ملوثات الهواء المختلفة هي المواد العالقة في الهواء التي من الممكن أن تسبب ضررا للإنسان والبيئة من حوله. وقد تكون هذه المواد بصورة صلبة أو سائلة أو غازية. وبما أن الهواء يحيطنا من كل جانب، فملوثاته هي الأكثر خطورة من بين كل أنواع الملوثات البيئة. وتتعدد ملوثاته بتعدد أنشطة البشر الغير مراعية لشيء سوى الكسب المادي. أيضا هناك مصادر طبيعية لهذا التلوث، لكنها لا تقارن أبدا بما استطاع الإنسان فعله من بداية عصر الثورة الصناعية وحتى اليوم. في هذا المقال سنحاول النظر لأنواع ومصادر ملوثات الهواء المختلفة عن قرب، فالنظر والتحديد للمشكلة وحجمها هما أول خطوات الإصلاح.
أنواع ملوثات الهواء المختلفة
ملوثات أولية
هو الملوثات التي تكون في الهواء بصورة انبعاثها الأصلية، وليست في حاجة للتنشيط أو التبدل إلى مكونات أخرى كي تحدث ضررا ما، هي ضارة في صورتها الأولية مباشرة. وتصدر نتيجة انفجارات البراكين أو من عوادم السيارات.
ملوثات ثانوية
هي ملوثات تتكون عندما تتفاعل مواد أولية في الهواء مع بعضها أو حينما تنشط، وقد تكون المواد الأولية ملوثة أصلا ثم تتحول لصورة أخرى ثانوية ملوثة أيضا، أو تكون غير ملوثة وتصبح ملوثة بعد التحول. من أمثلة هذا تكون غاز الأوزون بالقرب من سطح الأرض.
الملوثات الأولية
- أول أكسيد الكربون: هو منتج أساسي لعوادم السيارات، خصوصا السيارات ذات المحركات الغير جيدة، حيث يحدث احتراق غير كامل للبنزين منتجا هذا الغاز الضار، وأيضا قد ينتج عن الاحتراق غير الكامل لأي قود أحفوري كالغاز والفحم. هو غاز بلا رائحة أو لون، ولن يشعر به من يستنشقه لأنه لا يحدث أيّ تهيج في الأغشية المخاطية للأنف أو الرئتين.
- ثاني أكسيد الكربون: هو من الغازات المكونة للغلاف الجوي بشكل طبيعي، إلا أن زيادته عن نسبة معينة في الهواء تحمل آثارا ضارة جدا، فهو من الغازات المكونة للصوبة الزجاجية، وهي السبب الرئيسي في الاحتباس الحراري الذي نعاني منه حاليا والذي يساهم في رفع درجة حرارة الأرض بنسب مقلقة. ومصدره الرئيسي، كأول أكسيد الكربون، هو عمليات الاحتراق.
- المركبات العضوية المتطايرة: هي نوعان، منها المحتوي على غاز الميثان ومنها الذي لا يحتوي عليه، وبالتالي تم تقسيمها إلى غازات ميثانية وغازات غير ميثانية. لها أضرار كثيرة، منها كونها مسبب رئيسي لسرطانات الدم، وهي تساهم في تكوين غاز الأوزون بالقرب من سطح الأرض.
- الجسيمات المادية الدقيقة: هي أجسام بالغة الصغر. قد تنتج عن نشاطات بشرية أو تتكون بشكل طبيعي. من أمثلة النشاطات البشري المنتجة لها: حرق الوقود الأحفوري كالنفط والفحم في السيارات ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والصناعات المتنوعة. أما عن المصادر الطبيعية فهي تنتج من البراكين والعواصف الترابية وحرائق الغابات ورذاذ البحار والمحيطات. وهي تسبب مخاطر صحية مثل الأمراض القلبية والرئوية.
مركبات الكلوروفلوروكربونات: مركبات مؤذية للغاية. وهي تعد من المكونات الطبيعية لطبقة الأوزون، يأتي الخطر من تكونها قريبا من سطح الأرض. - المعادن الثقيلة السامة: مثل الرصاص والكادميوم والنحاس.
