مخاطر الجراد الصحراوي وأسباب انتشاره وطرق مكافحته

عند الحديث عن الجراد الصحراوي وهجماته المدمرة فإننا نتحدث عن خسائر مادية فادحة في القطاع الزراعي للدول التي يمر بها , ومن سوء حظ غالبية الدول العربية انها تقع في دائرة الاستهداف لأكثر أنواع الجراد خطرا , واسرعها انتشارا نحو المناطق الخضراء , ومما يزيد ضرر هذا النوع من الجراد انه ينمو ويتكاثر في المناطق الجافة وشبه الجافة وهذه مناطق معروفة مبقلة انتاجها الزراعي , فكيف اذا خسرت النسبة الأكبر من هذا الإنتاج بسبب هجمات الجراد ؟ , وتعمل كثير من الدول الصحراوية حاليا على مراقبة انتشار اسراب الجراد وإصدار نشرات شهرية او فصلية عن حالة الجراد في البلاد , كما تعمل على توعية المزارعين بطرق مكافحة الجراد وحماية محاصيلهم الزراعية منه.

لماذا يعتبر الجراد الصحراوي اخطر أنواع الجراد وما الطرق المتبعة لمكافحته

ينتمي الجراد الصحراوي الى مجموعة الجراد قصير القرون او النطاطات وهي جزء من رتبة مستقيمة الاجنحة التي تنتمي الى  عائلة الجراديات , ويتميز الجراد الصحراوي بقدرته على الطيران لمسافات قد تصل الى عدة كيلو مترات بالإضافة الى  قدرته على القفز وهذا يمكنه من قطع مسافات هائلة اثناء هجرته للتكاثر,  كما ان تركيب جسمه المميز يساعده على مقاومة الحرارة الشديدة الجفاف في البيئة الصحراوية القاسية .

ينتشر الجراد الصحراوي في اكثر من 64 دولة وتمتد رقعة انتشاره من الهند شرقا الى دول المغرب العربي غربا ومن خط الاستواء جنوبا حتى السواحل الجنوبية والجنوبية الغربية  للبحر الأبيض المتوسط , وتشمل هذه المنطقة الواسعة كل الدول العربية في شمال افريقيا ودول الخليج وكذلك المناطق الجنوبية من بلاد الشام والعراق , واما هذا الانتشار الكبير والخسائر الفادحة التي تسببها الهجمات التي ينفذها الجراد  على المناطق  الشمالية في فترات معينة من السنة فقد تم انشاء الهيئة الدولية لمكافحة الجراد والتي تهدف الى تنسيق جهود الهيئات المحلية لمكافحة الجراد ورسم خريطة شهرية لحركات اسراب الجراد الرئيسة في الصحارى الشاسعة في هذه المنطقة .

يمكن لأنثى الجراد الصحراوي ان تضع اكثر من 300 بيضة في المرة الواحدة وتكون البيوض مجمعة في كتل يزيد عدد  البيوض في الواحدة منها  عن 80  و تضع انثى البيوض ثلاث الى اربع مرات سنويا, وتوضع البيوض في الأرض على عمق 10 سم تقريبا في أماكن تكاثر محددة تهاجر اليها اسراب الجراد  في مواسم معينة,  وتمر صغار الجراد عند خروجها من البيوضة بطور الحورية الذي ينقسم الى خمسة مراحل تكون الحشرة خلالها في حالة نمو مستمر وهذا يتطلب استهلاكها لكميات كبيرة من الغذاء الذي تحصل عليه من المزروعات وهذا يفسر سبب الخسائر الهائلة في المزروعات التي تجتاحها اسراب الجراد , وتصل الحشرة الى حجمها الكامل بعد شهر تقريبا وتكون بذلك جاهزة للتنقل عبر اسراب والهجرة الى موطنها الأصلي الذي قدمت منه اسلافها لوضع البيوض .

مواسم ومناطق  التكاثر عند الجراد

تتكاثر اسراب الجراد في ثلاث مواسم مختلفة وهي

• موسم التكاثر الصيفي ويمتد من حزيران يونيو حتى تشرين اول أكتوبر ويتم في كل من السودان وارتيريا وبعض دول الساحل الافريقي الغربي .
• موسم التكاثر الشتوي ويمتد من شهر تشرين الثاني نوفمبر حتى اذار مارس ويتم في سواحل البحر الأحمر من الصومال الى الساحل الشرقي من افريقيا وبعض .
• موسم التكاثر الربيعي ويمتد من اذار مارس حتى أيار مايو ويتم في شمال شرق افريقيا والخليج العربي .

