يُعتبر وحيد القرن الأسود أحد أهم أنواع فصيلة وحيد القرن الموجودة في العالم، وخاصةً في قارة أفريقيًا، وقد حظي وحيد القرن الأسود بشهرة واسعة بسبب اسمه المتضارب مع لونه الحقيقي، فهو ليس أسودًا على الإطلاق، بل رمادي، ولقد عرف العالم هذا النوع من وحيد القرن منذ القِدم، لكنه ظل بمأمن من الصيد والقتل لحجمه الضخم وقوته الكبيرة، إلا أنه في السنوات الأخيرة، وتحديدًا في عام 2006، أعلنت المنظمات العالمية إدراجه ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض، هذا قبل أن يُعلن مؤخرًا انقراضه، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتعرف سويًا على وحيد القرن الأسود ونعرف أيضًا حقيقة انقراضه من عدمه.
محتويات
وحيد القرن الأسود
كما ذكرنا، يتبع وحيد القرن الأسود جماعة وحيد القرن الشهيرة، والتي هي في الأساس تنتمي لفصيلة الكركدنيات، والتي ينقسم وحيد القرن بها إلى عدة أقسام، منها النوعين الأشهر على الإطلاق، وحيد القرن الأبيض ووحيد القرن الأسود، أما وحيد القرن الأبيض فهو أبيض بالفعل، لكن وحيد القرن الأسود يختلف، فهو يأخذ اللون الرمادي وليس الأسود كما يتضح من الاسم، والحقيقة أن هذا الاختلاف لا يقتصر على اللون فقط، وإنما أيضًا في الأوصاف، حيث يتفوق وحيد القرن الأسود على قرينه الأبيض في كل شيء تقريبًا.
أوصاف وحيد القرن الأسود
إجمالًا، يمكن القول إن وحيد القرن الأسود هو النوع الأبرز والأضخم في كل أنواع وحيد القرن، فالارتفاع مثلًا يصل إلى متر ونصف، وذلك بغض النظر عن الطول الذي لا يقل عن ثلاثة أمتار ونصف، أما الوزن فحدث ولا حرج، لأننا نتحدث عن حيوان يمكن أن يصل حجمه إلى ألف وأربعمائة كيلو جرام، أو على الأقل، والذي يزن به وحيد القرن الأسود الأضعف، ألف كيلو جرام.
أهم ما يميز وحيد القرن الأسود أيضًا هما القرنين الموجودين أعلى رأسه، واللذان للغرابة يكون أحدهما أكبر حجمًا من الآخر، ويُستخدمان في كافة الأمور التي يدخل بها هذا الحيوان، بدايةً من الصيد وحتى المساعدة في تناول الطعام والعمل، كما ثبت مؤخرًا أنهما يحتويا على مادة تُساعد على العلاج من بعض الأمراض.
أين يعيش؟
يعيش وحيد القرن الأسود في أماكن كثيرة بقارة أفريقيا، فهي المنبع الرئيس له كما ذكرنا، وغالبًا ما نجده في دول متفرقة مثل كينيا وجنوب أفريقيا والكاميرون وناميبيا وغيرها الكثير من الدول، فكل مكان توجد به أعداد قليلة، وكأن التوزيع الجغرافي لا يُمكن أن يجعل حياة وحيد القرن مُتكتلة، أو أن هذه في الأصل طبيعتهم، عدم العيش في جماعات.
يعيش وحيد القرن الأسود كما يعيش الإنسان بالضبط، فهو قد يصل إلى عمر الخمسين إذا مضت حياته بصورة طبيعية، وبمناسبة حياة وحيد القرن الأسود، يجب ألا نغفل أنه يعيش حياة غريبة ومختلفة بعض الشيء.
حياة وحيد القرن الأسود
كما ذكرنا آنفًا، أكثر ما يُميز وحيد القرن الأسود هو العزلة الغريبة والميل الدائم للانفراد، بل لا نُبالغ إذ نقول إنه يُمكن أن يعيش طوال حياته في جماعة لا تزيد عن خمسة أفراد، ويسعى جاهدًا للحفاظ على هذه العزلة حتى لو اضطره الأمر إلى القتال، وبالطبع لا يحتاج الأمر إلى التفكير كي ندرك أن اسم وحيد القرن مشتق أصلًا من حياة العزلة تلك.
