تُعتبر مهمة إنقاذ السلاحف واحدة من أكبر المهمات التي يتحملها العالم على عاتقه ويحاول جاهدًا تنفيذها على أفضل وجه، والحقيقة أن عملية إنقاذ السلاحف كانت حتى فترة قصيرة مجرد أمر بسيط يحدث في عدة مناطق متفرقة، لكن حدث فجأة زيادة في عمليات قتل هذا المخلوق الجذاب، مما تسبب تباعًا في زيادة عمليات الإنقاذ، فقد أصبحت مهمة إنقاذ السلاحف مهمة قومية بيئية، يُمكن أن يُسبب التخاذل فيها الكثير من الكوارث للبيئة، عمومًا، في السطور القليلة القادمة، سوف نتعرف على السلاحف وحياتهم، وسعي العالم لإنقاذ هذه الحياة، والأهم من كل ذلك، هل تنجح تلك المحاولات.
محتويات
ما هي السلاحف؟
قبل أن نتعرف على مهمة إنقاذ السلاحف علينا أولًا التعرف على ماهية الشيء الذي يتم إنقاذها، السلاحف، فهي جسم زاحف يتكون من أنسجة عظمية مُتراصة، وتنتمي لجماعة الزواحف أصحاب الدم البارد، وهو لقب يُطلق على نوع الزواحف البطيء الغير مُتكيف مع البيئة، وبالتأكيد جميعكم تعرفون أن شيء بطيء في الوجود يُشبه بالسلحفاة.
السلاحف ليست على وتيرة واحدة، فمنها البري الذي يعيش في أي مكان على الأرض، ومنها المائي الذي لا يعيش سوى في الماء أو بالقرب منه، لكن بالنظر إلا أوصاف وخصائص السلحفاة نكتشف أن البطء ليس الشيء الوحيد المميز بها.
خصائص السلاحف
إنقاذ السلاحف جاء بعد أن كثُر صيدها وقتلها، والحقيقة أن ذلك الصيد كان لعدة خصائص وصفات تمتاز بها السلاحف، والتي بما تُشاركها فيها بعد الزواحف، لكن كما ذكرنا، تظل السلاحف بسبب سهولة صيدها والظفر بها الأقرب في تلك الأمور، وأولى الخصائص هي جسدها ذو التكوين الغريب.
يتميز جسد الزواحف بوجود درقة صلبة أعلاه، صلبة لدرجة لا يُمكن أن يتخيلها من يكتفي بالنظر للسلحفاةاء، وتحت تلك الدرقة توجد الكثير من الأشياء، كالقلب والبطين والعينين، وكل ما يحتاجه الكائن الحي كي يتمكن من الحياة، إضافة إلى ما تتميز به السلاحف من حراشيف وأنسجة عظمية ودم ولحم نادرين، كانا سببًا في كثرة الطلب على السلحفاة.
الطلب على السلاحف
كانت السلاحف تعيش حتى بداية القرن التاسع عشر في أمانٍ تام، مجرد حيوان بطيء لا يشغله أي شيء ولا ينشغل به أي شيء، حتى مجرد الحروب الصغيرة من أجل البقاء لم تكن تخوضها السلاحف أو تعرف بها من الأساس، لكن، مع ظهور ما يُسمى بدم السلاحف النفيس، بدأ الطلب على السلاحف، وبدأت مهمة إنقاذ السلاحف.
الطلب على السلاحف بدأ عندما ادعى أحد السحرة بأن دم ولحم السلاحف يُساهم في الأعمال السحرية، وأنه كذلك أداة لفتح الأبواب المُغلقة من قِبل الجن، وأيضًا أماكن تواجد الكنوز المتحجرة، لا يُمكن فتحها حسب ادعاء هؤلاء سوى بدم السلاحف، ولهذا لم يتوانى البعض في تنفيذ هذه المطالب، وكثر الصيد على هذا الحيوان الضعيف.
زيادة الطلب على السلاحف
في الحقيقة استمر الطلب على السلاحف حتى نهاية القرن العشرين، وهي تقريبًا الفترة التي بدأ العلم فيها يأخذ مكانته الطبيعية، وبدأت الخرافات وأمور السحر والشعوذة تندثر من أغلب الأماكن، في المجمل، انتفى مُبرر الطلب على السلاحف، وكان من المنطقي جدًا ألا تستمر عمليات صيد السلاحف، لكن ما حدث هو العكس.
