تسعة بيئة
لوريس البطيء
بيئة » الطبيعة » لوريس البطيء : حيوان شديد الغرابة انقرض أو يوشك على الانقراض

لوريس البطيء : حيوان شديد الغرابة انقرض أو يوشك على الانقراض

لوريس البطيء حيوان من نوع فريد، اكتسب شهرة بسبب شكله وصفاته، ولم يحظى أكثر من ألف شخص في العالم برؤيته نظرًا لانقراضه ، على رغم بعض الشائعات عن وجوده.

يُعتبر لوريس البطيء أحد أهم وأندر الحيوانات الموجودة في العالم، حيث يقال إنه لا يتواجد سوى نوع واحد فقط من هذا الحيوان، أي أنه أشبه بكائن قائم بذاته ليس له فصائل أو مجموعات، وقد حباه هذا الاختلاف شهرة كبيرة، إضافةً إلى شكله المُلفت وألوانه المتنوعة، بيد أن كل ذلك الجمال لم يدم، فقد تعرض ذلك الحيوان النادر مؤخرًا للانقراض لأسباب مُختلفة، لذلك، دعونا في السطور القادمة نتعرف على لوريس البطيء وحياته كاملة، وهل تعرض للانقراض فعلًا أم لا؟

ما هو لوريس البطيء؟

حيوان لوريس البطيء هو الحيوان الوحيد في جنسه، وقد شوهد هذا الحيوان لأول مرة في القرن السابع الميلادي في الهند، كما ثبت تواجده في أماكن أخرى كثيرة منها بنجلاديش والفلبين والصين، أي أن الغالبية الكبرى من ذلك الحيوان تتواجد في قارة أسيا، وأعداد شبه منعدمة في أوروبا، وهو ما يُفسر سبب عدم تواجد ذلك الحيوان حتى الآن.

عُرف لوريس البطيء في القرن السابع كما ذكرنا، لكنه بالرغم من ذلك بقي مجهولًا لقرنين ولا يجد من يتحدث عنه، حتى جاء القرن العاشر وانتشر خبر تواجد حيوان لوريس البطيء بأوصافه الساحرة في شمال وشرق أسيا، وبمناسبة الأوصاف، كانت أوصاف ذلك الحيوان سببًا في شهرته بسبب ندرتها واللمحة الجمالية التي أعطتها له.

أوصاف لوريس البطيء

أول ما قد يلفت أنظارك في لوريس البطيء هو شكل رأسه، والذي يأخذ نمطًا دائريًا بصورة مُلفتة، إضافة إلى العيون الكبيرة التي تختلف مع الخطم الضيق، ليكون أول ما يُمكن ملاحظته رأس بأوصاف مختلفة بها عينين بألوان أشد اختلافًا، حيث يقال إن ألوان عيون لوريس البطيء تختلف من فرد إلى آخر، ولو الجسم كذلك، لكن الأسود والبُني لهما النسبة الأكبر، فتقريبًا سبعين بالمئة من إجمالي الأعداد الموجودة تكتسي باللون البُني الفاتح.

يمتلك لوريس البطيء أربعة أرجل، لكنهم في حالة الأكل يُصبحن اثنين فقط، حيث يتحول القدمين الموجودين في الأعلى إلى يدين يُستخدمان في تناول الطعام، وقد منح ذلك الشكل الغريب حياة غريبة لذلك الحيوان أيضًا، تعج بالمفارقات والأشياء الغير متوقعة من حيوان لا يزيد حجمه عن الثلاث كيلو جرامات ولا يتجاوز طوله الستين سنتيمتر.

حياة لوريس البطيء

يعيش لوريس البطيء في قارة أسيا كما ذكرنا، وتحديدًا في الغابات المطيرة فيها، فهو يُفضل المناطق الخضراء بشكلٍ عام، وأما ما يتعلق بالغذاء فهو لا يليق أبدًا بالحجم الضئيل لذلك الحيوان، حيث يتغذى على لحوم القوارض والطيور والحشرات الصغيرة وغيرها من الحيوانات التي يتمكن من السيطرة عليها بشكل عام.

البطء ليس مجرد اسم لذلك الحيوان، وإنما أيضًا سمة وخاصية من خصائصه، فهو بطيء في الحركة، بطيء في الأكل بطيء كذلك في الإنجاب والتكاثر، فالمعدل الطبيعي للإنجاب لدى لوريس البطيء فرد واحد فقط في العام، كما أنه يأخذ مدة كبيرة جدًا حتى يبلغ ويبدأ في الاعتماد على نفسه، فقد تصل تلك المدة إلى خمس سنوات، وذلك من إجمالي عشر سنوات يُمكن أن يعيشهم هذا الحيوان على الأرض، ولولا الميزة الكبرى التي يمتلكها في حماية نفسه لما استطاع لوريس البطيء إكمال العام على قيد الحياة.

