تُعتبر بقرة البحر ستيلر واحدة من أهم اكتشافات القرن الثامن عشر، فبالرغم من كونها حيوان شهير إلا أن مكانها لم يكن معروفًا، ولم يستطع أحد توثيقه، حتى جاء عام 1741 واستطاع عالم الطبيعة ستيلر اكتشافها عن طريق الصدفة البحتة، لكن استمرارها لم يدم لأكثر من أربعة عقود، إذ زاد الصيد عليها بطريقة مهولة أدت إلى انقراضها نهاية القرن الثامن عشر، عمومًا، في السطور الآتية، سوف نتناول بالتفصيل بقرة البحر ستيلر ونعرف على كل شيء عن حياتها بدايةً من طريقة اكتشافها وحتى انقراضها الذي جاء عام 1741.
محتويات
بقرة البحر ستيلر
بقرة البحر ستيلر واحدة من الأبقار التي تنتمي لفصيلة الثدييات، والثدييات كما نعرف لا تتميز بشيء أكثر من اللحوم، لكن، ربما يكون من معلومات القليلين فقط وجود بقرة بحرية بالأساس، تعيش في البحر وبالقرب من الشواطئ، لكن هذا الأمر حقيقي وقائم بالفعل، بل أنه ثمة عدة أنواع لتلك البقرة، أهمها بقرة البحر ستيلر التي نحن بصدد التحدث عنها الآن.
بقرة البحر ستيلر لم تكن الأشهر بين بقرات البحر، فهناك البقرة ماناتي وغيرها من الأنواع، لكن شهرة تلك البقرة جاءت بسبب أوصافها وطريقة اكتشافها الغريبة، والتي جاءت عن طريق الصدفة كما ذكرنا.
اكتشاف بقرة البحر ستيلر
كانت هناك رحلة استكشافية من قِبل عالم الطبيعة ستيلر عام 1741، كانت مُقدرة من أجل أشياء أخرى لا تتعلق ببقرة البحر ستيلر من قريبٍ أو بعيد، لكن هكذا تأتي كل الاكتشافات، مجرد صدفة بحتة لا أكثر.
في منتصف طريق تعطلت السفينة وكاد الأمر يتطور إلى الغرق، مما دفع قائد السفينة ستيلر إلى اللجوء لجزيرة صغيرة قريبة تُدعى بهرينغ، وهناك ظهرت مشكلة أخرى كُبرى، وهي نفاذ المأن لكن قبل أن يُفكر ستيلر ورفقته في طريقة مُناسبة للموت ظهرت بقرة بحر كبيرة، تمكن القابعون على الجزيرة من سد احتياجاتهم عن طريق لحومها، ثن عُرفت تلك البقرة فيما بعد باسم بقرة البحر ستيلر.
أوصاف بقرة البحر ستيلر
تُعد بقرة البحر ستيلر من فصيلة الثدييات كما ذكرنا، لكنها ثدييات من النوع النباتي، الذي لا يحتاج إلى تناول اللحوم للاستمرار على قيد الحياة، وإنما فقط الحشائش والزروع، والحقيقة أن تلك الطبيعة ضمنت لهذه البقرة البقاء لفترة أطول، إذ أن المكان الذي عاشت فيه لم يكن به أي نوع من أنواع اللحوم، ولابد أنها كانت ستُعاني إذا كانت من عشاق اللحوم.
طول بقرة البحر ستيلر يبدأ من مترين ونصف وقد يصل إلى ثلاثة أمتار ونصف، أما الوزن فحدث ولا حرج، الأقل يبدأ من مئتي وثلاثين كيلو جرام، أما الحد الأقصى فقد يصل إلى ألف كيلو جرام بلا مُبالغة، وهذه بالطبع أوصاف حيوان عملاق وليس مجرد حيوان بحري يتغذى على النباتات والحشائش، كما تمتلك بقرة البحر ستيلر جلد بألوان ثابتة، تتراوح بين البني والرمادي، وتمتلك عدة شعيرات حول الفم تُستخدم في الاستشعار، وللتنفس دونما الارتفاع بنسبة كبيرة عن السطح تمتلك البقرة أنفًا أعلى الرأس مُباشرةً.
حياة بقرة البحر ستيلر
تعيش بقرة البحر ستيلر كما ذكرنا في البحر، وهي قادرة على المكوث تحت السطح لمدة تصل إلى خمسة دقائق، ثم بعد ذلك تصعد لتتنفس ما يكفي وتعود مرة أخرى للقاع، وكما ذكرنا، تتغذى تلك البقرة على الأعشاب، وخاصةً الأعشاب البحرية الموجودة للغرابة في أي بحر تتواجد فيه بقرة البحر ستيلر، حيث تلتهم يوميًا ما يزيد عن الثلاثين كيلو جرام من الأعشاب، وهو ما يُفسر بالطبع وزنها الضخم الهائل.
