ياسنت الماء أو ورد النيل هو نوع من النباتات التي تنمو وتطفو فوق الماء وتتكاثر بسرعة كبيرة جدًا لتكون واحدة من أكثر أنواع النباتات في سرعة الانتشار، وبسبب أنها من النباتات المجتاحة القوية فهي تشكل خلل كبير في التوازن البيئي في المنطقة الجديدة التي تجتاحها، ومع أننا نجد هذا النبات بكثرة في مصر ودول أخرى فإن أصله من أمريكا الجنوبية وبدأ باجتياح دول مختلفة حول العالم منذ سنين طويلة، وفي هذا الموضوع سنقدم كل المعلومات التي تخص نبات ورد النيل وشكله الخارجي ووظائفه الأساسية والمشاكل التي يتسبب بها في مختلف النواحي مع عرض للحلول المقترحة التي يمكن أن تساهم في تقليل المشكلة أو التفكير من منطلق جديد وهو الاستفادة من وجودها مثلما توجد مشاريع تحول فيها النبات إلى طاقة حيوية أو الاستفادة منه كعلف والتركيز جدية الخطط التي تستخدم في إزالة النبات خاصةً الطرق الميكانيكية التقليدية التي تجتز النبات لفترة ومن ثم يعود مجددًا وهناك نماذج عديدة في دول كثيرة مختلفة حول العالم.
محتويات
أوراق نبات ياسنت الماء
تتميز أوراق النبات بأنها من الأوراق الواسعة والسميكة وذات الشكل البيضاوي، ويمكن أن يطفو ياسنت الماء على السطح بارتفاع متر واحد، تكون الأوراق بعرض 10 – 20 سم وتطفو فوق السطح.
تركيب نبات ياسنت الماء
ياسنت الماء هو من النباتات المعمرة وموطنها الأصلي هو المناطق المدارية وشبه المدارية في أمريكا الجنوبية وبالتحديد أحراش نهر الأمازون، ويملك النبات قصبات طويلة وإسفنجية وتشبه شكل البصل، والجزء الريشي المعلق بالجذور يكون لونه بنفسجي مائل إلى الأسود، هناك قصبة منتصبة تمثل دعامة لما بين 8 – 15 زهرة، وأغلب الأزهار يكون لونها متدرج من اللافندر إلى اللون الوردي مع ست أوراق تويجية، وعندما يكون لا يكون النبات مزهرًا فإننا قد نخطأ بينه وبين نبات ليمنوبيوم سبونجيا.
معلومات عن ياسنت الماء
يتميز ياسنت الماء بأنه واحد من أسرع النباتات في النمو ويحتاج إلى درجة حرارة لا تقل عن 12 درجة مئوية ولا تزيد عن 33-35 درجة مئوية كي ينمو، والدرجة المثلى للنمو هي بين 25-30 درجة مئوية، ومعاير الأس الهيدروجيني له بين 5.0 و 7.5 درجة، وفي حالة زيادة درجة الحرارة فإن الأوراق تموت بسبب المياه المالحة والصقيع، مع العلم بأن استخدام الملح هو من الطرق المستخدمة للقضاء على النبات في الأماكن التي يجتاح فيها ويؤثر على وجود النباتات الأخرى أو يسبب أضرار للماء أو العمليات الزراعية.
نبات ياسنت الماء في أوروبا
سابقًا كان النبات متواجدًا في روسيا لكنه اختفى، وموجود بنطاق مقيد في فرنسا والتشيك وبعض المناطق في إيطاليا، وهو موجود في إسبانيا ورومانيا ودول أخرى، إلا أن خطوة المنع التام لبيع النبات التي قام بها الاتحاد الأوروبي في أغسطس 2016 هي أهم الخطوات التي ستفيد في المستقبل من حل المشكلة في دول الاتحاد الأوروبي بشكل كامل، مع ملاحظة أن الأخطار الواقعة على تلك الدول هي قليلة جدًا وغير مؤثرة بالنسبة التي تتعرض إليها الدول في أفريقيا وآسيا.
