تُعتبر تجارة العاج من الأمور التي تم تجريمها حديثًا بسبب النتائج التي أدت إليها، فليس من المطروح أبدًا أن يستيقظ العالم ذات يوم ولا يجد الفيلة بشكلها المألوف، وهذا ما سيحدث للأسف إذا لم يتم تقنين وتقليل هذه التجارة، لأنها تعني أن يتم قتل عدد لا بأس به من الفيلة يوميًا، لأنه لا يُمكن الحصول على العاج دون قتل الفيل، لذلك تجاهد المنظمات العالمية بأكملها وتحارب بشتى الطرق كي تتجاوز الفيلة مرحلة الخطر هذه، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على تجارة العاج وأسبابها، والأهم من ذلك، تهديدها الكبير على البيئة والفيلة خاصة.
محتويات
ما هو العاج؟
المعروف أن كل شيء لا يضر البيئة والإنسان مُباح الاتجار به، لكن ذلك الأمر لا ينطبق على تجارة العاج، فالعاج هو مادة موجودة داخل جسم الفيل، تحديدًا الأنياب أو الأسنان، ومن أجل الحصول على تلك المادة الثمينة يضطر البعض إلى قتل الأفيال أولًا، مما يتسبب في وضع البيئة بأكملها في موقفٍ حرج.
يُعرف عن العاج أنه مادة نفيسة وثمينة جدًا، فهو ليس له بدائل مثل باقي المواد، ولا يتواجد إلا في الفيل تحديدًا، لذلك يكثر صيد الفيل كما ذكرنا، لكن هؤلاء الصيادين لا يعترفون أبدًا بأنهم يُجرمون في حق البيئة، مُبررين ذلك بالفوائد الجمة التي يحصل عليها الجميع من خلال العاج.
فوائد العاج
من الطبيعي أن تكون أسباب ازدهار تجارة العاج هي نفسها فوائد العاج، فلولا وجود الكثير من الفوائد ما حاول أحد الاعتداء على الفيلة وتعريض العالم للحرمان منها وصفع البيئة صفعة مؤلمة.
للعاج عدة فوائد واستخدامات، أهمها مثلًا أنه يُستخدم في صناعة البيانو، البيانو الجيد تحديدًا، وصناعة البيانو تعني صناعة المزيكا، وبالطبع ليس هناك أحد مُستعد للتضحية بالمزيكا أو الموسيقى، لذلك نجد أن البعض في حيرة من أمرهم فيما يتعلق بهذا الأمر، ومن فوائد العاج أيضًا أنه يدخل في صناعة شيء ترفيهي آخر، وهو كرات البلياردو، التي بدونها لا يُمكن أن تقوم اللعبة، إضافةً إلى العديد من أدوات الزينة والتحف، التي يُعطيها العاج رونقًا آخر ليس له مثيل.
أماكن تواجد العاج
يتواجد العاج بالتأكيد في أماكن تواجد الفيلة، وليس أماكن رواج تجارة العاج، لذلك يكثر في أفريقيا وأسيا، ونادرًا ما يتواجد في دول أوروبية إذ لم يكن غير وارد الحدوث من الأساس.
في أفريقيا يتواجد العاج، والفيلة عمومًا، في دول كثيرة، على رأسها بالتأكيد دولة ساحل العاج أو كوت ديفوار كما يُطلق عليها من قِبل البعض، كذلك تتواجد في النيجر والكونجو وغانا، أما في أسيا فليس هناك مجال للحديث عن العاج والأفيال دون ان نتحدث عن أكثر دول العالم امتلاكًا للأفيال، بل والتي تقترن شهرتها بوجودها، دولة الهند، والتي يتواجد بها نصف الأفيال الموجودة في العالم.
تناقص أعداد الأفيال
كما ذكرنا من قبل، تُشكل تجارة العاج خطرًا كبيرًا على تواجد أحد أهم الحيوانات الموجودة على الأرض، وهو الفيل، لذلك هي في نفس الوقت تُهدد البيئة، فيكفي أن نقول بأنه في منتصف القرن الماضي كان عدد الأفيال الموجود في أفريقيا وحدها يتجاوز المليون فيل، ناهيك بالطبع عن الأعداد المُتضاعفة الموجودة في أسيا وخاصةً في الهند، لكن، مع حصر أعداد الأفيال مطلع القرن الحالي وُجد أنها لا تتجاوز، في أفريقيا، النصف مليون فيل، أي أننا في خمسة عقود فقط فقدنا نصف الأعداد الموجودة من الأفيال، وهي كارثة تستحق الدراسة والتأمل بالطبع، لكن ينبغي أولًا تناول السبب الرئيس في هذه الظاهرة، وهو تجارة العاج، ولا بد أننا بالتأكيد في حاجة للاقتراب من هذه التجارة ومعرفة أهم أسرارها.