- الروائح: الروائح التي تصدر عن تجمعات القمامة ومجاري الصرف الصحي والصناعات الكيماوية.
- الأمونيا والنشادر: هي مادة طبيعية، وتستخدم بشكل خاص في الزراعة والصناعات الغذائية. إلا أن لهذه المادة تأثيرات كاوية وخطيرة حينما تنبعث في الهواء بكميات كبيرة.
- المواد الإشعاعية: تصدر بشكل طبيعي عن طريق الانحلال الإشعاعي للغاز المعروف باسم الرادون، إلا أن مصدرها البشري هو التفجيرات النووية والتسريبات الإشعاعية من المفاعلات ومحطات توليد الطاقة النووية.
الملوثات الثانوية
- اقتراب الأوزون من سطح الأرض: ينتج عن تفاعل المركبات العضوية المتطايرة التي سبق ذكرها مع أكاسيد النيتروجين، وهو بالأساس يمثل أحد المكونات الرئيسية لطبقة الاستراتوسفير في الغشاء الجوي، يعني مكون طبيعي للغلاف الجوي. لكن عندما ترتفع نسبة الأوزون بنسبة كبيرة بالقرب من سطح الأرض فإنه ينتج تأثيرات ضارة جدا، ويكون هذا بسبب كثير من الأنشطة البشرية، أهمها احتراق الوقود الحيوي.
- نترات البروكسياسيتيل: تنتج هذه المادة أيضا، كالأوزون، عن تفاعل يتم بين أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة بشكل مختلف وبخطوات أخرى، خلاف تكوين الأوزون.
انبعاثات السيارات
هي المصدر رقم واحد لانبعاث أول أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين والرصاص وكثير غيرها من المركبات العضوية المتطايرة. ومع أن ما يصدر من سيارة واحدة قليل، ولا يتوقع منه ضرر ضخم، إلا أنه بتجمع الانبعاثات الخارجة من أعداد السيارات المهولة في المدن المزدحمة، يكون النتاج مرعبا، والتأثيرات خطيرة للغاية، ما يجعلها واحدا من أشد ملوثات الهواء المختلفة انتشارا، فلا غناء عن السيارات!
احتراق الوقود الأحفوري
الوقود الأحفوري هو منتجات النفط كالبنزين والسولار، يضاف إليها الغاز الطبيعي والفحم. واحتراق هذا الوقود ينتج كميات كبيرة من المركبات الضارة، بل هو السبب الأهم الذي جعل الثورة الصناعية بداية رعب للبشرية، فاستخدامه على نطاق واسع في كل مكان على جه الأرض تقريبا، جعلها كوكبا طاردا للحياة. فمن أهم مظاهر ضرره: الاحتباس الحراري والضباب الدخاني والأمطار الحمضية. بالتالي فهذا الوقود هو الملوث الأعظم من ملوثات الهواء المختلفة.
الزراعة
هي عامل ضرر لا يستهان به، رغم الاعتقاد السائد ببراءة الزراعة وجمال الريف، فالممارسات الزراعية الخاطئة تنتج أضرارا لا حصر لها، مثلا فهي تتسبب في دخول المركبات العضوية المتطايرة إلى الغلاف الجوي، كالغبار الناتج عن المخلفات الحيوانية واستخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية بوفرة وبغير حساب.
