تُعتبر حشرة العصا من أكثر الحيوانات النادرة الموجودة على الأرض، وقد عُرفت حشرة العصا منذ آلاف السنين، كما عُرف أنواعها التي تتجاوز الثلاثة آلاف نوع، إلا أنه بالرغم من ذلك لا يُمكن ملاحظتها بسبب طبيعتها النادرة وقدرتها على التخفي والتلون بعدة ألوان، كما أن حجمها الذي يُشبه العصا كان سببًا كذلك في عملية التلوين تلك، لذلك يتوقع أن تكون هذه الحشرات نادرة ومتواجدة بأعداد قليلة في بعض الأماكن الاستوائية، عمومًا، في السطور القادمة، سوف نتعرف سويًا على حشرة العصا وحياتها كاملة، بما في ذلك أشكالها وغذائها والأماكن التي تعيش بها.
محتويات
حشرة العصا
كما هو متضح من الاسم، تُعتبر حشرة العصا نسخة طبق الأصل من العصا، بل إن الناظر لها لأول مرة سوف يتوهم أنه لا يُشاهد كائن حي، بل مجرد عصى عادية، والحقيقة أن ذلك الشكل الغريب قد أكسبها شهرة واسعة على مدار التاريخ، وحتى الآن لا يعرف أحد هل اسم حشرة العصا هو اسمها الأصلي أم تم تسميتها به مؤخرًا نظرًا للشكل.
تنتمي حشرة العصا كما هو مُتضح من الاسم إلى الحشرات، ولكم أن تتخيلوا أن الحشرات بشكل عام تُمثل نصف الكائنات الحية الموجودة على الأرض، فهي تتواجد تقريبًا في كل مكان وزمان، لكن، فيما يتعلق بحشرة العصا، فإن تواجدها اشتمل على الغابات الاستوائية فقط، وتجاوزت أنواعها الثلاثة آلاف نوع.
أوصاف حشرة العصا
كما ذكرنا، يتواجد لحشرة العصا أكثر من ثلاثة آلاف نوع، منها ما هو شهير ومنها ما لا يعرفه أحد، لكن في المجمل تُعتبر حشرة العصا من الحشرات الصغيرة الحجم، فهي بالكاد تصل إلى 13 ملم، وهو طول يُساعد على الاختباء كما تُجيد هذه الحشرة دائمًا، اللهم إلا نوع واحد فقط شاذ يصل طوله إلى 55 سم، وهو شاذ ونادر كذلك.
بعض أنواع حشرة العصا يمتلك أجنحة صغيرة، لكن بالرغم من ذلك لا يستطيع الطيران، أما الأغلبية من هذه الحشرات فتتكون من عمود فقاري فقط، وبديهي ألا تكون قادرة على الطيران أيضًا، أما ما يتعلق بالغذاء والحياة فهو أمر مُختلف.
الحياة والغذاء
تعيش حشرة العصا في الأماكن الاستوائية، فهي تُفضل الغابات والأماكن المدارية، ويُمكن كذلك أن تعيش في الأماكن البرية، فهي تستطيع التكيف على ذلك، لكنها لا تُفضله، أما بالنسبة للغذاء فبالتأكيد عندما نتحدث عن حشرة صغيرة فليس أمامنا في الغذاء سوى النباتات والزروع، فهذه الأشياء هي الأكثر مناسبة لها فيما يتعلق بالغذاء.
تُعتبر حشرة العصا مخلوق ليلي بامتياز، فهي تفعل كل شيء تقريبًا في الليل، بما في ذلك الغذاء واللعب، ولا تتعجبوا أن حشرة العصا تقوم باللعب والترفيه بالرغم من صغر حجمها، فهذه فطرتها التي فطرت عليها، تمامًا مثلما فُطرت على شيء آخر يُساعدها في صراع البقاء، وهو التمويه.
حشرة العصا والتمويه
حشرة العصا حشرة ضعيفة، لذلك من المنطقي جدًا أن تتساقط أعداد كبيرة منها بسهولة وسرعة، لكن ذلك لا يحدث بسبب ما حباه الله لها من أساليب جعلتها تتمكن من المراوغة والبقاء، ومن هذه القدرات التمويهية مثلًا التلوين، فعندما تريد حشرة العصا الهرب من حيوان أقوى وأسرع منها فإنها تتلون بأقرب شيء منها وتختفي فيه، فهي تأخذ اللون الأبيض والبني والأحمر والأخضر، وغيرها من الألوان حسب الحاجة، كما أن هناك طريقة أخرى للتمويه والهرب، وهي اختلاق الموت، فلهذه الحشرة قدرة رهيبة على التظاهر في صورة الميت، والغريب أن كل الحيوانات تقتنع بذلك وتتركها موقنة بموتها.
