الجفاف المائي هو خطر لا يمكن إهماله من قبل الجميع وإنما ينصب عليه اهتمام الكثيرين في الآونة الأخيرة، حيث أصبح منتشر كثيرا بيننا في مناطق عدة وأزمنة مختلفة وزاد بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة المنصرمة، فأحيانا ما تستيقظ على صوت التلفاز وهو يذيع خبر وجود مجاعات وموت العديد من المحاصيل الزراعية وكوارث عدة أخرى كلها كانت نتيجة لهذا الخطر المدمر ألا وهو الجفاف المائي، وهو من الظواهر الطبيعية التي عهدنا عليها قديما حيث تصاب مساحة معينة من الأرض بحالة جفاف مائي تتنوع فتراته كما تختلف درجاته من حيث كمية الضرر التي يخلفها وراءه، وليس المعنى أن هذه ظواهر طبيعية أن الإنسان ليس له دخل بها، ولكن يد الإنسان الآثمة أحيانا ما تسهم بشكل أو بآخر في زيادة احتمالية حدوث الجفاف المائي كما تتسبب في مضاعفة الآثار الناتجة عنه.
محتويات
التعرف على الجفاف المائي
أجريت العديد من الدراسات من قبل العلماء على المناطق التي يحدث فيها الجفاف لمعرفة وصفه وأسبابه وآثاره الناتجة عند حدوثه بكافة أنواعها، وتم التوصل إلى وصف الجفاف على أنه أحد الظواهر الطبيعية، وتم تعريفه علي أنه حدوث خلل في نزول المطر في الموعد المحدد له ومن ثم توقف نزوله مما يزيد الحاجة إلى الماء، وهناك عدة أسماء أطلقت على الجفاف المائي لوصف حالته من حيث الاحتياج إلى الماء والرطوبة، فمنه ما يسمي بالجفاف الموسمي وسمي هكذا نسبة لاسمه، حيث أن هذا النوع من الجفاف المائي يأتي بشكل مستمر كل موسم ومتكرر، وأحيانا ما يكون الجفاف العارض وسمي أيضا هكذا نسبة لاسمه، حيث أنه يصف الفترات الزمنية التي تتعرض لها الأراضي للجفاف المائي بأنها فترات عرضية ليس لها وقت محدد ولا تستمر لمدة طويلة من الزمن وأيضا أطلق عليه اسم الجفاف الزراعي والذي يحدث كنتيجة لقلة سقوط الأمطار عن المعتاد بشكل ملحوظ أو ربما تسقط الأمطار ولكن يكون هناك سوء توزيع لها فتأتي في أوقات مختلفة عن الأوقات المعروفة للدورة الزراعية، وأطلق عليه أسماء عديدة أخرى، ولكن تم تعريف الجفاف بصيغه أخرى، وذلك التعريف أتى من منظمة الأرصاد الجوية، حيث تم تعريفه علي أنه فترة من الزمن تمتاز عن غيرها بالطقس الجاف وهي ليست بالفترة القليلة لسماح حدوث خلل خطير في حياة الإنسان، وأيضا عرف علي أنه يحدث عندما يشعر الإنسان بنقص سقوط المطر بشكل ملحوظ لفترة ليست بالقصيرة، مما يؤدي إلى خلل في الجو يعمل على تلف المواد الأرضية، وقد أتى ذكر الجفاف المائي في الأزمنة القديمة جدا حيث تم ذكره في قصص قديمة، وأيضا أتى ذكره في القرآن الكريم وحتى في الكتاب المقدس، ومن خلال تلك التعريفات السابقة نري أنه ظاهرة طبيعية لا دخل للإنسان فيها ولكن هذا ليس بصحيح، حيث أن للإنسان دور كبير في الجفاف سواء كان في ما يفعله يزيد من خطره ونتائجه وحدته أو في ما يفعله أثناء فترة الجفاف وما قبل فترة الجفاف لتقليل خطر آثار الجفاف المائي.
