تُعتبر التربة الزراعية من أهم عناصر البيئة، حيث أنها تُغطي سطح الأرض، سواء كانت من النوع الصلب أو المفكك، وقد تكونت التربة بفعل عدة عوامل بيولوجية أو كيميائية، ونتج عن ذلك تلك الطبقة الهشة، ولا أحد ينكر دور التربة في العملية الغذائية للكائن الحي، خاصة النبات، حيث أنه لا زرع بلا تربة، فهي التي تُمهد له، كما أنها تحتوى بداخلها على عدة مصادر للمياه الجوفية، والتي يلجأ إليها الناس في كثيرٍ من الأحيان، وأيضًا المعادن، فهي المخزن الأكبر لها، لذلك لم يستطع أحد إنكار دور التربة الزراعية في استمرارية الحياة، لكن ما هي التربة، وما هي أنواعها؟
التربة الزراعية من الألف إلى الياء
ما هي التربة؟
التربة طبقة رقيقة، صلبة أو متفككة، تُغطى سطح الأرض الذي لا يمكن العيش فوقه مباشرةً، وقد تكونت من مجموعة من الصخور المفتتة، وذلك بعد الانفجار العظيم مباشرة، وتكون بداخلها في ذات الانفجار آبار ومخازن للمياه الجوفية والآلاف من المعادن، تتراوح كثافة التربة على الأرجح بين واحد واثنين جرام لكل سنتيمتر مكعب، أما الاسم الراجح للتربة والشائع بين الجميع فهو الأرض، وبالطبع هذا الاسم ليس صحيحًا لأنه لا يوجد أحد قد عاش على التربة مباشرة، وإنما فقط يعيش على طبقة من التراب تفصل بينه وبين الأرض، لكنه يسمي تلك الطبقة الترابية بالأرض.
أنواع التربة
للتربة عدة أنواع، يختلف كل نوع عن الآخر من حيث ما يتميز به، فالتربة الطينية مثلًا، تمتاز باللون الأحمر وقدرتها على التماسك، والسبب في ذلك هو أنها تتكون من أجزاء صغيرة للغاية، وتلك الأجزاء قريبة من بعضها بشكل شديد للغاية، مما يجعلها قادرة على الاحتفاظ بالماء داخلها لفترات كبيرة، لكن، رغم كل ذلك، تُعد التربة الطينية أسوأ نوع من أنواع الترب، فهي لتماسكها واحتفاظها بالماء لا تستطيع الصرف، وتهويتها سيئة للغاية، وأيضًا عندما تتيبس وتصبح جافة يتشقق سطحها، ولا تستطيع جذور النباتات امتصاص المياه منها، لك ذلك تصبح التربة الطينية غير ملائمة للزراعة.
نوع سيء آخر من أنواع الترب، التربة الرملية، فهي دائمًا متفتته الأجزاء ومتباعدة، ولا يمكنها أبدًا الاحتفاظ بالماء أو المواد الغذائية، فلا تصلح للزراعة أو البناء، وهذه هي التربة الشائعة للصحاري والكثبان والجبال وغيرها، لذلك نجد أن هذه المناطق غير مأهولة بالسكان دائمًا.
النوع الثالث من أنواع التربة هو التربة السلتبة، وهذه التربة عبارة عن مزيج بين التربة الطينية والتربة الرملية، فهي تستطيع الاحتفاظ بالماء كالنوع الأول ومتفتتة كالنوع الثاني، لذلك يصل الماء إلى النبات بكل سهولة، إضافة إلى تهويتها الجيدة والتي تجعلها ضمن أفضل أنواع الترب.
التربة البنية هي النوع الرابع من أنواع الترب، ويتضح من اسمها بالطبع أنها بنية اللون، حيث تبدأ من البني الغافق وحتى البني الفاتح، وتتميز التربة البنية بمسامها التي تمهد لدودة الأرض العيش فيها، كما ينبت فيها الكثير من الأعشاب، لذلك تسمى التربة البنية بتربة الأعشاب.
أما التربة الرسوبية فهي تُعد النوع الرابع من أنواع التربة، وهذه التربة تحديدًا تتميز عن باقي الأنواع الأخرى في أن تركيبها حامضي ورملي، لكنها في نفس الوقت تمتلك عيبًا كبيرًا جعلها لا تُعد من أفضل أنواع الترب، وهو أن طبقاتها، وخاصةً السطحية، لا تحتوي على المواد الغذائية، والمقصود بالمواد الغذائية هنا المواد المفيدة للنباتات على عكس التربة السلتبة التي تحتوي على تلك المواد الغذائية بغزارة.
