تسعة بيئة
النوع المجتاح
بيئة » الطبيعة » النوع المجتاح : ما هي تأثيرات حيوانات النوع المجتاح على البيئة ؟

النوع المجتاح : ما هي تأثيرات حيوانات النوع المجتاح على البيئة ؟

النوع المجتاح هو مصطلح يطلق على تلك المجموعات من الحيوانات التي تُخل خلال مرحلة ما بالتنوع الحيوي أو التوازن البيئي عن طريق التكاثر، فكيف ذلك؟

التعرف إلى مفهوم النوع المجتاح يمكن أن يعطيك فكرة واسعة عن التنوع الحيوي والتوازن البيئي الذي تحتاجه الطبيعة لتستمر دورة الحياة كما هي، فتلك الحيوانات أو النباتات يمكن أن تتسبب في اختفاء أنواع أخرى من مناطق بكاملها أو أن تؤدي إلى انقراض نوع كامل من الكائنات الحية، وفي العادة يكون الإنسان هو السبب الرئيسي في ظهور هذه الأنواع المجتاحة التي يستقدمها لأغراض اقتصادية في المقام الأول لكنه يكتشف فيما بعد أن ضررها سيكون أسوأ بكثير من منافعها، من خلال الموضوع الآتي ستتعرف على التأثير البالغ للمشكلة من خلال أحدث أرقام الإحصائيات التي تخص الولايات المتحدة والتي وضعناها كمثال في جزئية النباتات فقط باعتبارها نموذج كافي لفهم المشكلة وبسبب دقة وكثرة الإحصائيات والدراسات التي أخرجتها المنظمات الحكومية ومن خلال الأرقام يمكننا قياس تأثير النوع المجتاح على الدول الأخرى، ثم سنتعرض بعد ذلك إلى أخطر عشرة حيوانات مجتاحة وأفظعها تأثيرًا على الأنواع الأخرى وذلك مثل الجرذ الأسود الذي جال العالم عبر السفن الأوروبية عبر قرون ليتغذى على عدد كبير من الحيوانات الصغيرة والنباتات كذلك وسمكة رأس الأفعى القاتلة وحيوانات أخرى استقدمها البشر لأغراض ترفيهية مثل الأرنب الأوروبي الذي تضاعفت أعداده بالملايين في غضون سنين فقط.

تعرف على تأثير النوع المجتاح على البيئة

تأثير نباتات النوع المجتاح : الولايات المتحدة كمثال

قد يتبادر إلى الذهن فكرة أن الحيوانات هي التي تنحصر فيها هذا التصنيف، إلا أن هنالك الكثير من النباتات التي يصنفها العلماء ضمن هذا النوع الذي قد يسبب خللاً في التوازن البيئي والتنوع الحيوي، فإذا نظرنا إلى قارة أمريكا الشمالية فقط سنجد أن في ولايات كاليفورنيا وفلوريدا وهاواي أكثر من 2,000 نوع من النباتات الدخيلة على موطنها وهناك 400 منها من النوع المجتاح والتي يمكننا أن نجدها على نطاق 133 مليون فدان (وهو النطاق الذي يضم ولايتي كاليفورنيا ونيو يورك مجتمعتين)، وبالنسبة لتأثير تلك الأنواع الضارة من النباتات في هذا النطاق فقط فإننا سنجد أنها تقضي على 3.6 مليون فدان من الغابات، وفي كل سنة يزداد تقدم نطاق تلك النباتات بنحو 1.7 مليون فدان وذلك في كل الاتجاهات.

تأثير الحشرات المجتاحة

بالنسبة للولايات المتحدة فقط فإن هناك 70 مليون فدان من الأراضي التي تضم أراضي خاصة بمزارعين وأراضي عامة للدولة معرضة للخطر الذي يأتي من 26 نوع من حشرات النوع المجتاح والأمراض الآتية منها. تشير التقديرات إلى أن أمريكا تخسر حوالي 138 مليار دولار كل سنة وذلك بحساب كل الأضرار التي تخلفها حيوانات ونباتات هذا التصنيف وكذلك المبالغ التي تنفقها الدولة في سبيل الحد منها، كما أنها تعتبر عامل مؤثر في تقلص أعداد ما يقرب من نصف الحيوانات المهددة بالانقراض.

أخطر 10 حيوانات النوع المجتاح

قد يكون الحيوان قادرًا بصورة طبيعية على الاجتياح والتسبب في إخلال التوازن الحيوي وقد يتسبب البشر في جعله كذلك، تختلف الأسباب لكن التأثير واحد، وفي القائمة التالية نستعرض لك أهم الأمثلة التي ستعطيك الصورة الكاملة عن الموضوع.