الأسباب المؤدية إلى الجفاف المائي
إن أسباب الجفاف المائي إلى الآن هي من الأشياء التي لم تكشف كاملة، ولم يتم التوصل لتعريف لتلك الأسباب بشكل واضح ودقيق، ولكن هناك عدة أسباب من الممكن أن تكون هي السبب في حدوث ظاهرة الجفاف المائي أو تساهم في حدوثه، وتبدأ هذه الأسباب بالتصحر الناتج عن زيادة برودة الجو حيث أن الكرة الأرضية تتمتع بمناخ شديد البرودة عند النصف الشمالي منها مما يؤدي إلى حدوث حالة من الجفاف تظهر أمامنا علي طول إقليم الساحل، كما اعتقد الكثيرين أن ارتفاع درجة الحرارة هو من أسباب حدوث الجفاف ورأوا أنه يزيد من الحدوث المتكرر لظاهرة الجفاف المائي، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يعمل على زيادة نسبة التبخر، بالإضافة إلى أن التربة تتسم بطبيعة سيئة وهي عدم القدرة علي الاحتفاظ على المياه مما يسهل عملية التبخر، وأحيانا ما تقع قلة الأمطار تحت إطار الأسباب المؤدية للجفاف والمؤدية أيضا إلى اختفاء الزراعة التي تقوم علي مياه المطر، كما أن هناك عدة أسباب أخري تتسبب في حدوث الجفاف وأحيانا ما تكون ظواهر كونية أخرى مثل الأعاصير عند إسمترارها لمدة من الزمن، فهي إما أن تؤدي إلى فيضان أو أن تؤدي إلى جفاف مائي.
الآثار العامة للجفاف المائي
إن خطر الجفاف ليس بالهين، وإنما هو من الأخطار التي قد تدمر مجتمعا بأكمله، حيث أن جميع نوبات الجفاف التي طالت مدتها عن سنة مثلت مشكلة كبيرة صعب حلها في جميع الحالات، فالمعروف أن الجفاف صاحب التأثير المباشر على كل شيء، فهو يؤثر على الطرق المتاحة للعيش نتيجة تأثيره على المحاصيل الزراعية مما يؤدي إلى نقص الغذاء وضيق طرق العيش لدى الإنسان، كما أن الحيوانات تتغذى هي الأخرى على النباتات، ومن ثم تنخفض القدرة الشرائية لدى المجتمع، وفي بعض الأحيان يتسبب الجفاف المائي إلى حدوث صراعات بين أهل المجتمع الواحد من أجل الغذاء، وتبدأ المجاعات في الحدوث ومن ثم يصبح المجتمع منتظرا للمعونة التي تأتى له من الدول الأخرى، وهناك مثال علي ما فعله الجفاف في إيران عندما حل عليهم الجفاف المائي أدى ذلك إلى جفاف البحيرات والأراضي التي تحتوي على المياه أو ما تسمي بالأراضي الرطبة، ومن ثم بدأت حرائق الغابات في الحدوث هذا بجانب مجموعة من العواصف الرملية التي تزيد من فترة الجفاف، وأثر ذلك على جميع سكان إيران بالسلب في جميع طرق العيش المتاحة لديهم، وعلى الحياة البرية التي أصبحت تواجه خطر الانقراض، وبحدوث الجفاف ونقص المياه الواضح أدى إلى إنتاجية قليلة من الأراضي الزراعية بسبب قلة خصوبة التربة الذي حدث نتيجة الجفاف ومن ثم الوصول إلى حالة اقتصادية مزرية، وفي نهاية الأمر أدى ذلك لحدوث التصحر في الأراضي كلها.
تأثر الزراعة بالجفاف المائي
إن الأراضي الزراعية في الغالب ما تكون عبارة عن أراضي جافة أو شبه جافة، أما في الدول التي تملك أراضي زراعية خصبة ورطبة فتمثل الزراعة لديهم دور مهم في اقتصاد هذه الدول، حيث تبدأ تلك الدول بتصدير المحاصيل الزراعية ومن ثم الحصول علي العملات الأجنبية، وهذا بجانب أنها تؤدي خدمتها في حاجة سكان هذه البلد من الغذاء، وغالبا ما تكون المحاصيل المزروعة في تلك المناطق هي الخضروات والحبوب وأيضا تتواجد الفواكه بينهم، وفي الفترة التي تصاب بها البلدان بالجفاف المائي، يؤدي ذلك إلى نقص كبير وملحوظ في الناتج الزراعي من المحاصيل، كما أن الجفاف حين يأتي يؤثر علي النبات والحيوان والإنسان معهم، وأحيانا ما تؤثر علي العلاقات الأهلية فتؤدي إلى الصراعات، ولكن الخطر الجسيم يقع تحت مسمى نقص الإنتاج الزراعي، وهو طريقة عيش كل من الإنسان والحيوان.