من طرق تمويه حشرة العصا كذلك أن تقوم بإفراز سائل ذو رائحة نتنة يتكفل بإبعاد كل من يحاول الاقتراب منها، كما أنها أيضًا تمتلك خاصية التمويه الأكثر جنونًا بالتأكيد، وهي ترك أجزاء من جسدها لمطاردها، فمثلًا، عندما يُمسك من يطاردها بقدمها فهي تكون قادرة على إفلات قدمها من جسدها وتركها للمطارد، الأغرب، أن ذلك الجزء الذي فقدته للتو لا يأخذ وقتًا طويلًا حتى ينبت بديله، وبذلك يُمكن اعتبارها الحشرة الأكثر تمويهًا في جميع الحشرات.
أنواع حشرة العصا
لحشرة العصا عدة أنواع مختلفة، فمنها ما يكون ذو أجنحة، وهو الأقل تواجدًا، حيث لا تُقدرّ نسبته بأكثر من ثلاثة بالمئة، وهناك ما يُغطي ظهره الأشواك ويُصبغ باللون الأخضر، وذلك النوع يأخذ ذلك الشكل للحماية لا أكثر، حيث تُساعد الأشواك في تنفير كل من يقترب من حشرة العصا.
بعض أنواع حشرة العصا يكون أشبه بجذع، وبالطبع جميعنا يُدرك أن ذلك الشكل يُفيد أكثر في التخفي، والحقيقة أن النسبة الأكثر من أنواع حشرة العصا تتبع هذا النوع، نوع الجذع، حيث تتجاوز سبعين بالمئة من الأعداد الموجودة.
حشرة العصا والانقراض
بالرغم من هذه الحياة المستقرة التي تعيشها حشرة العصا إلا أنها لم تسلم كذلك من خطر الانقراض، والحقيقة أن خطر الانقراض كان بعيدًا كل البعد عن هذه الحشرة بسبب القدر الكبير من الأمان الذي تتمتع به، فهي بعيد عن البشر، وكذلك تمتلك كل سُبل الدفاع والتمويه السابقة، أي أنها بعيدة عن الحيوانات كذلك، لذا كان من الغريب جدًا أن تُعاني هذه الحشرة من الانقراض، أو حتى تُهدد به، لكن، للغرابة شديدة، عانت حشرة العصا من الانقراض وُهددت به، بل إن بعض الأنواع منها أخذت في الانقراض بالفعل، والأسباب كالعادة مجنونة جدًا.
أسباب التهديد بالانقراض
هُددت حشرة العصا بالانقراض مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وبالتأكيد هذا التاريخ يُذكركم بشيء، ألا وهو اندلاع الحربين العالميتين، أجل، عانت حشرة العصا من خطر الانقراض لعدة أسباب أهمها الحروب، فالحروب تُخلّف في البيئة ما يُلوثها، سواء كان غازات أو غيرها من المُخلفات، وحشرة العصا التي حباها الله كل هذه المميزات لا تقدر على مواجهة مثل هذه الغازات أو التصدي لأضرارها، لذلك بدأت أعداد حشرة العصا تتناقص في العالم حتى وصلت لذروتها في عام 1950، حيث انقرض في هذه الفترة عدد ليس بالقليل من الثلاثة آلاف نوع، لكن، هل هذه فقط الأسباب التي هددت وجود حشرة العصا؟ بالتأكيد لا، فهناك مُبيد الدي دي إيه.
مُبيد الدي دي إيه، التهديد الثاني
الشيء الثاني الذي هدد وجود حشرة العصا بقوة وقام بإفناء بعض أنواعها هو مُبيد الدي دي إيه، وهو مُبيد اختُرع في القرن العشرين من أجل مواجهة الحشرات، وبالتأكيد حشرة العصا ليست منهم، وذلك لأنها ببساطة تعيش في الغابات والأماكن التي لا يقترب منها البشر، لكن بالرغم من ذلك وصلت فاعلية الدي دي إيه بنفس الطريقة التي وصلت بها الغازات الضارة من الحروب العالمية، فقد تكفل الهواء بنقل كلاهما، عمومًا، استعادت حشرة العصا قوتها من جديد وبدأت أعدادها تتزايد مع نهاية القرن العشرين، ونأمل بالتأكيد أن يستمر ذلك للأبد.
أضف تعليق