لوريس البطيء والسم

يمتلك لوريس البطيء ميزة ربما لا تتواجد في أنوع غيره من الحيوانات باستثناء الثعابين، وهو أن لدغته سامة قاتلة، وهذا الأمر يُفيد في الحقيقة بشكل مزدوج، فهو قادر بذلك السم على الدفاع عن نفسه، وفي نفس الوقت يستطيع صيد فريسته بسهولة، فقط تكفي مجرد لدغة بسيطة، وسوف تسقط الفريسة صريعة أمامه.

فم لوريس البطيء ليس الشيء الوحيد المُدعم بالسم، فجلده أيضًا كذلك، أي أنه قد يقتل بمجرد اللمس، أو أن أي حيوان يُحاول لمسه سوف يُقتل، وقد كانت تلك الميزة سببًا كذلك في حماية صغير لوريس من الوقوع كفريسة للحيوانات الضخمة، فمن خلال ذلك السم الموجود على الجلد أصبح الاقتراب من لوريس أو محاولة لمسه أشبه بالانتحار.

لوريس البطيء والبشر

ذكرنا قبل قليل أن السم الذي يمتلكه لوريس البطيء كان سببًا في حمايته من المُعتدين، لكنه في نفس الوقت كان نقمة كبيرة عليه، لأنه كان سببًا كذلك في تعريضه للانقراض.

كان لوريس البطيء سامًا بالنسبة للبشر كما هو الحال بالنسبة للحيوانات تمامًا، وبالتالي كان يُشكل خطرًا عليهم، بالرغم من كل الأمور الجيدة التي كان يمتلكها والتي كانت مدعاة لتقرّب البشر منه، لكن، عندما يتعلق الأمر بحياة البشر يُصبح كل شيء بلا قيمة، حتى إذا كان ذلك الشيء هو الحيوان اللطيف لوريس البطيء.

انقراض لوريس البطيء

انقرض لوريس البطيء على الأغلب كان في القرون الوسطى، ربما في القرن الحادي عشر أو الثاني عشر، والحقيقة أن إقدام البشر على قتل لوريس البطيء كان أمر شبه طبيعي، خاصةً إذا وضعنا في الاعتبار أننا نتحدث عن دول شرق وشمال أسيا، والتي ينتشر في بعض المناطق منها، وخاصة الهند، الفقر والجهل والسحر، لذلك أرادوا منع الخطر قبل وقوعه وتفاقمه، هذا بالرغم من أنه لم يمت سوى شخص واحد فقط تأثرًا بسم لوريس البطيء.

ارتفعت نسب القتل على مدار قرنين، وظلت أعداد لوريس البطيء تتناقص بسرعة، على عكس الحياة التي اعتاد عليها ذلك الحيوان، والحقيقة أنه مع انقراض الفرد الأخير من لوريس البطيء بدأت آهات التندم.

القدرة على الاختفاء

القدرة على الاختفاء، تلك هي الميزة التي لم نتحدث عنها أثناء ذكر مميزات لوريس البطيء، والحقيقة أن تلك الميزة جاءت لتتماشى مع حركة الحيوان البطيئة، فمع ذلك البطء الشديد يُمكن أن يُصبح بسهولة فريسة لأغلب الحيوانات، لذلك مُنح ميزة لا تتوافر في الكثير من الحيوانات، وهي القدرة على الاختفاء، فإذا أراد حيوان ما ملاحقة لوريس البطيء مثلًا فإنه بعد مسافة ليست بالكبيرة سيشعر أن لوريس لم يعد له وجود، وكأن الأرض قد انشقت وابتلعته، وهذا الأمر في الحقيقة منحه مزيدًا من الهيبة إضافةً إلى السم الذي يمتلكه، لكن، هل استغل لوريس البطيء تلك الميزة في حربه مع البشر من أجل البقاء؟ بالتأكيد فعل، وليس هناك تأكيد على ذلك أكثر من زعم البعض بأنهم قد شاهدوا لوريس البطيء خلال القرن العشرين، أي بعد الوقت الذي حُدد لاختفائه بستة قرون على الأقل.

هل لا زال موجودًا؟

في الحقيقة لا أحد يعلم هل يزال لوريس البطيء موجودًا أم لا، ونستثني من ذلك بالطبع أولئك الذين زعموا أنهم قد شاهدوه بالفعل، وهم بعض سكان أستراليا، وبغض النظر عن كيفية ظهور ذلك الحيوان في استراليا إلا أن تلك الأقوال أعطت دافعًا جديدًا لبعض مراكز بحث واستكشاف الحيوان من أجل إعادة النظر مرة أخرى في حقيقة انقراض لوريس البطيء من عدمه، وبالتأكيد هذا ما ستوضح حقيقته الفترة القادمة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

عشرين + 8 =