تأثر البيئة بالجفاف المائي
لقد ظهر التأثير الشديد للجفاف على البيئة في كثير من المشاهد المؤسفة، حيث أدى الجفاف إلى تدهور بيئي واضح، وأدى ذلك إلى حدوث خلل في العمليات الحيوية وتهديد أنواع كثيرة في البيئة بخطر الانقراض، كما يظهر التأثير الملحوظ للجفاف المائي على الحياة البرية سواء كان هذا التأثير مباشر أو غير مباشر، ومع تكرار حدوث ظاهرة الجفاف أدى إلى اختفاء الحياة البرية تقريبا، ويمكن اختصار التأثر البيئي بالجفاف في التهديد بخطر الانقراض سواء كان لأنواع من المحاصيل الزراعية أو أنواع من الحيوانات البرية أو الحياة البرية بشكل عام وكل هذا يأتي نتيجة ظاهرة الجفاف المائي المتكرر.
الحالة الاجتماعية والافتصادية وعلاقتها بالجفاف المائي
يؤدي الجفاف لحدوث الكثير من الكوارث الاقتصادية، وتغير العديد من الأحوال الاجتماعية، حيث تأتي حدوث المجاعات والفقر الشديد بجانب الاضطرابات الاجتماعية أحيانا حدوث الحروب الأهلية نتيجة لحدوث ظاهرة الجفاف المائي، وعندما تحدث حرب بسبب مجاعة أو لأي سبب آخر هذا بدوره يدفع السكان إلى هجرة بلدهم وتركها ومن ثم تظهر ظاهرة التفكك الأسري والاجتماعي، وأحيانا ما يفقد المهاجر أهليته كاملة ويفقد معها حياته الاجتماعية بأسرها، وغالبا ما يأتي الجفاف علي مناطق ريفية حيث تفتقد للبديل في عملية الدخل لذا يظهر تأثيره فيهم بشكل واضح وملحوظ، وبالحديث عن آثار الجفاف المباشرة على الفرد، فوجد أن نصف حالات الوفاة الناتجة عن ظواهر طبيعية تتمثل في ظاهر الجفاف المائي، أما بالحديث عن الحالة الاقتصادية، فيؤدي الجفاف المائي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، ومن ثم انخفاض المعروض ويليه انخفاض في المشتريات، وعندما تزيد الأزمة يبدأ حاجة السكان للغذاء تزيد، فمع قلة الإنتاج المستمر، قلت كميات الغذاء عن الكميات المطلوبة لسد حاجات المجتمع، مما أدى إلى تدهور اقتصادي كامل، وغالبا ما تؤدي ظاهرة الجفاف المائي إلى انهيار تام في اقتصاد الدولة والبدء في طلب المعونات من الدول الخارجية، وبذلك يظهر دور الجفاف المائي في تدمير حياة الفرد والمجتمع سواء كانت حياته الاجتماعية أو حياته الاقتصادية وإنهيارهموإنهيارهم انهيار تام.
التصرف أثناء فترة الجفاف
يجب على كل من الفرد والدولة أن يبذلوا قصارى جهدهم للحد من الآثار المدمرة الناتجة عن ظاهر الجفاف المائي، فهناك عدة طرق تساعد على تحمل فترات الجفاف ومنها طريقة تسمى بتلقيح السحاب، وهذه تستخدم حتى تساعد على سقوط الأمطار، وأحيانا ما تتجه الطرق إلى وجود مصادر جديدة للمياه لإستخدامها في أغراض الفرد سواء كانت في الشرب أو الطهي أو النظافة أو الزراعة، ومن ضمن المصادر المعروفة للحصول على مياه عذبة هي طريقة تحلية مياه البحر، كما يجب دراسة الجفاف التي تتعرض له الدولة دراسة تفصيلية والاهتمام بالملاحظة المستمرة الدائمة لفترات سقوط الأمطار ومن ثم القدرة على حفظ أكبر قدر من مياه الأمطار يساعد في الصمود لفترة أطول أمام خطر الجفاف المائي، كما يجب التوجه إلى جميع الأراضي الصالحة للزراعة أو الشبه صالحة للزراعة حيث أن استخدام الأرض في الزراعة بشكل صحيح يعمل علي حمايتها وتقليل خطر الجفاف عليها حيث في فترة الجفاف يفضل بداية أن يقوم كل من المزارعين بتحديد مجموعة من المحاصيل الزراعية التي لا تحتاج إلى مياه كثيرة في الري ومن ثم زراعة أكبر كمية من المحاصيل بأقل كمية من الماء ينتج عنها مواد غذائية تكفي في مساعدة مشكلة غذاء السكان أثناء فترة الجفاف، كما من الواجب على الدولة أن تبذل قصاري جهدها للاستفادة من مياه الأمطار القليلة التي تسقط، وأخذ كل قطرة ماء منها بعد تجميعها وإستخدامها للصالح العالم في مواجهة هذا الخطر المدمر، وأيضا لا يجب إهمال المياه التي تم صرفها من المصانع على هيئة نفايات بل تجميعها والاستفادة منها الاستفادة المثالية في هذا الوقت، والدولة يجب عليها أن تقوم بالجهود الأكبر في شق ترع وقنوات لسببين هامين، الأول وهو لسهولة تجميع مياه الأمطار حتى ولو كانت بسيطة من خلالهم أما الثاني فهو استخدامها لمساعدة الكثير من الأراضي الزراعية المعرضة للجفاف المائي وريها بالمياه قبل تلفها تماما، ولا شك في خطوة ترشيد الاستهلاك من المياه‘ حيث يوضع مراقبة لكل من يستخدم المياه والتأكد على أنه يضعها في المكان الصحيح بدلا من إضاعتها فيما لا يفيد في الوقت الذي تكون فيه الدولة في أمس الحاجة لقطرة مياه، فنبدأ في ترشيد استهلاك الأدوات المستخدمة في ري النباتات أو الأدوات المستخدمة في رش النبات، كما يجب منع إضاعة المياه فيما لا يفيد مثل نظافة السيارة أو السطح أو ملئ حمام سباحة، ليس هذا فقط بل يجب ترشيد استهلاك المياه في المنزل بأقصى الطرق الممكنة للحفاظ على المياه لأطول فترة ممكنة من أجل القدرة على مواجهة خطر الجفاف المائي لفترة أطول من الزمن.
