معدن الليثيوم أحد المعادن الخفيفة ذات الاستخدامات الواسعة، المعادن الخفيفة مثلها مثل المعادن الثقيلة، لها الكثير من الفوائد والعديد من الأضرار، لكن إذا ما تحدثنا عن أهم المعادن الخفيفة فيجب علينا أن نتطرق بالتأكيد إلى معدن الليثيوم، فالليثيوم يعد أخف معدن على وجه الأرض، حتى أنه أخف من خشب الصنوبر، وأخف كذلك من النيتروجين السائل، مما يجعله يطفو في الماء مثل الورق، لكن ما يُميز الليثيوم ليس حجمه فقط، وإنما تدخل فوائده الكبيرة في جسم الإنسان والمواد التي يستخدمها لتجعله الأكثر والأهم استخدامًا أيضًا، فدعونا نتعرف معًا في السطور القادمة على معدن الليثيوم، أهم المعادن الخفيفة على وجه الأرض.
معدن الليثيوم : تعرف عليه عن قرب
ما هو معدن الليثيوم ؟
الليثيوم معدن من المعادن الخفيفة والجاذبة، بل هو الأخف على الإطلاق، ويبلغ عدد الذري 3ج، كما يعتبر كذلك من أوائل الفلزات القلوية، إن لم يكن أولها، أما لونه ففضي يميل كثيرًا إلى البياض، ولا يتحمل الليثيوم الحرارة لأنها خفيف جدُا، حتى أنه قد ينصهر إذا تُرك في الشمس لفترة طويلة من الوقت.
كيف ظهر الليثيوم؟
تُشير كافة الأبحاث إلى أن الليثيوم هو أول معدن تم تكوينه عقب الانفجار العظيم مباشرة، أو على الأقل تكون مع الهيدروجين، وبذلك ينتفى القول بأن الحديد هو أول المعادن وأقدمه على هذه الأرض، والدليل على ذلك أن الليثيوم يدخل في المواد التي تتكون منها المياه، والمياه بالطبع صاحبت الانفجار العظيم وكانت أول مخرجاته، وبهذا يكون الليثيوم أيضًا هو أول المعادن وأقدمها.
اكتشافه
في بداية القرن التاسع عشر، وتحديدًا في عام 1800، تم اكتشاف الليثيوم على يد العالم البرازيلي جوزيه دي أندرادا، وكان ذلك في مدينة سويدية تُدعى أوتو، لكن هذا المعدن لم يتم استخدامه والعمل به إلا بعد سبعة عشر عامًا، وتحديدًا في عام 1817، وعلى يد عالم آخر يُدعى يوهان أرفسيدون، حيث قام باكتشاف مواد جديدة في هذا المعدن أسهمت في العمل به، وفي عام 1821 تمكن عالم آخر يُدعى وليام برايند من فصل مواد هذا المعدن وتنقيته، حتى جاء 1917 واستطاع العالم فيلهلم شلينك صنع مركب عضوي للليثيوم، ليصبح بعدها المعدن جاهزًا للاستخدام بالصورة التي هو موجودٌ عليها الآن.
فوائد الليثيوم
الليثيوم ليس مجرد معدن خفيف فقط، بل هو أيضًا يمتلك العديد من الفوائد التي تجعله ضمن تصنيف الأهم في المعادن، فهو، بالرغم من عدم حاجة الجسم إليه بصورة كبيرة مثل الحديد، إلا أنه يدخل ضمن أدوية علاج الأمراض النفسية، وقد تم تجريبه في ذلك الأمر وحقق نجاحًا كبيرًا.
الليثيوم أيضًا يتواجد-بكميات قليلة- في الآبار الجوفية، وبالطبع الجميع لا يعرف أن الليثيوم يدخل كذلك في صناعة المياه المعدنية، فتلك الزجاجات المعبئة بالماء تحتوي على كميات ليست بالقليلة من الليثيوم، وبذلك يكون هذا المعدن الخفيف قد دخل في أهم الأشياء التي يحتاجها الإنسان، وهي المياه.
أما الصناعات الحديثة فهي أيضًا لا يمكنها الاستغناء عن معدن الليثيوم، فهو يدخل في أغلب هذه الصناعات، كصناعة البطاريات الجافة مثلًا، وهي أهم الصناعات التي تحتاج إلي الليثيوم، حيث أن البطارية التي يدخل فيها هذا المعدن يصبح عمرها الافتراضي أطول بكثير من التي لا يُستخدم بها ليثيوم، حتى أنها قد تصل بلا مبالغة إلى عشرين ضعف.
صابون الليثيوم أو شحم الليثيوم، فائدة أخرى من فوائد معدن الليثيوم، وهذا الصابون أو الشحم عبارة عن مادة تُستخدم في تشحيم وتزييت الطائرات ومعداتها، وقد كان هذا الصابون منتشرًا بكثرة خلال القرن العشرين، لأن كان يدخل في تشحيم وتزييت آلات الحرب أيضًا، حتى أنه كان يُحدد نتائج الحروب في بعض الأحيان.
