يُعتبر نمر تسمانيا أحد أبرز الحيوانات التي انقرضت خلال القرن العشرين، والحقيقة أن هذا الحيوان بالرغم من أن العالم لم يكن يشعر به إلا أنه تسبب في فجوة كبيرة، فهو على الأقل كان عضوًا أساسيًا في بيئة الحيوانات لأربع ملايين مضت من السنوات، كما أنه كان يُعد من أبرز معالم أُستراليا وأسباب فخرها، إضافةً إلى شكله الغريب ومُميزاته الكثيرة والغير متوفرة في أي حيوان آخر يتبع نفس الفصيلة، عمومًا، في السطور القليلة القادمة، سوف نتعرف على كل شيء عن نمر تسمانيا، كيف عاش ومتى وأين، والأهم من كل ذلك بالطبع هو أسباب انقراضه خلال القرن الماضي.
محتويات
ما هو نمر تسمانيا؟
نمر تسمانيا حيوان منقرض كان يعيش قبل أربع قرون وحتى عام 1930، وقد سُمي نمر تسمانيا بهذا الاسم بسبب الخطوط الموجودة على ظهره، والتي اشتهرت بها قبيلة في غينيا تحمل نفس الاسم، على كلٍ، كان نمر تسمانيا، بالرغم من كونه يحمل اسم نمر، لا يتبع فصيلة النمور أو السنوريات.
يحمل نمر تسمانيا عدة أسماء، منها حيوان ثايلسين والذئب التسماني، ويمتلك قدرة هائلة على أكل اللحوم، حتى أنه يُعتبر أكثر حيوان آكل للحوم في العالم، متفوقًا بذلك على حيوانات كثيرة أكثر شراسة منه مثل الأسد ونمر الغابة، كما أنه يختلف عن فصيلة النمور تحديدًا في عدة أوصاف.
أوصاف نمر تسمانيا
بالنسبة للحجم فإن نمر تسمانيا قد يصل في الغالب إلى ثلاثين كيلوجرام، أما الطول فهو يتراوح بين المئة والمئة والثلاثين سنتيمتر، أي ما يُعادل خمسين بوصة، وهو حجم معقول نسبيًا، لكن الشيء الغريب في أوصاف نمر تسمانيا أنه ظل لفترة طويلة يحتوي على ازدواج في الشكل بينه وبين الإناث، بمعنى أدق، كان لا يُمكن التفريق بين أنثى نمر تسمانيا وذكرها.
يمتلك نمر تسمانيا أكثر من ست وأربعين سِنة، وهو ما جعله يحظى بفك قوي للغاية، كان يُمكن لهذا الحيوان الغريب فتحه حتى مئة وأربعين سنتيمتر، وهو تقريبًا أكبر مُعدل في فتح الفكين، لذلك كان نمر تسمانيا أيضًا صاحب لقب أكبر حيوان آكل للحوم، فالأمر الثاني مبني في الأساس على الأمر الأول، وكل ما سبق يُمكن إضافته إلى الإحدى وعشرين خط البُنيين والمتواجدين على ظهر نمر تسمانيا المطلي باللون الأصفر.
أماكن تواجد نمر تسمانيا
كان نمر تسمانيا يعيش في استراليا بشكل كبير، فهي موطنه الأصلي، لكن ذلك لا يمنع من تواجده في بعض المناطق الأخرى مثل تسمانيا التي أخذ منها الاسم وغنيا الجديدة، والحقيقة أن الأعداد التي كانت موجودة في هاذين المكانين لم يُقدرا بعشرة في المئة حتى من العدد الإجمالي، لأن أستراليا كما ذكرنا كانت المنبع الرئيسي له.
طبعًا من المؤكد أن نمر تسمانيا كان موجودًا في أستراليا قبل أربعة ملايين سنة كما ذكرنا، لكنه في الحقيقة لم يظهر سوى قبل ثلاثة آلاف عام فقط، وقد عُرف ذلك الأمر من خلال الكتابات الأسترالية في ذلك الوقت، والتي كانت تقول بوضوح أن حيوانًا يُشبه الكلب والذئب قد ظهر في أراضيهم، ويقصدون بذلك نمر تسمانيا.
حياة نمر تسمانيا
حياة نمر تسمانيا كانت جيدة جدًا بالنسبة له، فقوته جعلته ضمن قائمة الحيوانات الممنوع الاقتراب منها، ولا يُمكن التصدي لها في نفس الوقت، بمعنى أدق، كان بمقدور نمر تسمانيا مُهاجمة أي حيوان يُريده سواء كان كنغر أو طير أو قوارض، حيث كان يتخذ هؤلاء فريسةً وغذاءً له، وفي نفس الوقت، لم يكن يستطيع أي حيوان آخر مهما كانت قوته مهاجمة نمر تسمانيا والعبث معه، ببساطة، لم يكن فريسة لأحد، وإنما كان مُفترسًا للجميع.