ازداد الطلب على السلاحف بضراوة نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، حيث ظهرت بعض التقارير والأبحاث الطبية التي تؤكد أن دم ولحم السلاحف مُفيدين جدًا طبيًا في العلاقات الحميمية بين الرجل والمرأة، بل أنهما يُستخدمان في بعض الأدوية المعنية بمثل هذه الأمور، لذلك، في عام 2006، دخلت السلاحف قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض، وكان من الطبيعي جدًا أن تكون هناك وقفة للعالم من أجل إنقاذ السلاحف والبيئة.
العالم وإنقاذ السلاحف
انتبه العالم في العقد المنصرم إلى دوره الهام في إنقاذ السلاحف والحفاظ على البيئة، فالسلاحف البرية والبحرية يتم صيدها وقتلها للأسباب السابقة، إضافةً إلى أن السلاحف البحرية كان تُعاني كذلك من مُخلفات السفن البلاستيكية السامة، أي أن الطبيعة لم يكن لها أي دخل في الخطر الذي يُهدد السلاحف، بل كان بشريًا خالصًا.
شعرت المنظمات أن تناقص أعداد السلاحف للأسباب السابقة يُمكن أن يؤدي في النهاية إلى كارثة بيئية جديدة، خاصةً وأننا نتحدث في الآونة الأخيرة عن انقراض سبعة وستين نوع من الحيوانات والنباتات النادرة، وهو رقم لا يحتمل الزيادة بكائن هام مثل السلاحف، لذلك قامت المحاولات وعُقدت الاتفاقيات.
اتفاقيات إنقاذ السلاحف
في محاولة إنقاذ السلاحف، عُقدت الكثير من الاتفاقيات خلال السنوات العشر الأخيرة، منها مثلًا اتفاقية التنوع البيولوجي، واتفاقية بون التي تقوم على الحفاظ بكل الطرق على شتى أنواع الحيوانات البرية، ومن ضمنها بالتأكيد السلاحف، كذلك اتفاقية سايتس والاتفاقية الإقليمية، والتي قامت للحفاظ على أي شيء يتعلق ببيئة البحر الأحمر.
كانت هناك أيضًا اتفاقية برشلونة، والتي عُقدت لنفس الأسباب السابقة، لكن، الملفت للنظر أن الوطن العربي قد شارك بشدة في حملة إنفاد السلاحف، بالرغم من أن الأعداد الموجودة فيه في الأصل قليلة.
العرب وإنقاذ السلاحف
في الخمس سنوات الأخيرة رُصدت بعض التحركات من الوطن العربي لإنقاذ السلاحف، ففي نوفمبر القابع في عام 2011 تم العثور على سلحفاة كان يتم الاستعداد لذبحها وإقامة الطقوس المعهودة عليها بميناء العقبة، لكن تم إفساد هذه المهمة وقُبض على القائمين بها تحت تهمة تهديد البيئة.
السعودية كذلك خاضت حرب إنقاذ السلاحف، ففي عام 2001 قامت بتسجيل كافة السلاحف الموجودة بها، وقد بلغ ثلاثة آلاف، وذلك من أجل مُتابعتها ومعرفة الزيادة والنقصان في الأعداد، والحقيقة أن ذلك الأمر كان بمثابة خطوة نحو الأمام من جميع الدول العربية، إذا قاموا باتباع السعودية فيما يتعلق بتسجيل السلاحف الموجودة فيه، وتُعد مصر من أوائل الدول العربية اهتمامًا بالسلاحف، وفي نفس الوقت للأسف تُعد من أوائل الدول التي تُنتهك فيها حقوق السلاحف، ولا يتعارض هذا مع ذاك بكل تأكيد، إذ أن إنقاذ السلاحف يواجه بكل قوة محاولة العبث معها وتدميرها، وعمومًا، يمتلك الوطن العربي نسبة لا بأس بها من نسبة السلاحف الموجودة في العالم.
السلاحف والتوازن البيئي
دائمًا ما ترتبط عمليات إنقاذ السلاحف بمصطلحات رنانة مثل التوازن البيئي، والواقع أن البعض قد يشعر بالمبالغة عندما نتحدث عن قدرة السلاحف على تحقيق التوازن البيئي وتأثير تناقص أعدادها عليه، لكن في الحقيقة هناك أمر غائب عن الجميع، وهو أن أي كائن موجود على هذه الأرض هو في الأصل جزء من التوازن البيئي به، وإلا ما كان موجودًا من الأساس، فمثلًا، عندما اختفى طائر الدودو، أدرك الفلاح أهمية ذلك الطائر في تخليصه من الحشرات الضارة وتجنيبه للمبيدات الحشرية التي تضر البيئة في الحقيقة، أترون كيف يسير الأمر؟ نأمل بالتأكيد ألا ننتظر حتى نرى تأثير انقراض السلاحف على البيئة وتوازنها.
أضف تعليق