البياض النيلي

سمكة البياض النيلي هي سمكة عملاقة بالنسبة لعدد كبير من الأسماك الأخرى التي تسبح في نفس موطنها والذي ينحصر في مصبات وأحواض بعض الأنهار مثل نهر النيل حيث تتواجد في بعض بلدان أفريقيا على طول نهر النيل مثل الكونغو ومصر والسنغال، وهي سمكة قد يزيد طولها عن مترين ويزيد وزنها عن مئتي كجم وهي تعتمد بشكل أساسي على الأسماك الصغيرة والمتوسطة كما أنها تملك غطاء قشري شديد السمك والصلابة مما يجعلها غير قابلة للافتراس من قبل أكثر أنواع الحيوانات البحرية التي توجد في الأنهار، لذا فإنه عندما تم استقدامها وإدخالها إلى بحيرة فيكتوريا في الخمسينيات من القرن الماضي فإنها تسببت في خلل بيئي هو الأسوأ من نوعه، حيث توسعت أعدادها بشكل مخيف وتسببت في تقلص أغلب أنواع الحيوانات هناك بل وساهمت بشكل مباشر في انقراض عدد كبير منها، وذلك على مر ثلاثة عقود كانت فيها العامل الأساسي في انقراض عدد كبير من الأسماك والقشريات بل وحتى بعض الحشرات كبيرة الحجم.

الأرنب الأوروبي

الموطن الأصلي للأرنب الأوروبي أو ما يطلق عليه أحيانًا اسم الأرنب الشائع هو الأجزاء الجنوبية من أوروبا وشمال أفريقيا، لكن كما هو معروف عن الأرانب وهذا النوع خصيصًا أنه مائل إلى التزاوج والتناسل بشكل مكثف، وقد أدى هذا في الكثير من الأوقات إلى مشاكل بيئية خطيرة في كل قارات العالم باستثناء أنتاركتيكا وآسيا، ولعل أشدها ما حدث في أستراليا في منتصف القرن التاسع عشر، وقد بدأت المشكلة بأربع وعشرين أرنب فقط استقدمهم مزارع إنجليزي يدعى توماس أوستين قال أنه أراد أن يذكروه بموطنه الإنجليزي في غربته في أستراليا التي كانت قارة معزولة وقتذاك وخالية من الأرانب الأوروبية، ولكن في غضون عشر سنين فقط ومع تزاوج أفراد الأرانب مع الأنواع الأخرى من الأرانب المحلية أصبح بإمكان الصيادين اصطياد ما يقرب من 2 مليون من الأرانب الأوروبية دون أن يؤثر هذا على أعدادهم، مما يعني أن أعدادهم تجاوزت بضعة ملايين، ومع حلول القرن العشرين تضاعفت الأعداد بشكل مخيف وأثر هذا على تصحر تربة نطاق كبير من الأراضي الزراعية بالإضافة إلى تقلص عدد كبير من أنواع الحيوانات الأخرى التي كانت تعتمد على نباتات تلك الأراضي مما تسبب في كارثة بيئية هي الأخطر من نوعها بالنسبة لأستراليا في هذه الفترة وهذا ما يدفعنا إلى اعتبار الأرنب الأوروبي هو النوع المجتاح الأكثر خطورة بالنسبة لمقاييس مختلفة.

علجوم القصب

هناك العديد من الأسباب التي تدفع إلى ظهور النوع المحتاج ومنها بعض الأسباب الطبيعية كما وضحنا سابقًا ومنها بعض الأسباب البشرية كرغبة البشر في نقل الحيوانات من مكان لآخر لرغباتهم الخاصة، لكن في حالات أخرى يتم استقدام الحيوانات لعلاج مشاكل مختلفة إلا أنها تتحول إلى حيوانات مجتاحة دون أن يدرك البشر هذا كما في حالة علجوم القصب الذي يعتبر المثال النموذجي في تلك الحالة، فالموطن الأصلي للحيوان هو جنوب ووسط أمريكا، لكن عندما تم استقدامه إلى مناطق مثل هاواي ومناطق الكاريبي ودولة الفلبين لمحاربة الآفات التي تنتشر في حقول قصب السكر فإنه سبب العديد من المشاكل، لكن الأزمة لم تكن واضحة في السنين الأولى بل على العكس تمامًا فقد أثبت الحيوان قدرته على التخلص من عدد كبير من الآفات بسرعة تفوق أي حيوان آخر وبكفاءة أفضل من المبيدات الحشرية ودون أن يؤثر هذا على جودة المحصول أو أن يؤثر في التربة، لكن بعد توغل الحيوان وانتشاره بشكل واسع أصبح يأكل ويقتل كل ما يجده في طريقه، وهو كبير الحجم بالمقارنة مع البرمائيات الأخرى حيث قد يصل طوله إلى 30 سم وهو يمتاز بفم واسع للغاية، لكن سلاحه الأكثر خطورة هو قدرته على إفراز سم قاتل يمكن أن ينهي حياة أغلب الحيوانات حتى الضخمة منها، بل أنه تسبب في مقتل بعض البشر عندما أكلوا بيضه دون أن يعلموا أنه يقوم بتسميمه لحمايته.