نبات ياسنت الماء في آسيا
تم استقدام النبات إلى الهند والبنغال بسبب مظهر أزهاره الجميلة وأشكال أوراقه، لكنهم اكتشفوا فيما بعد أن له أضرار بالغة، وينتشر النبات في سلسلة بحيرات كيرالا في جنوب الهند وهي عبارة عن خمس بحيرات كبيرة يتم تغذيتهم عبر 38 نهر، يزيد انتشاره في منطقة البنغال بسبب تأثير النبات على عمليات صيد الأسماك حيث تعتبر الأسماك في المنطقة من أهم الأنواع التي يعتمد عليها السكان كوجبة طعام أساسية، ويطلق عليه بين السكان لقب رعب البنغال. وكذلك في بحيرة تونلي ساب المعروفة باسم البحيرة الكبرى في كمبوديا وهي بالفعل البحيرة الأضخم في جنوب شرق آسيا ويتم تغذيتها عبر نهر ميكونج
نموذج كمبوديا في التخلص من أضرار نبات الورد
من بين حوالي 14.3 مليون مواطن في كمبوديا فإن العاملين في صيد الأسماك يقارب عددهم نصف مليون مع حوالي 2 مليون يعملون بطريقة غير مباشرة ويعتمدون على تجارة الصيد جزئيًا في توفير قوت اليوم، وتتضاعف الأعداد في العمل الزراعي، فالناتج القومي السنوي هو 10.3 مليار دولار تساهم الزراعة فيه بحوالي 3.35 مليار دولار وصيد الأسماك بحوالي 720 مليار دولار، وهذه الإحصائيات خاصة بمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لعام 2008، أي أن تعرض المسطحات المائية لأي خطر هو تهديد للملايين من المواطنين، وعندما اجتاح ياسنت الماء منطقة بحيرة تونلي فقد تطبيق خطة يدوية وبسيطة لكنها تحتاج إلى مجهود ضخم ولفترة طويلة، حيث يتم إشراك المواطنين في عمليات إزالة النبات وصنع منتجات منها، وبهذا تم حل جزء كبير من المشكلة على مدار فترة طويلة بل وتحقيق ربح مادي منها يمكن أن يسهم في تعويض الخسائر التي لحقت بهم في سنوات اجتياح النبات.
نطاق نبات ياسنت الماء
بالرغم من انحصار وجود ورد النيل سابقًا في قارة أمريكا الجنوبية إلا أنه تم استقدامه في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا وأستراليا وأفريقيا ونيوزيلندا، وفي مناطق شاسعة أصبح من النباتات المجتاحة الخطيرة، ففي نيوزيلندا تم إضافته لقائمة الاتفاقية القومية للنباتات المؤذية التي تضم عدد كبير من النباتات المجتاحة مثل الطفطف المخملي والبرباريس الدارويني والإسبرجس الخشن وأكيبيا كويناتا والأيلنط الباسق الذي يعرف أيضًا باسم شجرة السماء، ووجوده في القائمة يعني أنه من المحظور بيعه أو توزيعه الترويج له، وفي المناطق ذات المسطحات المائية الشائعة فإنه قد يشكل خطر هائل مثلما في لويزيانا التي تضم نهر كالكازيو ونهر ميرمينتاو ونهر بايو لافورتشي ونهر أميتي وغيرهم، ، وأيضًا في بحيرة فيكتوريا تالي تعتبر ثاني أكبر بحيرة عذبة في كوكب الأرض وأكبرها في قارة أفريقيا وهي مشتركة بين كينيا وأوغندا وتانزانيا، وقد تسبب النبات بأثر سلبي هائل على الأنشطة المعتمدة على البحيرة وعلى التنوع الحيوي، ولكن بشكل خاص وفيما يخص الفوائد البشرية فقد تسبب بخسارة ضخمة على صيد الأسماك والتي تعتبر مهنة رائجة في بعض المناطق المطلة على البحيرة في تلك الدول الأفريقية الفقيرة مثلما في خليج وينام في كينيا الذي هدد فيه ورد النيل التجارة بنسبة كبيرة بعد سنين قليلة من استقدامه إلى بحيرة فيكتوريا في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.