تجارة العاج
عرف العالم تجارة العاج خلال القرن الماضي، كانت مجرد تجارة عادية، الهدف منها هو كسب الأموال، مثلما يحدث مع البترول وموارد الطاقة المُختلفة، لم يكن أحد يضع في الحسبان تأثير هذه التجارة على أحد أهم الحيوانات الموجودة، وهو الفيل، لكن ذلك ما حدث، وأدركه العالم متأخرًا في عام 1989.
استوحلت تجارة العاج في الربع الأخير من القرن العشرين، وأخذت تنتشر في العديد من الدول، وخاصةً تلك التي تتبع أسيا وأفريقيا، فمن البديهي أن تكون البلاد الأكثر امتلاكًا للأفيال هي الأكثر متاجرةً في عاجها، وعمومًا، فإن تجارة العاج لم تكن تمتلك أي شيء يمنعها في البداية، فقط كانت شبه مُصرح بها، حيث أن الجميع لم يُدرك خطورة هذه التجارة في بداية العمل بها، كانت مجرد تجارة عادية تستهدف الربح فقط.
تهريب العاج
بعدما تم حظر تجارة العاج في نهاية القرن العشرين كان من المتوقع أن تقل هذه التجارة ولا تتناقص أعداد الأفيال بصورة سريعة، لكن ذلك الأمر لم يحدث أبدًا في تاريخ البشرية، حيث أن الالتزام بالقرارات التي تهم مصلحة البيئة كانت ولا تزال الشيء الأخير الذي يُمكن أن يُفكر به الإنسان.
أخذت تجارة العاج في مطلع القرن الحادي والعشرين شكلًا جديدًا، حيث أن تجريمها أدى إلى معاملتها مُعاملة المواد المُجرّمة مثل المخدرات، ولذلك كان هناك التهريب سرًا عن طريق الحدود، وهي الطريقة التي تسببت في لفت الأنظار بشدة إلى تجارة العاج، فلماذا يلجأ شخص إلى الاستمرار في تجارة يعرف يقينًا أنها مُجرّمة؟ وأن مُتاجرته بها ستتسبب في مُلاحقتها! بالتأكيد هو يدرك أن أرباحها تستحق كل هذه المُجازفات وأكثر، ومن هنا تظهر أهمية تجارة العاج التجارية.
أهمية تجارة العاج
أهمية تجارة العاج لا تتعلق بأي شكل من الأشكال بأهمية العاج التي ذكرناها آنفًا، فتلك التجارة، بالرغم من أنها مُجرّمة منذ عدة عقود، إلا أنها تعمل على إنعاش اقتصاد بعض الدول، وبالتأكيد بعضكم يتعجب من مشاركة بعض الدول في عملية تجارة العاج، وتحديدًا بعض الدول الأفريقية، التي تفتقر للرقابة من الاتحاد الدولي وتعج بالفقر والمجاعات، لذلك يرون في تجارة العاج ملاذًا لهم، فلا مانع أبدًا بالسبة لهؤلاء أن يتم التخلص من بعض الفيلة لقاء الحصول على المال الكافي لإطعام شعوبهم، فبالطبع حياة الأفيال مهما كانت أهميتها ليست أكثر أهمية من حياة البشر.
مواجهة نفاد العاج
لم يغفل أصحاب تجارة العاج والمُستفيدين منها أبدًا احتمالية انقراض الأفيال، فهذا الأمر بالتأكيد يعني تدمير تجارتهم وأموالهم، والحقيقة أنهم واجهوا تلك الافتراضية بحماقة أكبر مما يرتكبونه في حق الأفيال، فلم يقوموا مثلًا بالمحافظة على ما تبقى من أفيال والسعي في إيجاد حلول لمضاعفة هذه الأعداد، وإنما لجأوا إلى بديل الأفيال الأفضل، وهو الماموث الصوفي، والذي بالرغم من كونه مُنقرض إلا أن الحديث عن استنساخه كان بمثابة إعطاء أمل جديد لهؤلاء التجار، فذلك الماموث يمتلك العاج بقدر ما تمتلك الأفيال إذا لم يكن أكثر، وقد عاش وانقرض قبل ملايين السنين، عمومًا، يبدو أن تجار العاج لا يزالون منخرطين في حماقتهم، ولن يستفيقوا إلا بعد حدوث الكارثة.
أضف تعليق