التربة الرسوبية تتغلب على مشكلة عدم احتواء طبقاتها على المواد الغذائية بتجميع المواد الغذائية من النبات نفسه، والاحتفاظ بها في الطبقات الوسطى التي يمكنها فعل ذلك لصلابتها وقسوتها، والتي لا يمنعها ذلك من اختراق جذور الأشجار لها، لكن جذور الأعشاب لا تتمكن من فعل ذلك بسهولة، وغالبًا لا تتمكن من فعله مطلقًا.
النوع الخامس من أنواع الترب هو الخُث، والتربة الخث تمتاز باحتوائها على نسب عالية جدًا من المواد العضوية التي يحتاجها النبات، كالأنسجة النباتية مثلًا، وهي التي تكون متحللة في الغالب، حتى لو كان هذا التحلل بشكل جزئي، والتربة الخث عامةً لونها داكن، وميزتها الأولى أنها تستطيع السخونة بسرعة فائقة متأثرة بالفصول الزراعية كالربيع والصيف، إضافةً إلى ميزتها الرائعة أيضًا والكامنة في قدرتها على الاحتفاظ بالماء لفترات طويلة وبكميات مناسبة، أي أنها تُعتبر تربة رطوبية، لذلك ليس من العجب أن تكون التربة الخث واحدة من أفضل الترب الموجودة، ناهيك عن حالتها إذا ما أُضيفت الأسمدة العضوية إليها، ففي هذه الحالة تُصبح التربة الأفضل بلا مُنازع.
النوع الأخير من أنواع الترب هو تربة الطمي، والمعروف عن هذه التربة أنها تكون دائمًا مالسة، وهذا الأمر يجعلها تتمتع بصرفٍ جيد، أما نسبة الدُبال فهي عالية جدًا فيها، لذلك، ورغم أنها ليست التربة الأفضل على الإطلاق، إلا أنها على الأقل أفضل من ترب أخرى كالتربة الرملية مثلًا، وهو أمر في حد ذاته جيد، ويجعل الاعتماد على هذه التربة في الزراعة ممكنًا.
خصائص التربة الزراعية
للتربة عدة خصائص ومميزات، أهمها اللون، فهو يختلف من تربةٍ إلى أخرى، فمثلًا التربة الطينية لونها أسود، والتربة التي تكون رمادية اللون هي الترب الصفراء، وهناك معيار آخر للتربة وهو الحبيبات وحجمها، فلا يُمكن أن تكون حبيبات تربة من الترب مثل تربة أخرى فهي تختلف عما سواها، اللهم إلا التربة الصفراء، والتي تُعد مزيجًا من الحبيبتين.
درجات التماسك أيضًا من أهم خصائص التربة، وبالطبع ليس هناك تربة أشد تماسكًا من التربة الطينية، وليس هناك تربة متفتتة مثل التربة الصفراء، والتي تكون منفذًا كبيرا للمياه، لذلك لا يتم الزراعة فيها مثل الطينية، أما من حيث التهوية فتبرز التربة الطينية من جديد، لكن هذه المرة لكونها رديئة، أما الصفراء فهي متوسطة بينما تحصل التربة الرملية على أشد درجات التهوية.
من حيث الزراعة نجد أن كل تربة مخصص لها مجموعة من النباتات لا يمكن أن يتم زراعة غيرهم وهذا المجموعة عادة ما تكون بحسب درجة خصوبة التربة الزراعية وتهويتها، لذلك نجد مثلًا أن التربة الصفراء هي أقل النباتات تلاؤمًا للزراعة، بينما التربة الطينية أكثرها.
فائدة التربة
هل يمكن للإنسان أن يعيش بدون ماء؟، بالطبع لا، وكذلك التربة، هي ضرورية أيضًا بنفس هذه الدرجة، حيث أنه لا يمكن الاستغناء عنها لما فيها من فوائد، أقلها إنها تحمل الماء والغذاء اللذان لا يستطيع الإنسان العيش بدونهما، إضافةً إلى أنه تحملها، فلو كانت التربة غير موجودة أكان من المكان أن يتحرك الإنسان بهذه السلاسة.
التربة أيضًا تتحمل البنايات التي يقوم الإنسان بالعيش فيها، فلم نسمع مثلًا عن بيت مُعلّق في السماء، إذًا فالتربة تفعل ما لا تستطيع السماء فعله، هذا إذا لم نتغاضى عن تكوينها الدائري والذي يجعلها لغزًا محيرًا إلا الآن، لذلك، وكما أنه لا يمكن احتساب فوائد الماء للإنسان فإنه لا يمكن كذلك احتساب فوائد التربة الزراعية بالنسبة للإنسان، وعلى الأقل، يجب على الإنسان الذي يعيش فوق هذه التربة التعرف على أنواعها وخصائصها، وهذا بالضبط ما تناولناه في السطور السابقة.
أضف تعليق