تم تصنيف علجوم القصب باعتباره ضمن النوع المجتاح في أكثر من 20 دولة حتى يومنا هذا، وهناك الكثير من التقارير التي تثبت بالأرقام الكوارث التي يسببها في تناقص التنوع الحيوي، وأبرز تلك الكوارث الموثقة هي التي حدثت في أستراليا، وإذا نظرنا إلى الحيوانات التي تسبب في تقليل أعدادها بشكل ملحوظ فإننا سنجد حيوان الدصيور الشمالي وهو من الحيوانات اللاحمة وينتشر في أستراليا وأصبح مهددًا بالانقراض بسبب العلجوم بالإضافة إلى نوع من حيوان الورل التابع لرتبة السحالي وموطنه الأصلي في جنوب آسيا، وقد أثبتت التقارير أن تلك الحيوانات تعرضت إلى الاختفاء التام من بعض المناطق التي كثر فيها علجوم القصب.

الأفعى البورمية

هي نموذج مثالي لما يمكن أن يحدث عندما يتم نقل حيوان مفترس كبير الحجم وبالغ الخطورة إلى بيئة يندر فيها وجود منافسين له من حيث القوة ونموذج كذلك لضراوة النوع المجتاح ، فهذه الأفعى قد يصل طولها إلى 20 قدم وتمتاز بالعديد من الصفات القتالية التي تؤهلها لتكون من أقوى الحيوانات المفترسة، الموطن الأصلي للأفعى البورمية هو المناطق المدارية وشبه المدارية في جنوب آسيا حيث تعيش في أغلب الأوقات بالقرب من المياه وأحيانًا في أعالي الأشجار، لكن تم استقدامها عن طريق الصدفة أو لأسباب مجهولة عنا إلى أمريكا وبالتحديد في المناطق البرية من ولاية فلوريدا إلى أن زادت نسبتهم بمعدلات مخيفة، وآخر الإحصائيات تشير إلى أنه تم حصر أكثر من ثلاثين ألف من الأفعى البورمية في حديقة إيفرجلاديس الوطنية وقد تسببوا في القضاء على أنواع كثيرة ومختلفة من الطيور المهددة بالانقراض وبعض الحيوانات الأخرى بالغة القوة والتي يندر تعرضها للافتراس مثل بعض التماسيح!

الجرذ الأسود

يعود انتشار الجرذ الأسود بكميات مهولة في كل بقاع العالم إلى عامل الصدفة وحوادث مجهولة المصدر لكن من المؤكد أنها بفعل البشر وهم المسئولون عن ظهور النوع المجتاح في أغلب الحالات كما سنوضح، فالموطن الأصلي له هو المناطق الاستوائية في آسيا، لكنه انتشر في أوروبا وشمال أفريقيا في القرن الأول الميلادي ثم جاح العالم بعدها، ومن المشهور عنه أنه يتواجد بكثافة في السفن ولعل هذا أحد أسباب انتشاره إلى أماكن بعيدة عن موطنه، لدرجة أنه الآن موجود في كل قارات العالم باستثناء أنتاركتيكا، ويكثر وجوده في المناطق الحضرية والشعبية والضواحي ويعيش بالقرب من مصبات الصرف الصحي وغيرها من الأماكن التي يجد فيها المأوى بعيدًا عن الإنسان الذي يأخذ كل احتياطاته لمنعه من دخول منازله وينتهز أولى الفرص لقتله، إلا أن هذا لم يقلل من وجوده بل إن أعداده في زيادة مستمرة في الكثير من البلاد وكذلك أنواع أخرى من الفئران، لكن هذا الفأر كبير الحجم هو الأخطر في التأثير على التنوع الحيوي ويعتبر النوع المجتاح الأصعب من ناحية السيطرة على أفعاله، فبالإضافة إلى أنه يتغذى على المحاصيل الزراعية ويقتات على بواقي الطعام فإنه يصطاد العديد من الحيوانات الأخرى وتسبب في انقراض عدد كبير من الطيور والقوارض وعدد متنوع من الفقاريات صغيرة الحجم في كل أنحاء العالم.

