لا تزال عملية إزالة قمم الجبال من العمليات التي تُحاربها البيئة بينما يدعمها العالم بيد ويُحاربها باليد الأخرى، والسر خلف ذلك ببساطة أنه في الوقت الذي تتواجد فيه العديد من الأضرار لهذه العملية إلا أنها تُسهم في استخراج المعادن والفحم، كذلك تُعتبر العملية من الممارسات المعمول بها منذ زمن طويل يُشير إلى أهميتها وحتميتها، في الوقت نفسه هناك رصد كثير من المخاطر وثمة الدراسات التي تؤكد الآثار السلبية السيئة التي تُنتجها عملية الإزالة تلك والمرتبطة في الأساس بالتعدين لدرجة أن المصطلح العلمي لها هو إزالة قمم جبلية لأغراض تعدينية، وبالتأكيد لا ننسى أن العقل والبداهة يقولان بعدم وجود تلك العمليات سوى في المناطق التي تتواجد بها الجبال، هذا مع الوضع في الاعتبار أنه ليس كل الدول التي تمتلك جبال تقوم بممارسة عمليات الإزالة تلك، وإنما مناطق معينة تعرف أنها تمتلك ما يدفع للعملية، وكل هذا وأكثر سوف نتعرف عليه أكثر وبالتفصيل عندما نقترب سويًا من مسألة إزالة قمم الجبال ودهاليزها.
محتويات
إزالة قمم الجبال
قبل كل شيء دعونا نتعرف على ماهية إزالة قمم الجبال ، سواء حدث ذلك لأغراض تعدينية أو لأغراض عادية مُجردة، في النهاية يحدث الأمر وتُصبح القمم في طي الزوال، فمنذ ثلاثة قرون تقريبًا بدأت هذه العملية تزامنًا مع الثورة الصناعية، حيث كانت تلك الثورة هي المُحرك الرئيسي لها لكونها تحدث أساسًا لأغراض تعدينية، والصناعة كي تستمر في حاجة إلى الوقود، هذا طبعًا في الوقت الماضي قبل ظهور الكهرباء والمواد المشابهة، على العموم، كان هناك اعتقاد سائد بأن الفحم يتواجد في أسفل قمم الجبال أكثر من أي مكان آخر، ولهذا كانت عملية التنقيب تحدث للعثور على الفحم والمواد المُحفزة للطاقة، وبالفعل كان يتم العثور عليها، لكن في نفس الوقت كان هناك اضطرار للاستمرار في إزالة قمم الجبال .
لم يُدرك الإنسان ما الذي يفعله بالضبط وما هو الخطر المتوقع حدوثه على البيئة من تلك العملية، وربما استمرت حالة عدم الإدراك هذه حتى بداية القرن الحالي، فهو الوقت الذي أصبحت فيه عملية الإزالة مُجرمة أو مُحاربة بطريقة أو بأُخرى، لكن بالتأكيد مُحاربتها لا تعني أبدًا أنها قد توقفت ولو بدرجة بسيطة، فحتى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها لا تزال تشهد إزالة لأشهر وأهم القمم الجبلية الموجود فيها، وإذا كنا نريد حقًا التعامل مع هذه المشكلة فإننا مُلزمون بالتعريف بأضرارها البيئية.
أضرارها على البيئة
هل تمتلك عملية إزالة قمم الجبال أضرارًا على البيئة؟ الإجابة بكل تأكيد نعم، وإلا ما كانت ظاهرة مُحاربة من العالم بأكمله، لكن مكمن الصعوبة هنا أنه مثلما توجد أضرار بيئية توجد فوائد تستحق الذكر، لكن ليكن الحديث أولًا عن الأضرار، والضرر الأول والأهم هو إفقاد الأرض توازنها.
إفقاد الأرض توازنها
الضرر الأول والرئيسي الذي يحدث للبيئة جراء إزالة قمم الجبال هو إفقاد الأرض، أو تحديدًا المكان الذي تمت إزالة إحدى القمم منه، توازنها، ويحدث ذلك بصورة نهائية تامة بعد أن تُسلب الأرض من مسمارها، والمسمار هو المصطلح الشائع للجبال، فطبعًا جميعنا يعرف أن وجود الجبال في الأرض ليس وجود عبثي وأنها ليست عبارة عن قمم وصلات تربط الأرض بالسماء، فهي في الأساس عمدان الأرض وتُشرف بشكل رئيسي على عملية تثبيتها، وبالتالي فإن التفكير في إزالة تلك القمم يُفقدها أهميتها في حفظ التوازن، وبالتالي يُفقد الأرض نفسها توازنها، وهذا هو الضرر الأول والرئيسي لمسألة إزالة القمم.
