي لزيادة سرعة الهواء قبل دخوله الى غرف النوم غير المقابلة للرياح  مما يساهم في طرد الهواء من النوافذ وتجديد هواء الغرفة باستمرار.
  2. استعمال فتحات التهوية التحت أرضية وهي تقنية حديثة يتم فيها عمل فتحات تهوية تمر تحت المبنى وتخرج في وسطه ومن المعروف ان حرارة التربة تحت المبنى تكون اقل بكثير من الحرارة في داخله مما يعني الحصول على تبريد طبيعي للهواء بالإضافة الى الحصول على هواء منعش ونقي.

مما لا شك فيه ان استعمال تقنيات التهوية الطبيعية هي افضل الوسائل لتوفير الطاقة وبالتالي توفير التكاليف العالية والمساهمة في حماية البيئة , ويعتبر اختيار التصميم المناسب للمبنى اهم عامل في نجاح هذه التقنيات او فشلها , فلا بد من فهم جميع المتغيرات الطبيعية الاعتيادية والطارئة  قبل البدء بالتشييد , بينما يمكن تعديل التصميم الداخلي لبعض المباني لتقليل العوائق  او زيادة كفاءة فتحات التهوية, كما يمكن زراعة الأشجار وتوفير غطاء نباتي مناسب للحديقة المحيطة بالمبنى لتوفير التظليل في فصل الصيف وزيادة نسبة الرطوبة خاصة في المناخات الجافة , وحتى ان لم تكن كل هذه الوسائل كافية للاستغناء عن أجهزة التكييف فإن ما تقدمه من توفير للطاقة مع بساطتها وانخفاض تكلفتها يجعلها قابلة للتطبيق في أي مبنى .

بلال الشايب

- مرحبا ، انا بلال الشايب ، بكالوريوس هندسة كيميائية وباحث بيئي من فلسطين
اعمل في مجال الطاقة المتجددة والمياه وعضو في جمعية مركز الاعلام البيئي.
ناشط متطوع في عدة جمعيات منها جمعية الحياة البرية وجمعية اصدقاء البيئة العرب اساعد في تحريرالمقالات العلمية التي تنشر في الصحف المحلية ومواقع الاخبار وتتحدث عن الواقع البيئي المحلي

أضف تعليق

أربعة − اثنان =