الحديد الصلب من اقدم المعادن المستعملة لصناعة الادوات التي احتاجها الانسان منذ الاف السنين فقد عثر على بعض الادوات التي يزيد عمرها عن 4000 سنة , واليوم هو اكثر المعادن انتشارا على وجه الارض فهو يدخل في تصنيع اضخم الهياكل الانشائية العملاقة في ناطحات السحاب والابراج , وكذلك الالات الضخمة والمركبات الثقيلة وسكك الحديد وغيرها , وفي المقابل فإن الفولاذ هو اكثر المعادن الذي يتم اعادة تدويره ايضا , فهناك حول العالم مئات الاف المصانع والورش التي تعمل على تجميع الفولاذ واعادة تشكيله او اعادة تدويره لإنتاج منتجات جديدة, وبما ان الفولاذ قابل للتآكل بسرعة اذا تعرض للهواء الجوي , وبما انه يستعمل تحت الاجهاد والضغط في غالبية استعمالاته فإن هناك حاجة ملحة لإعادة تجديده كل فترة من الزمن وهو ما يزيد من الطلب على الفولاذ الخام وبالتالي يزيد من المشاكل الناتجة عن عمليات استخراجه وتصنيعه لذا تولي معظم الدول عمليات اعادة التدوير اهتمام خاص كحل استراتيجي للتخلص من ضغوطات ارتفاع الطلب المتزايد على منتجات الفولاذ الصلب.
يتكون الفولاذ من اضافة كميات قليلة من عنصر الكربون الى الحديد لزيادة صلابته , ويتم التحكم بنسبة الكربون المضافة لضمان الحصول على القساوة المناسبة للفولاذ المنتج بحيث لا تقل عن 0.2 % ولا تزيد عن 2% , ويكون الفولاذ المنتج اقسى من عنصر الحديد النقي واكثر صمودا امام الضغط والاجهاد الواقع عليه , وهو غير مقاوم للصدأ , اذ يجب اضافة عناصر اخرى مثل الكروم او الكوبالت للحصول على فولاذ مقاوم للصدأ, ويتم الحصول على الحديد الخام على شكل اكاسيد في الصخور التي يختلط فيها الحديد بأكاسيد وأملاح معدنية اخرى , واشهر خامات الحديد هو الهيماتيت الغني بأوكسيد الحديد, وتحتاج عملية استخلاص الحديد وتحويله الى فولاذ الى طاقة هائلة , كما ينتج عنه كميات كبيرة من الغازات الملوثة اما من خلال عمليات التعدين واما من حرق الوقود اللازم لصهر الخامات .
توفر عمليات اعادة التدوير للفولاذ الطاقة والوقت كما يكون اكثر صداقة للبيئة , فهو يخلص البيئة من كميات واكوام ضخمة من خردة السيارات والهياكل العملاقة وكذلك يقلل من عمليات التعدين التي تدمر البيئات الطبيعية لكثير من الكائنات الحية.
تعد الصين اكثر الدول انتاجا للفولاذ الصلب اذ تنتج اكثر من نصف مليون طن من الفولاذ , وقد اصبحت تنافس على المراكز الاولى في استهلاكه فقد اضطرت الى استنزاف ما تنتجه المناجم المنتشرة على اراضيها واللجوء الى الاستيراد لتلبية الطلب المتزايد في كل القطاعات الاقتصادية التي شهدت ثورة عملاقة في السنوات الاخيرة , وهو ما جعل اسعار الفولاذ تقفز قفزات كبيرة وهو ما جعل كل دول العالم تقريبا تقع تحت ضغط ادى الى توقف عدة قطاعات فيها وتراجع النمو فيها بشكل كبير , وكل هذة الهزات زادت من التوجه المحموم نحو اعادة التدوير التي وجدت فيها بعض الدول الحل الامثل لمواجهة زيادة الاسعار , فالدول لم تتوجه لصناعة اعادة تدوير الفولاذ فقط لحماية البيئة بل انها كانت مضطرة لذلك بفعل ارتفاع الاسعار.
الفولاذ مادة قابلة للتآكل حيث تتعرض هياكل الفولاذ للصدأ نتيجة العوامل الجوية المختلفة ولذا لا بد من حمايتها اما بالطلاء المقاوم للصدأ والذي يعزلها عن الرطوبة الجوية والاوكسجين كذلك يمكن استعمال الحماية المهبطية بربط الفولاذ بقطع من المغنيسيوم مثلا .