التخلص من النفايات
رغم انتشار مصانع إعادة تدوير النفايات، إلا أن كثيرا من الدول ما زالت تنهج أسلوب طمر النفايات تحت مساحات واسعة من الأرض. وهذا يحمل أخطاره أيضا، فبعيدا عن الرائحة السيئة، تحلل هذه النفايات يصدر عنه غاز الميثان سريع الاشتعال، الذي قد يتفاعل أيضا مع غازات أحرى في الهواء، منتجا مواد سريعة الانفجار. كل هذا رغم أن الميثان ليس ساما بطبيعته. المثير أيضا، رغم هذه الطبيعة الأليفة، أنه قد يسبب الاختناق في الأماكن سيئة التهوية والمغلقة، حيث يحل مكان الأكسجين في المكان، وإذا قلت نسبة تركيز الأكسجين في الهواء عن حوالي %20 فإنه يحدث اختناق للبشر الموجودين بالمكان. ما يجعل النفايات المطمورة عنصرا خطيرا من ملوثات الهواء المختلفة.
استخدام المذيبات
مثل عمليات التنظيف الجاف وطلاء الأسطح وإزالة الشحوم ومثبتات الشعر والورنيش وغيرها من المواد المذيبة. كل هذا ينتج عنه مركبات عضوية متطايرة تنتشر في الهواء.
محطات البنزين وغاز الطهي في المنازل
رغم ضعف الانتباه لهذا المصدر، إلا أنه يعد واحدا من أهم ملوثات الهواء المختلفة، حيث ينتج جسيمات ومواد عضوية متطايرة.
النفايات الإشعاعية
الأساليب السيئة، والغير مراعية للبيئة، التي تتبع في التخلص من النفايات المشعة الناتجة عن مولدات الطاقة النووية، من أخطر أنواع ملوثات الهواء المختلفة. نذكر الحادثة القريبة في فوكوشيما اليابانية عام 2011، رغم أنه تمت السيطرة عليها، إلا أن الإشعاع لا يزال يتسرب من المفاعل حتى اليوم! وأيضا لا يمكن أن ننسى حادثة مفاعل تشيرنوبل الشهيرة التي جعلت المنطقة حتى اليوم غير صالحة للتجولات البشرية. ورغم أن التلوث الإشعاعي ليس من أكثر ملوثات الهواء المختلفة شيوعا، إلا أنه أكثر أنواعها تدميرا.
النشاطات العسكرية
مثل تفجيرات الصواريخ بلا حساب والعبقرية الجديدة بإطلاق الغازات السامة والحروب الجرثومية المرعبة.
المصادر الطبيعية
- الغبار والأتربة: يأتي الغبار من مصادر عديدة كانفجار البراكين والأعاصير والرياح الشديدة، وأيضا قد ينتج من عمليات التشييد والبناء واستخدام الطرق المتربة الغير معبدة لسير المركبات عليها.
الميثان: يأتي من تحلل فضلات الحيوانات مثل الماشية. - غاز الرادون: هو غاز إشعاعي طبيعي ينتج من البيئة نتيجة التحللات الإشعاعية التلقائية الحادثة في طبقة القشرة الأرضية القريبة منا. ولهذا يتراكم في الأماكن القريبة من الأرض بشرط سوء التهوية، كالأدوار الأرضية من المباني والجراجات. وهو غاز بغير لون ولا رائحة كأول أكسيد الكربون. وله تأثير صحي سيء جدا على الإنسان، حيث يحتل المركز الثاني في قائمة أسباب سرطان الرئة، يسبقه التدخين بالطبع.
- الدخان: الذي يصدر بكميات ضخمة عن الحادثة الطبيعية المرعبة المتمثلة في حرائق الغابات والنباتات.
الانفجارات البركانية: هي سبب طبيعي، والأرض مليئة بالبراكين النشطة التي تنفجر كل فترة، أو حتى لا تنفجر، لكن تستمر في بعث مواد مضرة للهواء. وأهم المركبات التي تصدر منها هي الكبريت والكلورين والجسيمات الغبارية.
هذا عرض موجز لأنواع ملوثات الهواء المختلفة، ومحاولة بسيطة للاقتراب من حل المشكلة العويصة التي لم يخرج البشر منها رغم إدراكهم لخطرها منذ عشرات السنين. ومع التشريعات البيئية المقننة لنسب التلوث، إلا أن الأمر يتطلب أكثر من مجرد إجراءات وقائية.
أضف تعليق