يُعتبر عام 2014 المُنصرم عام الكوارث بلا مُنازع، فقد شهد هذا العام وحده أكثر من عشرين كارثة في مناطق مُختلفة، أغلبها كانت زلازل وبراكين وأعاصير وفيضانات، بل وشهد كذلك تكثيف لتلك الكوارث، وليس مُجرد حدوث فقط، لكن، الأمر الغريب في تلك الكوارث أنها كانت بشكل كبير تتركز في الولايات المُتحدة الأمريكية ودول شرق أسيا، فدعونا نتعرف معًا عن قرب على عام الكوارث، ونتناول أهمها والمناطق التي حدثت بها.
2014 أو عام الكوارث البيئية
الزلازل، الكارثة الأكثر تأثيرًا
في عام الكوارث حدثت الكثير من الزلازل في مناطق مُتفرقة، والزلازل كما هو معروف تُحدث تأثيرًا عظيمًا عند حدوثها، وعادة ما يكون تأثيرها ماديًا وبشريًا، وهي عبارة عن هزة أرضية تتفاوت ما بين عنيفة وخفيفة، تؤدي إلى تحريك القشرة الأرضية وإحداث خلل بها، مما ينتج عنه عدم ثبات لبعض الثوابت كالبيوت والمرافق.
حدث الزلازل مرة واحدة هذا العام، كانت في الثالث من أغسطس في بلوديان، إحدى مُقاطعات الصين، وقد جاء الزلزال بقوة تجاوزت الستة ريختر ونصف، وضرب شمال وشرق المقاطعة لمدة حدوث لم تتجاوز العشر دقائق، لكن العشر دقائق تلك أسفرت عن مقتل أكثر من 500 شخص، وتدمير مُنشآت بنفس العدد لكن بقيمة المليون دولار، ولم تكن هذا المرة الأولى التي يحدث فيها زلزال بهذه المنطقة، فقد حدث العام الماضي وأسفر عن 650 قتيلًا، ويُرجح أن تكون الأسباب المؤدية له هي وقوع المنطقة بالقرب من أحد البراكين.
البراكين، ألسنة اللهب
البراكين أيضًا سجلت حضورها في عام الكوارث، والبراكين في الأساس شقوق أو فوهات في الأرض، يخرج منها بعض الأوقات مواد مُلتهبة قادرة على التهام أي شيء تواجهه في طريقها، وقد كانت البراكين في الماضي تحدث بشكل شبه مُتكرر لأسبابٍ مجهولة، أما الآن فهي تحدث في أماكن قليلة وبنسبة تكرر قليلة أيضًا، والسبب كذلك مجهول.
زارت البراكين الكرة الأرضية في عام الكوارث ثلاث مرات، مرتين منهم في شهر فبراير ومرة في سبتمبر، وقد كانت دولة أندونيسيا الواقعة شرق أسيا هي أول من استقبل البراكين بداية العام، وذلك في الخامس من فبراير بجزيرة نائية تُدعى سومطرة، لكن ذلك لم يمنع من سقوط ستة عشر قتيلًا كانوا بالقرب من مناطق ثوران البركان، تمامًا مثلما حدث في البركان الثاني والذي وقع في الرابع عشر من نفس الشهر في منطقة تُدعى كيلود، وكان من المُمكن جدًا أن يصنع هذا البركان كارثة كبرى لولا رأفة القدر، فقد أُصيب ما لا يقل عن مئتي ألف شخص كانوا بالقرب من كيلود وقت ثوران البركان، بينما لقي شخصين فقط مصرعهم، أما بُركان اونتاكي الياباني الذي حدث في الثامن والعشرين من سبتمبر فقد تسبب حدوثها في مقتل خمسة وسبعين شخص، كلهم للمصادفة ليسوا من اليابانيين.
الأعاصير، أقل الكوارث ضررًا
عام الكوارث لم يخلو أيضًا من الأعاصير، حتى ولو كان ما حدث هو إعصار واحد يتيم في المكسيك، والإعصار كما نعلم هو كتلة من الرياح تدور على شكل أشبه بحلزوني، والمميز أن ذلك الدوران يكون عكس عقارب الساعة تمامًا، وأيضًا تمتز بمناطق حدوثها، فهي تكون دائما بالقرب من الشواطئ والسواحل.
