الغابات : رئة الارض المهددة بالاجتثاث
يطلق لقب رئة الارض او رئة العالم على غابات الامازون بإعتبارها اكبر الغابات على وجه الارض, لكن هذا لا يعني ان الغابات الاخرى لا تمتلك نفس الاهمية في امداد الارض بالاوكسجين وبحفظ التوازن البيئي والتنوع الحيوي في هذا الكوكب الحي, ولعل اهم خطر يداهم الارض هو تدمير الغابات اذ يخسر العالم ملايين الاشجار سنويا ومعها يخسرالعديد من الاصناف الحية.
تعتبر جميع المساحات التي تغطى بأشجار يزيد ارتفاعها عن خمسة امتار غابات , ويستثنى من ذلك فقط الاشجار التي زرعت وفق نظام زراعي معين لإستعمالها في انتاج الغذاء او المواد الخام للصناعة , وفي خمسينيات القرن العشرين كانت الغابات التي ينطبق عليها هذا التعريف حوالي 30% من مساحة اليابسة , لكن مع التطور الصناعي والحاجة الى خشب الغابات في انتاج الطاقة وتوفير المواد الخام لصناعات الاثاث والانشاءات وغيرها, وكذلك الحاجة الى توسيع رقعة الاراضي الزراعية تضاءلت هذة المساحة شيئا فشيئا , اذ يعتقد ان العالم خسر اكثر من نصف غاباته خلال اقل من خمسين سنة , واليوم تغطي الغابات حوالي 40 مليون كيلومتر مربع من مساحة اليابسة , وتوضح الدراسات المسحية خسارة العالم ل 13 الف كيلومتر مربع سنويا خلال الفترة مابين عامي 2000 و 2012 وهو ما يقارب خسارة 1.5 مليون كيلومتر مربع وهذة المساحة كفيلة بتهديد اقتصاد دول وتغيير طبيعة التنوع الحيوي وانقراض العديد من الاصناف.
تمتلك روسيا اكبر مساحة من الغابات في العالم تبلغ اكثر من 8 ملايين كيلومتر مربع بينما تأتي البرازيل في المرتبة الثانية اذ تحوي غابات الامازون اكبر الغابات في العالم والتي تزيد مساحتها حاليا عن 4 ملايين كيلومتر مربع , فيما تأتي كندا والولايات المتحدة والصين في المراتب الثلاثة التالية على التوالي وتمتلك هذة الدول الخمسة مجتمعة نصف مساحة الغابات الموجودة في العالم.
اهمية الغابات لكوكب الارض
تعتبر الغابات الرئة التي يتنفس بها كوكب الارض فهي تنتج غاز الاوكسجين وتخلص الهواء الجوي من ثاني اوكسيد الكربون , بالاضافة انها تساهم في احتواء اكثر من 70% من اصناف الحياة على الارض وتؤمن لها البيئة المناسبة للعيش , كما تقدم المواد الخام للعديد من الصناعات من خلال الخشب الذي يدخل في صناعة الاثاث وفي الصناعات الانشائية, كما تساهم الغابات في تلطيف الاجواء من خلال عمليات النتح, كما تسهم الغابات في امتصاص جزء كبير من مياه الامطار الساقطة عليها وتساعد في اتمام دوؤة المياه في الطبيعة .
تحتضن الغابات عدد من الانواع الحية النادرة والمهددة بالانقراض والتي لا تعيش الا في هذة الغابات , كذلك وجد ان هناك بعض القبائل البشرية التي تعيش في هذة الغابات بعيدا عن الحضارة وهو ما مكن العلماء من دراسة نشأة البشرية على الارض, وبالنسبة لغابات الامازون اكبر الغابات الموجودة على الارض فإنها تحوي اكثر من 40% الانواع الحية وتنتج اكثر من 20% من الاوكسجين العالمي,
اهم العوامل التي تؤدي الى تدمير الغابات
يتم تدمير الغابات حول العالم لعدة اغراض , وقد شهدت السنوات القليلة الماضية صحوة من المجتمع الدولي حيال اعادة تجديد الغابات ولكن ما زالت الاسباب التي تؤدي الى تدمير الغابات قائمة ومن اهم هذة الاسباب:
- توفير مساحات من الاراضي للزراعة والسكن, حيث شهد العالم ازدياد كبير في حاجات السكان للمسكن والمأكل وهو ما جعل الاراضي المخصصة لهذة الاغراض لا تكفيهم وكان لا بد من تدمير الغابات المتاخمة للمدن.