لا تُفضل بقرة البحر ستيلر الجماعات الكبيرة، فأقصى عدد لجماعة يمكن أن تعيش فيها هو ستة أفراد، وقد تعيش وحيدة أو في صورة زوجية أيضًا، أما بالنسبة للتزاوج والتكاثر فهو أمر آخر مُختلف تمامًا.
بقرة البحر ستيلر والتكاثر
يستمر حمل بقرة البحر ستيلر حوالي إحدى عشر شهرًا، وعادة ما تلد مولود واحد فقط في كل مرة، حيث تأخذ هذا المولود عقب الولادة مباشرة وتصعد به إلى السطح من أجل الحصول على النفس الأول، ثم تهبط به مرة أخرى وتستمر قليلًا ثم تخرج مرة ثانية إلى أقرب شاطئ.
بالقرب من الشاطئ تبدأ رحلة تعليم صغير ستيلر كيفية التنفس والسباحة وممارسة كافة طقوس الحياة تحت الماء، وعادةً ما تستمر هذه التعاليم عام واحد، بعدها يُصبح صغير بقرة البحر ستيلر مُتكيفًا تمامًا مع الحياة الجديدة، وتقول التقارير أن عمر هذه البقرة قد يصل إلى خمسين عام، ولا يقل بأية حال من الأحوال عن ثلاثين عام، هذا بالطبع إذا كنا نتحدث عن الموت بصورة طبيعية، بخلاف ما حدث في عام 1741 وأدى إلى انقراض البقرة البحرية للأبد.
انقراض بقرة البحر ستيلر
كما ذكرنا، عندما اكتشف عالم الطبيعة ستيلر وجود بقرة في البحر قادرة على استمرار حياته هو وفريقه في بهرينغ بدأت حملات الصيد الموسعة بحق تلك البقرة، كان الأمر جنونيًا إلى حد كبير، فهم يتوقعون أن تلك البقرة موجود بأعداد هائلة كفيلة بإطعامهم لآلاف السنين، لذلك لم يبخلوا على أنفسهم بلحمها وأخذوا يُذبحون فيها طوال فترة مكوثهم في الجزيرة.
بعد رحيل ستيلر وطاقمه عن جزيرة بهرينغ انتشر خبر وجود بقر صالح للطعام ومتوفر بكميات كبيرة، لذلك لم يُفكر أحد في الانتظار، وتوافد الصيادون على الجزيرة بأعداد كبيرة من أجل الظفر بأكبر عدد ممكن من الرؤوس في مشهد أقل ما يُمكن أن يوصف به أنه كان وحشيًا وظالمًا لجنس بقر البحر ستيلر بأكمله.
الصيد الشرس
تعرضت بقرة البحر ستيلر لهجمة صيد شرسة من قِبل البحر والصيادين، فهم كانوا لا يكتفون بقتلها وأكلها فحسب، بل أيضًا قاموا باستغلال جلودها في أعمال الدباغة، لذلك لم تستمر البقرة بعد الاكتشاف أكثر من سبعة وعشرين عامًا، حيث مات آخر زوج في عام 1768، ولا يعرف أحد حتى الآن عند الأعداد الحقيقية التي كانت موجودة من هذه البقرة قبل ذلك التاريخ الذي بدأت فيه حفلات قتلها.
تأثير الانقراض على البيئة
بلا شك تأثرت البيئة كثيرًا بانقراض بقرة البحر ستيلر، ففي النهاية يُضيف كل انقراض من هذا النوع رصيدًا جديدًا في خسائر البيئة الفادحة، لأن مثل هذه الحيوانات في الأساس تُعطي نوعًا من التوزان البيئي المعقول، وهو ما يسلبه الانقراض، ولكم أن تتخيلوا مثلًا أن نهاية البيئة المزمعة تتوافق مع انقراض آخر نوع من الحيوانات والنباتات.
انقراض بقرة البحر ستيلر جعل بعض البحيرات تتشبع بالأعشاب التي لم تكن في الأساس سوى غذاء لهذه البقرة، وهو ما يستوجب إزالتها لعدم إعاقة الأسماك، كما أن الانقراض ترك نوعًا من أنواع الفراغ النسبي في البحر، بالتأكيد لن يستطع حيوان آخر بخلاف بقرة البحر ستيلر تعويضه، لأن مجرد مُخلفات هذه البقرة كانت مُفيدة جدًا ومؤثرة.
أضف تعليق