في اليوم الثاني والعشرين بالشهر الثامن من عام الكوارث 2014، هب إعصار بالقوة الخامسة يُدعى ماري، وذلك بالقرب من الساحل الذي يقع غرب المكسيك، وماري كما هو المعروف نوع من أنواع الأعاصير، وليس مُجرد اسم لها، وقد استمر إعصار ماري ليومين في المكسيك، حتى وصل في اليوم الرابع والعشرين إلى جنوب غرب ساحل الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدًا ولاية كاليفورنيا، وكانت سرعة رياح الإعصار في هذا الوقت قد تجاوزت المائتين كيلو متر في الساعة الواحدة، ولم يهدأ هذا الإعصار إلا بعد أن قطع أكثر من ألف كيلو متر، متجاوزًا في طريقه المحيط الهادي.
حرائق الغابات، أكثر الكوارث حدوثًا
كان عام الكوارث مليئًا بالكثير من الحرائق في الغابات، وحريق الغابات بالذات يُعد كارثة طبيعية، لأنه يحدث دون تدخل الإنسان، ففجأة نجد الغابة تشتعل من حولنا وتلتهم الأشجار دون سبب، وربما أكثر من عانى من تلك الكارثة الغريبة هم سكان الأمريكيتين، وخاصة سكان الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تكررت حوادث الحرائق في هذا البلد أكثر من مرة في عام الكوارث، وكان من الممكن جدًا أن يؤدي الأمر لكارثة لولا التطور الهائل الذي تشهده هذه البلدان وقدرتها على مواجهة كارثة حرائق الغابات بمعدات الإطفاء المتطورة.
لم تمر أربعة أيام من عام الكوارث حتى بدأ العالم في استقبال حرائق الغابات، ففي الرابع من يناير وفي دولة شيلي احترقت إحدى الغابات وأسفرت عن تدمير أكثر من مئة فدان من الزروع والغابات، وقد كان الحريق كثيفًا لدرجة أن السحابة التي نتجت عنه غطت العاصمة لأكثر من يومين وحجبت الرؤية هناك، وفي السابع من مارس كان الحريق الثاني في إحدى غابات دولة كوبا، وقد أدى هذا الحريق إلى دمار سبعة آلاف كيلو من الحشائش.
أما الثاني عشر من أبريل فقد شهد الحريق الأضخم في عام الكوارث، حيث احترقت في تشيلي إحدى الغابات القريبة من الميناء فأدت إلى تعطيل الميناء وقتل أكثر من خمسة عشر شخصًا وإعلان الطوارئ هناك لشهرٍ كامل، وبالطبع كان الحريق قويًا لدرجة أنه قد تم الشك في وجود شبهة جريمة، وأنه ليس مُجرد حريق طبيعي.
الولايات المتحدة كان لها نصيب كبير من الحرائق أيضًا، حيث تعرضت وحدها لخمس حرائق في الغابات القابعة في مُقاطعتها، وخاصةً مُقاطعة كاليفورنيا، لكن الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية مُختلفًا، لإن إطفاء الحريق لا يستغرق أكثر من ساعتين، وذلك كما أسلفنا لتوافر المعدات وتطورها.
الفيضانات، أقدم الكوارث
لم يسلم عام الكوارث أيضًا من أقدم الكوارث الطبيعية التي عرفها التاريخ، وهي الفيضانات، فقد تكررت أربع مرات خلال العام، مرة في مارس وثلاث مرات في شهر واحد وهو سبتمبر، أما المرة الأولى التي كانت في مارس فقد كان موقعها الهند، وكانت الأخف من حيث الخسائر، حيث أسفرت عن مقتل ستين شخص فقط، وهو عدد قليل جدًا مُقارنة بالبرازيل التي تسبب الفيضان الذي حدث بها في السابع من سبتمبر بإغراق أكثر من نصف المدينة، وبالطبع تسبب ذلك في خسائر مادية كبيرة، لكن الخسائر البشرية كانت أقل بسبب التحذيرات المسبقة، حيث كان ضحية هذا الفيضان خمسمائة شخص فقط، وهو عدد صغير إذا ما وضعنا في الحسبان قوة الفيضان وتوقيته، والذي صاحب كأس العالم الذي كان يقام في المدينة المجاورة، وكان من الممكن جدًا أن تكون الكارثة أكبر من ذلك بكثير.
الفيضان الثالث حدث في الخامس عشر من نفس الشهر، حيث كان في باكستان وراح ضحيته مئة شخص فقط، بينما الفيضان الأخير في عام الكوارث حدث في الهند مرة أخرى وتحديدًا في الرابع والعشرين من شهر سبتمبر، لكن هذه المرة كانت أعداد الضحايا تتجاوز المائتين.
في النهاية يجب علينا التذكير بأنه لا سبيل لمنع الكارثة الطبيعية فور حدوثها، فكل ما يستطيع الإنسان فعله هو مقاومتها والتقليل من خسائرها التي تكون في الغالب مهولة.
عام المصائب والفواجع