بالنسبة للغذاء فإن وحيد القرن الأسود للغرابة حيوان عشبي، يتغذى على النباتات والأعشاب، ونقول للغرابة لأنه من الطبيعي أن يكون أي حيوان بهذا الحجم وهذه الصفات حيوان متوحش فتاك، لكنه ليس كذلك أبدًا، بل إن أشعة الشمس قد تؤذيه، لذلك تراه يحرص على البحث عن بركة مياه ثم ينغمس فيه ويخرج ليلطخ نفسه بالرمال، واضعة بذلك على جسده طبقة عازلة وواقية من الشمس، أما ما يتعلق بأوقات الغذاء فهي كذلك الأوقات التي لا تتواجد بها الشمس، أي الليل والساعات الأولى من النهار.
وحيد القرن الأسود والتكاثر
التكاثر بالنسبة لحيوان وحيد القرن الأسود لا يُعد مُعضلة، فهو قادر على الإنجاب في أي وقت من العام ولا يلتزم بأوقات مُحددة مثل باقي الحيوانات، لكن فترة الحمل لا تكون صغيرة، فقد تمتد بطول العام أيضًا، وهو ما يجعل الأمر صعبًا بالنسبة للإكثار من الإنجاب، لأنه لا يمكن أن تضع أنثى وحيد القرن مولودًا كل عام، تظل قبله حاملة له طوال السنة.
تُنجب أنثى وحيد القرن مولودًا واحدًا أو مولودين على الأكثر في كل مرة، وتظل محتفظةً به بجوارها لمدة تجاوز السنتين، يتم تسميتهم في عرف البشر سنتين الفطام، بعدهما يمكن لذلك المولود أن يواجه الحياة ويبحث له عن شريك هو الآخر، لكن إذا كان المولود أنثى فإن نضوجها وقدرتها على الحياة الزوجية يتطلب منها خمس سنوات كاملة، أي أنه، وبكلماتٍ بسيطة، تتزوج الأنثى وهي بنت خمس سنين ويتزوج الذكر وهو ابن سنتين، وطبعًا المقصود بالزواج هنا التزاوج والمعاشرة.
وحيد القرن الأسود والانقراض
في عام 1960 تم إحصاء الأعداد الموجودة من حيوان وحيد القرن الأسود في أفريقيا والعالم بأكمله، وأُعلن أن الأعداد لا تتجاوز بأية حالٍ من الأحوال السبعين ألف، وهو رقم قد يبدو كبيرًا إلا أنه في الحقيقة ليس كذلك، خاصةً إذا قارناه بالأعداد التي كانت موجودة من قبل، وتحديد القرن التاسع عشر، حيث تجاوزت الأعداد الربع مليون رأس، نسبة تسعين بالمئة منها في أفريقيا والبقية في مناطق متفرقة بأسيا وأوروبا.
لم تكن الأعداد المعلنة في عام 1960 توحي بأننا نتحدث عن حيوان يقترب من الانقراض، خاصةً وأنها كانت محصورة في مكان واحد كما ذكرنا، وهو قارة أفريقيا، أي يُمكن ملاحظتها ومتابعتها وبالتالي الحفاظ عليها، لكن، بالرغم من كل أسباب الاطمئنان تلك، هُدد وحيد القرن الأسود بالانقراض نهاية القرن العشرين، وتم إعلان انقراضه رسميًا عام 2006.
انقراض وحيد القرن الأسود
لم يأخذ وحيد القرن الأسود فترة كبيرة تحت تهديد الانقراض، فقد ظلت الأعداد تتناقص بشكل جنوني منذ عام 1960، حتى وصلت عام 2003 إلى عشرين ألف رأس فقط، ثم في عام 2006، بدايته تحديدًا، أُعلن أن الأعداد باتت تُقدر بالآلاف، أي أنها لا تتجاوز الألف رأس، وفي نهاية نفس العام أعلنت منظمة حفظ الطبيعة وحمايتها انقراض وحيد القرن الأسود من العالم نهائيًا، لتبدأ بعد ذلك عادة الإنسان السيئة، وهي البحث عن الأسباب بعد حدوث الكارثة.
أسباب الانقراض
في الحقيقة لم يكن انقراض وحيد القرن الأسود مسئولية للظروف المناخية والطبيعية فقط، وإنما أيضًا كان للإنسان يد كبيرة في هذا الأمر، فقد ساعد جشع وطمع بعض الأشخاص في ظهور تجارة وحيد القرن الأسود، وتحديدًا القرون والجلود، كما أن هناك نوع من أنواع الصيد الحديث الذي ظهر في أفريقيا ويعتمد كليًا على صيد وحيد القرن الأسود، ليحدث في النهاية الشيء الذي لم يكن ينتظره أحد، وهو انقراض ذلك الحيوان المميز.
أضف تعليق