المناطق المعرضة للجفاف المائي
إن مشكلة الجفاف المائي في تزايد مستمر كل يوم، ولا يمكن أن تستطيع التخمين بأي الدول سيكون الجفاف قادم، والعالم يتجه إلى حالة من ندرة المياه العذبة فيجب علينا أن نكون مستعدين لكل تلك الأخطار التي من الممكن أن تواجهنا والتي بالفعل واجهت الكثير من الدول العربية من تونس والمغرب ولبنان، ولا سيما الأردن نظراً لما حدث بها من نتائج سلبية آثار التعرض لخطر الجفاف المائي، ونحن نرى الآثار المدمرة للجفاف المائي في كل دولة أو منطقة يدخلها ومع استمرار الوقت فإن الدول تكون أكثر عرضة للتعرض لهذا الخطر، ومن المعروف أن كل دولة تعتمد على سياسة معينة سيتم اتباعها في حالة ما إن تعرضت إحدى المناطق إلى خطر الفيضان المائي.
إننا حين ننظر للخطر المحقق القادم قدوم إحدى الظواهر الطبيعية مثل ظاهر الجفاف المائي، يجب أن لا نهمل هذا الموضوع ونتركه حتي تأتى الكارثة، ونبدأ حينها في التفكير في حل، بل إن الدول الحقيقية التي تخشى أمن وسلامة مواطنيها هي من تعد خطة استراتيجية يتبعها جميع أفراد المجتمع عند مواجهة مشكلة مثل مشكلة الجفاف المائي، فيجب على الدولة أن تكون على دراية كاملة بالتدابير التي يجب اتخاذها فور حدوث هذه المشكلة، بالرغم من أنه يمكن التنبؤ به ومعرفة قدومه قبل أن تحل تلك المشكلة وهو ما يوفر الوقت اللازم لإعداد أفراد المجتمع وحالة واقتصاد الدولة لما سيتم مواجهته من خطر، وتهيئة الأوضاع لتنفيذ الخطة الإستراتيجية المتبعة مع الحفاظ علي البعد الاجتماعي والبعد الاقتصادي، حيث أن هذه الخطة يجب أن تكون شاملة كافة أبعاد الحياة بالنسبة للفرد دون أن تنسى أيا من جوانب حياته سواء كانت حياته الاجتماعية أو حياته الاقتصادية أو حياته العلمية أو المعيشية، ولك أن تدرك أن هذه الخطة وما يشابهها ما هي إلا خطط لتخفيف حدة الجفاف المائي وليس حل هذه المشكلة وتحقيق نتيجة خالية من التصحر، حيث أن الجفاف علي الرغم من أنه يمكن التنبؤ بقدومه إلا أنه لا يمكن التنبؤ بميعاد انتهائه، وربما ينتهي ومن ثم يأتي من جديد ويتكرر، لذا فإننا أمام خطر كبير يصعب مواجهته، حتى في حالة أخذ التدابير السليمة وترشيد الاستهلاك إلى أقصى الحدود وتنفيذ الخطة المثالية لتخفيف من حدة الجفاف إلا أنه يبقى من الأمور الصعبة جدا مواجهتها والتي لا تستطيع أن تحدد مدى الضرر الذي يلحق بالمنطقة التي يحل عليها الجفاف المائي.
أضف تعليق