ينتقل الجراد من منطقة تكاثر الى أخرى بالتتابع  بمجرد انتهاء الموسم الصيفي تنتقل اسراب الجراد مباشرة الى مناطق التكاثر الشتوي وهكذا , لكن وفي بعض الحالات يتواجد الجراد في مناطق التكاثر الثلاثة او في اثنتين منها على الأقل وهنا يمكن القول ان الجراد قد تحول  الى وباء.

سبب ارتفاع الخسائر التي يسببها الجراد

يتسبب الجراد بأضرار بالغة  للمزروعات في المناطق التي يجتاحها وذلك لعدة أسباب أهمها :

1. يتكاثر الجراد بسرعة ويمكن للحشرة البالغة الواحدة ان تضع اكثر من الف بيضة في السنة وهذا يولد اعداد هائلة في فترات قصيرة
2. يحتاج الجراد اثناء فترة نموه الى كميات كبيرة من الغذاء خلال فترة قصيرة فالحشرة تنمو من طول بضع ملمترات الى اكثر من 5 سم خلال مدة لا تتجاوز الشهر
3. الجراد يمتلك قدرات هائلة تمكنه من مقاومة اقسى ظروف الجفاف وهذا يحول اسراب الجراد الى جيوش جرارة لا يمكن قهرها , كما ان سرعة طيران سرب الجراد قد تزيد على 400 كم في الليلة الواحدة .
4. الجراد مثله مثل كل الحشرات يستطيع التكيف من العديد من أنواع المبيدات المشهورة ويصبح مقاوما لتأثيرها مع مرور الزمن وكثرة استعمال تلك المبيدات وهو ما يقلل من فاعلية المبيدات في القضاء على اسراب الجراد

يتسبب الجراد في القضاء على اكثر من 90% من المزروعات التي يمر بها وقد تصل نسبة التدمير الى القضاء على المزروعات بشكل كامل وهذا يعني تدمير مصادر الغذاء للإنسان والحيوان و هو ما يؤدي الى انعدام الامن الغذائي للفلاحين ويجبرهم على هجر قراهم كما يتسبب في زيادة فرص حدوث المجاعات المميتة التي تحصد مئات الاف الارواح في كل عام من الهند الى سواحل افريقيا الغربية .

كيفية مكافحة  اسراب الجراد

يلجأ بعض المزارعون في الدول الفقيرة الى وسائل بدائية لتخفيف الضرر الناجم عن اجتياح اسراب الجراد لمزروعاتهم ومثال ذلك المصائد البدائية  ولكن تلك الوسائل غير ناجعة في إيقاف اسراب الجراد الضخمة والتي تحوي الملايين من حشرات الجراد التي تأكل الأخضر واليابس  ولذا فقد تم اتباع طرق اكثر نجاعة واسرع في القضاء على نسبة كبيرة من اسراب الجراد المهاجمة في كل سنة, واهم هذه الوسائل هي:

• استعمال المبيدات الحشرية : وهي اقدم الطرق وأكثرها انتشارا حاليا , اذ يتم رش المناطق المنكوبة بالمبيدات الحشرية اما بواسطة سيارات الرش العادية او باستعمال الطائرات, وتتم عملية الرش ليلا وذلك لضمان تواجد الجراد على الأرض اذ يستقر الجراد ليلا في مناطق معينة وهو ما يسمح بإبادته .
• استعمال طرق المكافحة الحيوية : وتتم عن طريق تكثير الأعداء الطبيعيين للجراد من حيوانات ونباتات وهذه طريقة حديثة وما زالت معظم الجهود المبذولة في هذا المجال حبيسة المختبرات ومراكز البحث العلمي   
• استعمال وسائل الاتصال الحديثة : يتم استعمال أجهزة الرصد والتعقب والمتصلة بمراكز رئيسية تقوم بجمع المعلومات ورسم الخرائط التي توضح تطور انتشار الجراد بشكل شهري وتعمل هيئات مكافحة الجراد في الدول المعنية على التنسيق فيما بينها من خلال المجموعة الدولية التابعة لمنظمة الغذاء والزراعة العالمية لضمان توفير اكبر قدر من المعلومات حول الهجمات المحتملة وغير العادية لأسراب الجراد.

تنشط  الدول المتضررة من الجراد في تطوير طرق مكافحته وتطوير أساليب مكافحته,  بالتعاون مع الهيئات الدولية وعلى رأسها منظمة الغذاء والزراعة العالمية التي تدعم جهود الرقابة ومكافحة اسراب الجراد الرئيسة والتي تنتشر في أفريقيا واسيا وتعمل على تحديث خريطة انتشار هذه الاسراب بشكل شهري في سبيل إيجاد افضل الوسائل التي تضمن تقليل ضررها على المزروعات والمراعي .