الليثيوم والأمراض الحساسة
أحدث الفوائد التي تم اكتشافها للليثيوم هي علاج الأمراض العصبية، وخاصةً الاضطراب الذي يكون ثنائي القطب، إضافةً إلى الأمراض النفسية التي تصيب الأطفال بكثرة، مثل الاكتئاب والفصام، وقد ظهرت فائدة الليثيوم في علاج الأمراض النفسية تحديدًا، سوى كانت لدى الأطفال أو البالغين، واليابان والولايات المتحدة خير دليل على ذلك، فمنذ تم إرساء مبدأ العلاج بالليثيوم قلت حالات الانتحار والتي كانت قد وصلت للذروة في بعض الأوقات، فقد سجلت اليابان وحدها-قبل العمل بعلاج الليثيوم- عشرة آلاف حالة انتحار سنويا، قلت مع الليثيوم إلى ألف حالة فقط، وتقل هذه الأعداد من عام إلى آخر، وكذلك الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كانت ثاني أكبر دول العالم في حالات الانتحار.
وبالطبع تلك الفوائد الكثيرة للليثيوم لا تجيز استعماله من قِبل المرضى دون إشراف الطبيب، فهو دواء كأي دواء، يُعطى في أوقاتٍ محددة بكميات محددة، عدا ذلك يطفو تأثيره السلبي ويندثر تأثيره الإيجابي، وعموما، الأطباء النفسيين الذين يستخدمون الليثيوم في العلاج أصبحوا الآن كُثر، وقلة قليلة فقط هي التي تتخوف من استخدامه بحجة أنه مما كانت فوائده فهو في النهاية معدن، والمعادن لا يمكن أبدًا أن تأمن لها.
أين يوجد معدن الليثيوم ؟
لحسن الحظ يتواجد الليثيوم في مناطق كثيرة وبكميات كبيرة، فهو من المعادن التي لا تقع ضمن الأنواع المهددة بالنفاذ، لكن العائق في عملية استخراج الليثيوم من هذه الأماكن هو أنه لا يوجد بصورة منعزلة مثل الحديد والفوسفات وغيره، بل يتواجد في شكل أملاح، وذلك بسبب نشاطه الكيميائي وتفاعله مع كل ما يتعرض له من حرارة وبرودة، لكن هذا الأمر يتم التغلب عليه في المعامل الكيميائية، حيث يمكنها فصل الليثيوم عن باقي المواد بسهولة.
دول الليثيوم
كما أسلفنا، يتواجد معدن الليثيوم في الكثير من الدول وبكميات كبيرة، فهو من المعادن التي لم تتعرض لخطر النفاذ بعد، لكن أكثر دول العالم من حيث امتلاك الليثيوم هي تشيلي، فهي تمتلك الاحتياطي الأكبر منه في العالم، ويقدر بحوالي ثمان مليارات كيلو جرام، وهو ما يكفي لمائة سنة من الاستهلاك، أي أن شيلي وحدها تضمن للعالم أن يعيش لأكثر من مئة عام متشبعًا بالليثيوم، وهو أمر جيد للغاية.
الليثيوم أيضًا يتواجد بكثرة في دول أفريقيا الجنوبية، حيث تعتمد دول كاملة هناك على بيعه والعيش منه، بل إن العمل الرئيسي هناك هو استخراج الليثيوم من أماكنه، ويتم تخصيص ميزانيات كبيرة من الحكومات لهذا الأمر، وهي صناعة كبيرة، تستحق كل هذا الجهد، إذا أن الليثيوم يتميز بأن الطلب عليه كل يوم يكون أكثر من سابقه، هذا بالطبع مع توافره بكميات كبيرة، مما يجعل خاليًا من الأزمات دائمًا.
المعادن الخفيفة الأخرى
هناك الكثير من المعادن الخفيفة الأخرى، لكنها بالطبع لا تُماثل معدن الليثيوم في فوائده وأقدميته،، لذلك، إن افترضنا مثلًا أن الثروة المعدنية الموجودة على الأرض هي بمثابة مملكة أو دولة، فإن الليثيوم سيكون هو ملك أو رئيس هذه المملكة، وهذا ما يتضح من اهتمام الحكومات به وتخصيص ميزانيات كبيرة لعمليات البحث والتنقيب عنه، والحقيقة هو يستحق ذلك، فهو ليس مجرد معدن قديم جدًا تم تكوينه عقب الانفجار العظيم مباشرة، لكنه أيضًا أهم المعادن الخفيفة الموجودة على الأرض، وكما يقال دائمًا من قِبل خبراء التعدين، العالم بخير ما دام الليثيوم موجودٌ فيه.
أضف تعليق