الزاعجة المنقطة

تعرف باسم الزاعجة المنقطة أو بعوضة الببر الآسيوية وتتميز بالشرائط التي توجد على جسمها باللونين الأبيض والأسود، وقد استوطنت في البداية المناطق الاستوائية في جنوب شرق آسيا، إلا أنها انتشرت بشكل مكثف ويعتبرها العلماء الآن من أكثر أنواع الحيوانات المنتشرة في الأرض وهي تتواجد في حوالي ثلاثين دولة خارج موطنها الأصلي وذلك في العقدين الأخيرين فقط، لذا فهي بالضرورة ضمن النوع المجتاح ، ويرجح سبب انتشارها إلى أن المأوى المناسب لها يتيح لها التنقل إلى أماكن مختلفة وبعيدة، فهي تفضل العيش في الإطارات، لذا فإنها تنتشر في مصانع الإطارات حيث توضع الإطارات في مناطق خالية لتتشبع بمياه الأمطار، وداخل الإطارات تجد هذه الحشرة الصغيرة البيئة المناسبة للتناسل وكل ظروف الحياة التي تحتاجها، ولا تكمن خطورتها فقط في أنها حاملة لعدد متنوع من الفيروسات الخطيرة مثل حمى الضنك، بل في تأثيرها على الكثير من الحيوانات الأخرى، كما أنها تتغذى طوال اليوم في حين أن أغلب أنواع البعوض لا يتغذون إلا في أوقات الغسق ووقت طلوع الشمس فقط.

ذبابة القطن البيضاء

هي مثال نموذجي على فكرة أن النوع المجتاح يمكن أن يأتي في أصغر الأحجام، فالأفراد البالغين منها يصلون إلى طول ميلي متر واحد فقط، لكنهم يتغذون على ما يقرب من ألف نوع من أنواع النباتات المختلفة وذلك عبر هجوم جامح تشنه مجموعات ضخمة منهم، وهم قادرون على نقل أكثر من 100 فيروس إلى النباتات، ومع أن العلماء يجزمون بأن موطن ذبابة القطن البيضاء هو شبه القارة الهندية إلا أنك ستجدهم مندفعين في كل قارات العالم باستثناء القارة القطبية الجنوبية ليصبحوا حشرة النوع المجتاح الأكثر خطورة على النباتات.

سمكة رأس الأفعى

بالنظر إلى كل المقاييس فإن هذه السمكة هي كابوس بالنسبة للعديد من الحيوانات في كوكبنا الأزرق، فهي تمتلك أسنان حادة للغاية وشبيهة بفك أسماك القرش وحتى أنها لديها شهية كبيرة للدماء ويمكن أن يصل طولها إلى 3 أقدام، كما أنها واسعة الانتشار وتقدر كل أنثى على وضع حتى 75,000 بيضة كل سنة، وهي تمتلك مميزات لا تجدها مجتمعة في أغلب الكائنات البحرية، فهي قادرة على التنفس والبقاء في البرية لتبحث عن الفرائس، وهي تؤثر على اختفاء أعداد كبيرة من الحيوانات المهددة بالانقراض كل سنة وقد تسببت في تدمير السلاسل الغذائية الأصلية في الولايات المتحدة في نطاق واسع من ولاية مين حتى كاليفورنيا، ويعود موطنها الأصلي إلى مياه شرق آسيا.

سمكة الشبوط الآسيوية

موطنها الأصلي هو الأجزاء الشرقية من روسيا وأجزاء متفرقة من الصين، وتم استقدامها إلى العديد من المناطق في أمريكا الشمالية وبعض بلدان أوروبا، وكان الدافع الأول وراء نقلها إلى مسطحات مائية أخرى هو دافع اقتصادي بحت حيث أنها من الأسماك التي تضع عدد كبير من البيض في كل مرة، لكن وجد فيما بعد أن لهذه السمكة شهية كبيرة في أكل أنواع متعددة من الكائنات البحرية وحتى الأسماك الأخرى وبيض الأسماك (ولعل هذه هي المشكلة الكبرى التي تسببها)، وقد تسببت في وضع كارثي في بعض البحيرات في الولايات المتحدة حيث قضت على أنواع عديدة من الحيوانات البحرية.

طائر الزرزور الأوروبي

الموطن الأصلي لهذا الطائر القوي هو أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، وتم نقله إلى مناطق مختلفة حيث انتشر في أمريكا الشمالية والأجزاء الجنوبية من أفريقيا وأغلب مناطق أستراليا، تم استقدامه ليقضي على الآفات الضارة بالمحاصيل الزراعية، لكن أسراب ذلك الطيور تتكون من آلاف الأفراد لذا فإنها تقضي على أنواع كثيرة من الحيوانات وتسبب خلل كبير في دورة الحياة، كما أنها طيور عدائية وتنازع الطيور الأخرى على أماكن وجودها، بل وحتى أنها تهدم أعشاش الطيور الأخرى، لذا فإن هجومهم على أي أرض يعني الدمار المحقق، وقد يصعب على المزارعين السيطرة عليها.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

12 + 18 =