ياسنت الماء في أمريكا
تم استقدام ياسنت الماء للمرة الأولى إلى الولايات المتحدة في سنة 1884 في المعرض العالمي في نيو أورلينز أو المشهور باسم معرض القطن العالمي القرني وهو من أكبر المعارض التي تمت في تلك الحقبة التي شهدت بوادر التطور الصناعي والتجاري في الولايات المتحدة، ولكن لم يكن نبات ياسنت الماء من النباتات التي تم التجارة فيها، بل أتى مجموعة من التجارة اليابانيين بالنبات كتذكار، وبعد فترة غير طويلة بدأ النبات باجتياح الأنهار وقتل الأسماك وشل حركة المراكب في لويزيانا، وبدأت محاولات الحكومة بطرق تجريبية للحد من انتشاره فاستخدموا الزيوت وغيرها من المواد لقتل النبات لكن بدون نجاح يذكر، وحاولوا كذلك استقدام حيوان فرس النهر ليأكل النباتات وفي نفس الوقت ليتم إضافته إلى قائمة الحيوانات التي تؤكل في الولايات المتحدة في الوقت الذي كانت فيه أزمة لحوم في البلد. ومن الجدير أنه في وقتنا الحالي يتم إنفاق ملاليين الدولارات سنويًا في فلوريدا فقط للقضاء على ياسنت الماء وقد أظهرت الجهود تحسنًا ملحوظًا في السنين الأخيرة، ويتواجد النبات في الولايات جنوب الشرقية وفي كاليفورنيا وهاواوي ومجموعة الجزر المعروفة بالجزر العذراء في البحر الكاريبي، وطبقًا لوكالة المسح الجيولوجي الأمريكي (USGS) فإن هناك تقارير مؤكدة لوجود النبات في نيو يورك وكنتاكي وتينيسي وميزوري، ويتم إخراجه
معلومات عن نبات ورد النيل وأضراره الخطيرة
- المشكلة الأولى والكبرى هي أن ياسنت الماء بأعداده الكبيرة تحجز المياه وتشل حركة المراكب أي أنها ستؤثر على عمليات الصيد أو أية أنشطة أخرى في المياه، بصيغة أخرى فإنه سيمنع أية أنشطة بشرية من أي نوع في المناطق التي يحتلها والتي يصعب التخلص منها في فترة قصيرة، وهو نبات ثقيل نسبيًا حيث أن النباتات الواقعة في مساحة فدان واحد تزن أكثر من 200 طن.
- يستطيع النبات مضاعفة أعداده فيما بين 6 – 18 يوم.
- يؤثر النبات بالسلب على التنوع الحيوي للنباتات والحيوانات، فهو يقلل النبات من جودة المياه عبر تغطيته لسطح المياه مما يقلل من مستوى الأكسجين وكذلك يمنع ضوء الشمس، كما أنه يسيطر على البيئة ويزيح النباتات الأخرى، وفي نفس الوقت فإنه يكون بمثابة موطن مثالي لعدد مختلف من الحيوانات الخطرة على الإنسان والحيوانات الصغيرة مثل الثعابين والتماسيح.
- يؤثر على مصارف المياه عندما تكون أعداده كثيفة وقد يؤثر على التوربينات المائية.
- يزيد النبات من النتح التبخري (المياه التي تتبخر من أية مسطحات مائية أو التربة والنباتات) ثلاث أضعاف النسبة الطبيعية، مما يسبب خسارة المياه في السدود أو الخزانات.
الألوديا
الألوديا أو الألوديا هو من الأجناس النباتية التي تجدها مغمورة تحت الماء مثلما في المستنقعات والبرك وعادةً ما تكون الجذور فيه واهنة وصغيرة وذات شكل يشبه شكل الشريط، ويحتوي هذا النوع على 6 أنواع فرعية تتشابه في العديد من الصفات، وعندما تنتقل نباتات هذا النوع إلى نظام بيئي جديد فإنها تنمو بسرعة كبيرة في السنين الأربعة أو الخمسة الأولى ثم يتباطأ النمو بصفة تدريجية بعد ذلك.
استخدام ياسنت الماء في الحصول على الطاقة الحيوية
يقوم المزارعون بتجميع ياسنت الماء بطريقة يدوية أو عبر استخدام أدوات ميكانيكية غير معقدة ليستخدموه كوقود ويتم استخدام الرماد كسماد، في الهند يتم نفس الأمر وتظهر الإحصائيات تقدم ملحوظ في الاستنفاع من ياسنت الماء، حيث أن الطن الواحد ينتج 50 لتر من الإيثانول و200 كيلوجرام من الألياف، وعملية التخمير من طن واحد من النبات تنتج 26.500 قدم مكعبة من الغاز وتتوزع نسبة الغازات فيها بين 51.6% من غاز الميثان و25.4% من الهيدروجين و22.1% من ثاني أكسيد الكربون و1.2% من الأوكسجين، وعملية التغويز (تحويل المواد المحتوية على الكربون إلى أول أكسيد الكربون مع الهيدروجين عبر التفاعل في درجات حرارة مرتفعة مع حضور الأوكسجين وهي من أهم العمليات المعروفة للحصول على الطاقة من مختلف المواد العضوية) لطن واحد من ياسنت الماء وفي درجة حرارة تبلغ 800 درجة مئوية فإنها تعطينا حوالي 40.000 قدم مكعبة من الغاز الطبيعي الذي يحتوي على 16.6% من الهيدروجين و 4.8% من الميثان و 21.7% من أول أكسيد الكربون و 4.1% من ثاني أكسيد الكربون و52.8 % من النيتروجين.