الأراضي العشبية والمناطق المفتوحة كانت الأماكن المفضلة لهذا النمر، فهو لم يكن حيوانًا بريًا بالمعنى الذي يجعله يعيش في البرية وسط السهول والجبال، بل كان يُفضل المناطق الخضراء دائمًا، ولهذا بدأ الاقتراب من الأراضي الزراعية للمزارعين، وهكذا بدأ الجحيم على الجميع.
نمر تسمانيا والبشر
كان من الممكن جدًا أن يستمر نمر تسمانيا في طريقه دون أن يحتك بالبشر، كان مجرد حيوان كأي حيوان آخر، له حياته الخاصة والأماكن التي يعيش بها، لكن هوس نمر تسمانيا بالمناطق الخضراء جعله لا يشعر بنفسه إلا وهو يفتح عالم البشر غير مُدرك لتبعات هذا الأمر.
بدأت الحالة تتأزم مع اقترب نمر تسمانيا من الأراضي الزراعية للبشر، ثم بداية مهاجمتها، ثم تصدي الانسان له والاشتباك معه دفاعًا عن ممتلكاته، وأخيرًا جاءت الحلقة الأخيرة في حياة ذلك النمر، وهي قتله للإنسان، حيث سُجلت أول حالة قتل إنسان على يد نمر تسمانيا في القرن التاسع عشر، وفي القرن العشرين، كان نمر تسمانيا، بكل أسف، على رأس قائمة الحيوانات المنقرضة.
نمر تسمانيا والانقراض
أصبح نمر تسمانيا مهددًا بالانقراض بعدما هدد البشر أولًا، فالتعدي على مناطق المُزارعين في استراليا بداية القرن التاسع عشر لم يكن سوى اعتداء سافر غير مدروس، لأنه تطور حتى وصل إلى ارتكاب جريمة قتل بحق أحدهم في الربع الأول من القرن، ثم بدأت الجرائم تتوالى بعد ذلك حتى عام 1883، وهو العام الذي شهد قتل أول فرد من أفراد نمر تسمانيا.
كان هذا التطور منطقي إلى حد كبير، فبالتأكيد كل كائن حي سيتشمر للدفاع عن نفسه حالة شعوره بأي تهديد، والإنسان في هذا الوقت كان يشعر بالتهديد على نفسه أولًا وزروعه ثانيًا، والطعام يساوي حياته بالضبط، لذلك بدأ الأمر يأخذ منحنىً جديدًا مُختلفًا، وهو تناقص أعداد فصيلة نمر تسمانيا بسبب إعمال القتل بهم.
انقراض نمر تسمانيا
ظلت أعداد نمر تسمانيا تتناقص من عام إلى آخر، فهما كانت قوته فهو في النهاية لا يستطيع الصمود أمام طلقات الإنسان، وهذا ما جرى بالفعل، إضافة إلى أن جلوه كانت تُستخدم في أغراض أخرى مُختلفة، أي أن الأمر لم يُصبح مجرد فقط حفاظ على الحياة، وإنما أيضًا تجارة مُربحة، السلعة الرئيسية فيها هي نمر تسمانيا.
في القرن العشرين لم تُصبح الأعداد مُتناقصة فحسب، بل أيضًا بدأت بالدخول في القائمة الحمراء التي تحتوي على أكثر الحيوانات المُهددة بالانقراض، ثم في خلال عدة سنوات أخرى لما يُصبح الأمر مجرد تهديد، بل انقرض نمر تسمانيا فعليًا، ليُضاف نمر جديد إلى قائمة النمور التي انقرضت، والتي بالمناسبة تتجاوز العشرين نوع.
تأثير الانقراض على البيئة
هناك قاعدة شبه ثابتة في كل عملية انقراض تحدث على هذه الأرض، وهي أن التأثير البيئي يتعدى ليصل إلى درجة الخلل، بمعنى أدق، يُحدث ذلك الانقراض خللًا في النظام البيئي، مهما كان هذا الحيوان وأهميته وخطورته على الإنسان، في النهاية هو جزء من البيئة، ووجوده بالتأكيد كان لسببٍ ما، عمومًا، ليس هناك مجال الآن للبكاء على اللبن المسكوب، وإنما فقط محاولة الحفاظ على ما تبقى من حيوانات مهددة بالانقراض، وبالمناسبة هي أعداد ليست بالقليلة.
أضف تعليق