التجديد واعادة الاستخدام
مثل كل مكونات النفايات غير العضوية يمكن ان يتم اعادة استخدام هياكل الفولاذ بعد تجديدها او عمل تعديلات عليها بحيث تصبح صالحة لإستخدامات اخرى , كما تلجأ بعض الورش الى تفكيك الهياكل العملاقة وتعيد استعمال بعض القضبان والقطع الموجودة فيها في هياكل اخرى بعد اجراء الصيانة اللازمة لها, ولكن هناك هياكل لا يمكن اعادة استخدامها كما ان التقنيات الحديثة في اعادة التدوير صارت اكثر جدوى واقل تلويثا للبيئة لذا يتم ارسال كافة منتجات الفولاذ التالفة الى مصانع اعادة التدوير.
اعادة تدوير الفولاذ والاستفادة من مزايا التكنولوجيا المتقدمة
تستقبل مصانع اعادة التدوير كافة اشكال هياكل ومنجات الفولاذ التالفة , وفي كل مصنع تتم نفس العمليات تقريبا لهذة الهياكل لكن مع بعض الاختلافات في التكنولوجيا المستخدمة والتي تهدف الى تقليل الطاقة المستخدمة وتسريع العملية , وفي اي مصنع اعادة تدوير فإن خردة الفولاذ لابد ان تمر بالمراحل التالية :
- مرحلة التقطيع حيث يتم فرم كافة اشكال الفولاذ الوارد الى المصنع لتحويله الى قطع صغيرة يمكن التعامل معها بسهولة اكبر , وتتم عملية الفرم عن طريق ماكنات تقطيع عملاقة, ولا يحتاج الفولاذ الى عمليات غسيل وتنظيف كبيرة اذ ان حرارة الافران تؤدي الى حرق كافة الشوائب وتحولها الى رماد يتم ازالته فيما بعد.
- الصهر ويتم اما بالافران القديمة التي تعتمد على الوقود البترولي في تسخين الخردة الى درجة الانصهار , ونظرا لارتفاع الحرارة في داخل الفرن فإنه يفقد جزء كبير من الطاقة , لذا تم الاستغناء عن هذة التقنية في بعض الدول المتقدمة حيث يستعمل فرن الاوكسجين المغلق الذي يوفر الوقت والطاقة, ومن ميزات فرن الاوكسجين انه ينتج فولاذ ذا نقاوة ونوعية ممتازة وذلك عن طريق التخلص من كافة الشوائب الموجودة فيه.
- بعد ذوبان الفولاذ يضاف اليه يضاف اليه مادة الجير التي تخلص الفولاذ من الشوائب وتطفو على السطح , اذ يتم التخلص منها بسهولة , وهي مادة مفيدة في صناعة الاسمدة او في صناعة خلطات داعمة لطبقات الاسفلت في الشوارع.
- يصب المصهور على شكل سبائك ضخمة تزن ملايين الاطنان ويتم بعدها تقطيعها الى قطع يمكن نقلها الى مصانع التشكيل , وهناك يتم اعادة تشكيل الهياكل والقضبان الفولاذية ليعود الفولاذ من جديد الى ما كان عليه من قبل.
- تتم اعادة تدوير انواع الفولاذ المختلفة مثل الفولاذ غير القابل للصدأ بنفس الطريقة تقريبا لكن مع الانتباه الى عدم اختلاط هذة الانواع ببعضها .
يزداد الطلب على الفولاذ بصورة جنونية سنويا وذلك للتنافس القائم بين الدول العظمى وللحاجة اليه في قطاع الانشاءات الذي تطور بشكل مذهل في السنوات الاخيرة لتلبية حاجة سكان العالم للسكن والخدمات , ولو بقي الحال على ما هو عليه قبل خمسين عاما لأضطرت بعض الدول الى تدمير مساحات واسعة من اراضيها الصالحة للزراعة في سبيل انشاء مناجم تعدين جديدة , ناهيك عن التلوث الذي تخلفه هذة المناجم والطاقة العالية التي تحتاجها , في الوقت الذي ترتفع فيه اسعار الطاقة العالمية , والاهم من ذلك هو التطور الكبير في مجال اعادة التدوير, والذي سمح بتوفير مئات الاف الاطنان سنويا من الفولاذ المعاد تدويره بكلفة قد لا تصل الى ثلث كلفة تصنيع الفولاذ الخام.
شكرا جزيلا لك على هذه الجهود الجباره انا شخصيا استفدت من المقال بشكل كبير . واتمنى ان تعم الفائده على الجميع نعم انها صناعه العصر ,,
جزاك الله خيرا