إحداث فيضانات وخلل بتصريف المياه
لا نزال مع المخاطر البيئية التي تحدث عقب إزالة قمم الجبال بشكل مُتعمد ولأغراض تافهة، هذه المرة يا سادة نحن نتحدث خطر الفيضان، ذلك الخطر الذي يحاول العالم منذ وقت طويل الهرب منه من خلال السدود والطرق المُشابهة، لكن تخيلوا أنه من الممكن جلب الفيضان لنا بأنفسنا عندما نشرع في إزالة قمم الجبال ؟ أجل، هذا يحدث بالفعل، وهناك الكثير من الدراسات والأبحاث التي تؤكد حدوثه، ولهذا القيام بمثل هذه العمليات خطر بيئي شديد يجب تجنبه بشتى الطرق، فجاهل من يظن أن البشر بمقدورهم الوقوف مجددًا في وجه الفيضانات التي ستُخلفها عملية إزالة قمم الجبال إذ أنها من المنتظر أن تكون أكثر قوة من الفيضانات العادية، ثم إنه من الغباء جلب الخراب على أنفسنا أليس كذلك؟ فكروا وستشعرون بالخطر.
إحداث تآكل في الأرض
نحن الآن نمتلك مساحة معينة للكرة الأرضية من المفترض أننا نبذل قصارى جهدنا من أجل المحافظة عليها، وطبعًا جميعنا يعرف بأنه ثمة حروب تُقام ودول تأكل في دول أخرى بسبب قطعة أرض صغيرة، لكن عملية إزالة قمم الجبال التي نتحدث عنها سوف تؤدي إلى تآكل الأرض بشكل مباشر، بمعنى أنه لن تصبح لدينا أراضي يُمكن زراعتها والاستفادة منها، سوف يقل المحصول أو الإنتاج الزراعي، وبالتالي سوف تقل فرص البقاء في المستقبل، وبلا شك كل هذه أخطار واجبة التحدث عنها والتحذير منها، بيد أن الكارثة الحقيقية تتمثل في كوننا سوف نجلب خرابنا بأنفسنا، بمعنى أن قيامنا بإزالة القمم دون وضع مثل هذه المخاطر في الحسبان سوف يؤدي في النهاية إلى فناء البشرية قبل موعدها الأصلي، وهذا طبعًا مُتعلق بالناحية العلمية والحسابات، لكن من الناحية الدينية فجميعنا يعرف كيف ستنتهي الأرض والأسباب المُقدرة لذلك.
تلويث الماء والهواء
في دولة الصين العريقة، وتحديدًا في عام 2014، أُقيمت عمليات موسعة وكبيرة هدفها الرئيسي إزالة قمم الجبال الموجودة في مناطق متفرقة بالدولة من أجل توفير بعض المساحة القابلة للاستخدام في أغراض أخرى وعلى رأسها طبعًا التوسع العمراني وبناء المصانع والشركات، لكن علماء وخبراء في جامعة صينية كُبرى لم يُمرروا هذا الأمر دون دراسة، وحينها اكتشفوا أن تلك العملية تؤثر بشكل سلبي على الماء والهواء الموجودين حولنا، بمعنى أكثر وضوحًا، تؤدي إلى تلويثهما، وهو ما يُعتبر وضعًا كارثيًا بالطبع لأهمية الماء والهواء الفارقة في حياتنا، ولذلك خرجت عدة حملات من أجل إيقاف عمليات الإزالة، وهو ما حدث بالفعل وظهر من خلال تقليل الإزالة ثم منعها، ببساطة، لقد تم الكشف من خلال هذه الدراسة عن خطر عملية إزالة قمم الجبال الأكبر وهو ما يُمكن اعتباره الفائدة الكُبرى أساسًا من بداية مثل هذه العمليات.
ختامًا عزيزي القارئ، نحن ندرك جيدًا أن البحث عن المعادن في كل مكان حولنا أمر قومي فارق في حياتنا، وأنه حتى لو كانت المعادن في كبد السماء فإن البحث عنها يبقى ضرورة، لكن فقط هي دعوة للتعقل والتفكير فيما نقوم به، فلا يُمكننا إزالة القمم لاستخراج المعادن ونحن نعرف أنه سيؤدي إلى كارثة على الجانب الآخر تجلب أضرار للبيئة، هي فقط دعوة للتوازن.
أضف تعليق