- الحاجة للاخشاب في التدفئة وهو ما يتطلب قطع اشجار الغابات ومما يزيد من تدمير الغابات هو سقوط الاشجار العالية الذي يؤدي الى تدمير ما حولها من نباتات صغير ويزيد من الخسارة
- الحرائق التي تحدث بفعل اخطاء بشرية , حيث تشهد كثير من الغابات حرائق ضخمة تسمتر لعدة ايام وتسبب في خسائر فادحة في الممتلكات والارواح .
- تستعمل الاخشاب في تأمين المواد الخام لعدة صناعات وهو ما يتطلب قطع ملايين الاشجار حول العالم سنويا, فالاخشاب تدخل في صناعة الورق والاثاث والدعامات الانشائية وغيرها من التجهيزات.
ويتسبب تدمير الغابات في عدة مشاكل بيئية اهمها انقراض العديد من الانواع الحية وكذلك زيادة انجراف التربة ويؤدي الى الفيضانات كما حدث في بنغلادش في ثمانيات القرن العشرين , ويعتبر تدمير الغابات احد اهم اسباب تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري وتسريع التغير المناخي.
ولكن ما البديل
كل العالم اليوم سواء في الدول المتقدمة او النامية مهتم بالاجابة على هذا السؤال , فكل الجهود في اعادة زراعة الغابات لم تفلح في تعويض ما يتم فقدانه , ففي القعد الاول من الالفية الثالثة تم زراعة 800 الف كيلومتر مربع باشجار الغابات بينما تم تدمير اكثر من 2.3 مليون كيلومتر مربع من الغابات القائمة وهذا يعني اننا لن نستطيع تعويض ما يتم قطعه اذا بقي الحال على ما هو عليه , لذا تجتهد الهيئات المعنية بحماية البيئة بدراسة البدائل الممكنة لمنع تدمير الغابات ومن هذة البدائل :
- استعمال الخشب الصناعي وهو عبارة عن مبلمرات تنتج من مواد بترولية وزيتم خلطها بالخشب الطبيعي او تستعمل وحدها وهذا يقلل من استهلاك الخشب .
- استعمال محاصيل الطاقة للاستغناء عن طاقة الخشب القادم من الغابات .
وبالاضافة الى ايجاد بدائل لخشب الغابات تم تحديد مساحات شاسعة من الغابات كمحميات طبيعية خضراء يحظر التعدي عليها , وقد اثمرت هذه المحميات في حفظ التنوع الحيوي في هذه الغابات ومنع تناقص مساحاتها, كما تم وضع بعض الغابات مثل بعض المساحات في غابات الامازون على قائمة التراث العالمية لليونسكو بعد اكتشاف بعض القبائل البدائية فيها , بالاضافة مناطق اخرى فيها انواع مهددة بالانقراض مثل دب الباندا .
بعكس البرازيل التي اتخذت اجراءات صارمة في سبيل حماية غابات الامازون , زادت روسيا من انتاج الخشب لتلبية طلبات دول كبرى مثل الصين وهو ما جعل الغابات الروسية تتناقص بمعدلات اعلى من المعدلات العالمية , وبما ان روسيا تمتلك اكبر مساحة من الغابات فإن معظم مشكلة تدمير الغابات تأتي من روسيا ثم من الصين ذات النمو الاقتصادي والانشائي الكبير والذي يستهلك كميات هائلة من الخشب العالمي و ولكن يشفع للصين خططها الرامية الى تعويض اكثر من 4 ملايين كيلومتر مربع من غاباتها المدمرة خلال السنوات الخمس القادمة.
في بدايات الالفية الثالثة كانت الدراسات تشير ان العالم سيفقد كافة غاباته خلال المئة سنة قادمة كحد اقصى ولكن بعد كل الجهود التي بذلت في اعادة تجديد الغابات يبدو ان المشكلة قد تم ترحليها لفترة لن تكون طويلة جدا بحيث لا يعود لها اثر , فالمشكلة ما زالت قائمة ولكن بحدة اقل .
أضف تعليق