إنتاج الطاقة الحيوية
بسبب معدل النمو السريع لياسنت الماء فهو مصدر ممتاز للكتلة الحيوية، الهكتار الواحد من المحصول يمكن أن ينتج أكثر من 70.000 متر مكعب من الغاز الحيوي، وطبقًا لما ذكره الباحثان سي آر كورتيز وجي إيه دوك في كتابهما “تقييم الكتلة الحيوية للأرض والطاقة المحتملة لجمهورية بنما” فإن كيلو جرام واحد من النبات المجفف يمكن أن يوفر 370 لتر من الغاز الحيوي، مما يوفر حرارة احتراق بدرجة 22.000 كيلو جول لكل متر مكعب وهي تساوي أكثر من نصف طاقة الميثان النقي، مع العلم بأن حرارة الاحتراق هي قيمة الطاقة الكاملة للحرارة بعد احتراق تام للأوكسجين في الظروف القياسية وقد تكون التفاعلات الكيميائية هيدروكربونية أو تفاعلات للجزيئات العضوية مع الأوكسجين ليخرج لنا في النهاية الماء وثاني أكسيد الكربون والحرارة، ومع العلم بأن الميثان يقع في المركز الثاني في جدول أعلى القيم الحرارية ويليه الإيثان والبروبان.
تهديد النوع المجتاح لمصر
تظل هناك أنواع كثيرة من الكائنات المجتاحة التي تؤثر على النظام البيئي في مصر، لكن ياسنت الماء ليس الخطر الوحيد الموجود، وقد حدثت مجموعة من التغييرات القوية سواء بسبب النباتات المجتاحة مثل نبات السعد المستدير التي يمكن أن تؤثر على عدد كبير من المحاصيل الزراعية الهامة مثل الفول السوداني أو الحيوانات المجتاحة مثل سمكة بياض النيل التي انتقلت من أنهار وبحيرات أفريقيا إلى بحيرة ناصر وبحيرات أخرى في مصر وهي سمكة طويلة وضخمة الحجم وتتغذى على عدد كبير ومختلف جدًا من الأسماك مما تسبب في انقراض مجموعة ليست قليلة منها.
دور ياسنت الماء في تلوث نهر النيل
يعاني المزارعون والصيادون في مصر من التأثيرات المباشرة لورد النيل الذي يقال أنه أتى إلى مصر عن طريق أسرة محمد علي، فهذا النبات يغطي الترع ويأخذ حيز كبير من المياه المستخدمة في عمليات الري وحتى المصارف، وفي بعض المناطق التي ظهر فيها النبات بكثرة اختفت أغلب أنواع الأسماك مما حول المنطقة من منطقة خصبة للصيد إلى منطقة ميتة بالنسبة لهم وذلك مثلما حدث في محافظة الدقهلية وبني سويف ورشيد ومناطق أخرى، وبالنسبة للمزارعين فهذا النبات حاجز مزعج بينهم وبين مصادر المياه التي تعتبر حيوية بالنسبة لهم، وقد حذر البعض من أن رش النبات بالمبيدات سيتسبب بضرر كبير للمحاصيل التي حصلت على المياه التي اختلطت بالفعل مع المبيدات، وبشكل أعمّ فإن للنبات تأثير خطير بسبب استهلاكه كمية ضخمة من مياه نهر النيل، وهناك تقارير متفاوتة حول النسبة الصحيحة التي يقتطعها النبات من نهر النيل ويقول البعض أنها قد تصل إلى ثلاث مليارات متر مكعب في كل سنة وهو رقم هائل يمكن أن يكفي لزراعة أكثر من ألف فدان، وهذا يعني أن هناك خسارة وعجز في تلك المناطق بالنسبة للمزارعين وغيرهم، وقد أعلن المسئولون في وزارة الزراعية والبيئة مرات عديدة أنهم يحاولون استئصال ياسنت الماء لكن هذا يحتاج إلى مجهود كبير وتعاون مع المزارعين، وبالفعل بدأت بعض المشاريع مثل مشروع للتخلص من النبات في بحيرة مريوط عبر الوسائل الميكانيكية والبيولوجية، وهناك حملات تدعو إلى استخدام النبات كعلف مثلما نجحت التجربة في دول أخرى أو حتى تحويل النبات إلى الطاقة الحيوية مثلما ذكرنا، كل هذه الحلول موجودة ولا يتبقى سوى التنفيذ.
أضف تعليق